مؤتمر إعمار العراق من أنجح المبادرات الكويتية

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
مؤتمر إعمار العراق من أنجح المبادرات الكويتية
مؤتمر إعمار العراق من أنجح المبادرات الكويتية

مؤتمر إعمار العراق من أنجح المبادرات الكويتية

يأتي مؤتمر الكويت الدولي لإعادة اعمار وتنمية العراق، الذي يعقد في الفترة من 12 الى 14 فبراير المقبل ترجمة لوقوف الكويت الدائم الى جانب الاشقاء، وامتدادا لمواقفها المشرفة التي اهلتها لتكون مركزا انسانيا عالميا، وتجسيدا لقيادة سمو الأمير للعمل الانساني، فقد باتت مبادرات الكويت الانسانية معلما مميزا لسياستها الخارجية.

ويأتي هذا المؤتمر تأكيدا لاستمرار الدعم الكويتي للعراق الشقيق، لتثبيت أمنه واستقراره، وإعادة إعمار المناطق المحررة من الإرهاب بمساعدة المجتمع الدولي، وامتدادا لوقوف الكويت الى جانبه عبر السنين، الذي تجسد في تعهدها، في مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي عقد في 2016، بتقديم مساعدات إنسانية للعراق بقيمة 176 مليون دولار.

ومنذ اعلن سمو الأمير استعداد الكويت لاستضافة المؤتمر، بعد انتصار العراق على التنظيمات الارهابية، لقيت مبادرة سموه ترحيبا دوليا واسعا، واكد مسؤولون عراقيون ان الكويت افضل مضيف لهذا المؤتمر، كما اكدت الحكومة العراقية ثقتها بدولة الكويت، وبنجاحها في مجال تنظيم المؤتمرات، مشيرة الى ان «الكويت تحظى باحترام كبير من الدول العربية واشقائها في دول الخليج العربي، وهذا عامل مهم وحاسم في ضمان مشاركة فاعلة لتلك الدول في المؤتمر، وان العلاقات الكويتية المتميزة بالدول الاوروبية تعزز فرص نجاح المؤتمر».

ومع دوران عجلة الاعداد للمؤتمر، والتنسيق مع العراق والاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي، والاتصال بالمنظمات التنموية الإقليمية والدولية، وتوجيه الدعوات لعشرات الدول للمشاركة في المؤتمر، بات واضحا ان المؤتمر سيحظى بمشاركة دولية واسعة، و«سيشهد توجها وفلسفة جديدة عبر إشراك القطاع الخاص في عملية الاعمار»، كما قال نائب وزير الخارجية خالد الجارالله.

ومن النجاحات التي حققتها الكويت مشاركة البنك الدولي بصفته مساهما رئيسيا في المؤتمر، لتوفير الضمانات المطلوبة للقطاع الخاص. وان الفرص الاستثمارية التي سيعلن عنها في المؤتمر ستشكل دعامة رئيسية لتحقيق أهداف المؤتمر.

استثمر في العراق

ومن اجل توفير الدعم المطلوب لاعادة اعمار العراق، في ظل اعلان بغداد ان «الكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار تبلغ نحو 100 مليار دولار»، واعتبار بعض الخبراء أن توفير هذا المبلغ «يحتاج إلى شبه معجزة» في ظل تراجع اسعار النفط وعجز موازنات دول المنطقة، سوف تطرح مشروعات استثمارية تكون دعما مهما لنجاح المبادرة الكويتية، وسيعرض ضمن خطة اعادة الاعمار 130 مشروعا على المستثمرين في الكويت، بينها عشرة مشاريع مهمة جدا تعد من محركات الاقتصاد العراقي.

وضمن فعاليات المؤتمر، يعقد يوم 13 فبراير مؤتمر «استثمر في العراق» الذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة الكويت والهيئة الوطنية للاستثمار في العراق، والبنك الدولي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ويحضره مستثمرون من مختلف دول العالم، ويعرض فيه العراق دراسة الجدوى، والترخيص الجاهز لستين مشروعاً استثمارياً أساسياً تتجاوز قيمة استثماراتها 85 مليار دولار، ويدعمها البنك الدولي بالضمان، والتعويض، والبحث عن الأسواق، وهذا أول مؤتمر للإعمار يقدم له البنك الدولي هذا الدعم الموجه إلى القطاع الخاص.

وقد حثت بغداد المستثمرين العرب على دخول السوق العراقية، مؤكدة أنها سهلت إجراءات منح الرخص الاستثمارية، لا سيما للشركات العربية الكبيرة، مشيرة إلى أن تركيا زجت بالعديد من شركاتها في الاستثمارات العراقية في معظم المحافظات وكان حضورها مباشراً بمواطنيها الاتراك من دون وسطاء.

وكانت اللجنة العليا للاستثمار في العراق التي يرأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي قد منحت في جلستها الأولى قبل نحو ثلاثة أشهر فرصا استثمارية لشركات اماراتية معروفة.

وقفة تاريخية

تمهيدا لاستضافة المؤتمر نظم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في ديسمبر الماضي، بالتعاون مع الحكومة العراقية والبنك الدولي، ورشة عمل لتقييم الخسائر، واحتياجات إعادة اعمار العراق، بهدف معرفة وتحديد حجم الخسائر والاضرار في المناطق المتضررة من الإرهاب، لإعداد دراسة شاملة ستقدم للمؤتمر. وقال رئيس صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة في العراق الدكتور مصطفى الهيتي، الذي شارك في الورشة ان مبادرة الكويت اقامة المؤتمر الدولي لإعادة اعمار العراق التي تمثل «وقفة تاريخية لدولة الكويت ستحسب لها على مدى الأجيال القادمة».

مؤتمر المنظمات غير الحكومية

وتنظم الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية مؤتمر المنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق يوم 12 فبراير، بهدف تقييم الوضع الإنساني في العراق وحشد جهود المنظمات المحلية والإقليمية والدولية للاطلاع على الاحتياجات الأساسية للأشقاء العراقيين المتضررين جراء النزاعات المسلحة ودعم جهود الاستجابة وتعزيز جهود الشراكة في مواجهة التحديات الإنسانية المؤلمة في العراق.

وقد اعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة الدكتور عبدالله المعتوق، أن الهيئة وجهت دعوات لأكثر من 100 منظمة محلية وإقليمية ودولية والعديد من الشخصيات القيادية والأممية الرفيعة الناشطة في الحقل الإنساني مقرونة بورقة تعريفية عن المؤتمر ورؤيته وأهدافه والجهة المنظمة. وأشار إلى أن المؤتمر سيشهد الإعلان عن تعهدات المنظمات التي ستخصصها لدعم الوضع الإنساني في العراق لعام 2018، مبيّناً أنه سيتيح لكل منظمة مانحة فرصة الإعلان عن تعهدات مؤسساتها التي سيتم ترجمتها إلى برامج إنسانية وتنموية.

وأفاد بأن الهيئة من المقرر أن تصدر تقارير دورية بشأن تنفيذ التعهدات على أن توافي تلك المنظمات المانحة الهيئة بتقارير ربع سنوية عن برامجها الإنسانية التي ستضطلع بتنفيذها خلال عام 2018.

وأشار إلى أن الهيئة دشنت خلال الفترة الماضية مشاريع إغاثية في العراق بقيمة 3.5 ملايين دولار، من بينها ثماني محطات تصفية مياه، وعيادتان متنقلتان، ومواد طبية، ومساعدات غذائية للعائلات النازحة بالتعاون مع الجمعية الطبية العراقية الموحّدة للإغاثة والتنمية، كما دشنت العديد من المشاريع التي نفّذتها الجمعية الكويتية للإغاثة وجمعية الهلال الأحمر الكويتية.

وبعد ظهور مؤشرات النجاح للمؤتمر المنتظر أصبح متوقعاً أن يكون من أنجح مبادرات الكويت، وأن يوفر جزءاً أساسياً من تكاليف إعادة إعمار العراق، ليكون - كما قال وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي - «بداية عهد جديد يتطلع إليه جميع العراقيين لانطلاق حركة إعمار حقيقية تقضي على آثار ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية».

خطة الإعمار والتنمية

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مطلع هذا العام إطلاق الوثيقة الوطنية لخطة الإعمار والتنمية في جميع محافظات العراق للفترة من 2018 إلى 2028 بكلفة أولية تقدر بمئة مليار دولار أميركي.

وأكد أن برنامج إعادة الإعمار سيكون مختلفاً عن مشروعات إعادة الاستقرار الجارية في عدد من المدن المحررة، موضحاً أن البرنامج معني بإعادة إعمار كل العراق وفق خطة شاملة، وأن مشروعات اعادة الاستقرار تركز على تقديم الخدمات العاجلة للمناطق المحررة، لتسهيل عودة النازحين إليها، عبر رفع الألغام، وتوفير الخدمات العاجلة والأساسية كالماء والكهرباء والمدارس والصحة.

وتشير الخطة الوطنية لإعادة الإعمار والتنمية للمحافظات المتضررة جراء العمليات الإرهابية والحربية، التي أعدتها وزارة التخطيط العراقية، إلى أن العراق تعرض لأخطر تهديد لوجوده واستقراره في العصر الحديث، باحتلال ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مدناً رئيسية ومساحات شاسعة من العراق، وكان من نتائج ذلك ما يلي:

● نزح قسريا اكثر من اربعة ملايين الى مدن اخرى، او اقاموا في مخيمات او مبان غير مكتملة او في محطات ايواء غير لائقة..

● كانت الخسائر البشرية فادحة، حيث بلغ عدد الشهداء اكثر من 18802، وعدد المصابين 36245 بحسب بيانات وزارة الصحة عام 2016.

● حدوث عمليات وجرائم ضد الانسانية منها حملات التطهير العرقي لعدد من الاقليات كالمسيحيين والايزيديين والشبك.

● قامت الجماعات الارهابية بعمليات عنف وانتهاكات جنسية واعمال استرقاق وعبودية ضد الفئات الهشة كالنساء والاطفال، وبلغ عدد النساء اللاتي تعرضن للاختطاف للاغتصاب او البيع والشراء، ولاضرار نفسية اكثر من 4 آلاف امرأة بحسب احصاءات منظمة حرية المرأة في العراق عام 2015، فضلا عن هجرة ولجوء اكثر من 200 ألف مواطن الى دول الجوار.

● تعرضت البنى التحتية الاساسية (الكهرباء - الماء والصرف الصحي – المرافق الصحية – الطرق والجسور - المباني المدرسية والدوائر الرسمية) في المدن التي سقطت بايدي الجماعات الارهابية او التي تعرضت لعمليات حربية لاحقة الى دمار كبير واضرار بالغة تسببت في تعطيل تقديم الخدمات الاساسية بشكل كبير، وادت الى انهيار الخدمات الاجتماعية، وقدرت قيمة الاضرار التي تعرضت لها المباني والخدمات الحكومية حتى 2016/5/22 بأكثر من 30 مليار دولار، فضلا عن اضرار كبيرة تعرضت لها ممتلكات ومنشآت القطاع الخاص (مساكن، معامل، مزارع..) قد تتجاوز اضرار ممتلكات القطاع العام.

هذه الاضرار والخسائر الكارثية ادت الى تدهور مؤشرات التنمية البشرية، حيث تضاعف معدل الفقر في المحافظات المتضررة (الانبار ، كركوك، ديالى، الموصل، تكريت) وارتفعت معدلات البطالة ارتفاعا كبيرا تجاوز %20 بحسب تقديرات مسح الامن الغذائي لعام 2016. وانعكس ذلك سلبا على معدلات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية..

خريطة الطريق

تتركز خطة اعادة الاعمار، التي وصفت بأنها «خريطة طريق لتوحيد الجهود وتوجيه الامكانات الوطنية والدعم الدولي» على أهداف محددة:

اولوية تعافي المواطنين من سكان المحافظات المتضررة جراء العمليات الارهابية والحربية، نفسيا صحيا واجتماعيا، واستعادة كرامتهم وحرياتهم الشخصية وتعويضهم عن خسائرهم ومعاناتهم.

ربط خطة اعادة الاعمار بخطتي التنمية الوطنية (2018 / 2022، 2023 / 2027)، واستعادة مقومات الحياة الكريمة والتخفيف من المعاناة الانسانية لسكان المحافظات المتضررة وعموم المحافظات العراقية عبر اعمار البنى التحتية الاساسية واستئناف النشاط الاقتصادي ضمن خطة تنموية تنفيذية تعد جزءا من خطة التنمية الوطنية (2018 - 2022) ومراعاة ان التخطيط الحضري والعمراني للمدن والمناطق قيد اعادة الاعمار لضمان تحقق اهداف اجندة التنمية المستدامة 2030.

قيادة الحكومة العراقية مع مشاركة واسعة النطاق محلية وخارجية، وعبر الوزارات / المحافظات والتشكيلات واللجان المختلفة (اللجنة العليا لإغاثة وايواء العوائل النازحة، خلية ادارة الازمات المدنية، صندوق اعادة اعمار المناطق المتضررة جراء العمليات الارهابية، اللجنة المركزية لتعويض المتضررين جراء العمليات الارهابية) وبمشاركة كاملة من قبل الحكومات المحلية، والمرجعيات ومؤسسات الاوقاف الدينية ومنظمات المجتمع المدني، وشراكة حقيقية من القطاع الخاص.

اسبقية الفئات الاكثر تضررا وهشاشة، بالرعاية الحكومية في تقديم اجراءات الحماية الاجتماعية والقانونية والدعم النفسي. وتولي الخطة اهتماما خاصا لبرامج التدخلات الدائمية او المرحلية المؤقتة لرعاية الشرائح الاكثر تضررا وازالة معاناتهم جراء الازمة، وفي مقدمتها:

● النساء اللاتي تعرضن لجرائم الاغتصاب، والسبي، والاختطاف، وغير ذلك من الاعتداءات النفسية والبدنية.

● الاطفال المغرر بهم، الايتام، والمشردون مجهولو النسب.

● ذوو الاحتياجات الخاصة وكبار السن.

● المطاردون والمشردون لأسباب مختلفة منها التهم الكيدية والاشتباه.

ضمان الحلول المستدامة للنازحين داخليا وللمهاجرين، وتشمل العودة الطوعية، ومنع التغيير الديمغرافي، وضمان حق العودة الى المناطق المحررة، والعيش الآمن، والاندماج المحلي بناء على مقتضيات السلامة والامن في المدى الطويل، واستعادة وممارسة الحريات والحقوق التي كفلها الدستور، وتوفير سبل الانصراف الفعال والوصول الى العدالة والمشاركة في الشؤون العامة.

تعزيز قدرات الشباب الاساسية بما يمكنه من تحقيق اقصى امكانياته، وتوسيع نطاق الفرص المتاحة له لتحقيق الذات اقتصاديا واجتماعياً.

اعتماد مبدأ توظيف الازمات واستثمارها كفرص تنموية، وتوجيهها لأفضل التغييرات والنتائج، بما يحقق الاحسن من الوضع القائم قبل حدوثها في كل الجوانب التخطيطية والتنفيذية ومراعاة متغيرات التخطيط الحضري والعمراني للمدن والمناطق قيد اعادة الاعمار لضمان تحقق اهداف اجندة التنمية المستدامة 2030.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموقع الإلكتروني:

https://www.alqabas.com/article/493427-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7/