عبدالله بن صباح بن جابر (حاكم الكويت الثاني)

مولده:
ولد الشيخ عبد الله بن صباح في عام 1125 هـ - 1713 م.
توليه الحكم:
تولى الشيخ عبد الله الأول بعد وفاة والده الشيخ صباح الأول في عام 1762، وهو أصغر أولاده، فقد كان لصباح الأول خمسة أولاد.
أولاده:
كان للشيخ عبدالله الأول ابن واحد وهو الشيخ جابر الأول والذي تولى الحكم من بعده عام 1814 م.
صفاته و أخلاقه:
كان عبدالله الأول أحسن إخوانه سيرة ونباهة، ومن المتفق عليه أنه كان رجلاً حازماً قريباً من الحق، محباً للعدالة، حسن السياسة، ولا يبت في أمر مهم إلا بعد مشاورة جماعته، ولا يخالفهم فيما يرونه صواباً وكان عاقلاً ذكياً شجاعاً كريماً، له نوادر تدل على ذكائه المفرط وإدراكه القوي، وقد تمرس في هذه الصفات منذ صغره، فقد كان يعتمد عليه والده الشيخ صباح الأول في أيام حكمه في كثير من المهمات . عاش الشيخ عبدالله الأول ما يقارب من مائة عام، وحكم الكويت من عام 1762 حتى عام 1814 م، فيما يزيد عن خمسين عاماً.
أهم الأحداث في عهده:
هجرة آل الخليفة إلى للبحرين:
هاجرت عائلة آل الخليفة من الكويت إلى البحرين في الفترة بين 1762 - 1766 م.
معركة الرقة عام 1783 م:
حاولت قبيلة بني كعب المستقرة في عربستان في البر الشرقي للخليج العربي ويسمى) الدورق (الهجوم على الكويت من ناحية البحر، طمعاً في الاستيلاء عليها، فخرج لهم أبناء الكويت بسفنهم قرب جزيرة فيلكا، واستطاع أبناء الكويت الانتصار عليهم رغم قلة عددهم وعتادهم، وغنموا منهم السلاح والذخيرة والمدافع.
انتقال الوكالة البريطانية للكويت:
انتقلت الوكالة البريطانية) شركة الهند الشرقية البريطانية من عام 1793 - 1795 من البصرة إلى الكويت بسبب احتلال الفرس للبصرة.
اعتداءات قبائل الجوار على الكويت:
في عهده تعرضت الكويت للعديد من الاعتداءات من القبائل المجاورة منها، غزو إبراهيم بن عفيصان عام) 1208 ه - 1793 م(، وغزو مناع أبورجلين عام 1211 هـ - 1796 م .
حج أهل الكويت عام ١٧٨٩ م:
وفي عام 1218 هـ - 1789 م(خرج عدد من حجاج الكويت للحج لكنهم عادوا ولم يحجوا، ولعل عدم استتاب الأمن قد يكون سبباً في عودتهم، حيث طلب منهم الإمام سعود بن عبدالعزيز العودة للكويت ، لكنهم في عام 1800 ذهبوا للحج، فقد كان لعدد من أبناء الكويت حملات حج ذلك التاريخ، منهم الحاج فهد بن راشد الدويلة الذي أسس حملة حج عام 1800 م
بناء السور الثاني عام ١٧٩٨ م:
اضطر الشيخ عبدالله الثاني لبناء السور الثاني للكويت عام ١٧٩٨م وكان طوله 2300 م، وله ثماني بوابات، وتم تجديده عام 1812 م، واستمر حتى عام 1874 م.
انتشار مرض الطاعون بجزيرة فيلكا:
في عهد الشيخ عبدالله الأول أصاب جزيرة فيلكا الكويتية الطاعون عام 1773 م وقد عُرفت فيلكا بسكانها وعلماءها ومساجدها منذ زمن بعيد، ففيها الشيخ عثمان بن سند المولود في جزيرة فيلكا عام 1766 والمتوفي عام 1826 م، والذي ألّف العديد من الكتب، من أشهرها كتاب سبائك العسجد » ، وفيها الشيخ عثمان بن علي بن محمد بن سري الجناعي الذي نسخ كتاب التيسير على مذهب الإمام الشافعي نظم العمريطي عام 1801 م، وقد بنى أهل جزيرة فيلكا مسجد الشافعي في حوالي عام 1773 م .
رحالة تحدثوا عن كرم وطيبة الكويتيين:
زار الكويت العديد من الزوار والرحالة في عهد الشيخ عبدالله الأول وتحدثوا عن المجتمع الكويتي وصفاته.
الرحالة الدنماركي كار ستن نيبور ١٧٦٥ م:
بعد ثلاثة سنوات من حكم الشيخ عبدالله الأول تحدث عن الكويت الرحالة الدنماركي كارسن نيبور عام 1765 م، وقال بأن عدد سكان الكويت حوالي عشرة آلاف نسمة ، ورسم خريطة الخليج العربي والتي ظهر فيها اسم الكويت مقروناً بالقرين.
السفينة ا لإنجليزية « إيغل ١٧٧٠ » م:
زارت السفينة الإنجليزية « إيغل » الكويت عام 1770 م لدراسة صلاحية ميناء الكويت لرسو السفن الأوروبية فيه الشيخ عبدالرحمن السويدي ١٧٧٠ م.
زار الكويت الشيخ عبد الرحمن السويدي من بغداد، بعدما وقع الطاعون فيها عام 1770 م وتحدث عن أهلها بوصف دقيق، وذكر مآثرهم وقال: «دخلت الكويت وأكرمني أهلها إكراماً عظيماً، وهم أهل صلاح وعفّة وديانة، وفيها أربعة عشر جامعاً ومسجدان، والكل في أوقات الصلوات الخمس تملأ من المصلين، وأقمت فيها شهراً لم أسأل عن بيع أو شراء ثم مدح نساء الكويت فقال وكذلك نساؤها ذوات ديانة في الغاية، ثم ذكر تبرع أهل الكويت له بمركب لنقله إلى البصرة مكرماً معززاً ».
وزار السيد هارفارد جونز مساعد مدير الشركة الهندسية في البصرة الكويت عام 1770 بعد مرض ألمّ به للاستجمام في الكويت المراقب البحري الإنجليزي ١٧٧٣م.
كما زار الكويت المراقب البحري الإنجليزي عام 1773 م وتحدث عن حاكم الكويت الذي لا يتقاضى جمارك سوى 2% على الواردات، ويصف أهل الكويت فقال «بأن لهم وجوهاً طيبة ممزوجة بالدهاء.
مسؤول الوكالة البريطانية بريد جز" ١٧٩٣ م:
زار الكويت في عام 1793 بريد جز المسئول الثاني عن الوكالة البريطانية التجارية في البصرة فقال:
« إن أهل الكويت وحدهم هم الذين دافعوا عن بلدهم بشجاعتهم والتفاتهم وثقتهم الكاملة في قيادة شيخهم عبد الله بن صباح، وهو رجل مهيب، كبير السن، ذو طلعة قيادية توحي بالقوة، وينظر إليه أهل الكويت كوالد، أكثر من نظرتهم إليه كحاكم ».
تأسيس مقهى « بونا شي ١٧٨٠ » م:
تأسس مقهى بوناشي كأول مقهى في الكويت عام 1780 م ويعتبر المقهى مكاناً يلتقي فيه حاكم الكويت مع رجالاتها وأهلها، يتشاورون ويتبادلون الأخبار والأحداث.
استقلال القضاء في عهده:
عنّ الشيخ عبدالله الأول الشيخ علي الشارخ قاضياً في الكويت، وامتنع الشيخ علي عن القضاء وقال: هذا منصب خطير أهم شروطه الحدود، وأخشى أن تمنعني إذا حكمت على الوجهاء، فقال الشيخ عبدالله بن صباح: سأُطلق يدك ولو على نفسي في القيام بالواجب، فوافق الشيخ علي الشارخ أن يعمل قاضياً بشرط أن يتفرغ شهرين في السنة للعمل في التجارة لطلب الرزق.
بناء المساجد:
حرص أهل الكويت على بناء المساجد منذ القِدم، وقد ذكر الشيخ عبدالرحمن السويدي عام 1770 م، بأن في الكويت أربعة عشر جامعاً ومسجدان، فمن المساجد التي بنيت في عهد الشيخ عبدالله الأول، والتي أوردها الباحث عدنان الرومي في كتابه مساجد الكويت القديمة:
مسجد النصف:
يقع في حي النصف، قيل بناه أحد أفراد عائلة البطي وقيل أحد أفراد عائلة الجلاهمة عام 1776 م ، وللمسجد أوقاف خيرية تدر عائداً عليه.
مسجد الحداد:
وموقعه مقابل مسجد الدولة الكبير من جهة الغرب، تم بناؤه عام 1776 م. مسجد العبدالجليل: بناه القاضي أحمد العبدالجليل في منطقة القبلة عام 1779 م.
مسجد مبارك:
تم بناؤه عام 1782 وتم هدمه، وموقعه حالياً في موقع مسجد الدولة الكبير.
مسجد ياسين القناعي:
بناه الحاج ياسين القناعي عام 1784 م وكان له آبار تم حفرها في بر كاظمة كانت تسمى آبار ياسين، وكان ينصب الحظور لصيد السمك في ساحل البر الجنوبي مقابل كاظمة.
مسجد عبدالله بن علوان:
تم بناؤه عام 1788 م.
مسجد السوق:
بناه محمد بن حسن بن رزق الأسعد عام 1794 م وتم تجديده عام 1839 على يد يوسف الصقر جد عائلة الصقر وساهمت بنت ديلم من مدينة الزبير في تجديده.
مسجد عبدالرزاق:
أسسه سالم عبدالرزاق في حي عبدالرزاق عام 1797 م.
مسجد حنيف النومان:
ساهم عدد من أهل الخير في الكويت ببناء هذا المسجد عام 1807 م، وتم تسميته بهذا الاسم لأن مؤذنه اسمه حنيف.
مسجد بن سلامة:
أسسه سلامة بن سلامة في فريج الخشتي في منطقة القبلة عام 1810 م.
مسجد المديرس:
بناه عبدالله بن محمد المديرس عام ١٨١٠م، وقيل تم تشييده بناء على توصية القاضي الشيخ علي الشارخ.
مسجد الشرهان:
بناه عبدالله محمد المرزوق البدر عام 1813 م عندما انتقل إلى منزله الجديد.
أداء فريضة الزكاة:
عُرف عن أبناء الكويت حرصهم على إخراج الزكاة التي هي فريضة إسلامية، والركن الثالث من أركان الإسلام، وقد كان أهل الكويت يقدمون زكاتهم للأسر المتعففة داخل الكويت، كما كانوا يقدمون زكواتهم خارج الكويت، وقد حرص أهل الكويت على إخراج أموالهم وزكاة الثروة الحيوانية والثروة الزراعية، فقد كانت جزيرة فيلكا مزروعة بالحنطة والنخيل، وأيضاً قرية الجهراء مزروعة بالنخيل والخضراوات، وكان أبناؤها يخرجون زكاة زروعهم، كما كانوا يخرجون زكاة ثروتهم الحيوانية من إبلهم وغنمهم.
التبرع بالأوقاف الخيرية:
كما تبرع عدد من أبناء الكويت في عهد الشيخ عبدالله الأول، بعدد من الأوقاف الخيرية ليتم صرف ريعها على المساجد والإطعام والأضاحي وولائم الإفطار في رمضان وعلى الفقراء والمساكين.
التبرع بالأثلاث والوصايا الخيرية:
حرص أبناء الكويت على مدى تاريخها بالتبرع بالأثاث والوصايا الخيرية التي يُصرف رَيْعها على أعمال البر والمعروف المتنوعة.
تطوع علماء الكويت:
تطوع علماء الكويت عبر تاريخها للتعليم وتأسيس الكتاتيب الأهلية، وعمارة المساجد بالخطابة والإمامة والوعظ والإرشاد.
وفاته:
تُوفي الشيخ عبدالله الأول رحمه الله في يوم الخميس 14 جمادى الأولى 1229 هـ، الموافق عام 1813 م ، بعد أعمال خيرية كثيرة كانت في عهده، وحكم من بعده ابنه الوحيد الشيخ جابر الأول من عام 1814 إلى عام 1859 م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.
الموقع الإلكتروني: