دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
المسؤولية الاجتماعية في دولة الكويت
المسؤولية الاجتماعية في دولة الكويت

دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية

يعد القطاع الخاص الشريك الرسمي للقطاع الحكومي، والداعم لكافة أعماله، وقد اعتاد أرباب القطاع الخاص في دولة الكويت منذ القِدم على المبادرة والسعي لدعم جهود المجتمع الكويتي على مر العصور، فكانوا المؤازر والداعم لكافة احتياجات الدولة قبل ظهور النفط ونهضة الكويت الحديثة، فكان التجار يلتزمون بدفع ما مقداره 2 % من أرباح تجارتهم لصالح الدولة طواعية، دون إكراه أو طلب من الحاكم، من أجل قيام الدولة بمسؤولياتها ومهامها، والتي زادت إلى 5 % فيما بعد، بحسب الحاجة، ولم ينقطع الدعم والمبادرات الفردية لتجار الكويت عبر العصور .

وهناك الكثير من المؤسسات والأعمال الاجتماعية تأسست بمبادرة مجتمعية ، ومثال على ذلك إنشاء المدرسة المباركية عام 1911 بمبادرة من أبناء الكويت وفي مقدمتهم التجار، لتكون تلك المؤسسة العريقة هي أول مؤسسة أهلية تطوعية تقوم على التعليم النظامي في دولة الكويت، وتكرار هذا النموذج في بقية المؤسسات التي نشأت بمبادرة من أهل الكويت التي دعمها القطاع الخاص بالمال والجهد، وهو ما تكرر حدوثه، مع تأسيس المدرسة الأحمدية، والجمعية الخيرية والمكتبة الأهلية والنادي الأدبي .. إلخ .

وفي خمسينات القرن العشرين اجتمع عدد من تجار الكويت لتأسيس اللجنة الشعبية لجمع التبرعات لتساهم في دعم ومساعدة الدول والشعوب المنكوبة والمتضررة، وقدمت لها الكثير من المساعدات التنموية والإغاثية .

وبعد تطور الكويت وظهور النفط وتأسيس الدولة الحديثة، انتقل دور التجار في القيام بمسؤولياتهم الاجتماعية من خلال شركاتهم والبنوك التي أسسوها بعد تنظيم عمل التجار والقطاع الخاص، فأصبحت هناك مسؤولية اجتماعية من قبل هذه الشركات تجاه المجتمع . وليس المقصود هنا فقط خدمة المجتمع المحلي، بل تجاوز هذا الدور إلى المجتمعات وشعوب الدول الأخرى .

ولم تكتف الشركات بذلك، بل قامت الشركات الكبيرة كالبنوك وشركات الاتصالات وغيرهما بتدشين إدارات مستقلة تحمل اسم إدارة المسؤولية الاجتماعية، وتقوم هذه الإدارات بدور الذراع الاجتماعي لتطبيق مسؤولية الشركة الاجتماعية من خلال تحقيقها لمحاور المسؤولية الاجتماعية الثلاثة وهي الاقتصاد والمجتمع والبيئة، كما قام بعضها بتأسيس فرق تطوعية لتقوم بدورها في المسؤولية الاجتماعية، وقام عدد من الشركات بتأسيس مبرات خيرية لتفعيل المسؤولية الاجتماعية في شركاتهم، فخرج القطاع الخاص من دائرة دوره الاقتصادي إلى الدور المجتمعي، كما تم تخصيص نسبة 1 % من أرباح الشركات المساهمة المدرجة في البورصة وفقا لقانون الزكاة رقم 46 الذي أقر في عام 2009 وتسليم هذه الأموال إلى بيت الزكاة عبر وزارة المالية، أو طلب توجيه المبلغ المستحق عليها إلى إحدى الخدمات العامة التي حدّدتها الدولة .

واجتمع عدد من تجار الكويت بمبادرة مجتمعية لدعم الدولة ومشاريعها وبرامجها، فتم تأسيس مؤسسة الكويت للتقدم العلمي واستقطاع ١ ٪ من أرباح الشركات للمؤسسة لدعم مسيرة العلم والأبحاث التي تخدم المجتمع ، فضلا عن الدور الإنساني والحملات الإغاثية ودعم المؤسسات والجمعيات الخيرية المستمرة من خلال زكاة أموالها وصدقاته ومساهماتها المجتمعية .

كما وافقت وزارة التجارة مشكورة عام 2017 على تأسيس شركات تجارية غير هادفة للربح لتساهم في مسؤوليتها المجتمعية .

ولأن شركات ومؤسسات القطاع الخاص في دولة الكويت كثيرة، وهناك آلاف الشركات والمؤسسات التي تمثل القطاع الخاص من بنوك وشركات عقارية وأغذية وخدمات لوجستية واتصالات ... إلخ، مما يصعب معه رصد كافة أعمال هذه الشركات في مجال المسؤولية المجتمعية، لذا سيتم الاكتفاء بذكر بعض نماذج المسؤولية الاجتماعية لعدد من الشركات، وهذا ليس قصورا في الشركات أو البنوك الأخرى غير المذكورة، إنما لأنه لا يمكن حصر هذه الأعمال جميعا في هذا الكتاب، ولعل في الإصدارات القادمة يتم توثيق نماذج أخرى للمسؤولية الاجتماعية في الشركات .

الأهداف الاستراتيجية لمسار المسؤولية المجتمعية لشركات القطاع الخاص:

تهدف شركات القطاع الخاص ضمن استراتيجيتها بتجديد مسارها لمسؤوليتها الاجتماعية وفق عدة مسارات :

1- زيادة الوعي بقيم المسؤولية المجتمعية للشركات .

2- إطلاق شراكة تنموية مستدامة بين القطاعين العام والخاص .

3- تعزيز الإدراك العام لمفهوم ممارسة المسؤولية المجتمعية .

4- تشجيع الشركات على تطبيق نظم عمل المسؤولية المجتمعية .

5- تنظيم وتوجيه مساهمات الشركات نحو المشاريع التنموية المجتمعية .

مجالات المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص:

تتنوع مجالات المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، وتعمل في عدة مجالات وفروع، كالمجالات التعليمية والاجتماعية والصحية والإنسانية والبيئية والثقافية حتى يساهم القطاع الخاص في النهضة الحضارية والتنمية المستدامة التي تنشدها المجتمعات والدول، ومن المجالات التي تقوم بدعمها الشركات :

المجالات التعليمية والتربوية:

  • إنشاء بعض مباني مدارس التعليم العام والكليات الأهلية غير الربحية والتي تعمل على تعليم الطلاب والطالبات في التخصصات التي يحتاجها الوطن .
  • إنشاء المعاهد المتخصصة لتعليم الحاسب الآلي للحصول على الرخصة الدولية واللغة الإنجليزية بدون مقابل أو بمبلغ رمزي، وتدريب الطلاب في فترة الصيف على مهارات حياتية مهمة يحتاجونها مثل مهارة البيع والشراء ومهارة تعلم إصلاح الكهرباء والسيارات .
  • دعم الطلاب الفائقين من خلال برامج تدريبية داخليا وخارجيا، فالكثير من الطلاب المتميزين بحاجة إلى دعم ومساندة من خلال رعاية تفوقهم ورعاية المبتكرات والاختراعات .
  • ابتعاث الطلاب والطالبات للدراسة في الخارج على حسابها، وخاصة في التخصصات العلمية، وإنشاء كراسي البحث العلمي في الجامعات ودعمها لتحقيق أهدافها البحثية والتعليمية .
  • دعم برامج الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس والجامعات، وتوفير جميع ما يحتاجه الطالب لتطوير قدراته العلمية .
  • تشجيع البحث العلمي من خلال رصد ميزانيات سنوية في مجال التعليم لتطويره، وإيجاد برامج تدريبية تنتهي بتوظيف الطلاب والطالبات بعد تخرجهم، وهذا سوف يساهم في التحاق الكثير منهم ببرامج التدريب، ودعم المشروعات الصغيرة لتشجيع الخريجين والخريجات للنجاح والمساهمة في تطوير أعمالهم ودخول عالم القطاع الخاص، دفع رسوم الطلاب من ذوي الأسر المتعففة وقليلة الدخل المادي لتمكينهم من مواصلة تعليمهم .

المجالات الاجتماعية:

  • تخصيص نسبة من الأرباح لدعم المؤسسات الخيرية، ودعم مؤسسات العمل الخيري لتأدية أعمالها وتنفيذ مشاريعها، ودعم البحوث الاجتماعية التي تعمل على دراسة المشكلات الاجتماعية .
  • إنشاء مراكز لكبار السن لمن ليس لديهم أسر ترعاهم، بحيث تعمل هذه المراكز على توفير جميع احتياجاتهم الخاصة، وإنشاء أندية اجتماعية في الأحياء لممارسة هواياتهم الخاصة للآباء مع أبنائهم والأمهات مع بناتهن، بحيث تحافظ على الخصوصية للأسرة، وهذه لها أبعاد اجتماعية لسكان الحي وأبعاد نفسية عند ممارسة الآباء والأمهات باهتماماتهم الرياضية مع أبنائهم، كما أن هذه الأندية تقدم مجموعة من المهارات الاجتماعية للأسرة، وخاصة في ظل عدم مقدرة المدرسة لهذه الخدمات للطلاب والطالبات .
  • إنشاء مراكز خاصة للأيتام وتوفير جميع احتياجاتهم اليومية، وتوفير المشرفات الاجتماعيات ومراكز للعب والترفيه، وبناء وترميم منازل للأرامل والمطلقات مناسبة المساحة والخدمات، بحيث يشعر جميع أفراد المجتمع بأنهم أسرة واحدة . إنشاء مراكز لمكافحة التدخين من خلال وجود العيادات المتخصصة للعلاج، وتقديم البرامج التي تساهم في الوقاية من التدخين، وإنشاء مراكز للعلاج من الإدمان طويلة المدى، ورعاية المدمن حتى بعد شفائه، وإنشاء قاعات للأفراح تكون شبه مجانية لمساعدة الراغبين في الزواج، وإيجاد فرص عمل للمواطنين والمواطنات في القطاع الخاص .

المجالات الثقافية:

  • إنشاء مراكز ثقافية تهتم بنشر الثقافة مثل إنشاء المكتبات العامة والمراكز الثقافية التي تنظم الندوات الأدبية والعلمية ورعاية وتنظيم المؤتمرات التي تقام في الدولة .
  • دعم الجوائز الوطنية والعلمية التي تقام في الدولة، وإيجاد جوائز خاصة بالمثقفين الذين قدموا خدمات للوطن .
  • دعم البرامج التي تهتم بالتراث، من خلال تشجيع المجتمع على الحفاظ على تراثهم .
  • طباعة الإصدارات الثقافية المتنوعة .

تقوم بعض الشركات التجارية بالتخصص في أعمال محددة المسؤولية الاجتماعية مثل :

  • الاهتمام بالجوانب الصحية وذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين توعية المجتمع بضرورة المحافظة على البيئة .
  • تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين وللدول المنكوبة .
  • تنفيذ الدورات والبرامج التدريبية لتأهيل أبناء الأسر المحتاجة لتوظيفهم وإيجاد عمل لهم، وتأهيل الشباب لقيادة المستقبل.

المجالات الصحية والبيئية:

  • بناء المستشفيات والمستوصفات، والمشاركة في الحملات الصحية، ورعاية المؤتمرات الطبية، وإنشاء الكليات الصحية المتخصصة .
  • تأسيس إدارة مختصة بالمسؤولية المجتمعية، وإدخال مفهوم المسؤولية المجتمعية في مؤسساتنا التعليمية، وتحديد العلاقة بين العمل الخيري والمسؤولية المجتمعية .
  • دعم جمعيات النفع العام المعنية بالبيئة والمحميات، وزراعة الأشجار ومكافحة التصحر .
  • دعم حملات تنظيف البيئة، وتنظيف الشواطئ والجزر من المهملات، ورعاية الفرق التطوعية العاملة في ذلك .
  • دعم الماراثونات الرياضية لتحفيز الجمهور على الاهتمام بالصحة العامة .

المجالات الإنسانية:

  • تقديم الدعم المباشر للجمعيات والمبرات الخيرية والمؤسسات الخيرية الحكومية لمعاونتها في استكمال مهامها .
  • دعم المشاريع الخيرية المتنوعة مثل إقامة المساجد ومراكز تحفيظ القرآن والمدارس والمستوصفات والمستشفيات وحفر الآبار وتنفيذ مشاريع ولائم إفطار الصائم ونحر الأضاحي ... إلخ .
  • دعم المشاريع الإنسانية الإغاثية في النكبات والمجاعات الناجمة عن الكوارث الطبيعية والحروب والصراعات في الدول، كسلال الغذاء والوجبات الغذائية، وتوفير المسكن المناسب والملابس والماء .. إلخ .
  • دعم مساعدة الأسر المحتاجة والمتعففة ورعاية أسر السجناء والأيتام والمحتاجين .

المجالات التطوعية والمسؤولية الاجتماعية:

  • دعم الجهود التطوعية والفرق التطوعية .
  • دعم المعارض والمؤتمرات التي تهدف إلى تحفيز الجهود التطوعية .
  • تخصيص أوسمة وشهادات تقدير لرجال وسيدات الأعمال والشركات الداعمة للمسؤولية المجتمعية، وإقامة المؤتمرات وورش العمل .
  • اعتبار المسؤولية المجتمعية هدفا من أهداف القطاع الخاص .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

كتاب : المسؤولية الاجتماعية في دولة الگويت التـــزام - ريـــــادة - تمـــــيز. إعـــــداد وتنفيــــــذ : مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني « فنار ». تقديـــم ومراجعة : د . عبدالمحســـــن الجـــــــــــارالله الخرافــــــــــــي رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية الكويتية.

الموقع الإلكتروني:

https://fanarkwt.com/2022/02/14/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%88%d9%8a%d8%aa/