خالد عبدالرحمن الرويشد

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
خالد عبدالرحمن الرويشد
خالد عبدالرحمن الرويشد

المولد والنشأة:

ولد خالد الرويشد - رحمه الله - عام ١٩٢٦ في سكة عنزة - منطقة القبلة.

الدراسة والمناصب:

درس المراحل الابتدائية الأولى على يد الشيخ قاسم حمادة، حيث كانت الدراسة والمناهج متواضعة، ولم تتطور في شكلها المنظم الآن، ثم ما لبث والده أن أخرجه من الدراسة ليعينه على العمل معه في مجال البشوت، وهي العباءة التي يلبسها الرجال في المناسبات، وقد كانت هذه هي صنعة والده، ثم تنقل من العمل بالبشوت إلى العمل بالزل، أي السجاد، ثم إلى بيع الحقائب، وكل ذلك يدل على أنه - رحمه الله — كان ميالا للعمل اليدوي الحرفي. ثم عمل بعد ذلك في وزارة التربية قسم المخازن، ثم انتقل إلى لجنة الزكاة في وزارة الأوقاف، ثم انتقل إلى بيت الزكاة وبعد هذا المشوار الطويل في التنقل من وزارة إلى وزارة عاد ثانية إلى تجارته، والتحق في نفس الوقت بدارالقرآن الكريم لحرصه على تعلم العلم.

تاريخه الدعوي:

عندما أسس العم عبد العزيزالمطوع - رحمه الله - جمعية الإرشاد الإسلامي عام ١٩٥٠ في منطقة المرقاب، كان خالد الرويشد من طليعة المؤسسين، مع كوكبة من رجالات الكويت آنذاك. أمثال عبد العزيز المزيني، ويوسف بن عيسى القناعي، ومحمد العدساني،وخالد سعود الفهيد وعبد الله سلطان الكليب رحمهم الله جميعا، كما أنه - رحمه الله - من أوائل المؤسسين للجان الزكاة،وخاصة لجنة زكاة العلبان لتي كان يرأسها الشيخ طايس الجميلي، ومن مؤسسي جمعية الإصلاح الاجتماعي في مطلع الستينيات.

الصفات الرئيسية:

كان خالد الرويشد - رحمه الله - كتلة من الأخلاق العالية، يجبر من يلتقي به على احترامه وتوقيره، يعلوه الوقار والسمت الحسن، كان طويل الصمت، ولا يتحدث إلا عندما يطلب منه، وما أندر هذه الصفة في هذا الزمان، ومن أبرز صفاته رحمه الله:

الهدوء وقلة الانفعال:

هذه الصفة هي الغالبة عليه، وما يتبع هذه الصفة من سعة الصدر والتحمل والصبر وينقل أبناؤه بأنه كان قليل الضرب لهم لشدة رقته.

حبه للدعوة والعلم:

كان - رحمه الله — يخجل الشباب لعلو همته، ومشاركته بالرغم من تقدم سنه في كل نشاط دعوي، حيث كان في أحد المخيمات الشتوية التي تقيمها جمعية الإصلاح الاجتماعي، قد لبس اللبس الرياضي، وبدأ يلعب معنا كرة القدم، والألعاب الشعبية، فكان هذا المنظر من أروع المناظر في ذلك المخيم، لم يكن - رحمه الله - يتخلف عن أي نشاط، وإن كان لا يناسب سنه، وما ذلك إلا بسبب حبه للدعوة، كما أنه كان حريصا على العلم، فقد دخل دار القرآن الكريم لتعلم العلم الذي حرم منه عندما كان صغيرا، وكان حريصا على قراءة كل كتاب يقع في يده، ومن شدة حرصه على العلم الذي فقده، فقد كان يدفع أبناءه وإخوانه للدراسة، ومن حبه للعلم، فقد حول ديوانه إلى مكان لحلقات العلم.

العاطفة:

كان — رحمه الله — عاطفيا، وكان يحب البنات كثيرا، ويزور المريض، ويتفقد المحتاج، ويكثر مرافقة أبنائه وزوجته في مرضها.

شدة الخوف من الله:

كان شديد الخوف من الله تعالى، مما جعل فيه صفة الورع بارزة، الأمر الذي جعله يبتعد عن كل شبهة، خاصة في المعاملات المالية كالأسهم أو العقار، وسوق الأوراق وغيرها، وخوفه من سؤال الله يوم القيامة يدعوه ألا يصبر عندما يرى منكرا حتى ينكره بالحكمة والموعظة الحسنة، وخوفه من الله أصل فيه صفة التواضع للعامل والفقير والصغير.

صلة الأرحام:

كان — رحمه الله — متميزا في صلة الأرحام إذ كان يحرص على تجميع العائلة الكبيرة، والقيام بإصلاح ذات البين، عندما يدب الخلاف بين الأطراف، ولذلك كان أفراد العائلة يلجئون إليه عند كل خلاف، وكان يحرص - رحمه الله - على تحديد يوم أسبوعي يجمع الأسرة، وكان ينظم بعض الرحلات البرية وا لبحرية والحدائق للأسرة، حيث كان يعوض عدم حبه للسفر بمثل هذه الرحلات، ليزيد من لحمة أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة.

مواقفه الإنسانية:

كانت له مبادرات كثيرة في الإصلاح بين المختلفين، ومن ذلك أن أمه كانت تحتضر في المستشفى وفي أثناء الاحتضار كان شقيقه وشقيقته مختلفين، فأبى إلا أن يصطلحا حتى تعم البركة، وفعلا أصلح بينهما .

وكان له شقيق آخريريد الحج، فقال له: لا يمكن أن تحج، والله لا يقبل ذلك حتى تصطلح مع أختك، ومنعه من السفر حتى أصلح بينهما، وتم الصلح.

طرق تربيته لأبنائه:

كان - رحمه الله - لسمته الإيماني والجاد والهادئ الأثرالكبيرفي تربيته لأبنائه وبناته، وكان لصفاته العاطفية العامل الأكبرفي تغذيتهم بالقيم الإيمانية، والأخلاق الإسلامية، حيث كان من أبرز هذه الطرق التي كان يربيهم بها:

أولًا: التربية بالقدوة:

فما كان يأمرهم بأمر لا يقوم به، بل كانوا يرون ذلك الخلق متجسد فيه قبل أن يأمرهم بالتزامه، وخاصة الصلاة، فقد كان يوقظهم للفجر، وينتظرهم حتى يرافقهم إلى المسجد. وكان عندما ينصحهم بصلة الأرحام كانوا يرونه نموذجا فذا في بره بوالديه، وحرصه على صلة رحمه، وتجميع العائلة، وزيارتهم، والإصلاح فيما بينهم، وهكذا بقية الأخلاق كالتواضع والكرم، وحب الصحبة الصالحة.

ثانيًا: التغذية الصالحة:

إن من أهم واجبات الوالدين غرس القيم والأخلاق في نفوس أبنائهم، فكان - رحمه الله - يستغل الفرص في تحقيق هذا الهدف، وخاصة عندما يتجمعون للطعام، أو يذهبون في رحلات البر والبحر، يصلي بهم جماعة، ويذكرهم بفضل ا لجماعة وأهميتها، بل كان ذلك يتعدى إلى أحفاده فيوجههم ويعلمهم، ويغرس فيهم الفضائل.

ثالثًا: غرس التفاؤل:

فعندما تنزل بأحدهم المصيبة ويبتلى بالبلاء، فإنه يذكرهم بالله تعالى، بتقديم الفأل الحسن، سواء بما يصيبهم، أويصيب الأمة من المحن، ويبغض لهم التشاؤم والإحباط، بل كان دائما يفتح لهم أبواب التفاؤل والأمل.

رابعًا: صلة الأرحام:

إن من أبرز ماكان يلاحظه أبناؤه عليه حرصه على صلة رحمه،لذلك كان من أبرز ما تعلموه منه،ورباهم عليه هو اهتمامهم بصلة أرحامهم، وأهمية إصلاح ذات البين، لما لها من أجر عظيم، كما جاء في ا لحديث ا لذي رواه أحمد والترمذيب إسنادصحيح «ألا أخبركم باًفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» قالوا: بلى يارسول الله قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة».

خامسًا: الأمانة والقناعة:

يا لهما من صفتين عظيمتين، كان يحببهما لأبنائه، فالأمانة تكسب رضا الخالق ورضا المخلوق، وتكون موضع ثقة للآخرين، وهذا ما كان يطبقه في عمله، وخاصة في لجان الزكاة التي تحتاج إلى هذه الصفة بسبب إغراءات المال.

سادسًا: الهدوء والحلم:

ولأن هذه الصفة واضحة فيه، فإن من أكثرما تعلمه منه أبناؤه صفة ا لحلم وا لهدوء، وكانوا يلاحظونها فيه في أثناء تعامله معهم، ومع الآخرين فما رأوه يوما يغضب وينفعل، أويسيء للآخرين حتى وإن أساءوا إليه، لقد حباه الله بالحلم، الذي كان أحد أسباب محبه الناس له.

وفاته:

توفي عن تسعة وسبعين عاما، بتاريخ ٢٠٥/١٠/٢٠ بعد صلاته للمغرب واستعداده لصلاة العشاء، حيث وقع في الحمام وأصيب بانفجار في المخ، والدخول في غيبوبة، حيث مكث أسبوعين في المستشفى، ثم توفى.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح (دولة الكويت، المجموعة الأولى). عبدالحميد جاسم البلالي. ط1، 2013.

الموقع الإلكتروني:

https://www.eslah.com/wp-content/uploads/2023/10/wfa1_.pdf