مبادرة إنشاء أول مجلس للمعارف من أجل تطوير التعليم في دولة الكويت

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني

مبادرة إنشاء أول مجلس للمعارف من أجل تطوير التعليم في دولة الكويت

جاءت هذه المبادرة عندما اجتمع عدد من وجهاء البلاد في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، وتدارسوا عدة اقتراحات لزيادة ميزانية المعارف، فلم تكن أموال المعارف آنذاك تكفي لزيادة عدد المدارس، خاصة بعد الإقبال الذي واجهته كلّ من المدرسة المباركية والأحمدية من الطلبة الذين بلغ عددهم في العام الدراسي (١٩٣٧- ١٩٣٦م) ٦٠٠ طالبًا، وبعد فترة من النقاش بين هؤلاء الوجهاء في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى توصلوا إلى اقتراح يتضمن تخصيص نصف بالمائة من دخل الرسوم الجمركية لميزانية المعارف إلى جانب نسبة الأربعة بالمائة التي تتقاضاها إدارة المالية من التجار ، والنصف بالمائة التي تتقاضاها إدارة البلدية، وبمجموع هذه النسب تصل رسوم الجمارك إلى خمسة بالمائة يخصص منها إلى الشيخ أحمد الجابر حاكم البلاد آنذاك الذي رحب بالاقتراح لكنه اقترح التشاور مع عدد من التجار للتباحث معهم في هذا الشأن لأن الزيادة في نسبة الجمارك تعني أنهم سيدفعون هذه الزيادة في الجمارك، وبالفعل فقد اجتمع عدد من التجار يقدر بنحو ثمانين تاجراً بتاريخ ٣٠ يوليو ١٩٣٦م وأعلنوا ترحيبهم بزيادة نصف بالمائة من رسوم الجمارك للمعارف إلى جانب النسبة التي تتقاضاها المالية والبلدية والتي تبلغ أربعة ونصف بالمائة، وبعد هذه الموافقة طلب التجار من الشيخ عبد الله الجابر نقل موافقتها إلى الشيخ أحمد الجابر، وبعد هذه الموافقة بنحو ثلاثة أشهر استطاعت المعارف أن تصل بميزانيتها إلى ٦٣٠٠٠ روبية (ثلاثة وستين ألف روبية) ، وبعد هذه الزيادة في ميزانية المعارف زاد الاهتمام بالتعليم وزادت الحاجة إلى تنظيم جديد للتعليم بالبلاد في ضوء التطوير الذي شهدته المعارف في مناهجها، خاصة بعد تأسيس المدرسة الأحمدية وإدخال مواد دراسية جديدة غير تلك التي كانت تُدرس بالمدرسة المباركية، هذه الحاجة الكبيرة أدت إلى التفكير بتشكيل مجلس للمعارف يضع خطوط السياسة التعليمية بالبلاد ويحدد طرق تنفيذها.

فتم تشكيل أول مجلس معارف في يوليو ١٩٣٦م، وضم هذا المجلس كلاً من: سليمان العدساني، وسيد علي سيد سليمان، ويوسف العدساني، ونصف اليوسف، وأحمد خالد المشاري، وسلطان الكليب، وعبدالله الصقر، ومحمد أحمد الغانم، ومشاري الحسن، ويوسف الحميضي، ومشعان الخضير، والشيخ يوسف بن عيسى الذي كان أيضاً مديراً فخرياً للمعارف. وكانت جلسات هذا المجلس تُعقد مساء يومي الإثنين والخميس نظراً لانشغال الأعضاء في أعمالهم خلال ساعات الصباح، وتستمر الجلسات حتى الثامنة والتاسعة بالتوقيت العربي.

وبعد تشكيل مجلس المعارف قام باستلام ميزانية المعارف من اللجنة المالية التي كانت تشرف على استثمار أموال المعارف في الغوص وتأجير المحلات، كما قام المجلس ببناء مدرسة في الحي القبلي وأخرى في الحي الشرقي من المدينة، وقام بفتح أول مدرسة للبنات في العام الدراسي ١٩٣٨/١٩٣٧م أُطلق عليها "المدرسة الوسطى".

وجاءت خطوات وإنجازات أول مجلس للمعارف متسارعة ومتعاقبة، وكان المجلس في نشاط دائم من أجل تطوير التعليم في الكويت؛ حيث رأى أعضاء المجلس ضرورة توفير مدرسين لمدارس البلاد فأجرى اتصالات مع بعض الدول العربية وتوصل إلى اتفاق على إحضار أول بعثة من المدرسين العرب إلى الكويت من فلسطين .

كما سعى المجلس إلى تطوير تعليم البنات، ومن أجل ذلك تمت الاتصالات لإحضار مدرستين من فلسطين للعمل في تدريس البنات، فحضرت بالفعل مدرستان من فلسطين للعمل في مدرسة البنات في العام الدراسي ١٩٣٨/١٩٣٧م، وكانت المربية الفاضلة الأستاذة مريم عبدالملك الصالح أول مُدرسة كويتية في هذه المدرسة وثالث مُدرسة بمدرسة الوسطى للبنات.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرجع:

كتاب مبادرات تطوعية. د/ عبدالمحسن الجارالله الخرافي.