قاض بدرجة إنسان

تقدم أحد الصبيان عمره 15 عاما نحو أحد دكاكين الطعام في أمريكا:
وقف أمام الدكان يرنو إلى ما بداخل الدكان بعينيه اللتين يبدوان عليهما أن الصبي جائع ومحتاج، وظل ينظر من خلال زجاج الدكان إلى الطعام الموجود بالداخل، وظل ينظر وينظر وهو يفكر ماذا يفعل، وكيف ينال نصيبه من هذا الطعام الكثير بشيء منه قليل يسد به جوعه، فقرر أن يتسلل داخل المحل، ويتظاهر بالمشاهدة، وأخذ من الدكان خبزا وجبنا، فلاحظه صاحب المحل، فأسرع للخروج، وحطم أحد الرفوف في محاولته للهرب، لكنه قبض عليه، وسيق إلى مركز الشرطة، وقدم للقضاء.
وجاء الدور عليه ليحكم عليه القاضي، ونظر القاضي إلى المتهم، فإذا هو صبي صغير، فسأله القاضي بعدما سمع تفاصيل الحادثة: أحقا سرقت شيئا؟ سرقت خبزا وجبنا وحطمت أحد الرفوف؟
طأطأ الصبي رأسه وأجاب القاضي: نعم.
فقال القاضي: ولماذا سرقت؟
أجاب الصبي: لأني أحتاج إلى الطعام.
فقال القاضي: أليس لديك قدرة على شرائها بدلا من سرقتها؟
قال الصبي: لم أكن أملك مالا، ولو كان معي لما سرقت.
قال القاضي: كان باستطاعتك طلب الـمال من والديك.
أجاب الصَّبيّ: ليس لدي والد، عندي أمي وهي مريضة طريحة الفراش، ولا تعمل، ومن أجلها سرقت الخبز والجبن.
قال القاضي: أليس لديك عمل؟
قال الصَّبيّ: اشتغلت في غسيل السَّيَّارات. وأخذت إجازة ليوم واحد لكي أساعد أمِّي، وَلِهٰذا السَّبب فصلوني من العمل.
وبعد انتهاء الـمحادثة مع الفتى، أعلن القاضي الحكم:
"السَّرقة، خاصَّة سرقة الخبز، هذه جريمة مخجلة جِدًّا".
وجميعنا هنا مسؤولون عن جريمة السرقة اليوم، جميع الحضور في هذه القاعة، بمن فيهم أنا، مسؤولون عن جريمة السرقة هذه.
ثم قرر القاضي قائلا: سيغرم كل شخص في هذه القاعة بعشرة دولارات، ولن يخرج أحد من القاعة قبل أن يدفع عشرة دولارات، ثم أخرج القاضي من جيبه عشرة دولارات، وطالب الجميع بدفع عشرة دولارات.
ثم أكمل القاضي حكمة، والذي كان مفاجأة، على صاحب الدكان الذي سلم الصبي الذي كان يعاني من الجوع أن يدفع 1000 دولار في الحال، وإن لم يدفع المبلغ حالا؛ يظل الدكان مغلقا.
اتجه جميع من في القاعة إلى الصبي يعطونه المال ويعتذرون له، وخرج القاضي وهو يحبس دموعه، ويقول يقول:" إذا تم القبض على شخص ما يسرق الخبز، فيجب أن يخجل جميع السكان والمجتمع في هذه الدولة".
إن صحت تلك الرواية:
فهي تذكرنا بموقف عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- الذي أوقف حد السرقة في عام المجاعة، لأن هناك فرقا بين من يسرق اعتداء على أموال الغير، ومن يأخذ مال الغير ليبقي نفسه على الحياة، في الوقت الذي يجب على الأغنياء أن يعطوا الفقراء فتات أموالهم؛ إبقاء على حياة الناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
مجلة التميز الإنساني، عدد 7.