المدرسة المباركية عام 1911م
بداية التعليم في الكويت:
كان التعليم في الكويت قديماً عبارة عن جهود تطوعية فردية، فقد أسس عدد من أبناء الكويت مدارس أهلية تسمى « الكتاتيب » وقاموا بجهود كبيرة في تعليم أبناء الكويت العلوم النافعة والتي كانت تقتصر على القرآن الكريم واللغة العربية وبعض مبادئ الحساب، ومع تزايد عدد أبناء الكويت برزت الحاجة إلى إنشاء مدارس أهلية نظامية تقوم بالتعليم، وتُضيف علوم أخرى كالتاريخ والفقه الإسلامي وعلوم الحساب واللغة العربية، وغيرها من العلوم المتنوعة التي برزت الحاجة لإضافتها في مناهج التعليم.
كما أظهرت مجموعة من نساء الكويت المتطوعات لتأسيس كتاتيب لتعليم الفتيات، وقد قمن بدور كبير في تعليم بنات الكويت في ذلك الزمان.
قصة بداية تأسيس المدرسة المباركية
في ليلة المولد النبوي 12 ربيع الأول 1328 ه الموافق 22 مارس 1910 م اجتمع عدد من علماء ووجهاء الكويت في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، يستذكرون العبر والدروس في هذا المولد العظيم للنبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي دعا إلى العلم والأخلاق والقيم الحميدة، فدعا الشيخ ياسين الطبطبائي إلى ضرورة إنشاء وتأسيس مدارس نظامية تعليمية تستوعب أبناء الكويت الذين أصبحت الكتاتيب الأهلية لا تكفي أعدادهم المتزايدة ولا تُلبي احتياجاتهم التعليمية من المواد والمقررات الدراسية، وكان لكلام الشيخ ياسين الطبطبائي أثر إيجابي على الجالسين، ما دعا الشيخ يوسف بن عيسى القناعي للمبادرة إلى تجهيز ورقة الاكتتاب الخيري التي اعتاد أهل الكويت على إعدادها عند الأزمات وعند احتياج أهل الكويت لها.
الموافقة على تأسيس المدرسة:
اتجه الشيخ يوسف بن عيسى القناعي للشيخ ناصر المبارك الصباح، وهو ابن حاكم الكويت الشيخ مبارك الكبير، وعرض عليه فكرة إنشاء المدرسة المباركية، فوافق على
تأسيسها بعد مشاورة والده حاكم الكويت آنذاك الشيخ مبارك الكبير، كما أبدى الشيخ مبارك موافقته على التبرع بريع بعض مزارع النخيل في العراق التي يمتلكها آل الصباح، لتسيير وتشغيل المدرسة.
رئيس مجلس إدارة المدرسة:
أصبح الشيخ ناصر المبارك الصباح هو رئيس المدرسة المباركية، حيث يقوم بالإشراف عليها ومتابعة أمورها، ثم خلفه بعد ذلك السيد حمد الخالد الخضير منذ عام ١٩١٢م إلى عام ١٩٣٦م،حينما تأسست دائرة المعارف، والتي هي بمثابة وزارة التعليم
تبرعات المدرسة:
افتتح الشيخ يوسف بن عيسى القناعي ورقة الاكتتاب من خلال تبرعه بمبلغ خمسين روبية، وكان لا يملك ذلك المبلغ، واعتبره دَيْناً عليه، ثم انطلق إلى أصدقائه من تجار الكويت لدعوتهم إلى التبرع لإنشاء المدرسة.
فتبرع شملان بن علي آل سيف الرومي ب 500 روبية وتبرع حمد الخالد الخضير ب 500 روبية وإبراهيم المضف ب 500 روبية، وتم تمرير ورقة الاكتتاب على تجار الكويت والمحسنين فكان إجمالي التبرعات ) 12500 روبية، وتبرعت عائلة الخالد بالأرض لبناء المدرسة، وتبرعت السيدة سبيكة الخالد بأرض ملاصقة لتلك الأرض لتوسعة مساحة بناء المدرسة، وتشكلت لجنة لجمع التبرعات لاستكمال المبلغ المطلوب للبناء، وأرسلت اللجنة رسالة للمحسِنَيْ السيد جاسم الإبراهيم والسيد عبدالرحمن الإبراهيم المقيمين في الهند للتجارة، فتبرع السيد جاسم الإبراهيم بمبلغ 30000 روبية وتبرع السيد عبدالرحمن الإبراهيم ب 20000 روبية، وتم استكمال المبلغ المطلوب،
بل زاد المبلغ عن المطلوب، وتم تشكيل لجنة لاستثمار المبلغ الفائض والصرف من أرباحه على تسيير المدرسة.
بناء المدرسة:
تم البدء في البناء في محرم 1329 ه وتم الانتهاء من البناء في رمضان 1329 ه الموافق 1911 م، وافتتحت المدرسة أبوابها للتعليم في 1 محرم 1330 ه الموافق 22 ديسمبر 1911 م وتم تسمية المدرسة بالمباركية نسبة إلى أمير دولة الكويت في ذلك الزمان الشيخ مبارك الصباح.
مدراء المدرسة:
- تم تعين أول ناظر ومدير للمدرسة الشيخ يوسف بن عيسى القناعي واستمر في إدارتها ثلاثة أعوام ١٩١١ - 1914 م
- يوسف بن حمود 1914 - 1915 م
- السيد عمر عاصم 1915 - 1917 م
- عبدالعزيز الرشيد 1917 - 1919 م
- السيد عمر عاصم عاد مرة أخرى لإدارة المدرسة واستمر حتىعام 1926 م
- السيد محمد الخراشي المنفلوطي 1926 م
- السيد عمر عاصم 1926 - 1936 م
وبعد انتقال المدرسة لإدارة الحكومية عام 1936 م تولى إدارة
المدرسة كلاً من:
- أحمد شهاب الدين
- كامل بنقسلي
- أحمد إسماعيل
- محمد علي رشدي
- عبدالمجيد مصطفى
- محمد أحمد عبده
- صالح جمال محمد
- عبدالملك الناشف
لجنة إدارة أموال المدرسة:
تم تشكيل لجنة مالية للمدرسة تُعنى بإدارة الأموال والصرف على المدرسة، وتكونت اللجنة من السادة حمد الخالد ) أميناً للصندوق( وعضوين هما السيد شملان بن علي آل سيف الرومي، والسيد أحمد الحميضي.
عائلة الخالد تشرف على استثمار أموال المدرسة:
وقد تم استثمار أموال الجمعية لدى عائلة الخالد الكرام الذين لهم أيادي بيضاء في الكويت، وقد امتدحهم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي بقوله:
إنْ قيل من هم في الكويت أولي المكارم والمحامد
الطيبون المحسنون على المدارس والمساجد
الراحمون الثابتون على المبادئ والمقاصد
لأجبتهم هذي الصفات تجمعت في آل خالد
وقد استثمر آل خالد أموال المدرسة في استثمارات عدة؛ حيث تم شراء المحلات التجارية ومجموعة من السفن واستثمارها، ليتم صرف ريع تلك المشاريع على مصاريف المدرسة، ولقد وثقت عائلة الخالد أعمال هذه اللجنة ومسيرة المدرسة خال سنوات عطائها بجمع الوثائق والمستندات الخاصة بالمدرسة والتي حرصت عائلة الخالد على جمعها وإصدارها في كتاب بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الكويتية.
واستمرت المدرسة في إدارة شؤونها الأهلية والمالية حتى عام 1936 م عندما أسّست الكويت دائرة المعارف وهي بمثابة وزارة التربية والتعليم، لتنتقل المدرسة المباركية من الإدارة الأهلية إلى الإدارة الحكومية.
المدرسون في المدرسة المباركية:
درّس العديد من علماء الكويت ومربيها في المدرسة المباركية أثناء الإدارة الأهلية من ١٩١١ إلى عام ١٩٣٦م، كما قَدِم إلى الكويت عدد من المعلمين والعلماء الذين درّسوا فيها أيضاً، ومن مدرسي المدرسة المباركية تلك الفترة:
- الشيخ أحمد الخميس - الشيخ أحمد السيد عمر
- عبدالملك بن صالح المبيض - محمد أحمد الحرمي
- الأديب محمود شوقي الأيوبي - جمعة بن جودر
- خليفة بن خميس - يوسف العمر
- عبدالمحسن عبدالله البحر - عبدالعزيز الفارس
- عثمان عبداللطيف العثمان - سالم الحسينان
- عبدالرحمن علي الدعيج - محمد زكريا الأنصاري
- محمد بن علي الإسماعيل - عيسى مطر
- إدريس بن جاسم الإدريس - سعد المجرن
- محمد عبدالله الوهيب - حجي جاسم الحجي
- عبدالعزيز محمد العتيقي - الشيخ محمد النوري
- عبدالله عبداللطيف العمر - حمود ملا علي
- الشيخ عبدالله محمد النوري - يوسف الحسن
- راشد السيف - هاشم عبدالوهاب
- هاشم سيد أحمد - أحمد البشر الرومي
- عقاب الخطيب - عبدالمجيد محمد
- خالد المسلّم - خالد النصرالله
- عبدالرحمن الرويّح - هاشم البدر
- ملا صالح العدساني
وغيرهم من أبناء الكويت الذين ورد ذكرهم في كتاب مربون من بلدي لمؤلفه د.عبدالمحسن الخرافي، وكتاب علماء الكويت في ثلاثة قرون لمؤلفه الباحث السيد عدنان الرومي، وغيرهما من الكتب والمراجع التي وثقت أسماء من قاموا بالتدريس في المدرسة المباركية من أبناء دولة الكويت، كما حضر عدد من العلماء والمدرسين من العالم العربي والإسلامي للتدريس في هذه المدرسة.
أما المدرّسون الذين قدموا للكويت للتعليم فيها ودرّسوا في المدرسة المباركية في بداية تأسيسها، منهم:
- الشيخ حافظ وهبة المصري
- الشيخ عبدالعزيز بن حمد المبارك الإحسائي
- الشيخ نجم الدين الهندي
- السيد عبدالقادر البغدادي
- الشيخ محمود الهيتي
الرسوم الدراسية:
كان الطالب الميسور مادياً يدفع مبلغ روبتين، والطالب متوسط الحال يدفع روبية واحدة، والطالب ضعيف الدخل يدرس مجاناً في المدرسة.
موظفو المدرسة:
قام عدد من أبناء الكويت بالعمل في المدرسة المباركية منذ تأسيسها في عام ١٩١٢م، حيث بذلوا جهوداً كبيرة ومشكورة في خدمة المدرسة ومدرسيها وطلابها.
وفي كتاب توثيقي للمدرسة بمناسبة مرور 50 عام على تأسيسها تم ذِكر السيد محمد بن سيّار، الذي بذل جهوداً كبيرة منذ تأسيس المدرسة، فكان يقوم بأدوار كثيرة؛ مثل متابعة غياب الطلبة وحضورهم، ومتابعة الأعمال الإدارية للمدرسة.
السيد محمد بن سيّار يتحدث عن تاريخ المدرسة المباركية في إحدى لقاءاته
المنهج الدراسي:
كانت المقررات الدراسية في المدرسة المباركية تشتمل على القرآن الكريم، والتفسير، والعقيدة الإسلامية، والفقه والفرائض، واللغة العربية، والتاريخ الإسلامي، والحساب، ومبادئ الجغرافيا، ومبادئ الهندسة.
أما مواد اللغة العربية فكانت تشتمل على الإنشاء والمحفوظات والقواعد والإماء والرسم والخط وأحياناً العَروض.
● كتاب التوحيد )مادة العقيدة الإسلامية( أحد مناهج المدرسة المباركية
أوقات الدراسة:
كانت الدراسة في المدرسة المباركية في الفترة الصباحية والمسائية، عبارة عن ثلاثة حصص صباحاً وحصتان مساءً، بن كل حصة وأخرى استراحة مدتها عشر دقائق، وكانت الدراسة طوال فترة السنة، عدا عطلة الربيع التي يقضيها الطاب والمدرسون في الذهاب إلى البر للراحة والاستجمام، وكانت مدة الدراسة خمس سنوات. الأنشطة الطلابية في المدرسة:
لقد كان لطاب المدرسة المباركية أنشطة طلابية تطوعية في المدرسة، من ضمنها أنشطة ثقافية ورياضية وترفيهية، وكان للطاب دور في عقد المحاضرات والاحتفالات في المناسبات الموسمية الوطنية والإسلامية؛ كما كان للكشافة في المدرسة المباركية دورٌ تطوعي بارز
في أنشطة المدرسة. وقد تطوع الطاب مع مدرسيهم لجمع التبرعات أثناء الأزمات والكوارث الطبيعية التي مرت بالكويت في تلك الفترة، مثل هطول الأمطار وتهدم البيوت وجمع التبرعات للدول الإسلامية المتضررة والمنكوبة مثل فلسطين ومصر والعراق، وكان جمع التبرعات يكون غالبا في المدرسة المباركية والأحمدية.
عدد طلاب المدرسة:
افتتحت المدرسة المباركية أبوابها عام ١٩١١م وسجّل فيها 254 طالباً في السنة الأولى، وفي السنة الثانية بلغ عدد الطاب 346 ، وفي السنة الثالثة 332 طالباً، وفي السنة الرابعة 341 طالباً، وفي السنوات التالية أصبح معدل الطاب فيها في الذروة 400 طالباً، وفي الحد الأدنى 160 طالباً؛ لأن عدداً كبيراً من الطاب يتركون الدراسة ويتجهون للعمل في البحر والغوص على اللؤلؤ.
أسماء طلبة الصف الرابع الابتدائي في المدرسة المباركية
انتقال المدرسة من الإدارة الأهلية إلى الإدارة الحكومية عام 19 36 م:
تعثّرت المدرسة في سيرها مادياً، بسبب الأزمات المالية التي مرّت بها الكويت، مثل أزمة ظهور اللؤلؤ الصناعي، واضطرت المدرسة لغلق أبوابها عدة شهور ما دعا عددًا من رجالات الكويت للاجتماع وفرض زيادة في الضريبة التي يقدمها التجار للحكومة طوعاً بنسبة %4.5 على الواردات وتم زيادتها 0.5 % لتصبح 5% وليكون نسبة %0.5 لدعم التعليم في الكويت، وتم إنشاء دائرة المعارف وهي بمثابة وزارة التربية في عام ١٩٣٦م، وتحوّل التعليم في الكويت من الإدارة الأهلية إلى الإدارة الحكومية،
مجلس إدارة المعارف:
وتشكل مجلس للمعارف بعضوية 12 عضوًا تم انتخابهم،
برئاسة شرفية للشيخ عبدالله الجابر الصباح، وهم كل من:
-عبدالله الحمد الصقر. - يوسف بن عيسى القناعي.
-خليفة شاهين الغانم - سليمان خالد العدساني.
- مشعان الخضير الخالد. - سيد علي سليمان السيد.
-مشاري حسن البدر. - محمد أحمد الغانم.
- نصف بن يوسف النصف. - أحمد خالد المشاري.
- سلطان إبراهيم الكليب. - يوسف عبدالوهاب العدساني
وقد ساهم عدد من أبناء الكويت في المشاركة في عضوية مجلس المعارف منذ عام ١٩٣٦م - حتى مطلع الستينات.
رئيس وأعضاء مجلس المعارف في أحد اجتماعاته
واستمرت الدراسة في مقر المدرسة المباركية بإدارة حكومية من عام 1936 م إلى عام 1985 م ثم تحول مقر المدرسة المباركية إلى مكتبة عامة - وهي المكتبة الوطنية ) المركزية (- وتم تسمية إحدى مدارس الكويت الحديثة باسم المدرسة المباركية تخليداً لذكرى أول مدرسة تعليمية نظامية أهلية تطوعية في دولة الكويت.
المراجع:
-1 تاريخ التعليم في الكويت - دراسة توثيقية - مركز الدراسات والبحوث الكويتية.
-2 قصة التعليم في الكويت في نصف قرن - الشيخ عبدالله النوري.
-3 اليوبيل الذهبي للمدرسة المباركية بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيسها.
-4 ١٠٠ عام من تاريخ التعليم النظامي في دولة الكويت - عبدالله خلف.
-5 المدرسة المباركية - بدر الزوير.
-6 تطور التعليم في الكويت - أ. فوزية العبدالغفور.
-7 صفحات من تاريخ الكويت - يوسف بن عيسى القناعي.
-8 أرشيف المدرسة الخيرية المباركية في وثائق الخالد - د. عبدالله يوسف الغنيم.
٩- مربون من بلدي - د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي.
١٠ - علماء الكويت في ثلاثة قرون - عدنان سالم الرومي.
١١- العمل التطوعي الكويتي في أربعة قرون - د.خالد يوسف الشطي.
١٢- من هنا بدأت الكويت - عبدالله خالد الحاتم.
المصدر: كتاب من أوائل المؤسسات التطوعية والخيرية، د. خالد الشطي