خالد العيسى الصالح

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
خالد العيسى الصالح
خالد العيسى الصالح

خالد العيسى الصالح

رفضت المنصب الوزاري فكان رد الشيخ عبدالله السالم "ما عندك سالفة"

العم خالد العيسى الصالح: أنشأت شارع الخليج بإزالة امتداد البيوت وبدأت بمنزل حاكم الكويت ومفتيها

تركت دراسة الطب لإدارة شؤون العائلة بعد وفاة والدي وعملت في صناعة "الكاشي"

الحكومة أرادت فتح مصنع للكاشي فشكوت للشيخ عبدالله السالم فقال "يصير خير" وأغلق مصنعها تشجيعا للقطاع الخاص

أطمح إلى تأسيس جائزة للعمل الإنساني مشابهة لجائزة نوبل للسلام

أكد عضو المجلس الأعلى للتخطيط ووزير الأشغال الأسبق العم خالد العيسى الصالح كأحد رواد العمل الوطني والخيري في الكويت، أنه قدم العديد من الأفكار والمبادرات لإنشاء المؤسسات الحكومية والخاصة والتطوعية، بهدف خدمة الوطن والمواطن.

وقال الصالح خلال اللقاء الذي أجرته معه مجلة "فنار"، إنه قدم مع رفقائه فكرة إنشاء وزارة للشؤون الاجتماعية والعمل وإنشاء الحركة التعاونية في الكويت، وأول شركة بين القطاعين الحكومي والخاص وتأسيس الحركة التعاونية والعديد من المؤسسات والجمعيات الزراعية والحيوانية من أجل المساهمة في نهضة الدولة وتنميتها.

وأضاف الصالح إنني تركت تعليمي في كلية الطب واتجهت لسوق العمل بعد وفاة الوالد للحفاظ على الأسرة ورعاية مصالحها وأعمالها، وكانت البداية العملية من العمل في مجال صناعة الكاشي "البلاط"، مرورا بمجال الإعلام، ثم العمل في المجلس الأعلى للتخطيط ومنصب وزير الأشغال وصولا إلى قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والدواجن.

وبين الصالح انه بعد كافة المجالات التي خاضها في المجال الحكومي والتجاري، كان حتما عليه أن يخوض تجربة العمل الخيري لخدمة وطنه ومجتمعه، فقدم بعض الأعمال الخيرية مثل إنشاء مستوصف ومسجد الوفرة لخدمة عمال الزراعة في هذه المنطقة ومن ثم تأسيس مبرة العمل الصالح، وأخيرا اتحاد المبرات والجمعيات الخيرية الكويتية، والتفكير في جائزة دولية للعمل الإنساني على غرار جائزة نوبل.

مزيد من التفاصيل في سياق هذا الحوار...

كيف بدأت حياتك مع العلم؟

بدايتي كانت في المدرسة المباركية، ثم كُتّاب الملا عثمان، ثم أرسلني عمي مساعد الصالح مع أبنائه إلى مدرسة السيف في البصرة عام 1934، وعدت للكويت للدراسة في المدرسة الأحمدية عام 1936، واكملت دراستي الثانوية في المدرسة المباركية، وقام والدي بإرسالي إلى مصر على نفقته عام 1943.

وفي مصر أكملت دراستي في مدينة طنطا ثم المدرسة الإبراهيمية بالقاهرة، وبعدها دخلت كلية الطب في جامعة الإسكندرية.

وكيف انتقلت من دراسة الطب إلى الحياة العملية؟

تزوجت عام 1948 وكنت أنوي اصطحاب زوجتي معي إلى مصر، لكن بعد أول سنة لي في كلية الطب عدت للكويت في العطلة الصيفية، فأصاب والدي المرض ، وتوفي، وهنا لم أفكر في العودة مجددا لاستكمال دراستي، حيث كان مسئوليتي رعاية أمي واخواني وعددهم 9 إضافة إلى زوجتي.

"عاصرت سنوات الهدامة، وعملت في فريق تطوعي لتوزيع الطرابيل على الأسر المتضررة"

كيف بدأت حياتك العملية؟

كان الوالد قد اشتري معدات مصنع "كاشي" (بلاط)، مستعملة من إيران، ومواد خام من إيطاليا، وأسمنت ووضعها في حوطة إيجارها الشهري 50 روبية محل فندق الشيراتون حاليا، فقمت بتشغيل مصنع الكاشي. وقد ظل هذا المصنع إلى أن نقلته في عام 1953 إلى قسائم الشويخ التي منحتها الحكومة للشركات، وكان موقعه محل معرض البشر والكاظمي حاليا في الشويخ.

ما قصة توزيع روبيات على الفقراء في السوق؟

كان التجار الكويتيون يقومون كل يوم جمعة قبل صلاة الظهر بتوزيع الصدقات على الفقراء، الذين يمرون أمام دكاكينهم  كل تاجر امام دكانه، وكان عمي مساعد الصالح ووالدي عيسى الصالح لديهم دكان في سوق الغربللي، وفي كل جمعة يقومان بتسليم العمال رواتبهم، كما كانا يتصدقان على الفقراء، فتعلمت أنا وابن عمي داوود توزيع الصدقات في نفس المكان على الفقراء والمحتاجين.

ماذا تذكر عن إفطار الصائم في الدواوين في شهر رمضان قديما؟

كنا نطبخ الهريس ونقوم بتوزيعه على الفريج في رمضان.

هل تتذكر كيف كان أهل الكويت يتعاملون مع الحجاج القادمين من الهند والسند مرورا بالكويت؟

كانوا يأتون إلى الكويت سنويا سيرا على الأقدام للذهاب إلى الحج، وكان أهل الكويت يقدمون لهم الطعام واللباس والمبيت في الدواوين لعدة أيام ثم يسافرون إلى مكة. وقد كان لخالي بزيع الياسين حملة حج على الإبل، وكانت اكبر حملة لأنه كان يملك البعارين اللازمة لنقل هؤلاء الحجاج من الكويت إلى مكة، وقامت زوجة جدي "منيسة" بالحج في هذه الحملة.

هل تذكر لنا قصص بناء عائلتكم للمساجد، وإخراج الزكاة؟

بنى عبدالعزيز المطوع مسجد بالفريج اسمه المسجد (العود) وكان بينه وبين المسجد ديوانية فقط، وكنا نصلي فيه يوميا.

وأذكر زكاة الشيخ يوسف القناعي، فقد كان أبناء العائلة يجتمعون بمكان ما في السوق ويجمعون الزكاة لتوزيعها من خلال ديوانه على ما أتذكر، كما أذكر علي عبدالوهاب المطوع الذي كان يخرج زكاته.

ما الذي تتذكره عن أحداث سنة الهدامة؟

الهدامة الأولى كانت في عام 1934 وكانت أمطارا شديدة ملأت الطرق والساحات وكان الخارور (مجرى الماء) يصب الماء في البحر، عند بيت الشيخ صباح الناصر، وقد ضرب الكويتيون أروع الأمثلة في التلاحم والتكاتف، فعندما تهدمت البيوت ساعد الكويتيون بعضهم البعض، أما في سنة الهدامة الثانية عام 1954، فقد كنت مع المتطوعين، وكان حمد الرجيب ناظر للمدرسة وقتها، وكنا نجتمع في المعارف، وقد شكل الشيخ عبدالله المبارك فريقا تطوعيا برئاسة الشيخ صباح الأحمد، لتوزيع الطرابيل على البيوت لوقايتها من الأمطار، أما البيوت التي تهدمت، فنُقل أصحابها للمدارس للسكن فيها مؤقتا لحين ترميم بيوتهم.

هل تروي لنا ذكرياتك في المدرسة المباركية؟

كان لدينا مدرس حِرفي فلسطيني اسمه فيصل الطاهر وكان يدرسنا الرسم، والأشغال اليدوية، وقام بعمل جمعية تعاونية في المدرسة المباركية على أن يتولاها يوميا اثنين من الطلبة وكنت أنا أحدهما.

ما قصة تأسيس الحركة التعاونية في الكويت كونك أحد روادها؟

حينما سكنت بالشامية، تقدمت مع أصدقائي عبدالله وسليمان العثمان، وعبدالله الشملان، بطلب لوزارة الشئون الاجتماعية والتي كان يتولاها صديقنا حمد الرجيب لتأسيس جمعية الشويخ والشامية، ومن الصدف العجيبة أن جمعية كيفان قدمت طلبا لتأسيسها قبلنا بيوم، وكان ذلك في عام 1962، وهنا بدأت الحركة التعاونية في الكويت.

"قدمت اقتراح إنشاء دائرة الشئون الاجتماعية وترأسها الشيخ صباح الأحمد كأول حكومي له"

أيضا كنت أول من قدّم فكرة تأسيس وزارة الشئون الاجتماعية؟

الشيخ صباح الاحمد يجلس كل أربعاء في نادي المعلمين، فقابلناه أنا وحمود المقهوي وعقاب الخطيب وحمد الرجيب، واقترحنا عليه إنشاء دائرة الشؤون الاجتماعية، لتنظيم عمل الأجانب، بعد أن عانينا من مشكلة مع أحد الميكانيكية الأرمنيين، فطلب مني الشيخ صباح الأحمد الحضور لمجلس الشوري، وقام الشيخ عبدالله السالم بتصدير القرار بتأسيس دائرة الشئون الاجتماعية، وتم كتابة القرار بإضافة كلمة "العمل"، فكان اسمها دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وكان مديرها حمد الرجيب ويرأسها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وهو اول منصب لسموه.

كيف انتقلت من مجال تصنيع "الكاشي" إلى الصحافة؟

قبل المجلس التأسيسي في عهد الشيخ عبدالله السالم، كانت توجد (المطبعة العصرية)، وهي شراكة بين جماعة فلسطينيين وحجي تقي الصفار الذي قمت بشراء حصته، وأصدرنا جريدة الهدف، وترأس تحريرها المرحوم محمد مساعد الصالح لمدة ستة اعوام ثم استقال، ثم ترأست تحريرها عام 1961، ومن بعدها تم اختياري في مجلس التخطيط.

ما علاقة الصحافة باختيارك وزيرا في الحكومة؟

من خلال رئاستي لتحرير جريدة الهدف، كنت أحضر المجلس التأسيسي قبل صياغة الدستور، واكتب مقالي "سوالف الأيام" وكان يتابعها الشيخ عبدالله السالم ويعلق عليها ثاني يوم، وحدثت أزمة لأول حكومة فقمت بالاتصال برئيس الوزراء وقتها الشيخ صباح السالم، وسألته عن الأزمة، فطلب مني الحضور، وعرض علي منصب وزير دولة في الحكومة، فشكرته على ثقته وأبلغته أنني لا أصلح لذلك، لكنه طلب تأجيل قراري إلى ما بعد مقابلة حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم، وعندما قابلته قال لي "ما عندك سالفة"، فوافقت لكني طلبت أن أحمل حقيبة وزارة الأشغال العامة لخبرتي في هذا المجال، واستلمت الوزارة في عام 1964.

ما قصة إنشاء شارع الخليج العربي؟

كنت افكر في عمل طريق يصل المناطق في الكويت عن طريق البحر، فسألت مفتي الكويت عمي الشيخ يوسف القناعي عن كيفية فصل الملكية العامة عن الخاصة، فأخبرني بأن البحر هو من يحددها، فذهبت إلى الأمير الشيخ صباح السالم وأبلغته بذلك، فكان رده "أنا أول من ستبدأ ببيته"، فقمت وقبّلت رأسه، ثم ذهبت إلى الشيخ جابر الأحمد رئيس الوزراء وقتها، فكان رده "أخاف تنفذ علينا وتعجز عن غيرنا"، فطلبت 3 سيارات كبيرة مخصصة للقمامة، فألقيت أول درب عند منزل الشيخ صباح السالم والثاني عند بيت المفتي يوسف بن عيسى القناعي، والثالث عند بيت الشيخ جابر الأحمد عند قصر دسمان، فمن يردني بعد أن بدأت بهم؟! وهنا بدأنا شق شارع الخليج العربي بإزالة امتداد البيوت على الخليج.

في ريعان شبابك كان هناك موقف بينك وبين حاكم الكويت الشيخ عبدالله السالم؟

قامت حكومة الكويت بافتتاح مصنع للكاشي، فذهبت رأسا إلى قصر الشيخ عبدالله السالم، وبعد تقديم الشاي والقهوة، وبدا لي أنه مستغرب في ذاته لأنني لست معروفا لديه، فأبلغته بأن افتتاح الحكومة لمصنع كاشي، كأن الدولة لا تريد لمواطنيها أن يعملوا في هذا المجال، فإما أن نغلق نحن مصنعنا أو تغلق الحكومة مصنعها، فكانت كلمته التي لا زالت ترن في أذني إلى اليوم "يصير خير"، ومن بعدها تم إغلاق مصنع الحكومة.

لكن قبل تعيينك في وزارة الأشغال تم اختيارك في مجلس التخطيط الذي بقيت فيه حتى عام 2017؟

الشيخ عبدالله السالم كان صاحب رؤية مستقبلية ثاقبة، فشكل مجلس التخطيط قبل الدستور، حتى يكون بمثابة عقل باطني لتقليل الاحتكاك بين الحكومة ومجلس الأمة بعد وضع الدستور، وكان عدد أعضائه 4 أعضاء وهم أنا وجاسم الصقر، ويوسف إبراهيم الغانم، ويعقوب الحمد.

فموقفي مع الشيخ عبدالله السالم وأنا شاب بقي في ذاكرته إلى أن اختارني ضمن مجلس التخطيط، وبقيت فيه حتى توليت منصبي كوزير للأشغال، ثم عدت إليه بعد تركي للوزارة.

كيف تأسست شركة الصناعات الوطنية

في عام 1958 كان الشيخ جابر الأحمد وزيرا للمالية، وكان يريد بيع مصنع الطابوق الرملي الجيري الذي كان بطريق المطار، فاقترحت بيع نصفه، وقمت بدخول مناقصة الشراء مع بعض التجار، وقامت الحكومة بتأسيس شركة الصناعات الوطنية لإدارة النصف الخاص بها، وهي أول شركة مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص في الكويت. ومن بعدها تم تنفيذ هذه الفكرة في الشركات المساهمة الحكومية والمواطنين.

ما قصة إنشاء مبرة العمل الصالح؟

بعد أن أكرمني الله وعملت بالتجارة والصناعة والمقاولات والزراعة والإعلام، كان لابد أن أشكر الله تعالى على ما أنعم علّي، فاتجهت لوزارة الشئون الاجتماعية لتأسيس مبرة العمل الصالح الخيرية، كما أسسنا العام الماضي اتحاد المبرات والجمعيات الخيرية الكويتية.

ما أهم الأعمال التطوعية الخيرية التي ساهمت فيها؟

اسست جمعية تعاونية الوفرة الزراعية بموافقة أصحاب المزارع في عام 1977، وهي أول جمعية زراعية تعاونية في الكويت. ومن بعدها أنشأت مسجدا ومستوصفا طبيا لخدمة المزارعين والمقيمين هناك.

وقد اقترحت على بعض أصدقائي من مزارعي العبدلي عمل جمعية تعاونية في العبدلي، فتم تأسيسها، وأسسنا جمعية للثروة الحيوانية وجمعية مربي الدواجن، ومن بعدها أسسنا اتحاد جمعيات مزارع الوفرة والعبدلي، والجمعية التعاونية المشتركة للإنتاج والتسويق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

مجلة فنار، العدد 4 ، ديسمبر 2018.