ناصر إبراهيم ناصر الصقعبي

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
مراجعة ١٤:٥٠، ١٠ مايو ٢٠٢٥ بواسطة WikiSysopwk (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)

مولدة ونشأته:

ناصر إبراهيم ناصر الصقعبي
ناصر إبراهيم ناصر الصقعبي

ولد المحسن ناصر إبراهيم الصقعبي في 14 يونيو عام 1926م الموافق لعام 1346هـ، بمنطقة المرقاب في الكويت، بالقرب من موقع وزارة الدفاع سابقاً (سوق المسيل حالياً). وما إن جاء البشير بمولده، إلا عمت الفرحة أرجاء البيت، بقدوم هذا المولود السعيد، واختاروا له اسم (ناصر) تيمناً باسم جده لوالده يرحمه الله. ونشأ الوليد في بيت أسري تظلله المحبة وترفرف على جنباته السعادة والأخوة والمودة، في بيت العائلة حيث يعيش والده إبراهيم وأعمامه صالح وعبدالعزيز وعبدالله.

وكان للعائلة - شأن معظم العوائل الكويتية قديماً وحديثاً - ديوان يلتقي فيه أبناؤها ومعارفهم من الأهل والأصدقاء. وترجع أصول عائلة الصقعبي إلى قبيلة عنزة التي استقرت منذ بداية القرن الثاني عشر في منطقة القصيم في بريدة.

أوجه الإحسان في حياته:

تعددت أوجه الإحسان والخير في حياة المحسن ناصر الصقعبي وتنوعت، ولعل من أهمها ما يلي:

بناء مسجد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في صيدا:                   

كان المحسن ناصر الصقعبي يرحمه الله كثير التردد على لبنان الشقيق، لمتابعة أحوال تجارته فيها وزواجه منها، ولما لمس حاجة منطقة صيدا إلى مسجد يؤمه المسلمون، بعدما  أشار عليه بعض أهل الخير بذلك، لم يتردد الرجل وسارع بتنفيذ وبناء المسجد ابتغاء ثواب الله ومرضاته، وطمعاً في الفضل العظيم والأجر الذي وعد الله تعالى به بناة المساجد، في قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» رواه مسلم.

مسجد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه في صيدا (أسسه المرحوم ناصر إبراهيم الصقعبي عام 2002م)، ترفرف أمامه الأعلام الكويتية واللبنانية يوم الافتتاح

وبالفعل تم تأسيس المسجد الذي يعتبر من أكبر المساجد الجامعة في مدينة صيدا، وسمي مسجد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وافتتح للصلاة في 20 سبتمبر عام 2002م، برعاية مفتي صيدا الشيخ محمد ‏سليم جلال، ‏وحضر حفل الافتتاح القائم بأعمال السفارة الكويتية في لبنان - آنذاك - عبدالله الحربي ‏ والقنصل عصام النهام والملحق ‏الإعلامي في سفارة دولة الكويت ببيروت سالم الميع، وشفيق الحريري ورئيس جمعية «سيد الشهداء حمزة» الشيخ غازي حنينة وممثلون عن هيئات دينية وجمهور من سكان صيدا.

وبدأ العمل في بناء المسجد فعلياً بداية عام 2000م، وتم افتتاحه في سبتمبر 2002م، وتبلغ مساحة الأرض 5600م2، ومساحة المسجد الفعلية 325م2،ويبلغ ارتفاع سقف المسجد 5.5 أمتار، والمئذنة 23.5 متر، ويوجد بالمسجد مصلى للنساء له مدخل خاص ويقع في السرداب الأول، وتبلغ مساحته 160 م2، كما توجد مواقف للسيارات بالسرداب الثاني تحت مصلى النساء مساحته 760م2.

وطراز الهندسة المعمارية للمسجد تشبه الهندسة العربية الإسلامية التي راجت في جبل لبنان في العهد العثماني، فالمحراب صناعة دمشقية من الرخام الملون والمزخرف، وسقف الجامع زين بكورنيش من الجفصين ذو النقش الشرقي، وجميع واجهات المسجد مغطاة بالحجر الأبيض والأحمر الطبيعي (من منطقة أدلب في سوريا)، وكذلك القبة والمئذنة.

وقد كان يحق له يرحمه الله أن يسمي المسجد باسمه، فيخلد ذكره الطيب في تلك المنطقة، ولكنه آثر إنكار الذات وخمول الذكر في الدنيا الفانية ليكتسب الذكر الخالد في الحياة الأبدية السرمدية، وليحي اسماً علماً في الصدر الأول من التاريخ الإسلامي، وهو الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.

مسجد ومركز ووقف إسلامي في الهند:

ارتبطت دولة الكويت وشبه القارة الهندية بعلاقات تجارية قديمة ومتجددة منذ مئات السنين، وتضم الهند عدداً كبيراً من المسلمين وكثيراً من مناطق شبه القارة الهندية يعاني فقراً شديداً، والمسلمون في الهند أكثر من 22% من إجمالي السكان البالغ عددهم مليار وثلاثة وخمسون مليون نسمة، يتركز معظمهم في بعض المدن مثل حيدر أباد وأحمد أباد ثم ينتشرون في بقية الولايات.

ولذا ما إن علم المحسن ناصر الصقعبي يرحمه الله بحاجة إخوانه المسلمين هناك إلى مسجد، سارع بفعل الخير وتحقيق الهدف، ليس من خلال إنشاء مسجد فقط، بل مركز إسلامي كبير في المدينة - مدينة كيرلا - بجنوب الهند، وضم هذا المركز مسجداً جامعاً،

ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.

ولم يكتف رحمه الله بتأسيس هذا المركز بل حرص على توفير مصدر دائم للإنفاق منه على مصاريفه، فأقام رحمه الله وقفاً خيرياً ضم عدداً من المحلات التجارية ينفق من ريعها على المركز.

وهو بهذا قد جمع يرحمه الله بين أبواب للخير ثلاثة، لكل منها أجر عظيم عند الله تعالى في الآخرة وفضل عميم للمسلمين في الدنيا. أما ثواب بناء المساجد فلا يخفى على أحد، وأما تحفيظ القرآن فحسبنا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (رواه الترمذي)، وأما الوقف فهو باب للخير لا ينقطع، بل يستمر نهراً جارياً بعد وفاة المحسن، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعً عملُه إلا من ثلاثٍ صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ ينتفعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له» (رواه مسلم).

كفالة الأيتام:

كان المحسن ناصر الصقعبي يرحمه الله طرازاً فريداً من المحسنين، لديه همة عالية ورغبة صادقة في الجمع بين أطراف الخير جميعاً، فلم يخف عليه ما لكفالة اليتيم من أجر عظيم وشرف كريم، وحسب كافل اليتيم أنه رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فهو القائل: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى» (رواه البخاري).

ولذا سارع يرحمه الله إلى الولوج في هذا الباب، ليس بكفالة يتيم واحد، بل كفل عدداً من الأيتام في عدة دول، ومما يشرح الصدر ويسر النفس، أن ورثته الكرام - حفظهم الله وجزاهم خير الجزاء- قاموا بعمل وقفية مستمرة لكفالة هؤلاء الأيتام عن طريق بعض اللجان الخيرية الكويتية، بثقة تامة بمؤسسات العمل الخيري في الكويت.

صورة شهادة تقدير من جمعية إحياء التراث الإسلامي إلى أبناء المحسن الكريم وورثته لمساهمتهم في المشروع الوقفي (كنموذج لاستمرار العطاء).

حفر الآبار:

ولج المحسن ناصر الصقعبي يرحمه الله عدة أبواب أخرى للخير، رغبة فيما عند الله تعالى، ومنها حفر الآبار وسقي الماء الذي هو أفضل الصدقة عند الله تعالى كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ: «سَقْيُ الْمَاءِ» (رواه النسائي وابن ماجه). فأسس يرحمه الله عدد من الآبار كما يلي:

  • افتتاح بئر المرحوم ناصر إبراهيم الصقعبي بمنطقة تمايابلي بردتور، وقد تأسس بواسطة الجمعية الخيرية الإسلامية بمحافظة كدبة بالهند
  • افتتاح بئر المرحوم ناصر إبراهيم ناصر الصقعبي بمنطقة راجمبيت، وقد تأسس بواسطة الجمعية الخيرية الإسلامية بمحافظة كدبة بالهند، وفي الإطار صورة البئر قبل الافتتاح

تبرعاته من خلال اللجان الخيرية:

رغبة فيما عند الله من خير وثواب، تبرع رحمه الله من خلال اللجان الخيرية. وتشهد بتبرعاته ومواقفه الكريمة الكثير من الجمعيات الخيرية والقائمين عليها في داخل الكويت (مثل بيت الزكاة وجمعية العون المباشر وجمعية إحياء التراث الإسلامي وجمعية الشيخ عبدالله النوري وجمعية صندوق إعانة المرضى)، وخارجها (في البحرين ولبنان تحديداً).

كما تبرع من خلال اللجنة الشعبية لجمع التبرعات بمبالغ إجمالية قدرها 56250 د.ك (ستة وخمسون ألفا ومائتان وخمسون دينارا كويتيا). منذ عام 1980م وحتى قبل وفاته مباشرة. فقدم مساهماته يرحمه الله لدعم الانتفاضة الفلسطينية عام 1988م، ودعم الشعب الإريتري للحصول على استقلاله من أثيوبيا  عام 1981م، ودعم الشعب الأفغاني من خلال اللجنة الشعبية لجمع التبرعات عام 1980م.

وقد سار أولاده في نفس طريقه، فظلوا يرسلون تبرعاته رحمه الله كمساعدة لبعض الدول الفقيرة كما هي إلى اللجنة الشعبية، حتى بعد توقفها عن طلب التبرعات.

أثر تربيته في امتداد صدقاته:

الأبناء غرس الآباء، وليس غريباً أن يسير أبناء المحسن ناصر الصقعبي في درب الخير الذي سلكه أبوهم، وأن ينسجوا على منواله، فهم لا يزالون يقدمون الزكوات والتبرعات لعدد من الجهات الخيرية في البحرين والكويت وكذلك في الهند التي تم فيها حفر العديد من الآبار.

كما تكفل أبناؤه الكرام بكامل تكاليف إنشاء جامعة الصالحات للبنات بمنطقة أكادبا في حيدر أباد بالهند، بإشراف الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وهي تضم كلية للبنات وسكن داخلي، ومن المتوقع إنجازها في نهاية هذا العام 2008م.

ولديهم أيضاً نية لعمل مشروع خيري باسمه يرحمه الله، سواء داخل الكويت أو خارجها، نسأله تعالى أن يعينهم على تحويل هذه النية إلى عمل على أرض الواقع.

وفاته:

وبعد حياه حافلة بالعمل الخيري امتدت طوال ثمانية وسبعين عاماً (78)، أتى المحسن ناصر الصقعبي قدر الله المحتوم ووافاه أجله المعلوم فلبى نداء الله تعالى سعيداً بما قدمت يداه مستبشراً برحمه مولاه، وقد توفي يرحمه الله في الرابع والعشرين من أبريل عام 2004م.

الكلمات الدالة:

محسنون من الكويت - عمارة المساجد - الأعمال الخيرية والإنسانية.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة  للمحسنين الكويتيين)، ج8، 2008.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%208.pdf