عبدالله السالم (حاكم الكويت الحادي عشر)

مولده:
ولد الشيخ عبدالله السالم الصباح في عام 1895م، وهو الابن الأكبر لحاكم الكويت التاسع الشيخ سالم المبارك، الذي حكم الكويت 1917 -1921م، ووالدته الشيخة مريم بنت جراح الصباح.
توليه الحكم:
تولى الشيخ عبدالله السالم الحكم في الكويت بعد وفاة عمه الشيخ أحمد الجابر عام 1950 م، حيث كان ولياً للعهد أثناء حياته، وكان الشيخ عبدالله السالم عادلاً حازماً متشدداً في قول الحق، وكان يقول: شعاري في الحكم (العدل أساس الملك)، وكان يردد ذلك في مجالسه.
أولاده:
تزوج الشيخ عبدالله السالم من الشيخة مريم ابنة عمه الشيخ جابر المبارك الصباح، والشيخة نسيمة حمد المبارك الصباح، وله من الأبناء سعد وخالد وعلي وحصة ولولوة.
صفاته:
كان الشيخ عبدالله السالم حليماً عاقلاً سخياً كريماً بسيطاً، متواضعاً في حياته لا يحب التفاخر، وشاعراً محباً لأدب والشعر والعلم والعلماء، مدافعاً عن شعبه، مخلصاً ومتفانياً في تطوير باده، وداعماً للدول العربية ومناصراً لها. وقد تحدث عن صفاته الكثير من علماء وأدباء الكويت، وزائري الكويت ممن تعرفّوا عليه وجلسوا معه وعايشوه. عاش الشيخ عبدالله السالم في كنف والده حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك، وتعلّم منه الأدب والسياسة والشجاعة والكرم وحسن الضيافة.
حبه لأهل الكويت:
لقد كان الشيخ عبدالله السالم رحمه الله محباً لأهل الكويت، يبذل كل ما في استطاعته لخدمتهم، وقد كان محبوباً لدى الناس حكاماً ومحكومين، وقد زاره الشيخ أحمد المبارك المطوع قاضي وعالم منطقة الفحيحيل، يعوده في مرضه قبل وفاته، فقال الشيخ: عبدالله السالم، أدخلوه فلما قابله ودعا له بالشفاء والرحمة، قال له يا شيخ أحمد والله إنني لا أنام ليلة إلا وأنا أفكر ماذا أفعل بشعب الكويت ليكون سعيداً، فهل الله يغفر لي، فقال له الشيخ أحمد، أعمالك تشهد لك ترضي ربك إن شاء الله، فسر الشيخ عبدالله السالم، وانفرجت أساريره.
المناصب التي تقلدها:
حينما تولى الشيخ أحمد الجابر الحكم عام 1921، كلفّه بكثير من المهام والمسئوليات، وقد ترأس الشيخ عبدالله السالم الكثير من المؤسسات منها:
- الصندوق الكويتي للتنمية.
- المجلس التشريعي عام 1938م.
- دائرة الأيتام عام 1939م.
- دائرة الصحة عام 1940م.
- بلدية الكويت من عام 1940 إلى عام 1950م.
- وكان ولياً للعهد في أثناء حكم الشيخ أحمد الجابر، وأصبح أميراً لدولة الكويت بعد وفاة الشيخ أحمد الجابر في يوم الأحد الموافق 29 يناير 1950م.
تطور مؤسسات الدولة في عهده:
شهدت الكويت تطوراً كبيراً في إدارة البلاد أثناء حكمه، من خلال العديد من الأعمال والقرارات واللجان التي أسسها، ومنها:
المجلس الأعلى:
أسس مجلساً أعلى من ثمانية أعضاء من أبناء الأسرة الحاكمة، يتولى توجيه سير الأعمال العليا في الباد، ويقر القوانين، ويوافق على الميزانية، ويقدم المقترحات للأمير.
اللجنة التنظيمية:
أسس لجنة تنظيمية تتكون من عشرة أعضاء، تتحمل مسئولية تطوير الجهاز الإداري، وتقدم مقترحاتها للمجلس الأعلى.
الدوائر الحكومية:
استمر الشيخ عبدالله السالم في استحداث دوائر حكومية تدير مصالح البلاد، فقد بلغ عدد الدوائر الحكومية في عهده 21 دائرة حكومية، ولكل دائرة رئيس ومدير ووكيل.
مجلس الإنشاء:
يقوم المجلس بوضع الخطط لجميع الإنشاءات في الكويت، ويضع لها الخطط المستقبلية.
القضاء:
وقد نظّم الشيخ عبدالله السالم القضاء وأقام المحاكم، وعينّ القضاة، وعمل على تنظيم القضاة عام 1960 م.
البنوك والمؤسسات:
تأسس العديد من البنوك في عهد الشيخ عبدالله السالم، كما تأسست مجموعة من المؤسسات الوطنية الحكومية، مثل مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية في عام 1954 م.
استقلال الكويت عن بريطانيا:
ومن أهم الأحداث في عهد الشيخ عبدالله السالم استقلال دولة الكويت في 19 يونيو 1961 م، حيث كانت الكويت قد وقعت معاهدة حماية مع بريطانيا في عام 1899 م، وقد تلقت الكويت التهاني والتبريكات من دول العالم والشعوب الصديقة المحبة للكويت عند حصولها على الاستقلال.
التحول إلى الحياة الديمقراطية وصياغة الدستور:
وبعد الاستقلال بشهرين، وتحديداً في 26 أغسطس 1961 صدر المرسوم الأميري بالدعوة إلى إجراء انتخابات للمجلس التأسيسي، وأُجريت الانتخابات في 30 ديسمبر عام 1961 م. وتم صياغة دستور البلاد من خلال المجلس التأسيسي.
تحويل الدوائر الحكومية إلى وزارات:
عقب إجراء انتخابات المجلس التأسيسي، شهد عهد الشيخ عبدالله السالم تشكيل وزارات الدولة في يناير 1962 لأول مرة، والتي ضمّت 14 وزارة، بعد أن كانت دوائر قبل الاستقلال.
مجلس الأمة:
شهد عهد الشيخ عبدالله السالم اختيار أول مجلس أمة للبلاد في 23 يناير 1963 م، وأصبح للكويت برلماناً متميزاً، تُفاخر به على مستوى العالم.
انضمام الكويت للمنظمات الدولية:
بعد استقلال الكويت، انضمت للعديد من المنظمات الإقليمية والعالمية، فقد انضمت لجامعة الدول العربية في 4 يوليو 1961، وللأمم المتحدة في 14 مايو 1963 وساهمت الكويت في تأسيس صناديق ومؤسسات لدعم الدول ومساعدتها، وخاصة بعد الوفرة المالية التي لحقت ظهور النفط في دولة الكويت، فقد تم تأسيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961 م.
أعماله الخيرية وا لإنسانية:
كان الشيخ عبدالله السالم رحمه الله محباً لشعبه، متفانياً في خدمته ، يسعى لقضاء حوائج الناس ، وكان يقول: لو احتاج أحد من أفراد شعبي إلى عباءتي لخلعتها مِنْ على ظهري وسلمتها له ،ومن الأعمال الخيرية التي عملها أثناء حياته:
بناء المساجد:
بنى الشيخ عبد الله السالم عدداً من المساجد خارج دولة الكويت، منها:
مسجد الكويتيين:
بنى الشيخ عبد الله السالم في منى بمكة المكرمة مسجداً وقد سُمي بمسجد الكويتيين، ولا يزال هذا المسجد قائماً، يصلي فيه الناس أثناء موسم الحج.
مسجد الزبير:
طلب أهل الزبير في العراق من الشيخ عبد الله السالم بناء مسجد لهم، فبنى لهم المسجد، ولا يزال هذا المسجد قائماً إلى يومنا هذا.
تأسيس دائرة الشئون الاجتماعية ومؤسسات الرعاية الخاصة:
تأكيداً لحرص الشيخ عبدالله السالم على تقديم مقر المدرسة العربية الكويتية في الهند
العون والمساعدة لأبناء بلده:
فقد حرص على تأسيس دائرة الشؤون الاجتماعية في عام 1954، لتقديم مساعداتها لشرائح المجتمع، كالأيتام والأرامل والعجزة وكبار السن.
رعايته للأيتام:
وقد كانت له من قبل صولات وجولات في خدمة الأيتام، وذلك عندما ترأس دائرة الأيتام في عهد الشيخ أحمد الجابر منذ عام 1939 م، فقد حرص على تطويرها وزيادة موظفيها وتقديم أحسن الخدمات للأيتام. وجعل مصاريف الموظفين في الدائرة، من ميزانية الدولة، حفاظاً على أموال الأيتام، كما أعفى الأيتام من رسوم المحاكم، فكان أباً لهؤلاء الأيتام الذين كان يرعاهم في دائرة الأيتام، والذين كان عددهم مائة يتيم في بداية عمله حتى بلغوا مع مرور السنوات 6200 يتيم في عام 1965 .
وزاد اتساع المشمولين بالرعاية والمساعدة بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد، فنشأت مؤسسة الطفولة، ومؤسسة ضعاف العقول ومؤسسة رعاية المسنين ومؤسسة التربية للشباب ومعهد النور للمكفوفين .
دعمه للدول العربية والإسلامية ومؤسساتها الإنسانية:
لم يكن اهتمام الشيخ عبدالله السالم في مساعدة المحتاجين داخل الكويت فقط، بل امتدت لتشمل دول العالم العربي والإسلامي، حيث كانت له مساهمات سنوية مقدارها 18000 روبية يقدمها إلى لجنة الغوث الفلسطينية، وكان يقول:
"في سبيل فلسطين لا نبخل بأي غال أو نفيس، فهي مهد الحضارات وأرض المقدسات ومواطن العروبة والإسلام ".
واستمر أبناء الكويت في دعم قضية فلسطين، والتي بدأوها في مطلع القرن العشرين، وقد شكل أبناء الكويت عام 1952 م لجنة شباب الكويت بعد صدور قرار بتقسيم فلسطين، وأرسلوا برقيات للدول وجمعوا التبرعات.
وحينما زارته جمعية الإرشاد الإسلامية الكويتية لإذن لهم بالتبرع لفلسطين عام 1957 قال لهم بأنه يتبرع سنوياً لغوث فلسطين، وتبرع لجمعية الإرشاد بمبلغ 10.000 روبية افتتاحاً لحملة جمع التبرعات التي نفذتها الجمعية كما برزت الكويت حكومة وشعباً في الخمسينات من القرن العشرين في عهد الشيخ عبدالله السالم في تقديم المساعدات للدول والشعوب المتضررة والمنكوبة، فقد ساهمت بشكل كبير أثناء العدوان الثلاثي على مصر وقدمت ملاين الروبيات، وتبرع الشيخ عبدالله السالم لمصر أثناء العدوان الثلاثي بمبالغ كبيرة في عام ١٩ ٥٦ م بلغت ٢٫٦٠٠٫٠٠٠ روبية، وكان للكويت حكاماً ومحكومين دور في تقديم المساعدات للشعب الجزائري المناضل في خمسينات وستينات القرن العشرين.
تبرع الشيخ عبدالله السالم للجزائر:
كما كان للشيخ عبدالله السالم الدور الكبير في نجدة وغوث الشعب الجزائري أثناء ثورته على المستعمر الفرنسي، وكان يقول: (ثورة الجزائر ثورتنا وقضية شعبه المكافح الشقيق قضيتنا.. وواجبنا أن نكون دائماً وأبداً لأشقائنا في كفاحهم المجيد، وندعم ثورتهم بكل ما في وسعنا، حتى يتحقق النصر من عند الله)، وقد تبرع الشيخ عبدالله السالم لثورة الجزائر بمبلغ 3 مليون روبية .
كما تبرع للعديد من المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي حينما طلبوا منه المساهمة والتبرع لهم، فقد تبرع بثلاثة آلاف روبية لكلية مولدينا الإسلامية في بومباي بالهند.
المدارس العربية في الهند:
حرص الشيخ عبد الله السالم على تأسيس مدارس تعليمية لأبناء الكويت في الهند ولأبناء الجالية العربية المقيمة في الهند، وقد تم تأسيس مدرسة في مومباي وأخرى في كراتشي، وكانت دولة الكويت تشرف على تشغيلها وتوفير مواردها المالية واحتياجاتها.
العمل الخيري والتطوعي في عهده:
شهدت الكويت في عهد الشيخ عبدالله السالم في الخمسينات والستينات نشاطاً ملحوظاً في العمل الخيري والمساعدات داخل الكويت وخارجها، وتأسيس نوادي وجمعيات تطوعية وثقافية وخيرية تحت مظلة دائرة الشؤون التي تأسست عام 1954 م ، فقد كان عددها ما يقارب من 14 نادي وجمعية، كان لها دور مهم في العمل الثقافي والاجتماعي والإنساني في دولة الكويت، مثل جمعية الإرشاد الإسلامي عام 1952 م، كما تأسست في الكويت اللجنة الشعبية لجمع التبرعات عام 1954 ، من تجار الكويت، وقد قامت بدورها خير قيام في تقديم المساعدات للدول المنكوبة والمتضررة، وكان الشيخ عبدالله السالم يتصدر قائمة المتبرعين عندما تُعلن اللجنة عن جمع تبرعاتها للدول المتضررة والمنكوبة.
وتأسست جمعية الكشافة الكويتية عام 1955، وكان نشاط العمل الكشفي في الكويت منذ عام 1936 م. وساهم الطلبة الكشافة من خلال جمعية الكشافة الكويتية في الأنشطة المدرسية ومع مؤسسات الدولة الرسمية.
كما ظهرت فكرة حركة المرشدات للطالبات على غرار العمل الكشفي للطلاب عام 1957 وانتشرت فِرق المرشدات في معظم مدارس طالبات الكويت في مطلع الستينات، حتى تم تأسيس جمعية المرشدات الكويتية عام 1965، وتأسست في الكويت اللجنة الدائمة لمساعدات الخليج والجنوب العربي في عام ١٩٦٣م، والتي كان لها دور بارز في دعم دول الخليج العربي واليمن.
الجمعيات ا لأهلية وجمعيات النفع العام:
تأسست في عهد الشيخ عبدالله السالم العديد من جمعيات النفع العام الأهلية تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تأسست بعد استقلال الكويت في مطلع ستينيات القرن العشرين، مثل:
- الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية.
- الجمعية الطبية الكويتية.
- الجمعية الخريجين الكويتية.
- جمعية الصحفيين الكويتية.
- رابطة الأدباء.
- الجمعية الكويتية لمساعدة الطلبة.
- جمعية المحامين الكويتية.
- جمعية المعلمين الكويتية.
- جمعية الإصلاح الاجتماعي.
وفاته:
استمر عطاء الشيخ عبدالله السالم في نهضة الكويت وازدهارها، ومساعدة المحتاجين داخل الكويت وخارجها، فقد ازدهرت دولة الكويت في عهده بمؤسساتها وشعبها، وقد قدمت الكويت الكثير لأمتها العربية والإسلامية، ولشعوب العالم، حتى وافاه الأجل المحتوم في 24 نوفمبر 1965م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.
الموقع الإلكتروني: