عبد الله بن صباح بن جابر بن عبد الله بن صباح

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية

مولده:

ولد الشيخ عبدالله الثاني في عام 1813 م.

توليه الحكم:

تولى الشيخ عبدالله الثاني الحكم بعد وفاة والده الشيخ صباح الثاني الذي حكم الكويت منذ عام 1859 - 1866 م.

وكان للشيخ صباح الثاني إثنا عشر إبناً، ثمانية ذكور وأربع إناث  وكان الشيخ عبدالله الثاني أكبر الأبناء الذكور.

أولاده:

كان للشيخ عبدالله الثاني من الأولاد خليفة وجابر.

أخلاقه وصفاته:

عُرف عن الشيخ عبدالله الثاني التواضع والأخلاق الكريمة، فقد كان حسن السيرة وساكن الطبع ودمث الأخلاق، وكان مُحباً للإصلاح، يميل إلى الجد والمثابرة، وكان معروفاً بالذكاء، فلا يقع في مأزق إلا ويتخلص منه بطريقة تُثير إعجاب الناس.

كرمه وجوده:

وعُرف عنه أنه كان كريماً جواداً، له أيادي بيضاء على الفقراء والمحتاجين، داخل الكويت وخارجها، حتى قيل: «كان كجدّه جابر العيش» بكرمه وسخائه، وقد حصل الشيخ عبدالله الثاني على جوائز وأوسمة تقديرية من الدولة العثمانية لمواقفه الإيجابية.

وكان أخوة الشيخ عبدالله الثاني، محمد وجراح ومبارك، يساعدونه في مقاليد الحكم، فكان محمد مديراً لأحكام الحضر، ومبارك مديراً لأحكام البادية، وجراح مديراً لمالية الدولة.

أهم ا لأحداث في عهده:

أزمة الهيلك سنة 1868 - 1871 م:

وهي مجاعة شديدة أصابت الجزيرة العربية وبلاد فارس والعراق حتى أهلكت الناس، وقد قدّمت الكويت الكثير من المساعدات للدول والقبائل المجاورة، ولمن نزح إلى الكويت، حتى انقضت تلك الأزمة. كان للشيخ عبدالله الثاني أيادي بيضاء أثناء أزمة الهيلك (المجاعة التي أصابت بلاد فارس والعراق والأحساء ونجد وغيرها من المناطق في الفترة من عام 1285 ه/ 1868 م إلى عام 1288 ه/ 1871 م )، فقد فتح الشيخ عبدالله الثاني كيسه للقبائل التي لجأت إلى الكويت، وقدّم لها المساعدات الكثيرة، وقد مدحه الشاعر العراقي عبدالغفار الأخرس في ديوانه لكرمه وإحسانه فقال عنه:

فقومٌ سادَ عبد الله فيهم

فبالبأسِ الشديدِ وبالسَّماح

إذا نزلوا لعمرُ أبيك أرضاً

حَموهَا بالأسِنَّة والرِّماح

حيث أن الشاعر عبدالغفار زار الكويت عن طريق البحر بواسطة السفينة وقال:

ولازلنا بها حتى حللنا

صباحاً في كويت آل الصباح

كما قدّم أهل الكويت الكثير من المساعدات في تلك الأزمة الكبيرة، وقد سميت بسنة بأزمة الهيلك من كثرة هلاك الناس وللمجاعة التي أصابتهم. وقد ساهم تجار الكويت أيضاً في تقديم المساعدات وإطعام الطعام ، وبنوا مضايف لإطعام الجائعين، وكان من أبرز أولئك التجار عيسى المخيزيم ويوسف البدر ويوسف الصبيح وسالم بن سلطان وعبداللطيف العتيقي وبيت ابن ابراهيم وبيت معرفي فقد خصص يوسف الصبيح ثلاث مضايف في الكويت والبصرة والأحساء لإطعام الناس، كما أقام يوسف البدر بيتا يُصنع فيه الطعام، كما يتولى هذا البيت تكفن الموتى وتجهيزهم لكثرة من ماتوا جوعاً. 

سنة الطبعة 1871 م :

تعرضت السفن الكويتية لطوفان عظيم أصابها أثناء سفرها فحطم أكثرها، ولم ينج من أموال تجّار الكويت إلا القليل، وتكاتف أهل الكويت بعطائهم وتبرعاتهم وإسقاط ديونهم عن المتضررين، بل وقدّموا الدعم والعون للتجار وللبحّارة المتضررين.

الأمطار الغزيرة (الرجبية) 1872 م :

تعرضت الكويت في شهر رجب عام 1289 ه الموافق أكتوبر 1872 م لأمطار وعواصف شديدة دمّرت البيوت وهدّمتها، وارتطمت السفن بعضها ببعض فتكسرت، وقد قدّم أهل الكويت المساعدات الكثيرة للمتضررين.

غزو عام 1290 ه - 1873 م وعام 1295 ه - 1876 م :

تعرضت الكويت عبر تاريخها للعديد من الاعتداءات التي تقوم بها بعض الدول المجاورة أو القبائل التي تقيم على حدود دولة الكويت، كان منها غزو 1290 هـ - ١٨٧٣م وغزو عام 1295 هـ - 1876 م، وكان استعداد أهل الكويت استعداداً كبيراً، مما اضطر الغزاة مغادرة حدود الكويت.

أول عملة وطنية:

في عام 1886 م تم إصدار أول عملة وطنية وهي البيزة.

غزو الجراد (الدَّبا) 1890 م :

تعرّضت الكويت في 24 رمضان الموافق 1890 م لغزو الجراد، فأتلف المزارع وأنن الآبار وتضررّت الكويت، ودعوا الله عز وجل حتى انكشفت هذه

المحنة، وقد وصف شاعر الكويت وقاضيها وعالمها.

الشيخ خالد عبدالله العدساني في قصيدته تلك المحنة، فقال في مطلعها:

الله أكبر كيف القُمّل الَضعُفا

آذى الأنام ومنه الزرع قد تلفا

وباء الأنفلونزا ووباء الجدري 1891 م :

تعرضت الكويت عام 1891 لوباء الأنفلونزا ووباء الجدري .

الإمام عبد الرحمن آل سعود يستقر في الكويت:

في عام 1891 م استقر الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود في الكويت مع أسرته، بعد سيطرة أمير حائل عبد العزيز بن رشيد على مدينة الرياض، واستمروا في الكويت حتى فتح الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الرياض عام 1902 م.

مساعدته للدول والقبائل المجاورة:

قدمت الكويت في عهد الشيخ عبدالله الثاني المساعدات الكثيرة للدول والقبائل المجاورة وللدولة العثمانية (دولة الخلافة الإسلامية في تركيا)، ومن تلك المساعدات:

مساعدة حاكم المحُمَّرة جابر بن مرداو 1871 م و 1878 م:

ساعد الشيخ عبدالله الثاني حاكم المحمرة جابر بن مِرْداو أمير قبيلة بني كعب، حيث جرى قتال بن جابر بن مرداو وقبيلة النصاّر، فاستنجد جابر بالشيخ عبدالله الثاني، فأنجده بإرسال 20 سفينة، ولما انتصر بن مرداو كافئ الشيخ عبدالله الثاني بسبعين كارة من التمر سنوياً كمكافأة له

مساعدة الشيخ محمد الخليفة حاكم البحرين:

التجأ الشيخ محمد الخليفة حاكم البحرين إلى الكويت بسبب خلاف شديد بينه وبين أخيه الشيخ علي الخليفة، وقد استضافه الشيخ عبدالله الثاني وأكرمه، وبذل جهوداً كبيرة من أجل الإصلاح بينهما، وأرسل ابنه الشيخ محمد بن عبدالله الصباح للبحرين للوساطة في إصلاح ذات البين.

وساطة بين الدولة العثمانية ونجد:

توسّط الشيخ عبدالله الثاني بن الدولة العثمانية ونجد عام 1871 م، وقد كرمّته الدولة العثمانية بمنحه الوسام العثماني من الدرجة الرابعة في شعبان 1288 هـ الموافق 23 أكتوبر 1871 م تكريماً له، ولجهوده في الوساطة. 

اضطرابات الأحساء:

حصلت اضطرابات في الأحساء عام 1887، واستنجدت الدولة العثمانية بالشيخ عبدالله الثاني لمساعدته في إخماد تلك الاضطرابات، وساهمت الكويت مع الدولة العثمانية بإخمادها، وقد تم تكريم الشيخ عبدالله الثاني من الدولة العثمانية بعد تلك المساعدات التي قدمها لها، وتم تكريمه بإلباسه خلعه تشريفية في حفل أقامه والي البصرة احتفاء به في 26 محرم 1305 هـ الموافق 8 أكتوبر 1887 م.

مساعدة الدولة العثمانية:

تسلّم الشيخ عبدالله الثاني رسالة من رئيس وزراء تركيا عام 1295 هـ - 1878 م يطلب فيها معونة من أمير الكويت مقدارها أربعة آلاف ليرة عثمانية، وقد مرّت الكويت في ذلك الوقت بأزمات مالية نتيجة العواصف التي أغرقت كثيراً من السفن التجارية، كما أن خزينة الدولة لم يكن فيها ما يكفي حاجات البلاد، لكن رجل الأعمال الكويتي يوسف الإبراهيم تعهّد بجمع الأموال المطلوبة وافتتح الاكتتاب الخيري بألف روبيه، وتوجّه لصديقه التاجر يوسف البدر فقال يوسف البدر له إن أهل الكويت أضرّت بهم العواصف فادفع أنت ألف وأنا أدفع ألفان، ولنذهب إلى الشيخ عبدالله ليدفع الألف المتبقية وتم جمع المال بهذه الطريقة وتم إرسالها لتركيا .

مساعدة الدولة العثمانية لاسترداد الأحساء والقطيف:

طلبت الدولة العثمانية من الشيخ عبدالله الثاني مساعدتها لاسترداد الأحساء والقطيف ممن خرجوا عليها عام 1871 م، فسيرّ الشيخ عبدالله حملة بحرية بقيادته وحملة برية بقيادة أخيه الشيخ مبارك الصباح حتى تم استرداد الأحساء والقطيف تحت حكم الدولة العثمانية، وقد منحته الدولة العثمانية رتبة(اصطبل عامرة) في 15 جمادى الأولى سنة 1288هـ الموافق يوليو  1871م كما تم تكريمه بمنحه الوسام المجيدي في نفس العام  وتم تكريم أخويه أيضاً مبارك ومحمد.

الأعمال الخيرية:

نفّذ العديد من المحسنين في الكويت المشاريع الخيرية، كبناء المساجد وحفر الآبار والتبرع بالأوقاف الخيرية والوصايا والأثلاث الخيرية، وغيرها من المساعدات، سواء داخل الكويت أو خارجها.

التطوع للإمامة والخطابة والتدريس:

تطوع عدد من علماء الكويت وفقهائها بالإمامة والخطابة والأذان والتدريس والوعظ والإرشاد في مساجد الكويت وفي كتاتيبها الأهلية، وفي نَسْخِ الكُتب ونشرها، فقد نسخ الشيخ حمد بن عبدالله بن فارس كتاب (نيل المآرب شرح دليل الطالب) للتغلبي، في الفقه الحنبلي، وذلك في صفر 1281 هـ الموافق 1869 م .

تطوع العلماء في عهده:

عرفت الكويت عدداً من العلماء في زمن الشيخ عبدالله الثاني ، منهم السيد عبدالوهاب عبدالجليل الطبطبائي والشيخ أحمد عبدالجليل الطبطبائي والسيد سليمان علي حسن الرفاعي والشيخ خالد عبدالله العدساني والملا حمد البودي والشيخ محمد عبدالله الفارس والشيخ أحمد القطان والشيخ ياسين الطبطائي وغيرهم ، كما تم طباعة كتاب (نيل المآرب بشرح دليل الطالب) للشيخ عبد القادر الشيباني في المطبعة الخيرية المصرية عام 1871على نفقة الشيخ علي بن محمد آل إبراهيم.

بناء المساجد:

ساهم عدد من أبناء الكويت في بناء المساجد في عهد الشيخ عبدالله الثاني، منهم:

- مسجد المطوع الذي بناه المحسن عبدالعزيز المطوع (القناعي) عام 1870 م وأثنى الشيخ محمد حسن التركيت عليه بقصيدة يمدحه بها قائلاً:

يا داخلاً بيت الكريم مصلياً

حافظ على الصلوات والخيرات

إن الصلاة عمادُ دين محمدٍ

قوّم عماد الدين بالصلوات

إلى أن قال:

بانيه عبدالعزيز جناعي

فادعو له في سائر الأوقات

وقد تبرع عدد من محسنين الكويت بأوقاف خيرية على هذا المسجد للصرف منه على شئونه واحتياجاته.

- مسجد شعيب في جزيرة فيلكا، الذي بناه أهل جزيرة فيلكا الكويتية عام 1873 م ، وتناوبوا في خدمة الإشراف عليه.

- مسجد النبهان، الذي بناه محسن العازمي عام 1874 م، ثم قام عبدالعزيز العتيقي بإعادة بنائه وتوسعته، ويقع في نهاية سوق بن دعيج.

- مسجد سعيد، الذي بناه عباس الهارون عام 1878 م من ثلث ولده، وتم تسميته نسبة إلى الشيخ سعيد إمام المسجد.

التبرع با لأوقاف الخيرية:

تبرع عدد من أبناء الكويت رجالاً ونساء بأوقاف خيرية في عهد الشيخ عبدالله الثاني  منهم:

  • آمنة إبراهيم العبدالجليل وعبدالرحمن
  • أحمد الصانع وفهيده بن خليف ومحمد بن
  • السيد وفاطمة أحمد الحجيلي وأحمد بن السيد
  • وقف عبدالمحسن العويد ١٨٦٩م
  • عبدالجليل وعبدالمحسن حمد العويد ومرزوق بن غريب وحصة حمود الجسار وحصة مبارك النصر الله وسارة بنت سليمان ورقية محمد العدساني ونهيه مرزوق الغريب وعبدالله بن شعبان ومحمد بن راجح وحصّة بنت قطوان ونصرة حمود الجويسري ومحمد دبوس الجلاهمة وهزاع الوقيان
  • وقف محمد بن هزيم ١٨٧٤م
  • وسعيدة بنت جامع وراشد عمر الفضالة وطيبة بنت الشيخ سالم العبد الرزاق وزعفرانة أم خليفة وحمد بن حمد المخانجي ومريم بنت عيسى البناي وعمر سلطان الدرباس وسعد وسعود العتيبي وجوهرة بنت ابراهيم أبومطير وشائعة بنت مزيد وفهد علي السهلي ومبارك بن حمضه وفاطمة بنت نومان الجليف وفرحان الضويحي وساره بنت درعان العنزي وعبدالله ابراهيم البراك وهيا اللطيشة وصالح بن خلف وسعد العازمي وعبدالرزاق سليمان المديرس.

وفاته:

عاش الشيخ عبدالله الثاني من عام 1813 إلى عام 1892، حيث توفى في آخر عام 1309 هـ/ 1892 م عن عمرٍ قارب الثمانين عاما، بعد حياة حافلة بالعطاء والبذل والجود والكرم للكويت وأهلها، وللدول والقبائل المجاورة ولدولة الخلافة العثمانية، وتولى الحكم من بعده أخيه الشيخ محمد بن صباح الثاني.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.

الموقع الإلكتروني:

https://fanarkwt.com/2022/05/31/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D9%85%D8%A2%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-3/