عبدالله فريح عثمان الفدّا

من ويكي خير
عبدالله فريح عثمان الفدّا
عبدالله فريح عثمان الفدّا

المولد والنشأة:

ولد المحسن عبد الله فريح عثمان الفدا عام 1297هـ الموافق لعام 1879م في قرية الجنوبية بمنطقة السدير في إقليم نجد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وهو أكبر إخوته سناً، ولما توفى والده تحمل مسؤولية الأسرة.

صفاته وأخلاقه

اتسم المحسن عبد الله الفدّا بالعديد من الخصال الحميدة والأخلاق الحسنة التي اكتسبها من خلال قراءته للقراَن الكريم أولاً، ثم من خلال الأسرة والبيئة الصالحة التي نشأ وتربى فيها، فكان خلقه الحسن أحد أوجه الخير والإحسان لديه، وهو من موجبات الجنة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ، قَالَ: التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَسُئِلَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّارَ قَالَ الأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ " رواه ابن ماجه.

ويأتي على رأس هذه الصفات التي حرص – رحمه الله - على التحلي بها لإرضاء ربه، التمسك بصلاة الجماعة وحبه للسعي إلى المساجد, دون أن تلهيه أعماله وأولاده وتجارته عن أداء حقوق ربه عليه وأولها الصلاة، مستجيبا ًلقوله تعالى:

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)". سورة المنافقون.

أوجه الإحسان في حياته

الإحسان سمة من سمات المؤمنين الصادقين, ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه, والله غني عن العالمين، قال تعالى في كتابه العزيز:

"هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)" سورة محمد.

ولذلك فقد تعددت أوجه الإحسان في حياة المرحوم عبدالله الفريح - رحمه الله - ومنها:

وصيته

تعددت صور صلة الرحم لدى المحسن عبدالله الفريح – رحمه الله – فقد كان حريصاً على صلة رحمه والبر بأهله في حياته وبعد مماته, ولذلك فقد أوصى - رحمه الله - قبيل مماته بجزء من ماله لأقاربه وذوى رحمه, راغباً في ثواب الله تعالى وعطائه الذي وعد به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه أحمد في المسند.

كما أوصى بألف روبية لأخيه إبراهيم, ولأخته بمائتي روبية, ولبناتها المتزوجات بمائتين, ولغير المتزوجات ستمائة روبية.

أما أخوه عثمان الذي توفي قبله، فقد أوصى عبدالله الفريح – رحمه الله - بأضحيتين كل سنة, واحدة له ولأخيه عثمان والثانية لأبيه.

ثلثه الخيري:

وقد ترك المحسن عبدالله الفدا – رحمه الله – ثلثاً خيرياً، وأوصى به ابنه فريح لينفق منه في كل ما يعود عليه – رحمه الله - بالأجر والثواب، وقد بارك الله تعالى في هذا الثلث وتحقق من خلاله عدد من المشروعات الخيرية، تم تنفيذها بواسطة الهيئات والجمعيات الخيرية العاملة في دولة الكويت، وقد تنوعت هذه الأنشطة الخيرية وشملت وطنه الكويت وعدد من الدول الإفريقية والأسيوية، نسأل الله تعالى أن يجعلها صدقة جارية له، مصداقاً لما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلا مِنْ ثلاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ"رواه الترمذي.

بناء المساجد

أيقن ورثة المرحوم عبد الله الفريح والقائمون على وصيته أهمية إعمار بيوت الله تعالى وعظم قدرها في الإسلام، وكذلك عظم الأجر والثواب الذي سيعود على الواقف وهو والدهم عبدالله الفريح – رحمه الله – من أجر بناء المساجد التي قال الله تعالى فيها:

"فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36)" سورة النور.

ولهذا قاموا - بفضل الله تعالى - ببناء عدد من المساجد والمراكز الإسلامية بناءً على وصيته – رحمه الله – وقد أشرف على هذه الأعمال المباركة ابنه فريح (الوصي على الثلث)، جعل الله تعالى له من أجرها نصيباً موفوراً، ومن هذه الأعمال ما يلي:

مسجد عبدالله الفريح الفدا بالنقرة

وقد تأسس هذا المسجد المبارك في منطقة النقرة بمحافظة على شارع شرحييل المعروف بكثافته العمرانية وكثرة أسواقه، وقد تم بناءه في يوم 20 محرم عام 1403هـ الموافق للسادس من نوفمبر عام 1982م، وهو مسجد جامع يشغل مساحة كبيرة من الأرض أشرف على بناءه وتجهيزه ابنه فريح.

مستوصف عبدالله الفريح بالفلبين:

وقد تأسس هذا الموستصف لخدمة المسلمين في الفلبين أيضاً بجوار المسجد في جامعة مسلم مندناو، وقد نفذه أيضاً مركز الشباب المسلم بالفلبين بالتنسيق مع بيت الزكاة الكويتي، من ثلث المرحوم المحسن عبدالله فريح الفدا.

مركز إسلامي بملاوي:

كما قام فريح ببناء مركز إسلامي في مالاوي نفذته لجنة مسلمي إفريقيا، بتكلفة قدرها 200 ألف دينار كويتي، أنفقها المحسن الكريم عبدالله الفدا في سبيل الله تعالى بكل سخاء ودون تردد؛ لعلمه بأنه سينال أجرها أضعافاً مضاعفة عند الله تعالى القائل في كتابه العزيز:

"مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)" سورة البقرة.

وقد أشرف الدكتور عبد الرحمن السميط أمين عام لجنة مسلمي إفريقيا على تنفيذ هذا المركز الذي لا يزال قائماً شاهداً على مواقف أهل الكويت الأبرار وإحسانهم وامتداد عطائهم إلى مناطق شتى من أنحاء العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.

ويزاول المركز نشاطه منذ افتتاحه في عام 1999م، في خدمة المسلمين هناك ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام، كما يحتوي المركز على مشاريع كبيرة ذات أهمية خاصة، ويعتبر كل مشروع منها عملاً خيرياً بذاته، وهي:

- مسجد.

- مركز تدريب مهني.

- مدرسة.

- سكن مدرسين.

- سكن طلاب.

- مختبرات علمية.

وزيادة في الخير وحرصاً على تقديم أكبر الفائدة للطلبة والمدرسين المقيمين في هذا المركز فقد تم إنشاء حظيرة صغيرة تضم أبقاراً حلابة تكفي بفضل الله تعالى لسد حاجة هؤلاء من الحليب ومنتجاته.

بئر ارتوازي في السودان

كانت الآبار - ولا تزال - تشكل المصدر الرئيس للشرب في كثير من المناطق لندرة الأمطار من ناحية, وقلة الجداول والأنهار ومصادر الشرب الطبيعية من ناحية أخرى، ولذا طلب فريح حفر بئر ارتوازي في السودان, وقد تأسس هذا البئر في عام 1989م في إحدى المناطق التي تحتاج بشدة للماء، وهي منطقة الدروشاب.

وهذا البئر يتكون من مضخة رئيسة وخزان للمياه، وهو لا يزال موجوداً شاهداً على بر هذا الرجل وإحسانه وجوده وكرمه، نسأل الله تعالى أن يجعله صدقة جارية له ولمن ساهم في بنائه، فسقي الماء من أفضل الصدقات، مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ" رواه ابن ماجة في سننه.

وقف عقاري بجنوب إفريقيا:

وقد نفذت هذا المشروع أيضاً لجنة مسلمي إفريقيا، حيث تم بناءه في مدينة جوهانسبرج بدولة جنوب إفريقيا، على نفقة المحسن الكريم عبدالله فريح الفدا – رحمه الله – وهذا التبرع الكريم جاء من ثلثه الخيري على يد ابنه فريح، وبلغ إجمالي تكاليف بناء وتجهيز هذا العقار 44 ألف دينار كويتي، جعلها الله تعالى في ميزان حسناته.

ولهذا العقار أهداف سامية - وفق ماذكره لنا ابنه فريح عبدالله الفدا - حيث ينق ريعه على كفالة ورعاية الأيتام المقيمين في مركز عبدالله الفدا الإسلامي في ملاوي الذي سبق وأشرنا إليه آنفاً، وذلك رغبة منه في نيل رضى الله تعالى، وعملاً بقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ أَوْ يَتِيمَةٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلا لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ" رواه أحمد في المسند.

وفاته

بعد عمر مديد ناهز الاثنين والسبعين عاماً, قدم فيه الكثير من أعمال الخير والبر، ولم ينتهي هذا الخير بعد وفاته ولكن شاء الله تعالى أن يجعل في ذريته خير خلف لخير سلف وأن يكون ثلثه الخيري الذي تركه شجرة مباركة تؤتي ثمارها في كافة أوجه الخير كل حين.

وقد توفي رحمه الله تعالى بالمستشفى الأميري في مدينة الكويت عام 1371هـ الموافق لعام 1951م، بعد معاناة وصراع مع المرض.

الكلمات الدالة

عبد الله فريح عثمان الفدا - مُحسنون من الكويت - الوقف الخيري - الأثلاث الخيرية - سُقي الماء - بناء المساجد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة  للمحسنين الكويتيين)، ج5، 2003.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%205.pdf