صباح السالم الصباح (حاكم الكويت الثاني عشر)

مولده ونشأته:
وُلد الشيخ صباح السالم الصباح في عام 1915، وهو ابن حاكم الكويت التاسع الشيخ سالم المبارك والذي سمّاه أهل الكويت (جابر العثرات).
توليه الحكم:
ظلّ الشيخ صباح السالم رئيساً للوزراء وولياً للعهد حتى وفاة الشيخ عبدالله السالم حاكم الكويت عام 1965، وبعد وفاته أصبح الشيخ صباح السالم حاكماً للبلاد وأميراً لدولة الكويت.
أولاده:
للشيخ صباح السالم الصباح اثنا عشر ابنا وابنة، وهم سالم وأحمد ومحمد وعلي وبدر ونورية وبدرية وعواطف وحصة وشيخه وبسمه وأمل.
صفاته:
تربى الشيخ صباح السالم على يد والده، وقد ربّاه على الدين والعلم والأدب على يد مجموعة من علماء الكويت، فنشأ الشيخ صباح محباً للدين والأدب، وكان يقول الشعر، ومما كان يردده من شعره العامّي:
أنا وشعبي كلّبونا جماعة
الدين واحد والهدف أخدم الشعب
لو ضاق صدر الشعب ما أَسْتَرْ ساعة
أضيق مِنْ ضِيقهْ وأَسْتَر لا حَبْ
المناصب التي تقلدها:
تقلّد الشيخ صباح السالم عدة مسئوليات قبل توليه الحكم، فقد ترأس دائرة الشرطة عند افتتاحها عام 1938 م وكان في ريعان شبابه، وكان ينوب عن دوائر الدولة في حالة غياب رؤساء الدوائر، مثل دائرة المالية والصحة والتموين والأشغال، وغيرها من الدوائر. وعند استقلال الكويت عام 1961م أصبح وزيراً للخارجية، فهو أول وزير خارجية للكويت، وفي عام 1962 م أصبح نائباً لرئيس مجلس الوزراء وولياً للعهد.
وتم تكليفه عام 1963 م بتشكيل الوزارة واختيار الوزراء لمجلس الوزراء.
أهم الإنجازات في عهده:
توسعّ العمران والمباني في عهده، وتم بناء المزيد من المؤسسات والمستشفيات والمرافق الحكومية، وتأسست جامعة الكويت عام 1966م.
وتوسعت علاقة دولة الكويت بالدول المجاورة ودول العالم العربي والإسلامي ودول العالم، وانضمت الكويت للمنظمات الدولية والعالمية، حيث أصبحت عضواً في صندوق النقد الدولي وبنك الإنشاء والتعمير ومنظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولي واتحاد البريد العالمي ومجموعة الدول المصدرة للنفط أوبك.
من أعماله الخيرية:
عُرفَ عن الشيخ صباح السالم طيبة قلبه، وحبه للناس وتواضعه، وكانت له أعمال خيرية متنوعة، فقد تبرع لبناء خمسة مساجد في دولة الكويت على نفقته الخاصة بمبلغ 100 ألف دينار كويتي، من خلال وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكان يتبرع للحملات الخيرية التي تنفذها الجمعيات الخيرية لدول العالم العربي والإسلامي التي مرت بأزمات ونكبات وحروب، وفي عهده تأسس العديد من جمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية.
الأعمال الخيرية في عهده:
ازداد عدد جمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية في عهد الشيخ صباح السالم العاملة داخل الكويت وخارجها، فقد توسعت الكويت وزاد عدد سكانها وكثرت احتياجاتها، كما شهد العالم العربي والإسلامي المزيد من التوترات السياسية والحروب والكوارث، وقد قدّمت الكويت لها الكثير من المساعدات المالية والمواقف السياسية الداعمة لها.
العمل الخيري محليًا:
استمر أبناء الكويت في تأسيس الجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام التي بدأ تأسيسها بعد استقلال الكويت عام 1961 م، ومن المؤسسات التطوعية التي تأسست في عهد الشيخ صباح السالم:
(رابطة الاجتماعين - جمعية الاقتصادين -جمعية المهندسين - الجمعية الكويتية لرعاية المعوقين- جمعية المكفوفين - الجمعية الجغرافية – جمعية الطيارين - جمعية المحاسبين - جمعية المهندسين الزراعين - جمعية حماية البيئة - النادي العلمي- الجمعية الصيدلية - جمعية أطباء الأسنان – نادي الصم الكويتي).
كما قامت مؤسسات الدولة الرسمية الحكومية بأعمال خيرية وإنسانية متنوعة مثل (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة العامة لشئون القصّر).
العمل الخيري خارجيًا:
نشط أبناء الكويت في تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ المشاريع خارج الكويت سواء في دول الخليج العربي أو في دول العالم العربي والإسلامي أو للجاليات الإسلامية في دول أوروبا وأمريكا.
أما على مستوى الخليج العربي فقد استمر أبناء الكويت في دعم اللجنة الدائمة لمساعدة الخليج والجنوب العربي، وقد ساهمت هذه اللجنة في تنفيذ العديد من المشاريع التعليمية والصحية والتنموية في دول الخليج وفي اليمن، أما على مستوى العالم العربي فقد أسس أبناء الكويت جمعية الهلال الأحمر الكويتي عام 1966 لتساهم في تقديم العون للدول العربية المتضررة من الحرب مع اليهود.
حرب عام 1967م:
في أول ساعات الحرب عام 1967 م وجّه الشيخ صباح السالم نداء للشعب الكويتي قال فيه: "أبنائي الأعزاء لقد حانت ساعة التضحية والفداء، والأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها تعيش في جو المعركة، والكويت ستلقي بجميع طاقاتهاوإمكاناتها، يا أبنائي كونوا مستعدين للتضحية والفداء". وأصدر مجلس الوزراء بياناً يدعوا أبناء الكويت للاستعداد للمعركة، وصدر مرسوم أميري بإعلان الحرب الدفاعية بن الكويت والعصابات الصهيونية بفلسطين المحتلة.
وصدّر مجلس الوزراء قرار منع النفط لأمريكا وبريطانيا لمساندتها قوى البغي والعدوان الصهيوني.
وأرسلت الكويت قوات من الجيش الكويتي للمشاركة في المعركة منذ حرب عام 1967 إلى حرب عام 1973 عبر لواء اليرموك، واستمرت القوات الكويتية في الدفاع عن المؤسسات، وتم إعلان جمع التبرعات والدم وتشكلت لجنة عليا في الكويت لجمع التبرعات، وقد جمعت 25 مليون دولار، وشاركت فيها جمعية الهلال الأحمر، واللجنة الشعبية لجمع التبرعات، وجمعيات النفع العام واتحاد الطلبة ، وأعلن تشكيل لجنة من كل وزارة ومؤسسة حكومية برئاسة الوزير لجمع التبرعات وكانت الحملة تحت رعاية وإشراف وزير الخارجية، وتبرع الوزراء براتب شهر.
وتم استقبال تبرعات مادية وعينية من الشعب الكويتي، وتدرب الشباب على التطوع للمستشفيات، وتم تشكيل فريق من الأطباء للذهاب لسوريا والأردن.
واستمرت في جمع التبرعات وإقامة معارض خيرية، وقامت جمعية المعلمين عام 1969 م بعمل أسبوع العمل الفدائي وجمعت التبرعات.
حرب عام 1973م:
شهدت حرب عام 1973 م بين العرب والصهاينة تكوين لجنة شعبية لجمع التبرعات، وتبرع الشيخ صباح السالم وتبرعت أسرة الصباح وأعضاء الحكومة والتجار والمواطنين، ودفع الشعب الكويتي راتب شهر، وقدّم كل بنك كويتي ربع مليون دينار، وتبرع كل تاجر من كبار التجار بمبلغ 100 ألف دينار كويتي، وبلغ إجمالي التبرعات 5 مليون دولار من خلال اللجنة الشعبية لجمع التبرعات.
وقدم الهلال الأحمر الكويتي التبرعات، وأيضاً ساهمت الجمعيات الخيرية وجمعيات النفع العام بجمع التبرعات.
وشارك الجيش الكويتي في الحرب، وزار طلبة الكويت القوات الكويتية المشاركة في الجبهة السورية والمعركة.
وشاركت القوات الجوية الكويتية من طيارين وطائرات في حرب عام 1973م، وقام الشيخ سعد العبدالله الصباح وكان وقتها وزيراً للدفاع بزيارة القوات الكويتية في الجولان السورية، وبلغ عدد المشاركين، في الحرب بمشاركة لواء كامل، واستشهد نحو أربعين من أبناء الكويت.
وشاركت مؤسسات الدولة والوزارات والمؤسسات الخيرية وجمعيات النفع العام والتجار ووسائل الإعلام والشعراء والطلاب والمرأة الكويتية في دعم الحرب ضد اليهود الغاصبين.
واستمر عطاء أهل الكويت بعد حرب عام 1973 م من خلال الجمعيات الخيرية، كما قدمت الكويت مساعداتها للدول الإسلامية وللجاليات الإسلامية في دول أوروبا وأمريكا.
وفاته:
تعرّض الشيخ صباح السالم الصباح رحمه الله للمرض، اضطر فيها للعلاج في الخارج عدة مرات، وفي الساعة 2 فجراً يوم 31 ديسمبر عام 1977 م تُوفي رحمه الله بأزمة قلبية، وقد حكم 12 عاماً و 26 يوماً . وبعد وفاته، تم تعين الشيخ جابر الأحمد الصباح أميراً لدولة الكويت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.
الموقع الإلكتروني: