جابر الأول بن عبدالله الأول بن صباح الأول (حاكم الكويت الثالث)

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية
حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية

مولده:

وُلد الشيخ جابر الأول عام 1158 هـ - 1745 م.

توليه الحكم:

حكم الشيخ جابر العيش عام ١٨١٤م بعد وفاة والده حاكم الكويت الثاني الشيخ عبدالله الأول.

أولاده:

كان له من الأولاد اثنا عشر ولداً، وهم (صباح، وهو الذي تولى بعده (وعبدالله وخليفة وسلمان ومحمد ومجرن) مقرن (وعلى وحمود وجراح ومبارك وشملان ودعيج).

سبب تسميته ب «جابر العيش»:

تم تسمية الشيخ جابر الأول ب «جابر العيش» ؛ لكرمه وعطفه على الفقراء، فقد بنى عند بيته عريشاً خصصه لطبخ العيش (الأرز) وتوزيعه على الفقراء، وكان يأمر بفرش (السُمط) في الأسواق العامة ويضع عليها الأرز واللحم ويدعو الجميع للأكل ويقوم حرسه بمنادات الناس للأكل، وهو ما أكده الشاعر الأحسائي محمد بن مسلم الشيخ جابر العيش بقصيدة يمدحه بإطعامه للناس في عريشه الذي بناه فيقول:

إلى مَنْ جا العصر **** نادوا عبيده

هلُّم إلى العَشاء ****  يا اللّي تريده

تزيد مُرُوَّته   ****   الله يزيده

وفضل الله        ****   جَزْلٍ بالعطية

الشيخ جابر يقوم بكل ذلك رغم قلة الإمكانات المادية آنذاك، وكان يقول: (إن لأهل الكويت علينا حقوقاً عظيمة، ولو كان تحت يدي ثروة طائلة لقمت بحاجات الفقراء والمحتاجين منهم إلى أن يموتوا).

صفاته:

كان جابر العيش عاقلاً حليماً حازماً محباً لأهل بلده ساعياً إلى راحتهم  ويقول عنه مؤرخ الكويت الشيخ عبدالعزيز الرشيد  كان جابر عاقلاً حليماً حازماً كريماً يضرب بكرمه المثل وقد سمي جابر العيش لكثرة ما يتصدق به على الفقراء والمساكين ، ومن الغريب أنه مع هذا البذل العظيم لم تكن له من المصادر التي يستقي منها إلا نزراً يسيراً  فقد عُرف عن الشيخ جابر الكرم في أي مكان كان.

فقد عاش فترة في البحرين في عهد والده الشيخ عبدالله الأول ، وكان جابر يكرم الناس ويضيفهم، وقد نزل به مرة ضيفاً في البحرين ليلاً ولم يكن عنده ما يضيفه به ، فذهب إلى جاره  (أبو هناء) ليشتري منه شاة، ولكن أبو هناء أهداها له مجاناً ، وعندما توفى والده الشيخ عبدالله الصباح استدعى أهل الكويت جابر ليحكمها وعاد للكويت ليكون حاكماً عليها بعد والده ، وفي سنة من السنوات زار أبو هناء الكويت ليشتري تمراً من الشيخ جابر ، فباعه الشيخ التمر وأخذ منه نصف المبلغ المطلوب إكراماً له، ورداً لجميله الذي كان منه في البحرين حينما أهداه الشاة للضيف.

حبه للعلم والعلماء:

كان الشيخ جابر محباً للعلماء موقراً لهم، فعندما ارتحل الشيخ عبدالجليل الطبطبائي من البحرين إلى الكويت واستقر فيها عام 1842 م، فأرسل رسالة إلى أمير الأحساء أحمد السديري يقول له:

«فإني أحمد الله بخير، وقد ألقيت عصا الترحال ... ، واتخذت الكويت دار إقامة، وقد قابلني واليها (الشيخ جابر الأول) بأتم وقار، وعاملني بالكرامة وحسن الجوار».

ولقد رأينا اهتمام العلماء في عهد الشيخ جابر بنسخ الكتب ونشر العلم، فقد نسخ عبداللطيف عبدالرحمن المطوع التميمي كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي عام 1850 م.

كفاحه:

عاش الشيخ جابر العيش حياة كفاح وعطاء وبذل، لتأمين أمن الكويت وأهلها، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، ونصرة المظلومين، وتقديم المساعدات الكثيرة للقبائل المجاورة وللدولة العثمانية، مما أثار الإعجاب والدهشة، رغم قلة إمكاناته.

وصفه بـ "كريم الجزيرة العربية" :

وهو ما أكده بندر السعدون زعيم قبيلة المنتفك الذي مدح الشيخ جابر في إحدى مجالسه فقال:

من الذي يستحق وصف الكريم في هذه الجزيرة فقال الحاضرون جميعاً أنت أيها الأمير فقال: ما الكريم في الحقيقة إلا (جابر الصباح) أخو مريم (الذي كان يبسط) الحُصُر (في الأسواق ويملأها من (التّمّنْ) أي الأرز للمحتاجين وليس له واردات تغنيه، أما أنا فلا فخر لي وكثير من أماك البصرة بيدي .

من أعماله الخيرية:

كان للشيخ جابر قطعة أرض كبيرة في شط العرب (الفاو) في العراق، وكانت تحتوي على كوت أو حصن كمأوى ومخزن، فلما هدم البحر جانباً من الكوت أرسل رجاله لإعادة بنائه واستقبال اللاجئين واستضافتهم وإطعامهم في الكوت، وكان يخصص لهم مجاناً أراضي للسكن ويقرضهم لتعميرها.

بنائه لسور الكويت:

تعرضت الكويت في عهد الشيخ جابر العيش لعدة أزمات منها:

غزوة بندر السعدون زعيم قبيلة المنتفك (من أشهر قبائل العراق) للكويت، عندما رأى تهدم سور الكويت فرصة لغزوه، لكن أبناء الكويت سارعوا لإعادة بناء السور وترميمه عام 1845 م  وجعلوا له ست بوابات ومدافع حوله، وفزع أهل الكويت مع حاكمهم للإسراع في بناء السور وترميمه ، وكانوا يرتجزون بقول شاعرهم:

قُل لبندر قُل له **** لا يغره ماله

الأطواب جَرَتْ له **** والسور يُبنى له

مما دعا بندر للعدول عن غزو الكويت.

دفاعه عن الكويتيين:

قتلت قبيلة النصار - وهي قبيلة تسكن الجهة الشرقية من شط العرب - رجلاً من آل الدبوس فهب الشيخ جابر والكويتيون معه بسفنهم إلى قبيلة النصار وهزموهم وفرّوا، وحاول عدد من أبناء الكويت تعقب المنهزمين لقتلهم، لكن الشيخ جابر منعهم من ذلك ورجعوا إلى الكويت.

استقلال الدولة وتأمينها للخليج العربي:

في سنة ما جاء الكويت جماعة من الإنجليز وطلبوا من الشيخ جابر أن يرفع العلم البريطاني فرفض وقال إن الدولة العثمانية جارتنا ، وقد طلبت الحكومة البريطانية من الكويت تأمين سواحل الخليج العربي من القراصنة فوافقت الكويت وعقدت مع بريطانيا عام 1840 م المعاهدة البحرية الكويتية البريطانية تتعهد فيها الكويت على حفظ الأمن في الخليج ومحاربة أعمال القرصنة على السفن في البحر، وقد قامت الكويت أيضاً في عهد الشيخ جابر بمناصرة المظلومين، فقد استقبل الشيخ جابر رئيس قبائل المنتفك راشد السعدون عندما التجأ إلى الكويت وأكرمه وأحسن إليه  وحين زار راشد السعدون الكويت مرة فلم يجد جابر، فقامت أخته مريم الصباح بدور الضيافة والكرم والوفادة، فأكبر راشد نباهة تلك المرأة وكرمها الحاتمي

وفي عام 1822 م اتفق الشيخ جابر مع ممثل إبراهيم باشا، الأبن الأكبر للوالي العثماني محمدعلي باشا في مصر، على تسهيل مرور القوافل والسفن المصرية في الكويت.

فزعة الكويتيين لفعل الخير:

تعرضت الكويت في عهد الشيخ جابر العيش إلى موجة غبار أحمر، قطع المواصلات البحرية عام 1831 م وتعطلت مصالح أهل الكويت ولزموا بيوتهم ولم يخرجوا إلا بالليل حتى سمى الكويتيون هذه الأزمة بالسنة الحمراء (الغبار الأحمر)، ففزع أهل الكويت لقضاء حاجات الأسر، وتناوبوا في قضاء حاجات بعضهم البعض، وضربوا أروع المثل في التعاون والتكاتف، وابتهلوا إلى الله بالدعاء حتى زال عنهم الكرب.

فقد عُرف عن أهل الكويت العمل الخيري الإنساني والتطوعي على مدى أربعة قرون.

مساعداته الخارجية:

لم تكن المساعدات التي يقدمها الشيخ جابر العيش وأهل الكويت لداخل الكويت فقط، بل كانت تصل إلى الدول المجاورة، ولدولة الخلافة الإسلامية (الدولة العثمانية) التي كانت بعض القبائل العربية تتمرد عليها، مما اضطرت إلى أن يرسل حاكم مصر محمد علي عام 1819 م ابنه إبراهيم باشا في حملة إلى الجزيرة العربية لإخضاع تلك القبائل المتمردة، وطلب من الكويت مساعدته في ذلك فوافقه الشيخ جابر، وتم الاتفاق على السماح للسفن المصرية للنزول في ميناء الكويت حينما تدعو الحاجة لنزولها فيه تسهيلاً لمهامها عند لزوم الحاجة لذلك ، ففي عام 1242 هـ الموافق 1824 م خرجت بعض القبائل العراقية على الدولة العثمانية واحتلت البصرة ففزعت الكويت حكاماً ومحكومين لنجدة الدولة العثمانية وخرجواً بسفنهم وأعادوا البصرة للدولة العثمانية وشكرت الدولة العثمانية الشيخ جابر.

سفن الكويت ورحلاتها إلى الحج:

كما قامت الكويت بمساعدة الدولة العثمانية أيضاً عام 1253 هـ الموافقة 1838 م لاستخلاص المحمرة من قبيلة بني كعب، فقصدت الكويت المحمرة بأسطولها البحري واستخلصتها منهم، وأرجعوها في حكم دولة الخلافة الإسلامية الدولة العثمانية وأعطته 150 كارة من التمر وأعطته فرماناً شاهانياً ومرسوماً وعلماً عثمانياً لونه أخضر.

استضافة الحجاج:

بالرغم مما كانت تعانيه الكويت من أزمات أمنية بحراً وبراً، إلا أنها كانت تبذل كل جهودها لحماية الكويت ومساعدة القبائل المجاورة وإعانة الدولة العثمانية في بسط نفوذها وأمنها ، كما كان للكويت دور في استقبال حجاج بعض الدول المجاورة مثل إيران، حيث تعتبر منطقة كاظمة ومنطقة الجهراء موقعاً لتجمع الحجاج للإنطاق إلى الحج عبر الحدود الكويتية، كما كانت الكويت محطة لاستقبال حجاج الهند والسند السنادوة( الذين كانوا يمرون عبر الكويت قادمين من الهند مشياً على الأقدام للذهاب إلى الحج، فقد كانوا يلتقطون أنفاسهم في الكويت لعدة أيام، وكان أهل الكويت يقدمون لهم الطعام واللباس والمال، ويسكنونهم في البيوت والدواوين والمساجد فترة استراحتهم في الكويت ، ثم يسايرون الحملات الكويتية في طريق الحج.

وقد تعرض الحجاج الكويتيون مع حجاج إيران والبحرين والأحساء والقطيف في منطقة الدّهناء إلى قطّاع طُرق سلبوا أموالهم وقتلوا بعضهم، وفرّ بعضهم في الصحراء، وذلك عام 1845 .

فلم يكن الأمن مُستتباً في الصحراء، مما اضطر حجاج الكويت في تلك السنوات إلى الذهاب إلى الحج عبر السفن الخشبية من الكويت إلى ميناء جدة عبر البحر الأحمر.

فقد حج في عام 1853 م والد الشيخ محمد الصالح الإبراهيم ووالد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والحاج شاهين الغانم .

الأعمال الخيرية في عهده:

بناء المساجد:

حرص أبناء الكويت في عهد جابر العيش، على بناء المساجد وحفر الآبار والتبرع بالأوقاف الخيرية والأثاث والوصايا الخيرية في عهد الشيخ جابر العيش.

فقد بنى يعقوب الغانم مسجداً عام 1818 م تم تسميته مسجد الخالد لأن المحسن حمد الخالد قام بتجديده عام 1922 م وقد أثنى عليه وعلى عائلته الكريمة (عائلة الخالد) الشيخ يوسف بن عيسى القناعي.

كما أثنى الشيخ عبدالعزيز الرشيد على حمد الخالد بقصيدة أيضاً عن تجديده للمسجد.

كما ساهم عدد من أبناء الكويت بالتبرع بأوقاف خيرية للصرف من ريعها على خدمات هذا المسجد. كما بنت المحسنة الكويتية ملكة بنت محمد غانم الجبر الغانم مسجد القطامي عام 1834 م.

في عهد الشيخ جابر العيش، وقصة هذا المسجد بأن زوجها محمد بن صقر الغانم أصبح بديناً ولا يستطيع الذهاب للمسجد البعيد عن البيت، فبنت مسجداً قريباً من بيتها ليصلي زوجها في المسجد.

وتبرعت بوقفين خيرين، أحدهما لسكن الإمام، والثاني لمدرسة تحفيظ القرآن الكريم، وبعد أن قامت بتوسعة المسجد تبرعت بوقف خيري لسكن أبناء السبيل.

كما بنى المحسن محمد بن باشق الحمدان القناعي مسجده )مسجد الحمدان( عام 1844 م، وبنى أيضاً المحسن عبدالله الفهد مسجداً في عام 1858م.

وبنى أهل فيلكا مسجد القرينية قبل عام 1839 م.

فريضة الزكاة:

حرص أبناء الكويت على إخراج فريضة الزكاة وتوزيعها على المحتاجين والمستحقين من الفقراء والمساكين.

الأوقاف الخيرية:

تبرع عدد من المحسنين في عهد الشيخ جابر العيش بالعديد من الأوقاف الخيرية التي يتم صرفها على ذرية الواقفين، وعلى إطعام الطعام ورعاية المساجد ومساعدة المحتاجين وعموم الخيرات، ومن هؤلاء المتبرعين الواقفين الذي وردت أسماؤهم في سجل العطاء للأمانة العامة للأوقاف:

  • محمد صالح حسين العدساني عام 1821 م
  • يعقوب عبدالله أبو حمرا عام 1824 م
  • مريم بنت عثمان بن سري القناعي 1825 م
  • عيدة بنت سلمان 1837 م
  • ناصر العبادي 1846 م
  • ثويني الدواس
  • خالد عبدالله محمد العدساني 1853 م
  • عبدالله محمد صالح العدساني 1853 م
  • علياء حمدان السفري 1855 م

الوصايا وا لأثلاث الخيرية:

وتبرع عدد من المحسنين في عهده بأثلاث ووصايا خيرية ليتم صرف ريعها بعد وفاتهم على أعمال الخير، ومن هؤلاء:

  • ميثا بنت مصبح عام 1847 م.
  • محمد بن السيد يوسف 1858 م، وتبرع أيضاً بوقف خيري.

استقرار الدولة أواخر عهده:

اتسمت الفترات الأخيرة من حياة الشيخ جابر الأول بالأمن والأمان والاستقرار والهدوء، فتوسعت الكويت وزاد عدد سكانها، وقام الشيخ جابر مع أهل الكويت بتمديد السور نحو الغرب، ليحمي الكويت وشعبها، ومن يقيم فيها.

وفاته:

تُوفي الشيخ جابر الأول رحمه الله في 1859 م، وحكم بعده ابنه الشيخ صباح الثاني.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

حكام الكويت مآثر خيرية ومواقف إنسانية، تأليف د.خالد يوسف الشطي، ط1، 2022م، مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني - فنار.

الموقع الإلكتروني:

https://fanarkwt.com/2022/05/31/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D9%85%D8%A2%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%81-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-3/