مشاري عبدالله محمد الروضان

من ويكي خير

المولد والنشأة

المُحسن مشاري عبدالله محمد الروضان
مشاري عبدالله محمد الروضان

ولد المحسن مشاري عبدالله محمد الروضان – رحمه الله - عام 1294م الموافق لعام 1877م، في حي الشرق بمدينة الكويت، وكان وحيد أبيه الذي توفي في سن مبكرة من عمره.

تحمل المسؤولية بعد وفاة والده – رحمه الله – على خير وجه، وكان له مجموعة كبيرة من العمات (أخوات أبيه)، وكن متزوجات ولهن أسر، فنشأ مرتبطاً بمجموعة كبيرة من الأسر الكويتية في ذلك الوقت، مما انعكس إيجابياً على شخصيته.

أوجه الإحسان في حياته

كان المحسن مشاري الروضان – رحمه الله - يعلم أن الإحسان من أعلى مراتب الإيمان، وأنها دليل على حب الرحمن، قال سبحانه وتعالى: "وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)" سورة البقرة.

ولو لم يكن للإحسان من مقابل أو أجر سوى حب الله تعالى لكفى به أجراً حسناً. فمن أحبه الله كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.

ولقد تعددت أوجه الإحسان وصوره في حياة المحسن مشاري الروضان - رحمه الله – فشملت:

عمارة المساجد

المسجد مهبط الرحمات، فيه تتلى الآيات وتؤدى الصلوات، تحت سقفه وبين جدرانه يحفظ كتاب الله.. وينشر العلم النافع.. ويلتقي المسلمون من شتى الأصقاع وسائر البقاع ومختلف الأجناس والألوان، لا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى، هي خير بقاع الأرض وأكثرها بركة .. وأطهرها موطناً وأطيبها منزلاً.. ولهذا حرص المحسن مشاري الروضان - رحمه الله – على بناء أكثر من بيت لله تعالى داخل الكويت وخارجها، فبنى مسجداً في منطقة الفحيحيل بدولة الكويت، كما تكفل – رحمه الله - ببناء مجموعة من المساجد في دولة بنغلادش، تعد مراكز إسلامية وليست مساجد فقط، حيث يضم كلاً منها مسجداً ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.

ولم يكتف - رحمه الله - بهذا القدر بل حرص على استمرار أداء هذه الُّدور لرسالتها من خلال توفير نفقاتها الدائمة، فأوقف – رحمه الله - عليها مجموعة من المحلات للإنفاق من ريعها على المسجد والمدرسة، وكذلك توفير رواتب الإمام والمؤذن.

وقد ساهم بهذه الأعمال من خلال ابنه عبدالله الروضان الذي كان وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت آنذاك، الذي أحاطه علماً بظروف هذا البلد الفقير المسلم، والذي أشرف على تنفيذ هذه الأعمال بعد وفاة والده – رحمه الله - مباشرة أي عام 1967م.

مسجد مشاري الروضان بالفحيحيل

أسس المحسن مشاري الروضان - رحمه الله - في الستينيات مسجداً حمل اسم عائلته وهو: "مسجد الروضان" وذلك في منطقة الفحيحيل، والمسجد لا يزال قائماً حتى الآن يؤدي رسالته الخالدة في إنارة حياة المسلمين، كما ذكرها الحق جل وعلا في كتابه العزيز: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37)" سورة النور.

وقد أشرف على بناء المسجد ابنه عبد الله الروضان، وذلك بعد ما رأى حاجة هذه المنطقة للمساجد، في ذلك الوقت، أي منذ حوالي أربعين سنة.

إطعام الطعام

كان المحسن مشاري الروضان – رحمه الله - وهو الحافظ لكتاب الله الكريم يعلم ثواب إطعام الطعام، وأن الله تعالى وصى به عباده الأبرار في قوله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)" سورة الإنسان.

لذا حرص – رحمه الله - على أن يتحلى بهذه الصفة المباركة من صفات عباده الأبرار، فجعل ديوانه - الكائن بشارع الخليج حالياً - مضافة كبيرة لأهل الكويت وضيوفها وزائريها من كل مكان. وهذا الديوان كان قد أسسه والد المرحوم مشارى الروضان في أواخر القرن الثامن عشر - أي أن عمره الآن يتعدى المائتي عام.

ولحرص ابنه المحسن مشاري عبدالله الروضان على استمرار أداء هذا الديوان لدوره الخير كمضافة كبيرة يقدم فيها الطعام وصنوف الكرم الأخرى للقاصي والداني وخاصة عابري السبيل، فقد قام – رحمه الله - منذ أكثر من مائة وعشرة أعوام – عام 1893 - بإعادة تجديده وبنائه. فكان من أوائل الدواوين التي أنشئت بدولة الكويت والتي كان يجد فيها المسافر راحته والغريب ضالته والجائع طعمته.

كفالة الأسر

وهذا وجه آخر مشرق من أوجه الخير والإنفاق في حياه المحسن مشاري الروضان - رحمه الله - حيث أدرك الخير العظيم والثواب الكريم لمن تكفل بأسرة محتاجة مات عائلها أو نضب معين دخلها، أو أصابها بلاء أو كارثة، عاملاً في ذلك بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ" رواه البخاري في صحيحه.

ولذا تكفل – رحمه الله - بالعديد من الأسر الكويتية المستترة والمتعففة، سواء بالمال أو الزاد أو الكساء وغيره، وذلك كان سراً لا يعلم به إلا عدد محدود من المقربين إليه من أفراد أسرته.

ولا تزال هذه العادة الطيبة قائمة – بفضل الله تعالى – في أبنائه وأحفاده حتى يومنا هذا، وصدق الله العظيم القائل في كتابه العزيز: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)" سورة الطور.

نجدة بلاده بكل أمواله

لم يقل دور المحسن مشاري الروضان في خدمة وطنه عن دوره في خدمه ذوي الحاجة من أبناء وطنه أو غيرهم من المسلمين، بل والمحتاجين بشكل عام، ومن المواقف المشهورة عنه والتي يرويها حفيده ناصر الروضان أنه عندما نشبت معركة هدية عام 1328هـ واحتاج الحاكم آنذاك إلى الدعم لتهيئة أبناء الوطن للقتال والذود عن وطنهم، وأمر الشيخ مبارك الصباح – رحمه الله – أهل الكويت بالاستعداد للحرب وكلفهم مؤونة الجيش من ركاب وسلاح وزاد.([1])

هنا سارع المحسن مشاري الروضان إلى مزرعته الموجودة في جزيرة فيلكا، وكانت فيها كل ثروته من الخيول والجمال والأغنام.

فأحضرها ولم يبخل بها، بل قدمها لحاكم الكويت آنذاك، تلبية لندائه (نداء الوطن) كنوع من البذل والإنفاق للدفاع عن الوطن والذود عن حماه، مطبقا قوله الله تعالى: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ.... (111)" سورة التوبة.

وفاته

ظل المحسن مشاري الروضان يواصل عطاءً بعطاء، وجهداً بجهد، وبذلاً للخير، طوال حياته المليئة بالجهد والعطاء والبذل والسفر والترحال.

وكانت وفاته – رحمه الله - في الخامس والعشرين من شوال عام 1386هـ الموافق للخامس من فبراير عام 1967م، بعد 90 عاماً قضى جلها في العمل والكفاح في سبيل الله.

الكلمات الدالة:

محسنون من الكويت - عمارة المساجد - الأعمال الخيرية والإنسانية.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة  للمحسنين الكويتيين)، ج6، 2003.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%206.pdf