راشد سعد ساير العلبان

من ويكي خير

المولد والنشأة:

هو راشد بن سعد بن ساير العلبان، المولود في فريج البدر بمنطقة القبلة في مدينة الكويت عام 1318هـ الموافق لعام 1900م.

راشد العلبان
راشد العلبان

نشأ في أسرة عريقة مشهورة بالكرم والسخاء، والسمعة الطيبة، هي أسرة العلبان، وهي أيضاً من الأسر الكويتية المشهورة بنشاطها البحري، فقد ركبوا البحر وصاروا نواخذة معروفين منذ أمد بعيد، وتوارثوا هذه المهنة أباً عن جد وملكوا العديد من سفن الغوص على اللؤلؤ، فقد كان والده المرحوم سعد بن ساير العلبان نوخذة معروفاً، وكان جده كذلك، وقد عُرفوا في منطقة الخليج العربي بتجارة اللؤلؤ.

وقد اشتهرت في ذلك الوقت أسرة العلبان بالغنى والثراء، حتى إنهم كانوا من أوائل سكان منطقة الشامية، وهم كذلك من أوائل الأسر التي أقامت بضاحية عبدالله السالم. كما أن أسرته كانت من أولى العائلات التي اقتنت الأجهزة الكهربائية في ذلك الوقت.

أوجه الإحسان في حياته:

تشرب المحسن راشد العلبان، حب الإحسان وفعل الخيرات منذ نعومة أظفاره، وكان يعلم أن ثواب الإحسان عظيم، وجزاءه عند الله جزيل؛ مصداقاً لقوله تعالى: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)" سورة النحل.

ولذا حرص – رحمه الله – على أن يسهم في أوجه الخير المتعددة، فتنوعت أوجه إحسانه وتفرعت، حتى صارت كالشجرة الطيبة مورقة الأغصان، كثيرة الثمار، دائمة العطاء:

مسجد العلبان بكيفان:

كان – رحمه الله – يدرك أن بناء المساجد عمل خيري عظيم القدر، لكونها ملتقى المسلمين المصلين الذاكرين المتعبدين لله رب العالمين. كما أيقن من وعد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، في قوله "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ" رواه ابن ماجه في سننه.

فقام - رحمه الله - ببناء بيت الله تعالى في القطعة الرابعة بمنطقة كيفان في محافظة العاصمة بدولة الكويت عام 1388هـ الموافق لعام 1968م، وقد سمي المسجد باسم مسجد راشد سعد العلبان وقد تحمل - رحمه الله - تكاليف البناء كاملة، كما أشرف على فرشه وتجهيزه وإضاءته.

بناء المدارس:

لقد ذاق المحسن راشد العلبان – رحمه الله – لذة العلم والمعرفة، وذاق طعم التفوق في الدراسة، وفق رواية ابنته التي قالت إنه كان دائماً على رأس المتفوقين، لعلمه عظم مكانة العلم والتعليم ورفعة شأن المتعلمين، وإن كانت ظروفه وشغفه بالبحر حالا بينه وبين إكمال التعليم بمدرسة المباركية، ومن هنا حرص – رحمه الله – على أن ينهل أبناء بلده – الكويت – من معين العلم ما ينفعهم، ويمكنهم من المساهمة في بناء وطنهم ورفعة شأنه. قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ" أخرجه ابن ماجه في سننه.

ولهذا لما بدأت حملة التبرعات لبناء عدد من المدارس في دولة الكويت عام 1950م، بادر المحسن راشد العلبان بالتبرع بسخاء لهذا المشروع، فكان على رأس المحسنين الكويتيين الذين تبرعوا من أجل هذا الهدف النبيل، وليكون من الداعين قولاً وفعلاً إلى نشر العلم النافع.

وقد نجحت حملة التبرعات هذه في إنشاء العديد من المدارس التي خرجت الرعيل الأول من متعلمي الكويت الذين يحملون الآن شعلة نهضتها، ويخُطّون طريق تقدمها ورفع رايتها.

ومن المدارس التي أنشئت من أموال تلك الحملة: مدرسة سُكينة الابتدائية للبنات، ومدرسة أسماء المتوسطة للبنات وثانوية الجزائر للبنات، ومدرسة قرطبة المتوسطة للبنات، وكلها في منطقة الشامية، بالاضافة إلى مدرسة خولة المتوسطة للبنات في منطقة الشويخ.

كما كان يساهم – رحمه الله – بشكل كبير في تجهيز بعض تلك المدارس، فكان يقوم بالتبرع بالمال لإداراتها لشراء المكيفات والسجاد وغيرهما من المستلزمات الضرورية.

التبرع للمحتاجين من أبناء الخليج:

لم يشأ المحسن الكريم راشد العلبان – رحمه الله – أن يقتصر بره ومعروفه على أبناء بلده وأقاربه وأصدقائه فحسب، بل أراد أن يمتد ظل شجرة جوده الوارفة لتشمل إخوانه المسلمين في أماكن أخرى هم في حاجه للمساعدة والإعانة، عملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لمْ يَهْتَم بأَمْرِ المسلِمينَ فَليسَ مِنهُم".

ولذلك كان – رحمه الله – يتبرع بما يستطيع من الأموال والمساعدات العينية لإخوانه في دول الخليج العربي، وخاصة أهل البحرين الشقيق، لما بينها وبين الكويت من صلة خاصة.

قضاء الحوائج وتفريج الكربات:

بحكم نشأته في بيئة طيبة صالحة أدرك المحسن راشد العلبان – رحمه الله - مبكراً أن خير الناس أنفعهم للناس، وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، وأن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، وأن من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، كما أخبر الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.

ولذا كان – رحمه الله – لا يرد محتاجاً أبداً، بل كان يسعى في قضاء حوائج الناس وتفريج كرباتهم وخاصة الفقراء المساكين منهم، مدخلاً السرور على قلوبهم، وراسماً البسمة على شفاههم، مبتغياً بذلك الثواب من الله رب العالمين.

وكان – رحمه الله - يحظى منهم بالحب والتقدير، والدعاء إلى الله العلي القدير أن يكافئه في الدنيا والآخرة، وأن يجعل أعماله في ميزان حسناته يوم الدين، وقد شهد له بهذه الأعمال الطيبة أقرانه ومعارفه وفق ما أفادت به ابنته موثقة هذه المادة.

ولائم الإفطار في رمضان:

في رمضان تهب على المسلمين رياح الجنة، فتبعث في النفوس همَّة ونشاطاً وحباً للخير والجود والإنفاق، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان فيه كالريح المرسلة.

وسيراً على هذا النهج النبوي وتأسياً بسلوك الرسول الكريم كان – رحمه الله - يقيم ولائم الإفطار في شهر رمضان من كل عام في بيتيه العامرين بضاحيتيْ عبدالله السالم والشامية، وكان – رحمه الله – يحب أن تتكاثر الأيدي على الطعام عنده، حتى إنه كان يحرص على إفطار ما لا يقل عن أربعين صائماً كل يوم، منتظراً الثواب الكريم من الله تعالى الذي بشر به النبي r في قوله :"مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا " رواه الترمذي .

سقي الماء وإقامة مظلات للفقراء:

جعل الله تعالى من الماء كل شيء حي، وتشتد أهمية المياه في الأماكن التي لا توجد فيها أنهار كالكويت وغيرها من بلدان الخليج.

وإذا عرفنا أنه لم يكن متيسراً في الماضي، الحصول على المياه النقية لندرتها من ناحية، وتكلفتها من ناحية أخرى، أدركنا عظم ثواب من يسقي الماء ابتغاء مرضاة الله تعالى.

وإذا كان الله تعالى قد غفر لرجل سقى كلباً، فما بالك بثواب من يسقي العطشى، ويروي ظمأهم بمياه نقية عذبة تنزل عليهم برداً وسلاماً؟ وهذا ما حرص عليه المحسن راشد العلبان – رحمه الله - حيث أقام سبيلاً للفقراء وذوي الحاجات وعابري السبيل.

ليس هذا فحسب، بل إنه – رحمه الله - أنشأ بعض المظلات على نفقته لتحمي هؤلاء الفقراء والمحتاجين من حر الشمس، وتمكنهم من ممارسة بعض أعمالهم البسيطة في ظلها كبيع وشراء بعض السلع والتي تعينهم أثمانها الزهيدة على قضاء حاجاتهم المهمة في الحياة.

وفاته:

عاش المحسن راشد العلبان – رحمه الله – سبعة وسبعين عاماً، زرع فيها من بذور الخير ما استطاع، وتعهدها بالرعاية والسقاية، حتى صارت حديقة غَنّاء، امتدت ظلالها الوارفة يتفيؤها من أراد من أهل الخير.

وقد توفي المحسن راشد العلبان إلى رحمة الله تعالى في الثامن عشر من ربيع الثاني عام 1398هـ الموافق للسابع من أبريل عام 1977م، لكن سيرته العطرة ظلت إلى يومنا هذا، ليقفو أولاده وذرياتهم والمحسنون جميعاً أثرها من بعده.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

الكويت.(2003). بيت الزكاة. محســـــــــنون من بلـــــــدي: سلسلة تشمل السير العطرة  للمحسنين الكويتيين، جـ 5.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%205.pdf