عبداللطيف الهاجري

النشأة والطفولة:
هو عبد اللطيف رمضان الهاجري من مواليد أبريل ١٩٥٩في منطقة الشامية، ودرس الابتدائية في مدرسة المأمون، والمتوسطة في مدرسة الشامية، والثانوية في ثانوية يوسف بن عيسى،ثم ابتعث إلى الولايات المتحدة في ولاية نورث كارولاينا - في جامعة جرين تل، تخصص علوم الكمبيوتر.
المناصب التي تقلدها:
عمل بعد تخرجه في مؤسسة الموانئ، وفي نفس الوقت التحق بالعمل الخيري عام ١٩٨٤ في لجنة الدعوة الإسلامية، التي كانت تدعم القضية الأفغانية، وإغاثة المشردين والأيتام، وبناء المساجد والملاجئ، وورش التدريب وغيرها من الأمور الاغاثية. ثم أصبح رئيس اللجنة، ثم أصبح رئيس قسم قطاع آسيا وأفريقيا.
وفي عام ٢٠٠٦ اختير كأمين عام مساعد لشؤون القطاعات، وكان يرأس في نفس الوقت مكتب وسط آسيا (جمهورية قزاقستان مع كازاخستان) بالرغم من انشغالاته الكثيرة، أحب هذه الجمهورية والعمل بها، حتى أصبحت في السنوات الأخيرة قبل وفاته هي محور تحركاته ونشاطه، إلى درجة أنه كان يزورها في العام ثلاث مرات. وفي هاتين الجمهوريتين أنشأ جامعة، ودارين للأيتام، وملحق لكل منهما مدرسة للبنين والبنات، وكل ذلك الجهد الذي كان يقدمه كان من غيرمقابل، لأنه كان يتلذذ بالعمل الخيري، وقد كرس حياته كلها لهذا العمل.
أهم صفاته:
يصفه الذي احتكوا به عن قرب (بالنادر) وأنه صاحب مواهب متعددة، حتى إنك تحتار بما يتميز به من قدرات ومواهب، ففي كل مجال كان متميزا وناجحا، بل إنه كان يفاجئ القريبين منه بمواهب لم يروها من قبل، ولم يتوقعوها. أما عن أخلاقه فحدث ولا حرج، حتى قال عنه رفيقه في العمل الدعوي، واقرب الناس إليه فهد الشامري: «الأخ عبد اللطيف كأنه جاء من جيل غير جيلنا، وعصر غير عصرنا، ما رأيت مثله إلا القليل، نذر حياته للعمل الخيري، تجرد تماما من حظوظ النفس، ورفض حتى آخر حياته أخذ فلس واحد مقابل عمله في القطاع الخيري، بالرغم أنه ليس له نشاط في حياته سوى بيته والعمل الخيري، ولقد أخذ العمل الخيري منه الوقت الكثير على حساب بيته، ومع ذلك كان أهله من أكثرالناس دعما له وتشجيعا للاستمرار في خدمة ا لناس وإغاثتهم في العمل الخيري، حتى إنه في الكثير من الأيام يبقى في اللجنة حتى منتصف الليل. كل ذلك احتسابا في سبيل الله».
وكان له الكثير من الصفات أبرزها:
الذكاء والإبداع:
أقرب الناس له من الأقرباء والأصدقاء والزملاء يشهدون بذكائه، وحسن تصرفه عند الملمات، وكان مبدعا يفكر بالحلول البديلة إذا واجهته معضلة، وبسبب إبداعه وذكائه انتقل بالعمل نقله نوعية من الحيز الضيق إلى الأفق الواسع. فلما سد في وجهه العمل في أفغانستان، فكر بسرعة بمساحة أخرى للعمل، وكان لذلك القرار خيرا كثيرا، حيث انتقل العمل إلى وسط وجنوب آسيا، وبالأخص جمهوريتي (قزاقستان، كازاخستان). ومن إبداعاته، أنه كان أول من أنشأ دارا للأيتام في مدينة بيشاور للنازحين من الأفغان، وهو أول من فكر وأنشأ جامعة للمسلمين في جمهورية قزاقستان تدرس اللغة العربية والإسلام، ومعترف فيها من الدولة، وله الكثيرمن الأفكار المبتكرة في العمل الخيري.
التضحية:
كانت هذه هي السمة البارزة فيه — رحمه الله — فقد كان كل يوم عندما يأتي من عمله ليس لديه بعد تناوله وجبة الغداء إلا التوجه إلى لجنة الدعوة للقيام بنشاطه، ويبقى في الكثير من الأيام حتى منتصف الليل، كل ذلك من غير مقابل مادي، لا يريد سوى رضا الله، فقد كان يعطي للعمل الخيري أكثر مما يعطيه لأهله. وكان من الممكن أن يحوز على الكثيرمن المناصب في عمله لتميزه في تخصصه، ولكن كان يرفض المناصب حتى لا تشغله عن العمل الخيري، وكان حتى في المهمات الخيرية يسافر على حسابه الخاص، ولا يأخذ من اللجنة شيئا، لقد أتعب من جاء بعده رحمه الله.
تعدد القدرات:
كان - رحمه الله - متعدد القدرات، ولقد سخرها كلها في سبيل الدعوة إلى الله، والعمل الخيري، حتى تظن أنه يعرف كل شيء، فقد كان ماهرا في الطبخ، والميكانيكا، وإصلاح السيارات، والكهرباء، وإصلاح الأعطاب، وماهرا في اللحيم، والتكييف والنجارة، والكمبيوتر، وحتى التجارة، ولكنه لم يستخدم جميع هذه القدرات لذاته، بل استخدمها للعمل الخيري، فكم يوجد مثله؟
الكرم وا لسخاء:
كان - رحمه الله - لا يرد أحد يطلبه شيء، ويعطي بطيب نفس، لذلك كان إخوانه في الله يخشون طلب شيء منه، بل إنه كان يبالغ بالعطاء فإذا ما طلب منه شيء لا يملكه، يتسلف من الآخرين لسد حاجة من طلبه، ومن ذلك أن أحد أقريائه اتصل به يريد سلفة ستة آلاف، وما كان في رصيده سوى ثلاثة آلاف، فاستدان ثلاثة آلاف لسد حاجة ذلك القريب، بل إنه أعطى كل ما يملك لأحد أشقائه، والذي طلبه وهو لا يملك المبلغ، فلم يبقى له شيء، ومات وهو مستدين لأحد المحتاجين، وهكذا كان طبع رسول ا لله — صلى ا لله عليه وسلم - ما كان يرد أحدا طلبه، ومات رسول ا لله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي. وكذلك يكون العظماء من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - والذي يضعون الدنيا بأيديهم لا في قلوبهم.
الحلم وسعة الصدر:
كان - رحمه الله - يمتاز بالحلم، ومن النادر أن يرى غاضبا، ولا ينفعل أبدا حتى مع من يختلف معه، بل كان دائم الابتسام حتى في أثناء استفزازه، وما رأيته إلا مبتسما وما قابلني يوما إلا بابتسامة عريضة، وليس لي فحسب، بل كان هذا خلقه مع جميع المراجعين والعاملين معه في لجان الخير.
كان متميزا في القيادة، وكان يتقن إدارة دفة السفينة الخيرية، وكان منظما في حياته، وله أهداف وخطط واضحة المعالم، وكان يحث العاملين معه على وضع الخطط والالتزام بها، وكانت له حلول في كل ما يعترضه من عراقيل، ومن ذلك أنه حزن حزنا شديدا عام ٢٠٠٣ عندما تم إغلاق جميع مؤسسات لجنة الدعوة الإسلامية الذي كان يرأسها في باكستان - بيشاور بسبب تلفيق مؤسسة خيرية تابعة للأمم المتحدة، مما جعلهم يضعون اللجنة في القائمة السوداء. وكان بالرغم من حزنه واثق بالله أنه سيفتح له بابا آخرمن الخير، وصدق حدسه إذ فتح الله لهم بابا آخر في العمل.
كان مجاب الدعوة:
هذه الصفة لا يعلم بها إلا القريبون منه فقد لاحظوا هذه الصفة فيه في بعض المواقف التي عاشوها معه، ومن ذلك أنه لم يرزق بالذرية لمدة خمسة عشر عاما، ولم يدع الله تعالى طيلة هذه السنين بالذرية، حياء من الله، بالرغم من الضغوط المتزايدة، من أقاربه للزواج من ثانية، مما اضطره للدعاء والطلب من المولى بأن يرزقه الذرية، فحملت زوجته في نفس الشهر. ويتصاحب مع هذه الصفة الحياء من الله، والوفاء لزوجته التي رفض الزواج عليها بالرغم من الضغوط التى مورست عليه.
صفات متفرقة:
كان لا يحب الغيبة، ولا يرضى أن يغتاب عنده أحد، كما كان حريصا على ألا يختلف أحد مع آخر، بل إنه كان لا يستطيع النوم حتى يصلح بينهما، سواء كان ذلك بين عائلته، أو بين من يعمل معهم في العمل الوظيفي أو الخيري، وكان - رحمه الله - حريصا على تجميع أفراد الأسرة في بيته، بالرغم أنه لم يكن الأكبر. ومن صفاته الإيمانية أنه لم يكن يترك قيام الليل قبيل الفجر، ولا صيام التطوع كل أسبوع، وكان - رحمه الله - بارا بوالدته كثيرا.
وقد تجسدت أخلاقه الحميدة في حياته وتعاملاته مع الجميع وشهد له القاصي والداني بُحسن الخلق.
وفاته:
قال للمدير المالي عمر بو سيف سنة ٢٠٠٤: لن أعيش طويلا، وربما لن يتجاوز عمري ٥٢أو ٥٣ عاما، وفعلا توفي وسنه ٥٢ سنة.
وقال لأحد أصدقائه: احتمال أنني سأتوفى العام المقبل.
وفي التاسع من مارس عام ٢٠١٢ وفي مستوصف اليرموك، بعد أن صلى المغرب في مسجد المشاري في اليرموك توفي عبد اللطيف الهاجري، بعد أن ذهب إلى المستوصف لشعوره ببعض التعب، وإذا به يسقط على وجهه عندما كان منتظرا لدوره وعندما فحصه الطبيب تبين أنه قد فارق الحياة. وكان لوفاته الأثر الكبير بين محبيه، وبين رواد العمل الخيري، بل كان كالصاعقة لأهل الكويت جميعا، فقد ترك أثرا عظيما لما قام به من أعمال خيرية عظيمة في مجالات شتى، كان أحد أبرز المؤسسين للعمل الخيري في الكويت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح (دولة الكويت، المجموعة الأولى). عبدالحميد جاسم البلالي. ط1، 2013.
الموقع الإلكتروني: