عبدالحميد عبدالعزيز الصانع

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
محسنون من بلدي
محسنون من بلدي

المولد والنشأة:

هو عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الحميد بن عبد العزيز بن ناصر الصانع المولود في عام ١٣٠٦ هـ الموافق لعام ۱۸۸۸م، بفريخ العدساني في مدينة الكويت.

تلقى تعليمه في الكتاب وقد ختم القرآن الكريم وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة على يد مطوعة من عائلة العمر المشهورة ببروز العديد من المطوعات منها وقيامهن بتحفيظ القرآن الكريم. نشأ شديد الولع بالمطالعة والقراءة، واعتمد في ذلك على نفسه وسؤال أهل العلم، دون مواصلة تعليمه في سلك التعليم العام المتمثل آنذاك في الكتاب وظل مقبلاً على تثقيف نفسه حتى أصبح علماً من أعلام الثقافة والعلم في الكويت.

بدأ حياته العملية بالعمل في تجارة المواد الغذائية والملابس مع والده الذي كان يمتلك محلا صغيرا في السوق وسفينة لجلب الماء من شط العرب أسماها " الحميدي" على اسمه ثم عمل عبد الحميد في تجارة اللؤلؤ والسفر لبيعه حيث امتلك سفينة تجارية سافر بها إلى موانئ الخليج والهند وسيلان وغيرها حتى أصيبت هذه التجارة بالكساد في الثلاثينيات من القرن العشرين فانتقل إلى العمل في الوظائف الحكومية.

أوجه الإحسان في حياته:

المحسن عبد الحميد الصانع من الوطنيين الذين ضحوا بوقتهم وجهدهم في سبيل بناء هذا الوطن في مرحلة تحول مهمة من تاريخ الكويت كما انصرف جهده أيضا إلى إعمار بيوت الله وإلى نشر العلم والثقافة بين ابناء وطنه الكويت.

دوره الوطني:

كان الدور الوطني لعبد الحميد الصانع متميزا في خدمة بلاده، فتجده في جميع اللجان الشعبية التي تشكلت آنذاك لخدمة وطنه الكويت متعاوناً مع زملائه دعاة الإصلاح وحكام البلاد. ولم يقم بعمله هذا طمعا في المال أو سعيا وراء المناصب بل كثيرا ما كان عمله هذا بدون مقابل مادي أو أجر يذكر فقد قال عبد الحميد الصانع عن نفسه في مقابلة مع الأستاذ عبد الفتاح مليجي لكتابه "رجال وتاريخ": "جميع اللجان التي عملت بها كعضو لم أتقاض عنها أي شيء من الدولة، وكذلك الزملاء ... ولم نحصل في النهاية على معاش شأن الآخرين ... وأضاف : لم تكن الدولة تعاملني كموظف لأنني كنت واحدا ممن وضعوا أسس البناء وعندما وجدت هذا البناء قد اكتمل رأيت لزاما على أن انسحب من الميدان".

كان أول عمل للصانع في الحكومة هو رئاسة قسم الجمرك البري لتطبيق المعاهدة التي تمت بين الكويت والسعودية لتنظيم التجارة والقوافل حيث كانت الطريق قبل ذلك مقطوعة بين البلدين.

ثم عمل مديرا للشركة الكويتية لجلب المياه من شط العرب فاهتم بإصلاح البرك ومخازن المياه والتوانكي وانشأ عشرين "بوما" سفينة لجلب المياه من شط العرب إلى الكويت.

في سنة ١٩٤٧م فضل عبد الحميد الصانع العمل في القضاء فانتقل إلى عضوية المحكمة الكلية مع الشيخ عبدالله الجابر الصباح.

من عام ١٩٤٨ إلى عام ١٩٥٢م شغل منصب مدير البلدية وكان مجلس البلدية واحدا من ثلاثة مجالس شعبية ذات أهمية كبيرة لأنها كانت تعاون حاكم البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح في حمل مسؤولياته وكان مجلس البلدية أقوى هيئة حينذاك فهو الذي يضطلع بالمسائل الخطيرة، فقد وكل على مدير البلدية الحراسة العامة وأعضاء البلدية كانوا من الكبار المهتمين بأمور البلاد والمشاركين بجهودهم وأفكارهم في سیاستها وللبلدية صلاحيات لها حكم القانون وقوته وكان الحاكم هو الرئيس الفعلي لهذا المجلس.

في عام ١٩٥٠م شغل الصانع منصب مدير عام إدارة الصحة العامة وعن عمله هذا يقول في لقاء الأستاذ عبد الفتاح مليجي: "وفي ذلك الوقت لم يكن بالصحة كلها سوى طبيب واحد يعالج كل سكان الكويت تقريبا فخرجت منها بها ٤٩ طبيبا".

وقد كان الصانع عضوا في مجلس الصحة مع مجموعة من الأعيان وكان يرأسه الشيخ عبدالله السالم قبل تولية السلطة واستمرت عضويته حتى عام ١٩٥٢م.

كان الصانع عضوا في التشكيل الثاني لمجلس المعارف (الفترة من ١٩٤٧ إلى ١٩٥١م) وقد تأسس هذا المجلس سنة ۱۹٣٦ م ولم يكن أعضاؤه يتقاضون رواتب عن أعمالهم بل كانوا يتبرعون من مالهم الخاص لتمويل المجلس ودعم مشاريعه.

ثم تكونت هيئة تنظيمه حلت محل المجالس الشعبية باستثناء المجلس البلدي، من ثمانية أعضاء كان منهم عبد الحميد الصانع، ونصف اليوسف ويوسف الفليج وغيرهم ثم انضم إليها ثمانية آخرون وقد تحملت هذه الهيئة مع المجلس الأعلى المشكل من الأسرة الحاكمة مسؤولية البلاد وكونت معه المجلس المشترك الذي أنجز كل ما جنت البلاد من خير.

كان الصانع عضوا بارزا في لجنة إعداد وكتابة تاريخ الكويت مع بعض إخوانه من أبناء الوطن والدكتور احمد مصطفي أبو حاكمة.

اختير عضوا في اللجنة المشتركة لإعداد القوانين المدنية والتجارية والجزائية بدلا عن مجلة الأحكام العديلة وترأس هذه اللجنة الدكتور السنهوري الذي اختار عبد الحميد الصانع ليكون ملازماً له نظرا لخبرته الواسعة بشؤون الكويت.

مارس مهنة الصحافة ودارت كتاباته بشكل عام حول قضايا العروبة والإسلام وكان صاحب امتياز مجلة كاظمة التي صدرت في عام ١٩٤٧م بمشاركة الأستاذ أحمد زين السقاف وكانت إداراتها منتدى لكثير من أدباء الكويت.

كان عضوا في النادي الأدبي الذي افتتح في الثلاثين من أبريل عام ١٣٤٢ هـ الموافق لعام ١٩٢٤م.

عمارة المساجد:

قام المحسن عبد الحميد الصانع عام ١٩٤٠م ببناء مسجد الله تعالى أسماه "مسجد الصانع" وذلك في منطقة حولي القبيلة وقد انفق على بنائه الكثير من ماله الخاص، وقد تهدم هذا المسجد في التنظيم وموقعه الآن جنوبي شارع تونس بحولي وذكرت بعض المصادر أن اسمه "مسجد حولي القبلة".

في مجال العلم والتعليم:

شيد المحسن عبد الحميد الصانع روضة للأطفال بجوار المسجد الذي أسسه في حولي مساهمة منه في نشر بذرة التعليم الصالحة بين الأطفال الذين هم شباب المستقبل عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "رواه مسلم

وساهم أيضا في تأسيس المكتبة الأهلية عام ۱۹۲۲م بالاشتراك مع فضلاء آخرين من أهل الكويت وهي أول مكتبة عامة في تاريخ الكويت يروي الاستاذ فرج أحمد في كتابه " الكويت عبر التاريخ" قصة إنشائها فيقول " رأى بعض فضلاء البلد وأعيانه ضرورة تأسيس مكتبة عامة يلتجئ إليها الأدباء وطلبة العلم وتكون منتدى فسيحاً للبحث والمطالعة وتبلورت هذه الفكرة في أذهان السادة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والسيد عبد الحميد الصانع والمرحوم سلطان إبراهيم الكليب واندفعوا بها إلى الأمام وما إن حلت سنة ١٣٤١ هـ حتى ظهرت المكتبة إلى حيز الوجود باسم " المكتبة الأهلية" واختير بيت ( علي العامر ) ليكون مقرا لها وانهالت عليها التبرعات من أموال وكتب ونقل إليها ما تبقى من كتب الجمعية الخيرية التي كانت مودعة في بيت "آل بدر" واشترك لها في عدة صحف أهمها: البلاغ، والهرام، والمقطم، والقبس السورية. وعين السيد عبد الله العمران النجدي أمينا لها ..."

وفاته:

بعد عمر ناهز التسعين سنة قمرية قضاه في العمل والكفاح من اجل رفعة وطنه وأبناء وطنه توفى المحسن عبد الحميد الصانع في ربيع الأول من عام ١٣٩٦ هـ الموافق ٦ مارس ١٩٧٦م.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين) . بيت الزكاة، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، 1422هـ - 2001م.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%202.pdf