عبد العزيز زاحم العثمان الزاحم
المولد والنشأة
ولد عبد العزيز زاحم العثمان في دولة الكويت عام ۱۳۰۹ هجريا الموافق لعام ۱۸۹۱ ميلاديا في منطقة القبلة في بيت والده زاحم العثمان الزاحم. تنتمي عائلته إلى قبيلة قحطان، ووالدته هي هيا المعجل، وهو أصغر إخوته، وله أخ أكبر غير شقيق هو محمد ، وله ثلاث شقيقات أكبر منه أيضا هن (لطيفة ونورة وحصة)، وكان رحمه الله قريباً جداً من أخيه محمد، حيث تربيا وترعرعا معًا، حتى كونا تجارة مشتركة، ذاع صيتها في البلاد.
أوجه الإحسان في حياته
كان المحسن عبد العزيز الزاحم يوقن أن الإحسان من علامات صدق الإيمان، وأنه باب من أبواب الجنان وسبب من أسباب حب الرحمن، مصداقاً لقوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (۱۳۳) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (آل عمران: ۱۳۳، ١٣٤).
وقد تعددت صور الإحسان وأوجهه في حياته رحمه الله فشملت نواحي شتى منها :
1 - تفريج الكرب، وإنظار المعسر أو إسقاط الدين أو جزء منه
كان المحسن عبد العزيز الزاحم وهو الذي فقه كتاب الله منذ صغره يدرك الثواب العظيم لإسقاط الدين عن المدين أو إمهاله، لقوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةً وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (البقرة: (۲۸۰). ولذا كان لا يتوانى عن إقراض زملائه التجار عند تعرضهم لانتكاسة أو خسارة في تجارتهم، وكان في أغلب الأحيان يتنازل عن الدين أو جزء منه.
2- بناء مسجد عبد العزيز زاحم الزاحم في حولي
ما كان ليغيب عن المحسن الراحل عبد العزيز الزاحم - وهو رجل الخير والبر والصلاة فضل بناء المساجد وإعمارها .. ويكفي في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة لبيضها بني الله له بيتا في الجنة (مسند الإمام أحمد حديث رقم (٧٠٥٦) ؛ لذا باشر رحمه الله بناء مسجد باسمه في حولي قبيل وفاته، ولكن المنية عاجلته عام ۱۹۷۸ قبل إتمامه، واستكمل الأبناء بناءه في القطعة الأولى بمنطقة حولي بالقرب من شارع ابن رشد و شارع موسى بن نصير، وتم إنجازه عام ١٤٠٣هـ. الموافق ۱۹۸۲م، وكان من الأنشطة التي تقام في هذا المسجد : الدروس الدينية، والمسابقات الإسلامية التشجيعية، وتقديم وجبات الإفطار طوال شهر رمضان المبارك.
3- بناء مركز دار القرآن - عبد العزيز الزاحم وسبيكة أحمد الصقر
خير المسلمين وأفضلهم من تعلم القرآن وعلمه فكيف بمن هيأ الفرصة وأتاح المكان، وحقق لكل محب للقرآن ما يتمناه؟ إنه أيضا من أهل القرآن الذين تتحقق فيهم البشرى النبوية، في قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ . اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ ... كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طَيْرِ صَوافٌ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما ، (أخرجه مسلم، رقم ۱۹۱۲).
وبفضل الله تعالى نال المحسن عبد العزيز الزاحم رحمه الله هذا الفضل ببناء دار مباركة لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة حولي في القطعة الأولى على شارع ٢٢ مع شارع بيروت بجوار مخفر النقرة بحولي. وقد افتتح مؤخراً في يناير عام ۲۰۱٦، جعلها الله في صحائف أعماله يوم القيامة، وفي هذا خروج نوعي عن الصورة التقليدية في التبرع وهي بناء المساجد، بل تجاوز ذلك إلى دور تحفيظ القرآن الكريم باعتبارها الأقل وجوداً حالياً في البلاد مقارنة بالمساجد الموجودة في جميع الأحياء، فضلاً عن المناطق بحمد الله وتوفيقه.
4- الاهتمام بالمدارس
كان المحسن عبد العزيز الزاحم - رحمه الله - مهتمًا كما أشرنا آنفا - بالتعليم مدركًا دوره في نهضة الشعوب والأمم والدول.. ولذا كان من التجار الذين ساهموا في الأربعينيات من القرن الماضي في تزويد المدارس بالأدوات والكتب والمستلزمات الدراسية، وكان يشجع بناته على اصطحاب مدرسات المنطقة للترفيه عنهن يوما وليلة من كل أسبوع في بيت العائلة الثاني، في منطقة الراس (السالمية حالياً).
5- إنشاء مبرة عبد العزيز الزاحم وسبيكة أحمد الصقر الخيرية
استجابة لرغبته - رحمه الله - في الاستزادة من عمل الخير طلبا للسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة لقوله تعالى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (الحج: (۷۷) فقد قرر أبناؤه إنشاء مبرة تحمل اسم عبد العزيز الزاحم وسبيكة أحمد الصقر».
وقد تم إنشاؤها عام ۲۰۰۹م، ومن أهدافها : مساعدة الأسر المتعففة والطلبة المحتاجين والمرضى، وغيرها من الأنشطة الخيرية المختلفة، ومن هذه الأنشطة تخصيص مكان متميز قرب شارع بيروت وسط منطقة حولي لإقامة دار لتحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية، ولم تستمر هذه المبرة طويلاً حيث تم إلغاؤها عام ۲۰۱۵ ، ولكن مسيرة العمل الخيري التي بدأها استمرت من قبل أبنائه وأحفاده.
6- دعم بعض الشعوب والدول العربية والإسلامية
لم تقتصر أوجه الإحسان في حياة المحسن عبد العزيز الزاحم - رحمه الله تعالى - على الداخل الكويتي فقط بل تجاوزته إلى نجدة ومساعدة العديد من الشعوب والدول العربية والإسلامية، والوقوف معها في أزماتها مطبقا بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطْفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالشَّهْرِ والحمى» (مسند الإمام أحمد).
ويمكن بيان بعض ما قدمه للشعوب العربية والإسلامية ومن بعده أبناؤه طبقا لسجلات اللجنة الشعبية لجمع التبرعات (تأسست عام ١٩٥٠م) في الجدول التالي:
وصيته لأبنائه باستكمال مسيرته الخيرية
كان المحسن عبد العزيز الزاحم - رحمه الله - حريصًا على أن يستمر نهر الخير بعد وفاته، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له رواه مسلم في صحيحه لذا أوصى بثلث ماله وقفا للعمل الخيري - وكان مبلغا كبيرًا على يد اثنين من كبار أبنائه، إلا أنه بعد فترة وقبيل وفاته ألغى وصية الثلث، وأوصاهم على الاستمرار في عمل الخير بمختلف الأوجه، وقد امتثل الأبناء جميعا لوصية والدهم. ومن أبرز الخطوات التي اتخذها أبناؤه من بعده الآتي:
1- إيقاف بيت الوالد، وجعله وقفا لجميع أفراد العائلة يحمل اسم والدهم مع الديوان.
2- استكمال بناء المسجد في حولي الذي يحمل اسمه (انتهى العمل منه في عام ١٩٨٢).
3- إنشاء مبرة برأس مال قدره ۵۰۰۰۰ د.ك ( خمسون ألف دينار) عام ٢٠٠٩م بعد سنوات عديدة مع الجهات الحكومية المختلفة.
4- شراء عمارة كبيرة تم وقف ريعها للصرف على أنشطة المبرة الخيرية المختلفة.
5- الاتفاق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والبلدية على تخصيص موقع قرب المسجد في حولي يطل على شارع بيروت لبناء دار لتحفيظ القرآن الكريم، ونشر الوعي الديني.
6- كان للعائلة دور مهم في دعم العمل الخيري وكذلك المجهود الحربي الكويتي عام ١٩٩٤م بمبلغ إجمالي قدره ۷۵۰۰۰ د.ك (خمسة وسبعون ألف دينار كويتي).
دوره الوطني
كان المحسن عبد العزيز الزاحم - رحمه الله - لا يتوانى عن تلبية النداء الوطني، والتجاوب مع أي منتدى يدعى إليه، وكان من أوائل الذين يحرصون على حضور المناسبات الرسمية للدولة، وهذا ينبع من حبه لوطنه وولاته وانتمائه له.
بدأ الدور الوطني للمحسن عبد العزيز الزاحم مبكرا في الربع الأول من القرن الماضي، حيث تبرع عامي ١٩٢٤ و ۱۹۲٥م بمبلغ كبير لتنفيذ مشروع البلط البحري (النقعة) وهي نواة ميناء الشويخ الحالي.
وكذلك كان له دوره الوطني المتميز في إقامة العشاء الكبير كما أشرنا آنفا - على شرف ملك المملكة العربية السعودية الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ضيف دولة الكويت في منتصف الأربعينيات في عهد الشيخ أحمد الجابر، رحمة الله عليهم جميعا .
وفاته
وبعد هذه المسيرة الحافلة العطرة من العطاء المتميز في مجالات شتى وفي السابعة والثمانين من عمره توفي المحسن عبد العزيز الزاحم في الرابع من ذي القعدة عام ۱۳۹۸هـ الموافق للخامس من أكتوبر عام ١٩٧٨م في دولة الكويت، رحمه الله رحمة واسعة وأجزل مثوبته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
سلسلة مُحسنون من بلدي. إصدار بيت الزكاة - الكويت، الجزء الحادي عشر، 2016م
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%2011.pdf