مبارك الصباح (حاكم الكويت السابع)

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
الشيخ مبارك الصباح
الشيخ مبارك الصباح

مولده:

وُلد الشيخ مبارك الصباح عام 1844م.

نشأته:

احتضنه جده الشيخ جابر العيش الحاكم الثالث للكويت، وأحضر له معلماً لتدريسه.

فروسية ومهارة مبكرة:

في سن الثانية عشرة من عمره تدرب الشيخ مبارك الصباح في البادية على الرمي وركوب الخيل، وخلال سنتين برز بين أقرانه في الفروسية والرمي، ونشأ شجاعاً جريئاً حازماً، يحب العمل ويكره الراحة، ذكياً قوي الذاكرة، ذو إرادة قوية ودهاء.

قيادة المعارك منذ الصغر:

قاد الشيخ مبارك حملات عسكرية قبل أن يتقلّد الحكم، فقد كلّفه الشيخ عبد الله الثاني حاكم الكويت الرابع بقيادة القوات البرّية الكويتية لمساعدة الدولة العثمانية في حملة الأحساء عام 1871 م، كما قاد الحملة العسكرية التي أرسله بها أخوه حاكم الكويت الخامس الشيخ محمد الصباح ضد أحد رؤساء القبائل التي اعتدت على أملاك إحدى القبائل عام 1892 م، وقاد في العام نفسه حملة عسكرية لدعم قبيلة الظفير حين اعتدت عليها إحدى القبائل، كما قاد حملة لدعم الدولة العثمانية في قطر عام 1893 م، وفي العام نفسه قاد حملة عسكرية حين اعتدت إحدى القبائل على عدد من قبائل الكويت وسرقت أملاكها، فتعقّبهم وهزمهم واسترد الممتلكات، وحين اعتدت إحدى القبائل على عدد من سفن الكويت في الخليج تعقّبهم حتى أدركهم بين القطيف والأحساء وهزمهم واسترد السفن.

علاقاته مع القبائل:

كان للشيخ مبارك علاقات وطيدة معها، وذلك منذ أن كلفه أخوه الشيخ محمد الصباح لتولّي شؤون قبائل البادية.

رواج التجارة في عهد الشيخ مبارك الكبير:

توليه الحكم:

تولى الشيخ مبارك الصباح مقاليد الحكم في الكويت عام 1896 م، واستطاع أن يحافظ على كيان واستقلال وأمن الكويت، وعقد معاهدة اتفاقية حماية مع بريطانيا عام 1899 م لردع الطامعين بالكويت، مما ساهم في استقرار الكويت وازدهارها ونمو تجارتها.

تحقيقه للأمن في الكويت:

استطاع الشيخ مبارك بدهائه أن يحقق الأمن والازدهار للكويت، واستغلّ التناقضات والمصالح والخلافات بين الدول، بين بريطانيا وروسيا وبريطانيا وألمانيا، والصراع بن بريطانيا للمحافظة على استقرار الكويت وسيادتها، وهو ما أكده آرمسترونج الإنجليزي في كتابه سيد بلاد العرب عام 1897 م حيث يقول: «أصبحت الكويت مثار اهتمام العالم»، ويقول: «كان مبارك داهية، اكتسب الكثير من مواقع الحكم والسلطة ». وبذل الشيخ مبارك كل ما في وسعه لتأكيد قوة الكويت وكيانها ونفوذها بين القبائل العربية والدول المجاورة، فحينما زار الكويت عام 1903 م اللورد كيرزون نائب الملك في الهند استقبله الشيخ مبارك استقبالاً عظيماً أكد فيه قوته وهيبته، وأقام له احتفالاً مهيباً حضره 2000 فارس بخيولهم العربية الأصيلة، و20 من الهجاّنة بخيولهم البيضاء السريعة و400 محارب ببنادقهم، وجمهور من القبائل.

معاهدة مع بريطانيا لحماية الكويت:

ومع كثرة الأخطار التي كانت تتعرض لها الكويت في عهد الشيخ مبارك اضطر لعقد معاهدة حماية مع بريطانيا في 23 يناير عام 1899 م واستمرت حتى عام 1961 م، حيث أعلنت الكويت استقلالها.

بناء كشك مبارك:

شيَّد الشيخ مبارك الصباح في عام 1897كشك مبارك، وهو مقر له يدير من خلاله الحكم، ويجتمع فيه مع أبناء الكويت، يستمع فيه لآرائهم ومشكلاتهم.

بناء القصر ا لأحمر في الجهراء:

وبعد تولي الشيخ مبارك الصباح الحكم في الكويت بسنة واحدة قام ببناء القصر الأحمر في الجهراء عام 1897، وتم تسميته بذلك نسبة إلى لون جدرانه.

في عام 1904 م وضعت بريطانيا أول منارة (فنار) في الكويت لهداية السفن ، كما وصل الكويت الكاتب إس.جي نوكس أول معتمد سياسي بريطاني عام 1904 م، وفي نفس العام تم افتتاح أول مكتب بريد في الكويت.

بناء قصر السيف:

وفي عام 1907 أسس الشيخ مبارك الصباح المقر الرسمي للحاكم قصر السيف.

مؤسس دولة الكويت الحديثة:

قام الشيخ مبارك بأعمال كثيرة، حتى سماه العديد من المؤرخين والسياسيين بمؤسس دولة الكويت الحديثة، ففي عهده تأسس أول مستوصف للعلاج عام 1904 م، وتأسست أول مدرسة نظامية أهلية عام 1911 م وهي المدرسة المباركية، ووافق عام 1912 م على فتح خط للتلغراف اللاسلكي، وتأسست أول جمعية خيرية عام 1913 م في عهده، وهي الجمعية الخيرية، واشترى الشيخ مبارك سفينة لنقل الماء العذب من شط العرب إلى الكويت عام 1913 م، وافتتح مستوصف الإرسالية الأمريكية عام 1914 ، واشترى الشيخ مبارك ماكينة لتحلية مياه البحر عام 1914 م، كما قام الشيخ مبارك بتوفير عربتين كبيرتين لتجميع القمامة وإخراجها خارج المدينة ، وهو ما أكده الدكتور (بنت) حينما زار الكويت وذكر نظافة الكويت وأحياءها.

وأنشأ الشيخ مبارك أول حمّام عام في الكويت عام 1915 م، وتم افتتاح أول مكتب رسمي بريدي عام 1915 م.

واستطاع الشيخ مبارك أن يُؤَمَّن التجارة الكويتية ويدعم التجار ويدافع عنهم ويُؤَمَّن الحدود الكويتية، وقد أُطلِق عليه «أسد الجزيرة » ولقب «أسد الكويت».

وحرص على تأمين خطوط النقل البري والبحري، وأمر بتسليح السفن الكويتية للدفاع عن نفسها، وبذلك استتب الأمن في الكويت ونمت التجارة واستقطبت الكويت الآمنة العديد من القبائل العربية والأسر والتجار الذين قدموا إلى الكويت للعيش فيها، وذكر الطبيب ستانلري ميلري الذي عمل في الكويت عام ١٩١٤ في مذكراته تميز ميناءها، وأن الكويت البوابة الطبيعية الكبيرة لنجد وعمق الجزيرة العربية.

من أعماله الخيرية:

للشيخ مبارك الصباح العديد من الأعمال الخيرية التي قدمها أثناء حياته، منها ما هو داخل الكويت، ومنها ما هو للدول والقبائل المجاورة وللدولة العثمانية.

ترميم مسجد الخليفة:

قام الشيخ مبارك بترميم وتوسعة مسجد الخليفة وأطلق عليه المسجد الحميدي نسبة إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.

إعادة بناء مسجد البدر:

قام بإعادة بناء مسجد البدر وتوسعته في عام 1910 م .

دعم التجار وحل مشاكلهم:

كان يساهم في دعم التجار وحل مشاكلهم والوقوف معهم عند أزماتهم.

تأسيس مضيف عيش بن عمير:

وهو نموذج للأعمال الخيرية التي أنشأها الشيخ مبارك الصباح بعد أن أصبح حاكماً على البلاد.

فهو بيت صغير بجانب بيوت آل الصباح وبجانب منزل الشيخ مبارك في منطقة الشرق (الوسط)، يتم فيه طبخ العيش (الأرز) يومياً ويتم توزيعه على الفقراء والمحتاجين وأبناء السبيل والأسر المحتاجة، كما يتم طبخ الأرز مع اللحم لضيوف الكويت وللقبائل الزائرة وللسجناء في السجن.

وتراوح عدد الذين كانوا يستفيدون يومياً من هذا الطبخ بن 150 إلى 250 شخصاً، وقد تم تسمية هذا المشروع الخيري (عيش بن عمير) نسبة إلى السيد مبارك بن عمير التميمي الذي كلّفه الشيخ مبارك الصباح للقيام بمهمة الطبخ والإشراف على المضيف، في عهد الشيخ جابر العيش.

دعم المدرسة المباركية:

حينما قرر أبناء الكويت تأسيس أول مدرسة أهلية في عهده، أعلن عن تبرعه بِرَيْع جزء من أرباح مزارعه الوقفية في العراق لدعم المدرسة المباركية والتي تم تسميتها باسمه.

مساعدته للدولة العثمانية ودول الجوار:

قدم الشيخ مبارك العديد من المساعدات للقبائل، كما قدم المساعدات المتعددة لدولة الخلافة الإسلامية (الدولة العثمانية)، فقد قدم لها المساعدة لحرب طرابلس الغرب عام 1325 هـ والتي سلمها للدولة العثمانية من خلال والي البصرة حسن رضا باشا  وقد بلغت ( 9000 ) ليرة.  وعندما حدث حريق هائل في الأستانة قدّم الشيخ مبارك مساعدة للدولة العثمانية مقدارها 5000 روبية.

كما قدّم الشيخ مبارك مبلغ ( 2000 ) ليرة للهلال الأحمر التركي .لأوسمة العثمانية التي حصل عليها نتيجة لمساعداته للدولة العثمانية.

الأوسمة:

حصل الشيخ مبارك على العديد من الأوسمة منها:

  • الوسام المجيدي من الدولة العثمانية بعدما قدم مساعداته للأستانة، حيث حضر وفد للكويت يرأسه مفتي البصرة العلاّمة عبدالملك الشوّان في 15 صفر 1330 هـ وأقيم يوم وصوله احتفالاً بهيجاً بين القصرين على ساحل البحر.
  • وسام مجيدي لمشاركته بالحملة العثمانية على الأحساء عام 1288 هـ - 1871 م مع أخويه عبدالله ومحمد.
  • رتبة فخرية (قابجي باشي) في 8 شعبان 1288 هـ - 23 أكتوبر 1871 م.
  • نيشان اصطبل عامرة مع أخيه حاكم الكويت الشيخ عبد الله الثاني في 21 شعبان -1296 هـ 8 أغسطس 1879 م.
  • رتبة (ميرمان) أمير الأمراء والوسام المجيدي من الدرجة الثانية في 24 ذي الحجة 1317 هـ - 23 أبريل 1900 م.
  • منحه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لقب (باشا) في شهر محرم 1318 ه مايو 1900 م بعد حصوله على لقب أمير الأمراء.
  • المرسوم السلطاني بمنحه وسام ألتون كموش (الامتياز الذهبي والفضي) في جمادى 1318 هـ - أكتوبر 1900 م.
  • الوسام العثماني من الدرجة الأولى 27 ربيع الآخر 1332 هـ - 24 مارس 1914 م بعد توسط الشيخ مبارك في عقد المعاهدة بين الدولة العثمانية والملك عبد العزيز بن سعود.

الأعمال الخيرية في عهده:

ومع الرخاء الاقتصادي الذي حدث في البلاد أثناء حكم الشيخ مبارك وزيادة عدد سكان الكويت، فقد قام عدد من المحسنين من أبناء الكويت ببناء المساجد وإنشاء الكتاتيب للتعليم، والتبرع بالأوقاف والأثلاث الخيرية، فقد بلغ عدد سكان الكويت عام 1914 م حوالي 80000 نسمة.

وقد زاد الرخاء الاقتصادي وبلغ حصاد اللؤلؤ عام 1912 م ذروته حتى تم تسميته بعام الطفحة .وأفاض المحسنون من زكاتهم وصدقاتهم على الفقراء والمحتاجين داخل الكويت وخارجها.

بناء المساجد:

استمر أبناء الكويت في بناء المساجد، فقد بُني مسجد البدر عام 1897 ومسجد علي بن حِمد عام 1900 م.

وقد سمىّ الشيخ مبارك الصباح مسجد الخليفة بالمسجد الحميدي نسبة إلى السلطان عبد الحميد الثاني أمير المؤمنين في الدولة العثمانية، وقد قام الشيخ مبارك بترميم المسجد وتوسعته، كما ساهم الشيخ مبارك بإعادة بناء وترميم وتوسعة مسجد البدر عام 1910 م.

الجمعية الخيرية:

أسس أبناء الكويت أول جمعية خيرية وهي الجمعية الخيرية في عام ١٩١٣م، وكان لهذه الجمعية دور متميز في تقديم خدماتها للمجتمع الكويتي، فقامت بعمل مستوصف مجاني وترميم المساجد والاهتمام بالتعليم ومساعدة الأسر المحتاجة وأعمال خيرية متنوعة

وفاته:

استمر الشيخ مبارك الصباح في المحافظة على الكويت وتطويرها وتنميتها واستقلالها وسيادتها، حتى توفي في 27 نوفمبر 1915، وحكم بعده ابنه الشيخ جابر المبارك الصباح.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.

الموقع الإلكتروني:

https://fanarkwt.com/2022/05/31/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D9%85%D8%A2%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-3/