خالد يوسف المرزوق

المولد والنشأة:
ولد خالد يوسف مرزوق محمد المرزوق في منطقة القبلة بمدينة الكويت عام ١٣٤٩هـ الموافق لعام ۱۹۳۱م، في عائلة تنتمي في أصولها إلى قبيلة السبيع العربية، وهي من فخذ الجمالين من بني عمر، ويعرف عن قبيلة السبيع أنهم عدنانيو الأصل ومن العرب المستعربة، هاجروا من الحجاز إلى وسط الجزيرة العربية وراء الكلأ والمطر .. ثم اعتنقت القبيلة الإسلام في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وينتهي أصلها إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وقد وفدت عائلة المرزوق إلى الكويت مبكرًا في النصف الأول من القرن الثامن عشر الميلادي، في عهد الشيخ عبد الله الأول بن صباح الأول (الحاكم الثاني للكويت وعندما قدم كبير العائلة مرزوق بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز السبيعي إلى الكويت، كانت لديه ثروة جيدة سهلت له الحياة؛ حيث جلب معه كل أملاكه من الإبل والغنم.
أوجه الإحسان في حياته
كانت للعم خالد المرزوق رحمه الله مساهمات طيبة في العمل الخيري بوجه عام رغبة في إسعاد الناس، وابتغاء الفضل من الله تعالى، والتماس ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : «مَنْ نَفْسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبٍ الدُّنْيَا نَفْسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَرَ عَلَى مُعْسِرٍيـ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» (أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة).
ومن أبرز مساهماته الخيرية ما يلي:
مركز الطب الإسلامي
أسس المحسن خالد المرزوق رحمه الله مركز يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الإسلامي على اسم والده ووالدته، وهو مركز متخصص في الطب الإسلامي، بدأ العمل رسميا في إنشائه عام ۱۹۸۲م، وتم افتتاحه يوم ۱۹۸۷/۲/۲۱م، ليكون صرحا إسلاميا معماريا وعلميا، برعاية سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله، وبحضور كبار رجال الدولة. وعلى رأسهم سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله رحمه الله وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه وألقى الراحل خلال حفل الافتتاح كلمة أكد خلالها أنه مهما بذلنا للديرة الحبيبة فهو أقل القليل تجاه ما قدمته لنا.
وقد بلغت تكلفة المشروع سبعة ملايين وسبعمائة ألف دينار كويتي، ويتكون من ثلاثة أدوار، بمساحة بناء خمسة عشر ألفا وخمسمائة متر مربع. ويقع ضمن منطقة الصباح الطبية التخصصية.
يتكون المركز من أربعة أجزاء رئيسة الجزء الأول : المركز الطبي بأقسامه بالإضافة إلى إدارة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الجزء الثاني: المسجد وملحقاته، الجزء الثالث الممرات المغطاة والحدائق الداخلية، الجزء الرابع: مواقف السيارات والحدائق الخارجية.
وللمركز جناحان يشغل الجناح الأيمن (مركز الطب الإسلامي)، (والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية والعلاج بالأعشاب، ويشغل الجناح الأيسر المسجد. كما يضم مكتبة واسعة وصالات للأجنحة، وقاعة مؤتمرات، وتستخدمه وزارة الصحة لتقديم الخدمات العلاجية للمترددين عليه، ويقوم بصرف الأدوية وهي مستخلصة بالكامل من النباتات الطبية، ويتم إنتاجها (الأدوية) داخل معامل مختبرات المركز.
ومن الجدير بالذكر أن المركز يعد أحد الإنجازات البارزة للكويت في مجال الطب الإسلامي: فهو خطوة جادة على طريق بعث التراث الطبي الإسلامي الزاخر، وتجسيد فعال للرؤية الشاملة للإسلام الذي عني بالإنسان روحا ونفسًا وجسدا وفكرًا، ويهدف إلى تخليد ما حققه السلف الصالح من علماء الطب المسلمين، ومواصلة جهودهم الجليلة في إرساء أسس النهضة الطبية في العالم، وتقديم كافة الخدمات الطبية لرعايا دولة الكويت، بالإضافة إلى أن يكون مقراً دائماً للمنظمة العالمية للعلوم الإسلامية.
ومن ناحية المعمار، يعد المبنى صرحاً إسلامياً ومعمارياً مشرفاً، يليق بمكانة الكويت ودورها الحضاري، ويعكس مدى وفاء وعطاء أبناء الكويت.
مسجد يوسف المرزوق ولولوة النصار للطب الإسلامي
وهو المسجد الذي أشرنا إليه ضمن مكونات مركز الطب الإسلامي والذي يشغل الجانب الأيسر من المركز. وتبلغ مساحته ١٣٦٧ متراً مربعا. وهو مكون من ثلاثة أدوار، ويتسع لألف وخمسمائة مصل بمساحة الفين وستمائة متر مربع، وتم بناؤه على الطراز الإسلامي، وهو متصل بمياني مركز الطب الإسلامي، وتصل بين الاثنين ممرات ذات طابع إسلامي مغطاة بالكامل، فيما استخدم الرخام المحلى بالنقوش الإسلامية للأرضيات بمساحة ٣٦٥٠ متراً مربعاً.
مليون دينار كويتي لإعادة تأهيل المركز والمسجد
تعرض كل من المسجد ومركز الطب الإسلامي الأضرار بالغة، أثناء الاحتلال العراقي الغاشم بسبب حساسية موقعهما الذي جعلهما في مرمى لكثير من قذائف الاحتلال الصاروخية على أبطال المقاومة في معسكر المباركية (G1). صبيحة يوم الاحتلال وما بعده، الأمر الذي تطلب من المحسن خالد يوسف المرزوق المباشرة في أعمال الترميم، حتى بلغت قرابة مليون دينار كويتي دفعها رحمه الله بشهادة ابنه فواز في مرحلة التحرير.
التبرع لمساعدة أشقاء العروبة
قال الشاعر (الحطيئة).
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه △ لا يذهب العُرف بين الله والناس
ففعل الخير لن يضيع عند الله في الدنيا والآخرة، ولا عند الناس، وترجمة لذلك وامتدادا لعادة أهل الكويت الذين جبلوا على فعل الخير والمبادرة إلى مساعدة الأشقاء العرب والمسلمين تبرع المحسن خالد المرزوق عام ١٩٨٢م الدعم العراق ونصرة شعبه الشقيق في الدفاع عن الأرض والكرامة العربية فعندما وجهت اللجنة الشعبية النداء لذلك، كان من أوائل المتبرعين هو وإخوانه حيث تبرعوا بربع مليون دولار أمريكي، كما تبرعوا مرة أخرى عام ١٩٨٦م بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار أمريكي مساهمة في هذه الحملة وأداء لحق الدين والجوار والعروبة.
تبرعاته من خلال شركة عقارات الكويت
لقد كان المحسن خالد المرزوق رحمه الله شجرة وارفة مباركة العطاء كثيرة الثمار، فامتدت مظلة عطائه وجوده حتى شملت الكثير من الجمعيات الخيرية التي خصص لها مبلغاً سخياً يدفع سنوياً، من خلال شركة عقارات الكويت التي أسسها رحمه الله وترأس مجلس إدارتها من عام ۱۹۷۲م حتى أكتوبر ۱۹۹۲م، والتي تبرعت بمبلغ كبير لصالح المجهود الحربي الكويتي، من خلال اللجنة الشعبية لجمع التبرعات وتم تكريمه رحمه الله من قبل سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمه الله على هذا التبرع السخي.
كما تبرع رحمه الله من خلال الشركة بمبلغ ۱۰۰۰۰۰۰ دولار (مليون دولار أمريكي) لمساعدة الشعب العراقي الشقيق عام ١٩٨٦م.
وفاته
وبعد رحلة عطاء وتميز امتدت عبر ٨٠ عاما، توفي العم خالد المرزوق في يوم الجمعة ٢ صفر عام ١٤٣٢هـ الموافق 7 يناير ۲۰۱۱م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
سلسلة مُحسنون من بلدي. إصدار بيت الزكاة - الكويت، الجزء الحادي عشر، 2016م.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%2011.pdf