وليد عبد الله السبع

المولد والنشأة:
ولد في مستشفى الفروانية ١٩٧٤/٧/١٢م، ونشا في منطقة جليب الشيوخ، وكان في صغره هادئا، ومحبوبا بين أقرانه، ويرغبون دوما الجلوس إليه وكانت أمه الفاضلة تقول: «كان وليد هو الوحيد بين إخوانه الذي لم يؤذيني في الحمل». وعندما دخل سن المراهقة، كان يحب الإنشاد والتمثيل والخط، ثم تأثر في تدين أخيه الكبير«سبع»، ثم تعرف على شباب مسجد محمد الحمد في جليب الشيوخ، واندمج معهم وبأنشطتهم، مما أثر في تشكيل شخصيته المتدينة.
الدراسة والمناصب:
درس في مدرسة زيد بن حارثة الابتدائية في منطقة الجليب والمتوسطة في مدرسة العضيلية، ثم اضطر للعمل في صندوق إعانة المرضى، ثم عمل في لجان الزكاة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، ثم عمل في مركز شباب جمعية الإصلاح مع عمله في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية مدير فروع لجنة آسيا. وكان أحد المؤسسين لمركز تاج الوالدين في جمعية الإصلاح بالإضافة إلى إشرافه على حلقات تحفيظ القرآن، ثم أصبح رئيس مجلس إدارة تاج الوالدين.
وكان أحد مؤسسي مشروع الرواق للشباب في جمعية الإصلاح. وكان هو صاحب فكرة "رحلة حفاظ المدينة المنورة" والتي كان يأخذ المتطوعين لحفظ القرآن إلى المدينة لحفظ القرآن كاملا، ثم انتشرت الفكرة بعد نجاحها إلى دول خليجية أخرى، وتخرج على يديه أكثر من خمسين حافظا، من ضمنهم الشيخ القارئ قتيبة الزويد.
صفاته وطبيعته:
هادئ، وذو همة عالية، ودائم الابتسامة.
ومن أبرزصفاته:
بره بوالديه:
كان مطيعا لوالدته، ولا يرد لها طلبا، مهما كان مشغولا، وكان يعاملها معاملة الصديقة، يضحك معها ويمازحها، وإذا ما أحس برغبتها بشيء يأتي لها به دون أن تطلبه منه، بل إنه أوجد عادة تقبيل الرأس للوالدين، وللكبار في البيت. وأوجد التنافس بين الأشقاء على البر بالوالدين، وكانت دائما والدته تقول: لا يوجد بين أبنائي أفضل من وليد.
العاطفة:
كان حنونا ذا عاطفة جياشه على الوالدين وإخوانه، وأصدقائه، وحتى من لا يعرف، وكان سريع الدمعة، يتأثر بما يرى من مشاهد إنسانية، وكان الجميع يشعر بغيابه عندما يغيب، ويفتقده الجميع، الصغير قبل الكبير، وذلك بسبب أنه كان يعامل الجميع الأطفال والكبار بالاحترام والتقدير، حيث يكثرمن القبلة والابتسامة، والمزاح، فكان يضفي على الجلسات العائلية روح من الطمأنينة، والوئام والمحبة.
الكرم:
كان كريما إلى أبعد الحدود، فما كان يتردد في مساعدة أحد يطلبه، وحتى قبل أن يطلبه، وكان ينفق جانبا كبيرا من راتبه على أصحاب الحاجة، وكان الناس دائما يتصلون فيه من أجل الحاجة حتى إنه كان يستدين من أجل قضاء حاجة الآخرين، وكان أشقاؤه يشفقون عليه لشدة حاجته الشخصية، في سبيل قضاء حاجة الآخرين متمثلا قوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (8) الإنسان. وقوله تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (9) الحشر.
وكان متميزا في فك عسرة الآخرين، حتى وصل به الحال يوما أنه تبرع بسيارته، ويبقى مدينا في سبيل فك حاجة المحتاج، وكان دائما يسعى على الأرامل والأيتام وكان يحرص أن يوصل المساعدات بيده للمحتاجين، ولا يقبل أن ينازعه أحد في هذه العادة.
التفاؤل:
كان دائم التفاؤل، حتى وإن كان يعيش في أحلك الظروف، وكانت لا تغادره الابتسامة أبدا، وكان يلجأ إليه أشقاؤه عندما تضيق بهم الحياة، أوتحزيهم الأمور، فما أن يكلمهم حتى يخرجوا وهم فرحين مطمئنين، وكان دائما ينشر الأمل والثقة بالله بين الناس، خاصة في الأزمات، وكان دائما يؤصل مبدأ (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) {البقرة:216}. سواء بين الإخوة أو الأصدقاء، وبقية الناس.
الابتسامة وخفة الدم:
كان يحب المزاح مع من يحب، ولكن بالتزام الأدب، وما كان همه من وراء ذلك إلا إدخال السرور على قلب من يمازحه، وكان دائما تراه مبتسما، وكان نادر الغضب والانفعال، إلا إذا رأى انتهاك محارم الله.
الحلم وقلة الانفعال:
كان قليل الغضب، بل لم يُر غاضبا أبدا، إلا إذا انتهكت حرمات الله، وكان هادئ النفس، مطمئنا، واثقا بأمر الله تعالى، وكان يتحكم بأعصابه إلى أبعد الحدود.
من المواقف في حياته:
الأرملة التي افتقدته:
كان يسعى على أرملة، يوصل لها المساعدات بيده، ولم تعرف بوفاته، وبعد اتصال بالهيئة الخيرية، قال أحد العاملين فيها، بأن الأخ وليد كان يسعى على أرملة، وأعطاهم عنوانها، فلما ذهبوا إليها، وقبل أن يخبروها بوفاته، قالت: هل توفي وليد؟ فقالوا لها: كيف عرفت ذلك؟ قالت: لا يمكن لمثله أن ينقطع إلا أذا منعته الوفاة. ثم قالت بحزن: لم أفتقد المساعدات، فهي لم تنقطع من أهل الخير، بل الذي افتقدته وليد، وابتسامته، ولعبه مع أبنائي عندما كان يأتي بالمساعدة.
أبو اليتيم:
با لرغم من صغر سنه، فإن سبب حبه الغامر لفلسطين والأقصى الشريف، واهتمامه بالقضية الفلسطينية، ما كان يؤرقه من قضية أبناء الشهداء الأيتام، وكان يحرص حرصا شديدا على سد حاجتهم، حتى أطلق على نفسه اسم «أبو الأيتام» وكان يتمنى زيارة القدس، ولقد استجاب الله له، وسهل عليه زيارة غزة، وكان يغرس حب فلسطين لأبنائه والمحيط الذي حوله، حتى إن أطفاله وهم صغار يحفظون أناشيد فلسطين ومعلومات كثيرة عنها.
مشروع بنصف مليون:
كان للهيئة الخيرية مشروع خيري في أحد دول شرق أسيا يكلف نصف مليون دينار، ولم يستطيعوا توفير المبلغ، وقبل وفاته - رحمه الله - بيوم واحد، علم بالأمر، وطلب منهم تسليمه للمشروع، وسعى به إلى أحد التجار، واستطاع أقناعه، فتبرع ذلك التاجربالمبلغ كاملا قبل يوم واحد من وفاته، رحمه الله.
وفاته:
توفى إثر تعرضه لحادث، وكان في ليلة الحادث في مخيم العائلة بطريق كبد، وودعهم الساعة الثانية صباح يوم الحادث. وأخذ الطريق السابع حتى يصل إلى العدان مكان سكنه، وكان أمامه شاحنة بترول، فاصطدم بها، واشتعلت سيارته اليوكن، وجاء رجال المطافئ ليخرجوه وعندما أخرجوه، سمع أحدهم وليد وهو يقرأ آية الكرسي، يقول رجل الإطفاء: عندما كانت تشتعل النار في سيارته كان يقرأ القرآن، والأذكار، وكلما زادت النار ارتفع صوته بقراءة القرآن، وخاصة آية الكرسي ووضعوه على سرير الإسعاف، وعندما أراد الإطفائي خلع ملابسه قال له بصعوبة بالغة: استرني الله يسترك ويقول المسعف: في سيارة الإسعاف كان طول مدة المسافة إلى المستشفى لثلث ساعة كان يردد آية الكرسي والأذكار بالرغم أن جسمه كان محروقا ٨٠% من الدرجة الأولى، حتى أوصلوه إلى مستشفى العدان فقال له الطبيب، نريد أن نعطيك بنجا حتى تسترد عافيتك، وتسترخي، فهل تريد أن توصي بشيء؟ فقال: هذا رقم أخي الكبير فاتصلوا به، وأوصي إخواني بالاهتمام بأبنائي ولا يتركونهم ثم تشهد، وبعد ذلك بثلاثة أيام بتاريخ ٢٠١٢/٢/١م في فترة الضحى فارق الحياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح (دولة الكويت، المجموعة الأولى). عبدالحميد جاسم البلالي. ط1، 2013.
الموقع الإلكتروني: