خالد حمد الجيران

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
خالد الجيران
خالد الجيران

النشأة والدراسة:

هو خالد حمد صالح الجيران من مواليد عام ١٩٥١ منطقة الشرق، درس في الابتدائية في مدارس شرق، والتحق بمعهد المعلمين ثم أكمل دراسته في جامعة الكويت.

الوظائف والمناصب:

بعد تخرجه في جامعة الكويت عين مدرسا في مدرسة عمرو بن العاص في منطقة الروضة ثم ثانوية بيان في منطقة بيان، ثم عمل في وزارة الأوقاف، وتدرج بها حتى عين مديرا لإدارة المساجد، ثم تقاعد والتحق في لجنة مدارس النجاة الخيرية، ثم انتخب عضوا في مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت واستمرفيها حتى وفاته.

طبيعته وصفاته:

كان له الكثيرمن الخصال الطيبة، وكانت طبيعته الهادئة الرزينة، وسمته الإيماني وما يتبعها من صفات هي الغالبة على صفاته.. ومن هذه الصفات:

الحلم والتواضع:

كان إنسانا بسيطا، متواضعا، يتحدث مع العمال ويؤاكلهم، ويتحدث مع الأطفال ويلاعبهم، ويجري لهم المسابقات، ليس لأبنائه وأحفاده فحسب، بل يدعو صديقات بناته وأحفاده ليشركهم في المسابقات التي كان يهدف من ورائها غرس القيم والأخلاق بطريقة غيرةمباشرة، كما كان حليما لا يستعجل في اتخاذ القرارات، خاصة فيما يتعلق بالأمور الدنيوية تطبيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة" (صحيح الترغيب والترهيب ١٦٨/٣ ) وما جاء في صحيح مسلم (إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم، والأناة). وهذا ما يلمسه من يحتك فيه — رحمه الله - فهو ليس من النوع الذي يستفز عندما يستفزه الآخرون، وحتى مع الخدم لا تراه يغضب أبدا، بل كان ينصح أبناءه إذا غضبوا من بعض أخطاء الخدم أو لأي سبب آخر بالهدوء، وكانت السمة الغالبة في حل مشاكل أبنائه هي الهدوء والروية، وكان قبل اتخاذ أي قراريحب التثبت والتبين والسؤال والاستماع لجميع الأطراف، حتى يتأكد من صواب قراره قبل أن يتخذه.

بره بوالدته:

كان كثير البر بأمه، وكان يبالغ في توقيرها والاستماع إليها حتى وإن صرخت عليه، وكان يبر صديقاتها، ويأتي بالأمور التي يحببنها، ويقضي وقتا طويلا معها، كان لا يسافر مكانا قريبا ولا بعيدا إلا ويصحبها معه، حتى وإن كان مع أسرته، وكان دائما يتتبع ما ترغب فيلبيه لها، مما تحبه من الطعام والرغبات. وكان يحرص على أن تأكل معهم على مائدة واحدة، خشية من عدم رضاها.

العاطفة:

كان يملك عاطفة جياشة، خاصة حيال أهله وأبنائه وأحفاده وأقريائه وإخوانه بالله، ولذا كان كثير التواجد مع أسرته، بالرغم من عدم تقصيره في أمر دعوته، وكان حريصا على تواجد جميع أبنائه وبناته ووالدته على مائدة الطعام.

الربانية:

كان - رحمه الله - إذا صلى الفجر يمكث في المسجد يذكر الله تعالى ويقرأ القرآن حتى الشروق، وإذا صلى العصر يمكث كثيرا في المسجد ويقرأ القرآن، فمن يستطيع على ذلك هذه الأيام إلا الربانيون وهم قلة، وكان إذا لم يكن لديه ارتباط فإنه غالبا ما يأخذ مصحفه ويذهب أمام قفص طيور الزينة التي لديه ليقرأ أمامهم، وكان - رحمه الله - يستيقظ أغلب الليالي قبل ا لفجر؛ ويصلي ما كتب الله له حتى أذان الفجر، وكان لا يترك صيام الإثنين والخميس والأيام البيض، وكان كثيرالاستغفار، فدائما يلاحظه الآخرون وهو يستغفر.. هكذا كان - رحمه ا لله - حتى وفاته.

الكرم:

اكتشف أهله بعد وفاته أنه كان له صدقات جارية لبعض خالاته، وقد اتصل الكثير من الناس بعد وفاته وأفصحوا عما كان يخفيه عن أهله وأقرب الناس إليه، وهو مساعدته ورعايته وكفالته لأعداد كبيرة من هؤلاء المحتاجين، وكان يحث أفراد الأسرة والأقرباء على التصدق، وكان يشرف على جمع صدقاتهم لأعمال الخيرالمتعددة. وكان من كرمه أنه ما من مرة يذهب بها إلى السوق فإنه لا يكتفي بالشراء لنفسه، بل لا بد من الشراء لإخوانه وأخواته وبناته المتزوجات وخالاته، هكذا هي عادته لا يعرف الاكتفاء بالشراء لنفسه فحسب، بل لابد أن يشتري ويتبضع للآخرين، إنه كان يملك نفسا غنية، طيبة، محبة للخير، بعيدة كل البعد عن الأنانية، متعاليا على شح النفس، لأنه قد وضع الدنيا بيده ولا يمكنها من الاستقرار في قلبه، لذلك كان سلوكه هذا هو أحد أبرز معاني الزهد، والتي قد جني ثمارها في حياته وبعد مماته حبا عامرا له من القريب والبعيد، وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال في الحديث الصحيح "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس" (صححه الألباني - سلسلة الأحاديث الصحيحة ٩٤٤).

حبه لمساعدة الآخرين:

كان مولعا بمساعدة الآخرين وقضاء حاجاتهم، فما يطلبه أحد بأمر إلا قضاه له، بل كان يقف لكل من رأى سيارته متوقفة في الشارع لمساعدته وتقديم العون له.

المروءة في الأزمات:

إنما تظهر المروءة، وصفات الرجال في الأزمات، فعندما وقع الغزو العراقي واختار- رحمه الله - مكة المكرمة ليعيش فيها مع أهله وأسرته، حيث كان أثناء الغزو في الأردن، وقد هيأت المملكة جزاهم الله خيرا مكانا خاصا لسكن الكويتيين النازحين، فلما رحل خالد - رحمه الله - إلى السكن، وجد الكويتيين لا يعرفون كيف يتصرفون في الكثير من الأمور فبادر- رحمه ا لله - بتجميعهم وتطوع بالإشراف عليهم وتنظيم أحوالهم وكان لهذا الأمر الأثر الكبير في تيسير الكثير من أمورهم وانتظامها.

وفاته:

في تاريخ 28/6/2009 كان — رحمه الله - قد أعد العدة والترتيبات لحجز شاليه ودعوة الأهل والأقرياء والأحفاد إليه. وفي ظهيرة هذا اليوم وقبل توجههم إلى الشاليه، صلى الظهر في حارته، وإذا بشاب اسمه صلاح يصلي معه في المسجد، وأخبره برؤيا صالحة رآها يظهر فيها الأخ خالد وهو متعمم بعمامة خضراء مكتوب عليها (الله أكبر) وهو على تل أخضر وما أمامه من سهل كله أخضر يعج بالحياة والجمال، وعندما أخبره بهذه الرؤيا فرح الأخ خالد فرحا كبيرا ومن حينها كان يكثر من الابتسامة والضحك مستبشرا بما سمع، ثم توجه بعد ذلك هو وأهله إلى الشاليه، ووصلوا مع صلاة العصر، فأول ما بدأ به صلاة العصر، ثم تناول الغداء، وبعد ذلك نزل حوض السباحة ونادى كعادته الجميع وخاصة الأطفال للسباحة معه من بنات وأحفاد، وبينما هو يسبح جاءته الوفاة بسبب الغرق، ربما كان بسبب سكتة قلبية أوبسبب آخر، بالرغم من إجادته للسباحة، ولكنه قدر الله - سبحانه وتعالى — الذي جعل سبب وفاته الغرق لينال شرف الشهادة بإذن الله التي تمناها من قبل عندما ذهب إلى أفغانستان في بداية الجهاد ضد الروس الغزاة، وقبل أن ينحرف الجهاد، ولكنه لم ينل الشهادة هناك، فنالها بإذن الله في بلده وبين أهله حيث قال النبي — صلى الله عليه وسلم — (والغريق شهيد).


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح (دولة الكويت، المجموعة الأولى). عبدالحميد جاسم البلالي. ط1، 2013.

الموقع الإلكتروني:

https://www.eslah.com/wp-content/uploads/2023/10/wfa1_.pdf