لولوه عبدالمحسن المهيني
المولد والنشأة

يُرجح أن تكون قد ولدت - رحمها الله – في النصف الثاني من القرن العشرين، وتحديداً في الفترة من 1850 إلى 1875م، نظراً لأن وقفها الخيري قد تم توثيقه في السابع عشر من المحرم عام 1327هـ (أي حوالي عام 1909م).
ويرجع أصل المحسنة لولوه المهيني – رحمها الله - كما تروي حفيدتها الخالة موضى عبدالمحسن جاسم الشايجي، إلى إقليم نجد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث قدم أهلها مع بداية نشأة الكويت، وكانوا يشتغلون بالتجارة، ولديهم من الخير الكثير بفضل الله تعالى، وقد عُرف عنهم كثرة أعمالهم الخيرية، ثم نقلوا تجارتهم إلى الكويت.
وقد تأثرت المحسنة لولوه المهيني – رحمها الله – في سلوكها بجودهم وكرمهم وإنفاقهم في سبيل الله تعالى، فإذا استقام الأصل استقام الفرع.
أوجه الإحسان في حياتها
تعددت أوجه الإحسان في حياة المحسنة الكريمة لولوه المهيني – رحمها الله – وشملت عدة مجالات؛ سعياً منها إلى نيل رضا الله تعالى وغفرانه، وتيقناً منها بأن ما عند الله باقٍ وأن أجره عظيم.
مساعدة الناس وقضاء حوائجهم
كانت – رحمها الله - محبة للناس، باذلة للخير والمعروف، ساعية إلى مساعدتهم وقضاء حوائجهم وتفريج كربهم، ولهذا فقد خصصت - رحمها الله - عدداً من بيوتها لخدمة الفقراء والمساكين وذوي الحاجات، مما يدل على رقة قلبها ورهافة حسها ومشاعرها، وقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" رواه أبو داود.
وقد كان هؤلاء الفقراء يسعدون بذلك ويدعون لها بسعة الرزق وطول العمر، وقد أخلفها الله خيراً كثيراً في الدنيا، ونسأله تعالى أن يخلف عليها في الآخرة بما فعلت وقدمت في سبيل الله تعالى.
مُساعدة ذوي القربى والإحسان إليهم
كانت المحسنة لولوه - رحمها الله – واصلة للرحم، محسنة إلى ذوي القربى، وليس هذا بمستغرب على امرأة حفظت القرآن العظيم، وآمنت بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ" رواه مسلم.
لذا كانت – رحمها الله – تعين أقاربها وتبذل لهم المال والمساعدات العينية وخاصة في مناسباتهم المهمة، فكانت تقرضهم ذهبها في أفراحهم وتعطيهم كذلك ما يحتاجون إليه من حاجات عينية ومادية من مقتنياتها وممتلكاتها، وكذلك في المناسبات الحزينة حيث كانت عوناً لهم، وفق ما ورد عنها من أخبار.
جودها وكرمها
كما عرف عن المحسنة لولوه المهيني – رحمها الله – أنها كانت ميسورة الحال، ورثت عن أهلها خيراً كثيراً، وقد كان لها أملاك في الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة منها مزارع في حفر الباطن وغيرها، وكانت جوادة كريمة معطاءة، مؤدية لحق الله تعالى في هذا المال من زكاة وصدقات وتبرعات، وكانت أعمالها كلها في سبيل الله تعالى وابتغاء مرضاته، وعملاً بقوله تعالى: "...وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (60)" سورة الأنفال.
تحفيظ القرآن الكريم
أدركت المحسنة لولوه المهيني – رحمها الله – قيمة العلم، وأهمية ألا يكتم أهله ما آتاهم الله تعالى من فضله، وخاصة إذا ارتبط هذا العلم بالقرآن الكريم، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" رواه الترمذي.
ولذلك فقد خصصت – رحمها الله – فصلاً تعليمياً (كتّاباً) في بيتها الكائن في منطقة المرقاب بالقرب من سوق الدعيج لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه لأبناء وبنات الحي الراغبين في التعلم، وقد كانت تساعدها في هذه المهمة أختها حصة وصديقة لها تدعى أم مرشد، جعل الله تعالى هذه الأعمال في ميزان حسناتهن جميعاً.
وقد امتلأ قلب هذه المرأة الصالحة بحب تعليم القرآن الكريم فاستأجرت بيتاً آخر لتفتتح فيه مدرستها الصغيرة هذه، وذلك عندما قامت بعمل ترميمات في منزلها الذي مثّل هذه المدرسة، وحولت البيت الذي استأجرته إلى كُتّاب تعلم فيه القرآن الكريم، وظلت هكذا طوال حياتها مرتبطة بكتاب الله العزيز ومؤدية لحقه تعالى عليها.
الوقف الخيري
يعبر الوقف عن تآخي المجتمع المسلم وترابطه وحب أبنائه للخير وعطفهم على بعضهم البعض، فيكونون في النهاية كالجسد الواحد، كما قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، إِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ" رواه مسلم.
وإيماناً منها – رحمها الله – بهذه المبادئ، فقد أوقفت بيتاً لها في فريج (حي) عبداللطيف الجسار على الفقراء والمحتاجين، وجعلت الناظرة على الوقف أختها حصة، ومن بعدها ذريتها وذرية ذريتها، وقد وثق هذه الوقفية الشرعية الشيخ محمد بن عبدالله العدساني قاضي الكويت آنذاك، وجاء في شروط الوقف: "وقف على عشيات وضحايا لها ولوالديها، تعود بالأجر والثواب عليهم".
وكلنا يعلم القيمة المادية للعشيات والضحايا في ذلك الوقت، وتفصيل ذلك أنه لم يكن متيسراً للجميع.
وفاتها
قضت المحسنة لولوه – رحمها الله – حياتها كما سبق أن أوضحنا في البذل والعطاء في سبيل الله تعالى مادياً ومعنوياً، ولم تتوقف عن العطاء حتى جاء أجلها، ولم يُعلم بالضبط تاريخ وفاتها، وإن كان من المؤكد أنه حدث في الفترة التالية لتوثيق الوقف الخيري المسجل في السابع عشر من المحرم عام 1327هـ الموافق لعام 1909م.
الكلمات الدالة:
مُحْسِنات من الكويت - الوقف الخيري - مُساعدة المحتاجين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج5، 2003.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%205.pdf