نادر عبد العزيز النوري

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
نادر عبد العزيز النوري
نادر عبد العزيز النوري

النشأة و الولادة:

ولد الشيخ نادر عبد العزيز النوري عام 1954 في منطقة كيفان حيث ترعرع، ونشأ فيها، وفي مدارسها و كان منذ صغره محباً للصلاة، ومتأثراً بالبيئة التي نشأ فيها فقد كان والده لديه مكتبة كبيرة، وكان شاعراً و أديباً، ويعمل في المحكمة الشرعية، ويقوم بتوزيع الفرائض وكان حريصاً على اصطحاب أبنائه معه ليعلمهم.

وقد كان عمه الشيخ عبد الله النوري من أبرز رجالات العمل الخيري، والعلم والفقه، ومن أوائل من كان ينقل تبرعات أهل الكويت للخارج للفقراء والمحتاجين، وبناء المساجد وملاجئ الأيتام والمدارس، وكان ذو شخصية مميزة، آسرة، و متيماً بحب الخير ،والدعوة للخير، ونقل الخير للآخرين، ولم يكن يخشى بالله لومة لائم، وقد تأثر كثيراً بعمه الشيخ عبد الله النوري رحمه الله، وكان يوصيه بتقوى الله وصحبة العلماء الصالحين، وكان يحذره من الغلو والتطرف أو التنطع.

وكان جده محمد النوري أيضاً من رجالات الخير الأوائل في الكويت، كل ذلك قد ترك بصماته في شخصية الشيخ نادر النوري مبكراً وهو صغير، حتى أصبح بعد ذلك مهيئاً ليكون أحد قادة العمل الخيري والدعوي في الكويت.

الدراسة:

تلقى تعليمه في الكثير من المدارس، ففي مرحلة رياض الأطفال التحق بروضة دمشق، ثم انتقل في مرحلة الابتدائية والمتوسطة إلى مدرسة الخليل بن أحمد في منطقة كيفان ودرس المرحلة الثانوية في ثانوية كيفان، ثم نال البكالوريوس في إدارة الأعمال بجامعة الكويت، و الماجستير و الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1984 ،ولم يعلم أحداً بنيله للدكتوراه إلا المقربين جداً منه حتى توفي، وما كان يرغب أن يناديه أحد بلقب الدكتوراه رحمه الله رحمة واسعة.

العمل والمناصب:

  • له الكثير من المناصب، واشتغل في الكثير من الأعمال غالباً في المجال الدعوي والخيري، فقد ابتدأ مشواره بعد التخرج عام 1977 كمدرس ومساعد علمي بالمعهد التجاري.
  • ثم مدرساً بمعهد تدريب ضباط الشرطة عام 19811979.
  • ثم  باحثاً في  الموسوعة الفقهية  عام  1981  1982. 
  • ثم مراقباً للشئون الإسلامية في وزارة الأوقاف عام 1982. 
  • ثم مديراً للشئون الإسلامية في وزارة الأوقاف عام 1982 1992. 
  • ثم عضواً مؤسساً في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية عام 1993.  
  • ثم مديراً عاماً في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية عام 1992 1995.
  • ثم  رئيس   لجنة   فلسطين   الخيرية   عام  1996.
  • ثم رئيس لجنة الشروق الشبابية التابعة للهيئة الخيرية عام 1997.
  • ثم  عضو  مجلس  إدارة  لجنة  التعريف  بالإسلام  عام  1988.  
  • ثم  أميناً  عاماً للجنة  التعريف بالإسلام  19981997.  
  • ثم رئيساً  لمجلس  إدارة  لجنة  التعريف  بالإسلام  1998.  
  • ثم أميناً عاماً بجمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية عام 1981.  
  • ثم رئيس مجلس إدارة جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية حتى وفاته.

أبرز الصفات:

كان الشيخ الدكتور نادر النوري يتمتع بالكثير من الخصال، حتى أن المرء ليعجز عن ملاحقة هذه الخصال ولكنا نورد هنا أبرز ما رأيناه و سمعناه من أقرب الناس إليه، والتي منها:

الهمة العالية:

ويتضح ذلك جلياً من الكم الهائل للمؤسسات التي له عضوية فيها، أو ساهم في تأسيسها، أو رأسها، أو العمل في أنشطتها، والتي تربو على عشرين مؤسسة دعوية وعلمية وخيرية، حتى خيل للبعض أن الشيخ نادر النوري له صدى في كل عمل خيري داخل الكويت وخارجها، و إن من أبرز ملامح هذه الهمة العالية، أنه ما أن يسمع بمقترح إلا و يحوله إلى مشروع قائم على ارض الواقع، وقد بدأ ذلك منذ الأيام الأخيرة لعمه الشيخ عبد الله النوري عندما أجلسه بقربه وأعطاه صندوقين، الأول به أمانات، والآخر كان تبرعات ومساهمات من أهل الخير، فأوصاه بأن يرجع الأمانات إلى أهلها بعد موته، وأن يستغل أموال التبرعات في مشروع خيري و بعد وفاة عمه، كانت همة الشيخ نادر أكثر بعداً مما كان يخطر على بال عمه، فقد بدأت فكرة تأسيس جمعية الشيخ عبد الله النوري الخيرية، حيث نقل العمل الفردي إلى عمل مؤسسي، وكان نموذجاً رائعاً لتواصل أهل الخير بسائر دول العالم من خلال هذه المؤسسة، لقد كان رحمه الله رجلًا بأمة، والناظر إلى منجزاته لا يمكن أن يستوعب أن يكون فرداً واحداً عنده مثل هذه الإنجازات على مستوى العالم، من خلال تأسيس الكثير من المؤسسات الإسلامية، الخيرية، والدعوية امتدت من الهند وماليزيا و سيريلانكا، وكمبوديا وأندونيسيا وسنغافوره وايران وروسيا وكوسوفا والكثير من دول شرق آسيا، ووصل حتى إلى الكثير من دول أمريكا الجنوبية، فلا تكاد بلد في العالم إلا وللشيخ نادر فيه بصمة وبالرغم من انتشار المرض فيه في الأشهر الأخيرة من عمره إلا أنه كان كلما أحس بشيء من التحسن يأتي إلى جمعية الشيخ عبد الله النوري ويمارس أعماله كما كان، و كان رحمه الله دائم الترحال في ديار الإسلام، يتفقد أحوال المسلمين ويداوي جراحهم بما يجمعه من أهل الخير أو بكلمة طيبة مما أفاء الله عليه وكان بين فترة وأخرى يطلب مني مرافقته في بعض رحلاته الدعوية.

حبه الغامر للدعوة:

لقد كان من فضل الله علي أن أتعرف في بداياتي في الالتزام عام 1973عندما كنت في الثانوية على الشيخ نادر النوري والذي كان يكبرني بعام واحد، ولكنه كأنه كان يكبرني بعشرات السنين، لما تميز به مبكراً من التحصيل العلمي الشرعي، والهمة العالية، والفهم الدقيق للإسلام حتى ليترائي لمن يقابله في ذلك الزمان أنه أمام شيخ كبير بالرغم من حداثة سنه، كان رحمه الله له أسلوب عجيب في الدعوة، فما أن يراه الإنسان حتى يلتصق به وكأنه المغناطيس، لما حباه الله من الجاذبية في أسلوبه وحسن معشره، وجميل خصاله، وتواضعه، و غزير علمه.

وفي بداية السبعينات، وتحديداً في عام 1973عندما تعرفت عليه، ما كنت أراه إلا وسيارته مليئة بالشباب، يمر عليهم واحداً واحداً في بيوتهم، ويأخذهم للأنشطة المتعددة وكان له حلقات في المساجد، وأحياناً يأخذ الشباب إلى بيته ويعلمهم، ويعرفهم على أمهات الكتب، وأتذكر أنه كان يفترش أمهات الكتب أمامنا، ويستعرضهم واحداً واحداً، ويعرفنا عليهم، فهذا كتاب صحيح البخاري، وهذا صحيح مسلم ،وهذا شرح صحيح البخاري ( فتح الباري) وهذا شرح مسلم للنووي، وهذا كتاب كذا كذا وكان يحببها لنا، ويكسر حاجز الخوف منها وكان همه رحمه الله أن يربي الدعاة، ولم يكتف بالكويت، خاصة بعد تخرجه وعمله في الشئون الإسلامية في وزارة الأوقاف، فأصبح داعية عالمياً معروفاً في كل مكان في الهند وباكستان، وببجلاديش، والصين، وأفغانستان، و اندونيسيا، وماليزيا، و تركيا، والجمهوريات الإسلامية في روسيا، والدول الأوروبية، والولايات المتحدة، حتى أنه عندما توفي كانت المقبرة تعج بجميع هذه الجنسيات من العالم.

ولقد رافقته في بعض رحلاته في الهند وكوسوفا وطلب مني إلقاء بعض المحاضرات والدورات في سريلانكا وإيران و عرفني على الكثير من علماء تلك الديار، ودهشت لكثرة معارفه في تلك الديار، وعلمه التفصيلي لتاريخ الدعوة والإسلام فيها وكان يدهش الجميع عندما يتحدث في محاضراته عن تاريخ الدعوة في آسيا بلداً بلداً، ويسمى العلماء وتراجمهم بما لا يعرفه حتى علماء تلك الديار.

تواضعه:

كان رحمه الله متواضعاً مع الصغير والكبير ،والفقير و العامل ،وخادم المسجد، والزبال، وخادم البيت، يكلم الجميع، و يتباسط مع الجميع، لا يحرص و لا يحب لبس الفاخر من الثياب، أو شراء الباهظ الثمن من السيارات، أو السكن في فنادق الدرجة الأولى عند سفره، وكان يحب الأكل مع الفقراء والمساكين والبسطاء من الناس، والضعفاء في المجتمع ،وكان أليفاً يؤلف، سمحاً في طباعه وتعامله مع الآخرين.

التميز في التربية:

كان رحمه الله متميزاً في التربية للآخرين، ولقد لاحظت فيه هذا الأمر منذ الأيام الأولى لتعرفي عليه، فقد سألته كما ذكرت في بداية ترجمته عن حكم إطلاق كلمة «شهيد » على من يقتل على يد طاغية وما شابهه، فلم يرد علي، إنما جاء بأحد مجلدات « فتح الباري لشرح صحيح البخاري » للإمام ابن حجر العسقلاني ،وتحت فصل « لا يقال فلان شهيد » فطلب مني أن أقرأ، وكان واضحاً هدفه من ذلك، وهذا ما أدركته بعد ذلك، فهو يريد أن يعودني على البحث العلمي، وكذلك يريد أن يزيل الرهبة من أمهات الكتب، كما يريد مني الاعتماد على النفس في التعلم مع سؤال العلماء وهذا ما حدث فعلًا فقد تعلقت بالكتب العلمية منذ تلك اللحظة وازداد شغفي بها، ومما يدل على تميزه في التربية، أنني كنت مع بعض الأخوة ندرس عنده بعض المسائل العلمية، وفي إحدى هذه اللقاءات، طلب منا أن نصحبه في السيارة إلى البحر، فركبنا معه، واتجه بالسيارة من كيفان إلى شارع الخليج، وكان يحدثنا أثناء المسير في بعض المسائل العلمية والتربوية حتى عدنا إلى بيته، فقلنا له هل ستغير موعد الدرس، أم أنك ألغيته هذا اليوم، فقال : لقد ألقيته عليكم أثناء مصاحبتي في السيارة، فزاد إعجابنا به لهذه الفكرة والابتكار التربوي، كان دائماً يركز في تربيته للشباب على الجوانب الإيمانية، وعندما حان موعد إبتعاثي إلى بريطانيا للدراسة عام 1974طلبت منه أن يوصيني ببعض الكتب التي آخذها معي فرشح لي بعض كتب ابن القيم، وعلى رأسها «الجواب الكافي » وكتاب « الروح » وكتاب «حادي الأرواح » أخذتها وكانت هي سميري في الغربة، وكانت أحد أسباب ميولي الإيمانية في بدايات الطريق، والفضل بعد الله يعود إلى الشيخ نادر النوري.

التفاؤل:

كان رحمه الله كثير التفاؤل، بالرغم مما يصيب الأمة من كوارث ومصائب ومؤامرات، إلا أنه كان دائم التفاؤل، يردد آيات التفاؤل وأحاديث البشارات ويطمئن السامع بوعد الله تعالى بنصر المؤمنين الصالحين والانتقام من الظالمين وهذا دأب كبار الدعاة، فهم صمام الأمان، ومأوى الضانعين واليائسين ولا يمكن للمرء النجاح ما لم تكن فيه صفة التفاؤل.

الشجاعة والمغامرة:

كل من عاصره واحتك به عن قرب كان يلاحظ عليه الشجاعة المميزة، والجرأة ،ومعرفة الكثير من فنون البر والبحر، فقد كان للبيئة التي نشأ فيها، وتربية والده رحمه الله الأثر الكبير في ذلك، فقد كان يجيد الغوص واستخدام السهم في صيد الأسماك ،وكان يعرف طرق الصحراء و قد خاض عدة تجارب جريئة في ذلك، منها أنه سلك طريق الحرير والذي كان الطريق التجاري للقوافل القديمة قبل اختراع طرق المواصلات الحديثة، وكان هذا الطريق يمتد من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين « دجلة و الفرات » وكردستان والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية، إلى البحر المتوسط، أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وأفريقيا ،وقد حدثني عن هذه الرحلة العجيبة، والتي خاض فيها الكثير من المغامرات وتعرض للكثير من المخاطر، في طرق مقطوعة وموحشة ومهجورة من خلال البراري، والقلاع القديمة، والطرق الوعرة، فتارة كان يمتطي الجمال وأخرى البغال، وتارة من خلال مرشد للطريق، وأخرى من خلال الخرائط وقد أخبرني هو رحمه الله و أكد ذلك عدد ممن حضروا هذه الحادثة، أنه رحمه الله كان في رحلة في أحد الشاليهات مع بعض أصدقائه، ولم يعدوا لوجبة، فطلب منهم أن يمهلوه قليلًا، فدخل البحر مع عدة الغوص، وأخذ معه سهام الصيد وما هي إلا ساعات قليلة، وإذا به يأتي لهم بهامور كبير طرحه بين أيديهم.

إخفاء الأعمال:

كان لهذا الرجل الموسوعي العالمي الكثير من الأعمال التي يخفيها بينه وبين ربه، ولم يكن أحد يعلم بها، ولكن ولده الكبير عبد الله اكتشف الكثير من هذه الأعمال بعد وفاته، حيث عثر على الكثير من المراسلات في التويتر والفيسبوك بخصوص الكثير من الحالات الذين كان يدعمهم، دراسياً، واجتماعياً، ودعوياً، كان بعض هؤلاء ممن كانت جهات رسمية تدعمهم ثم انقطعت، فتبناهم هو بنفسه رحمه الله، سواءاً كانت المساعدة تختص بدراستهم أو مهامهم الدعوية.

التواصل العالمي:

كان الشيخ نادر النوري عالمياً بمعنى هذه الكلمة وكانت له صلات في جميع دول العالم تقريباً، فما من بلد إلا وله أثر فيه، وكان يتأوه لكل مصاب لمسلم في العالم، والمرء يتعجب كيف لشخص واحد أن تكون له هذه الطاقة بغشيان جميع دول العالم تقريباً، فقد كانت له آثار دعوية وإنسانية واجتماعية في جميع الدول العربية، ودول جنوب شرق آسيا، والقارة الهندية، وجمهوريات روسيا الإسلامية، وأمريكا الجنوبية، واستراليا، وغيرها الكثير ولم تكن زياراته لتلك الدول زيارات عابرة، بل كانت زيارات في العمق التاريخي والعلمي والجغرافي، فقد كان يعرف عن كل دولة من الدول التي يصلها، تاريخها الدعوي والإسلامي، وابرز العلماء فيها، وتاريخ دخول الإسلام فيها، وأبرز مؤسساتها الإسلامية، وأبرز العاملين فيها، ونبذة من تاريخ نشأتها، وهكذا، لذلك كان يبهر السامع عندما يتحدث عن دولة من هذه الدول، وكأنك أمام موسوعة عالمية، فيها أدق التفاصيل عن هذه الدول.

أهم المواقف:

المواقف الإنسانية و الدعوية والأخوية لا تكاد تحصى مع مثل هذا الرجل ،ولكن الذاكرة  لا تسعف الكثيرين ممن عاصروه لتذكر هذه المواقف، إلا أننا نحاول جهدنا ذكر بعض هذه المواقف:

أخوة وليس أدعاء:

كنت في مطلع العشرين من عمري بداية عام 1975 عندما قدمت من بريطانيا في الصيف فترة الإجازة الصيفية أثناء دراستي هناك، و لقيني الشيخ نادر وسألني إن كنت أملك سيارة، فأجبته بالنفي، فإذا بي أتفاجئ بإعطائي سيارته الجديدة التي فتحها حديثاً )تيوتا كراون( فقلت ما هذه؟ فقال سيارة تستخدمها أثناء تواجدك في الإجازة، فرفضتها، وأصررت على رفضي، ولكنه أصر على إعطائي مفاتيحها، ولا أنسى عندما قال لي : هل ندعي الأخوة فقط في الدروس، ولا نطبقها بالواقع ؟ أخذت مفاتيح السيارة الجديدة، وإذا بي أفاجئ بأنه يقود سيارة بيجو قديمة متهالكة، ويعطيني سيارته الجديدة، تعجبت لمثل هذا الإيثار العجيب، فأرجعتها له بعد بضعة أيام، وقبلت بسيارته القديمة بصعوبة بالغة

يتلون القرآن والتفسير في السراديب:

في أحد زياراته إلى أحد دول الإتحاد السوفيتي القديم قبل تفكك الاتحاد السوفيتي ،وفي أحد الفنادق، لاحظ بأن أحد العاملين من المسلمين، فتقرب منه ،ولما وثق الصلة به، طلب منه أن يعرفه بالمسلمين في تلك الجمهورية، و بحرص كبير، وتكتم أخذ الشيخ نادر إلى رفاقه المسلمين، في منتصف الليل من زقاق إلى زقاق، ومن سرداب إلى آخر حتى وصلا إلى مجموعة كبيرة من أعمار مختلفة يتجمعون على مدارسة القرآن وبعض التفاسير فلم يملك نفسه من البكاء لمثل هذا المنظر المؤثر؟

مصحف و متحف:

في أحد زياراته لمتحف في أحد الدول الغربية، لاحظ بعض السياح الأجانب يتجمعون على مصحف قديم في المتحف، فاقترب منهم، وتعرف عليهم، وبدأ يتحدث معهم عن المصحف فأعجبوا بأقواله، ومعلوماته الغزيرة فأخذ عناوينهم، ولما رجع إلى الكويت تواصل معهم، وأرسل لهم ما يتعلق بالإسلام من كتب مترجمة، هكذا كان همه دائماً مع الإسلام.

الدعوة الصامتة:

كان رحمه الله بسبب أخلاقه وجميل صفاته، وروحه المرحة، وخدمته للآخرين، وصلته بالأرحام كان يؤثر بأقاربه بأخلاقه قبل كلماته، فاهتدى الكثير منهم، من النمط العادي إلى الالتزام الواعي، وأحبوا الدعوة و الدعاة، والعمل الخيري لما رأوه من أخلاق متمثله بالشيخ رحمه الله.

سنة الإنجازات:

إن من عجيب الأمر أن السنة التي مرض فيها 2009 وما يليها كانت أكثر انجازاً من السنوات التي سبقتها، حيث سافر تسعة سفرات دعوية في السنة التي توفي فيها ،وكأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يختم له عمره بمثل هذه الأعمال الخيرية الدعوية.

وصية الشيخ عبد الله النوري له:

يروي لنا الشيخ نادر النوري هذا الموقف فيقول : « لم انس يوم استدعاني الشيخ عبد الله النوري بعد ان أطلقت لحيتي وهو يعظني ويقول لي: يا بني أوصيك بتقوى الله تعالى، وصحبة العلماء الصالحين، وكن على سنن الهدى واتبع العلماء، واحذر الغلو والتطرف أو التنطع، وألزم الوسطية وأهلها فإنها سبيل الفالحين، وكان قد استدعاني رحمه الله خصيصا وأغلق الباب وهو يسر إلىًّ بهذه الوصايا، وكانت وصيته الثانية لي قبل وفاته بساعات معدودة حيث قال: با بني اني عندي هم في قلبي ولم أجد أفضل منك عندي لأبديه لك وهو أن العمل الخيري والدعوي بالخارج الذي أقوم به سيتوقف إذا لم أجد من يواصل المسيرة، وقد رشحتك لهذه المهمة من أبنائنا، فأرجوا ان تهتم بهذا الأمر وتأتيني غدا حتى أضع معك النقاط على الحروف، وكان ذلك بوجود احد أبنائه فلما آتيته الغد وجدته قد وقع في غيبوبة، والتي استمرت معه ثلاثة أيام ثم رحل عن الدنيا لملاقاة ربه يرحمه الله تعالى ».

إنتاجه العلمي:

ألف كتابين تحت عنوان (رسائل الإخاء).

فترة مرضه:

أصيب الشيخ نادر -رحمه الله تعالى- بالمرض في عام 2007م، ولم يمنعه هذا المرض من القيام بالأعمال الخيرية التي كان يقوم بها، بل كان دافعا جديدا، ليحمل نفسه على أداء أضعاف ما كان يقوم به، بل كان معطاء كما لم يكن من قبل.

وفاته:

توفي الشيخ نادر النوري رحمه الله تعالى يوم 2014/4/16م، بعد أن اشتد به المرض لمدة 4 شهور، وذلك بالمستشفى العسكري بالكويت.

لقد اتصل بي و أنا خارج الكويت قبل ما يقارب شهراً من وفاته، واستغربت لهذا الاتصال، وعندما عدت إلى الكويت تواصلت معه، وقلت له : آمرني شيخ، فقال لي : أبداً، اشتقت إليك وأحببت أن أسمع صوتك فأحسست أنه كان يتفقد أحبابه قبل مغادرته لهذا الحياة.

ويوم دفنه في مقبرة الصليبيخات، كانت أعداداً غفيرة ملأت المقبرة، من جميع الجنسيات العربية و الآسيوية، ذكرتنا بجنازة العم عبد الله العلي المطوع، لضخامتها وقد استمر العزاء حتى دخول الليل لكثرة المعزين من جميع الجنسيات.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح (دولة الكويت، المجموعة الثانية). عبدالحميد جاسم البلالي. ط1، 2016.

الموقع الإلكتروني:

https://www.eslah.com/wp-content/uploads/2020/10/AL-WFAAA2-.pdf