محمد بن عبدالله فارس

من ويكي خير
محسنون من بلدي
محسنون من بلدي

المولد والنشأة:

هو الشيخ الفاضل محمد بن عبد الله بن محمد بن فارس بن عبد الله بن إبراهيم آل فارس المولود عام ۱۲۳٤ هـ الموافق ۱۸۱۸م، في روضة سدير من إقليم نجد في أواسط الجزيرة العربية، وهي منطقة تقع جنوبي القصيم، وهو جد عائلة «الفارس» المعروفة في الكويت.

اتجه منذ طفولته اتجاهاً دينياً، فقد نشأ على حب العلم وعشق قراءة القرآن الكريم وعمل على فهم إعجازه لفظاً ومعنى، فقرأه وحفظه على يد الشيخ عبد العزيز بن دامغ كما تعلم علوم اللغة العربية من نحو وصرف ليتذوق حلاوة التعبير القرآني المعجز ويحلق في آفاق معانيه وأحكامه على علم ومعرفة.

جذبه التفقه في علوم الدين إلى قراءة كتب الفقه والحديث، والكثير من كتب التفسير فقد كان دؤوباً على تحصيل العلم في وقت كان العلم فيه عزيزاً وكان دربه طويلاً، لكنه كان ذا عزيمة قوية، فسار على دربه حتى وصل إلى غايته طالباً الخير من الله لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» متفق عليه.

أوجه الإحسان في حياته:

عرف الناس الشيخ محمد بن عبد الله الفارس في زمانه بالورع والتقوى، متخلقاً بأخلاق السلف الصالح فقيهاً في مذهبه، شديد التمسك بدينه، يقول عنه تلميذه الشيخ عبدالله الخلف الدحيان: "إنه العالم العادل والفاضل، كان مثالاً للورع واجتناب الشبهات".

بهذه الصفات الحميدة كان الشيخ محمد الفارس من أولئك القليلين الذين ضحوا بوقتهم وجهدهم وأموالهم لإصلاح حال الناس وهدايتهم وإرشادهم إلى ما ينفعهم في حالهم ومالهم، وفي دينهم ودنياهم.

عمارة المساجد:

يذكر السيد عبد الرحمن عبد الوهاب الفارس الوكيل المساعد لشئون الحج والمساجد في وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية سابقاً أن جده الشيخ محمد بن فارس قام بإنشاء مسجد الفارس في مدينة الكويت، ثم قام بتوسعته وأضاف إليه من الجهة الشمالية مقدار الضعفين . وكان ذلك في عهد الشيخ مبارك الصباح.

وحرصاً منه على ضمان توفير نفقات المسجد واستمرار خدماته، أوقف عليه أوقافاً عديدة منها سبعة دكاكين مجاورة للمسجد، ودكان في السوق الداخلي، ودكان في سوق الغربللي، وبيت آخر. وكل هذه الأوقاف كان ينفق ريعها كاملاً على فرش المسجد، وصيانته، وإنارته، وكل ما يتعلق به من نفقات.

في مجال الدعوة والإرشاد :

قضى الشيخ محمد بن فارس جل حياته يعظ الناس، ويعرفهم بأمور دينهم، ويرشدهم إلى طريق الحق والهدى عملاً بقول النبي لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" رواه البخاري ومسلم.

المسجد النبوي الشريف :

كان الشيخ محمد بن فارس يصلي في المسجد النبوي الشريف إماماً طيلة شهر رمضان المبارك في صلاة التراويح والقيام، وفي ذلك شهادة كبرى على علمه وفقهه وإتقانه لكتاب الله تعالى، بشهادة الشيخ عبد الرحمن إلياس من علماء المدينة المنورة وغيره من العلماء.

مسجد الفارس :

ظل الشيخ محمد إماماً لمسجد الفارس لمدة ستين عاماً، فكان يلقي في هذا المسجد الدروس والمواعظ الدينية بعد صلاة العصر يومياً.

في مجال العلم والتعليم :

لم يبخل يرحمه الله بعلمه، ولم يتركه حبيساً في صدره، فقد أيقن أن شر البخلاء من بخل بعلمه، وأن من كتم علماً الجمه الله بلجام من نار، وآمن بأن العلم الذي لا ينتفع به لا خير فيه، فقضى حياته في التدريس، وافتتح كتابا يعلم فيه القرآن الكريم والكتابة والحساب، فكان كتابه نموذجاً لتعليم القرآن الكريم بالتجويد والأداء الجيد، ولتعليم الحساب بقواعده وكسوره، وتعليم الخط بأنواعه وفنونه، وتعليم مبادئ علوم الشريعة والعلوم العربية، ولتعليم الخطابة والوعظ

كان يحتضن التابعين من طلابه ويشجعهم، ويعطيهم من ماله، ومن وقته الكثير. طلباً للأجر والثواب من الله تعالى، لما جاء في قول النبي : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا" رواه مسلم.

وقد تتلمذ على يديه عدد كبير من علماء الكويت الأفاضل.

الإصلاح بين الناس :

لقد أصبح الشيخ محمد بن فارس من أجل علماء الكويت، فأحبه الناس، ووثقوا به ولجأوا إليه ليفصل في خصوماتهم، ويحل منازعاتهم بالصلح بينهم، وكان هو عند حسن الظن به دائماً، فكان يفصل بينهم بالحق والعدل، ولم يغلبه في أحكامه هوى أو غرض.

كان محل ثقة حاكم الكويت انذاك الشيخ مبارك الصباح، الذي كان يرسل له بعض الخصوم ليحل خلافاتهم، ويصلح بينهم.

ولما كان الشيخ محمد بن فارس ثقة بين الناس فقد تولى كتابة الوثائق، وكان يمهرها بختمه فتعتمد، ويعمل بها في نجد والإحساء والبحرين والزبير، نظراً لما كانت تتمتع به هذه الوثائق الممهورة من ثقة واحترام بين الناس، وهي ثقة مستمدة من ثقتهم بكاتبها، وقد كانت تلك الوثائق ومثيلاتها من الأسباب الأساسية التي ساعدت على استقرار المجتمع المدني في الكويت والمنطقة أنذاك، فلم تكن هناك أنظمة مدنية للإفتاء والقضاء والتوثيق الشرعي.

وفاته :

في ليلة الجمعة التي وافقت ليلة عرفة سنة ١٣٢٦ هـ ( ١٩٠٩م ) توفي العالم الجليل الشيخ محمد بن عبد الله الفارس عن عمر طويل جاوز الحادية والتسعين سنة قضاها في الدعوة إلى الله تعالى، والإرشاد إلى طريق الحق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج2. بيت الزكاة، 2001.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%202.pdf