رجا عبد الله الحباج العازمي
المولد والنشأة
هو رجا بن عبد الله بن مناحي بن رجا الحياج العازمي ولد عام ١٣٥١هـ الموافق لعام ۱۹۳۳م، ويرجع نسب عائلته إلى فخذ المساعدة من بطن غياض من قبيلة العوازم، وقد استوطنت عائلته في منطقة (شعبا في نجد منذ أكثر من ٣٠٠ عام ثم نزحت إلى إقليم سدير واستقرت في حوطة سدير في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وقدمت عائلة الحياج إلى الكويت منذ منتصف القرن ۱۹ واستقرت في فريج عليوه» بمدينة الكويت ومحيطها كمنطقة العدان وقرية الشعيبة والبدع.
وقد اشتهرت العائلة بالبر والإحسان وعمل الخيرات، كما اشتهر الجد مناحي بالطب الشعبي وكان ذا شأن كبير فيه فلقب بالمداوي، وكان يتنقل بين الكويت ونجد للتجارة، حيث اشترى العديد من الأراضي في منطقة الشامية بدولة الكويت في بدايات القرن العشرين استملكتها الدولة لاحقاً.
أما والده عبدالله فقد توفي إلى رحمة الله في سن مبكرة من حياته حيث قام على رعايته وأخيه راشد عمتهم عايضة مناحي الحجاج، وأحسنت تربيتهما، كما كان لأعمامه الذين نشأ وترعرع في كنفهم دور كبير في تربيته على العمل والاجتهاد وحب الخير والأمانة والتواصل الاجتماعي.
تزوج رجا الحياج - رحمه الله - مرتين الأولى من عائلة الحضري العازمي والثانية من عائلة براك السحلول العازمي، ورزقه الله - تعالى - بالذرية الطيبة خمسة أولاد هم مناحي وبراك وأحمد وعادل وفهد، واثنتا عشرة بنتا جعلهم الله جميعا خير خلف لخير سلف. وقد تلقى رجا الحباج - رحمه الله - تعليمه بمدرسة الشعيبة حتى نهاية المرحلة المتوسطة، ثم اتجه إلى الحياة العملية في سن مبكرة من حياته.
أوجه الإحسان في حياته
الإحسان أوسع أبواب العباد لنيل الجنان، والمحسن يتعدى خيره إلى غيره وخير الناس أنفعهم للناس، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم، وقد كان للمحسن رجا الحجاج العديد من أوجه الإحسان وأصناف البذل والعطاء في حياته، لكنه كان غالبا ما يكتفي بوصف فاعل خير لإخفاء الكثير من أوجه إحسانه - يرحمه الله - أو يقوم بوضع أسماء الآخرين على أعماله الخيرية التي يمكن إجمال ما عرفناه منها كما يلي:
أولا : عمارة المساجد وبناء المدارس
لا يخفى على أحد أهمية المسجد والمدرسة كليهما للإنسان، فالأول يهذب النفس ويغذي الروح ويرقى بالضمير، والثانية تربي الفكر وتغذي العقل وتوسع المدارك وتصقل المهارات فكلاهما يعد الإنسان كي يكون مواطناً صالحاً مطيعاً لربه، نافعاً لنفسه ولوطنه، ومن المساجد والمدارس التي أسسها يرحمه الله - ما يلي: -
مجمع راشد عبد الله الحياج العازمي (مسجد ومستوصف)
وتأسس في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية على نفقة المحسن رجا حجاج عبدالله العازمي - رحمه الله - وبلغت تكاليف تأسيسه وتجهيزه ٤٥٠٠٠ دك خمسة وأربعين ألف دينار كويتي)، وتأسس بواسطة إدارة النشاط الخارجي في بيت الزكاة بالكويت، حيث أطلق عليه اسم مجمع راشد عبدالله الحياج، وهو عبارة عن مسجد ومستوصف ودار مناسبات، حيث يحتوي المسجد على صحن المسجد بمسطح ٤٠٠ متر مربع وخدمات بمسطح ٧٥ متراً مربعاً، ومئذنة بارتفاع ٣٠ متراً من سطح الأرض، ومصلى للسيدات بمسطح ٦٠ متراً مربعاً، وتبلغ مساحة دار المناسبات نحو ٩٦ متراً مربعاً . ويضم المستوصف عدد 9 عيادات في طابقين ومعمل وصيدلية وإدارة وخدمات بمسطح قدره ۲۰۰ متر مربع، بالإضافة إلى حديقة داخلية بمسطح ۱۰۰ متر مربع
مسجد في المملكة العربية السعودية
تأسس على نفقة المحسن رجا الحياج - رحمه الله - في أواخر حياته في مدينة السفانية بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وفاء الأبناء عمومته هناك، وهو مسجد جامع بعد آخر مسجد أسسه - يرحمه الله - قبل وفاته وقد أطلق عليه اسم مسجد عثمان بن عفان، نسأل الله - تعالى - أن يجعله في ميزان حسناته.
مسجد هيا علي الحضيري (مجمع دار الفتيان)
أشرف المحسن رجا الحجاج - رحمه الله - وبواسطة جمعية الإصلاح الاجتماعي، قطاع آسيا وإفريقيا على بناء مسجد باسم هيا علي الحضيري عام ٢٠٠٠م في أندونيسيا ويتسع المسجد لعدد ٥٢٥ مصلياً، وتبلغ مساحته ٣٤٥ متراً مربعاً، بتكلفة إجمالية بلغت ٢١٦١٥ ديناراً كويتياً . حيث يتميز المسجد بكثرة المترددين عليه من أيتام وطلاب ومدرسين وإداريين وهو يوجد ضمن مجمع دار الفتيان.
بناء قاعة للمناسبات
من سمات المسلم الحق مشاركة الجميع في أفراحهم وأتراحهم، وآمالهم وآلامهم، ولا يتحقق ذلك إلا عندما تلتقي الوجوه وتتصافح الأيدي ويتقاسم الجميع لحظات الفرح والحزن، كما يتقاسمون لقمة العيش، ولقد أراد المحسن رجا الحجاج - رحمه الله - أن يزيد أواصر الترابط والود بين أبناء عائلته وأهالي منطقته، وأن يكونوا جميعا كالجسد الواحد، والبنيان المرصوص، فقام ببناء صالة أفراح لهم يلتقون فيها في أفراحهم - إضافة إلى لقاءاتهم المعتادة في دواوينهم وزياراتهم - مما يوثق عرى المحبة والود بينهم وتقع الصالة في منطقة الصباحية على طريق الملك فهد بن عبد العزيز السريع مباشرة، وهي تخدم حالياً أبناء المنطقة والمناطق المحيطة بها في مناسبات الأفراح ومناسبات التخرج وغيرها من المناسبات العامة.
الإحسان إلى الفقراء والمساكين وأبناء السبيل
ليس هناك أسوة وقدوة خير من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال عنه الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كثيرًا (3). سورة الأحزاب، ولقد تأسى المحسن رجا الحجاج - رحمه الله - بالحبيب - صلى الله عليه وسلم، فكان يداً حانية على كل فقير، وعوناً سخياً لكل محتاج ومسكين، فكان يقدم صدقاته وتبرعاته لمن يعرف ومن لا يعرف وبادر إلى مساعدة الأقارب والمعارف سراً ويقدم القرض الحسن للمعسرين ولا يطالبهم بالسداد، بالإضافة إلى التبرعات الدائمة للجان الخيرية ومنها جمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية إحياء التراث ولجنة مسلمي أفريقيا وبيت الزكاة، وكذلك المساهمة في تأسيس عدد من المشاريع الخيرية، وفيما يلي جانب من سندات قبض وقفنا عليها من تبرعاته من خلال الجمعيات واللجان الخيرية، على سبيل المثال:
- مبلغ ۲۰۰۰ دينار كويتي صدقة جارية بواسطة بيت الزكاة، بتاريخ ١٩٨٧/٥/٢٩م.
- مبلغ ۳۰۰۰ دينار كويتي لصالح الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بتاريخ ١٩٨٨/٥/١٤م.
- مبلغ ٥٠٠ دينار كويتي لصالح اللجنة الوطنية لجمع التبرعات لتأسيس السور الرابع بتاريخ ١٩٩٣/٤/٢٠م.
- مبلغ ۱۰۰۰ دينار كويتي لصالح دعم المجهود الحربي الكويتي من خلال اللجنة الشعبية لجمع التبرعات بتاريخ ١٩٩٥/٤/١٥م.
- مبلغ ١٣٥٠ ديناراً كويتياً تبرع لصالح مشروع إفطار الصائم (المساجد). بواسطة لجنة زكاة الصباحية والأحمدي التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، بتاريخ ١٩٩٩/٤/١١م.
- مبلغ ٧٥٠ ديناراً كويتياً، تبرع لصالح بيت القرآن التابع لجمعية الإصلاح الاجتماعي فرع الصباحية، وذلك عام ١٩٩٩م.
- مبلغ ۱۲۰۰ دينار كويتي تبرع لإفطار صائم رمضان الصالح لجنة زكاة الصباحية والأحمدي بجمعية الإصلاح الاجتماعي، وذلك سنة ٢٠٠٠م.
- مبلغ ۱۰۰۰ دينار كويتي لصالح لجنة الأسرة الصالحة بجمعية إحياء التراث الإسلامي إدارة بناء المساجد - المشاريع الإسلامية ، لجنة هدية)، بتاريخ ٢٠٠١/٩/٢٠م.
- مبلغ ۱۳۳۰ ديناراً كويتياً تبرع لصالح مشروع إفطار الصائم (المساجد).
رعاية الأيتام
لم يخف على المحسن رجا الحياج - ولا على أي محسن كويتي أو غير كويتي عبر الزمان والمكان - ما لليتيم من مكانة عالية ومنزلة سامية في الإسلام، وحسب المحسن كافل اليتيم شرفاً أن يكون رفيقاً للنبي - صلى الله عليه وسلم، في الفردوس الأعلى من الجنة، كما أخبر وهو الصادق المصدق عليه السلام: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
ولهذا عني المحسن رجا الحباج - رحمه الله - بهذه الفئة فأنشأ لهم عدداً من المراكز الرعايتهم وكفالتهم والإحسان إليهم، رغبة فيما عند الله - تعالى. فقد أسس - رحمه الله - داراً للأيتام في مدينة بيشاور بباكستان بواسطة جمعية الإصلاح الاجتماعي.
كما ساهم - رحمه الله - في بناء مجمع الرحمة للأيتام الذي تأسس بواسطة جمعية الإصلاح الاجتماعي، وذلك من خلال بناء دور ثان للأيتام في هذا مجمع بتكلفة زادت عن ۷۰۰۰ د.ك سبعة آلاف دينار كويتي) وذلك بتاريخ ١٩٩٩/٢/٩م.
مشاريع صحية
لقد عني المحسن رجا الحياج - رحمه الله - بإنشاء بعض المشاريع الصحية ممثلة في المستوصفات الطبية للعناية بصحة الإنسان وعلاجه وتقديم الرعاية الصحية اللازمة له، ويتضح ذلك من خلال تأسيسه مستوصفاً صحياً ضمن مجمع راشد عبد الله الحجاج العازمي الذي تأسس في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة بجمهورية مصر العربية كما ذكرنا آنفا، حيث يضم المستوصف 9 عيادات ومعملا وصيدلية بمسطح قدره ۲۰۰ متر مربع
حفر الآبار
لا يخفى على امرئ ما للماء من أهمية قصوى في هذه الحياة لكل الكائنات البشر والدواب والنباتات، وكل المخلوقات، وحسبنا في هذا قول الله - تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلِّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (۲۰). (سورة الأنبياء)، وقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم: "في كل ذات كبد رطبة أجر" (متفق عليه). وما كان للمحسن رجا الحياج - رحمه الله - أن يتردد في حفر العديد من الآبار في بعض الدول الإفريقية التي تعاني الجفاف والتصحر والمجاعات. ويمكن بيان بعض من هذه الآبار كما يلي:
- حفر بئري الخير والكرم في غانا : وذلك بإشراف بيت الزكاة، إدارة النشاط الخارجي، وتم افتتاحه يوم ٢٤ سبتمبر ۱۹۹۷م. .
- حفر بئر راشد عبد الله وعايضة مناحي في دولة غانا : وذلك بإشراف بيت الزكاة إدارة النشاط الخارجي، وتم الافتتاح بتاريخ ١٥ يونيو ١٩٩٧ .
- حفر بئري الخير والكرم في الصومال : وذلك بإشراف بيت الزكاة، إدارة النشاط الخارجي، وتم افتتاحه بتاريخ ٢٣ يوليو ١٩٩٦ م.
رعايته للوقف الخيري
أوقفت عمته عايضة مناحي الحجاج - وهي بمنزلة والدته لكونها من قامت على تربيته - قبل وفاتها إلى رحمة الله تعالى ثلثها الخيري العمل الخيرات والإنفاق في سبيل الله وجعلت المحسن رجا الحجاج العازمي الوصي على هذا الثلث، وقد قام رحمه الله بتنفيذ العديد من المشروعات الخيرية على نفقة ثلث عمته الخيري ومن ذلك مسجد عايضة مناحي الحجاج الذي تأسس في القطعة الرابعة بمنطقة الصباحية بدولة الكويت. كما أسس أيضاً معهد عايضة مناحي الحياج العازمي الأزهري في جمهورية مصر العربية بمدينة نصر على مساحة ٥٣٥م٢، وبلغت تكاليفه ٥٠٠٠٠ دينار كويتي، ويحتوي أربعة طوابق تضم عدداً من الفصول الدراسية مساحة الفصل الواحد ٣٥ م٢ ، ومسجداً ودورات مياه بمساحة ٨٤ م٢ ، وغرفة إدارة بمساحة ٣٢ م ٢ ، وغرفة للمدير ملحقاً بها دورة مياه بمساحة ٢٧ م. ومدخل المعهد ۲۱ م. كما يحتوي الدور الأول والثاني على عدد ثمانية فصول دراسية مساحة الفصل الواحد ٢٣٥، بالإضافة إلى الخدمات.
وفاته
بعد رحلة طويلة من العمل والكفاح والعطاء والبذل في سبيل الله ترجل الفارس عن جواده ولازم فراشه فتمكن المرض منه والتف حوله الأهل والأحباب في مستشفى العدان بالكويت وتفضل حضرة صاحب السمو أمير البلاد - حفظه الله ورعاه - بتخصيص طائرة أميرية مجهزة لنقله إلى لندن للعلاج وأبلغه بذلك سمو رئيس مجلس الوزراء (آنذاك) الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي زاره مع لفيف من الوزراء والمسؤولين نيابة عن سمو أمير البلاد. وقد توفي المحسن رجا عبدالله الحجاج العازمي إلى رحمة الله - تعالى بمستشفى رويال برمبتون بالعاصمة البريطانية لندن فجر يوم الجمعة ١٤٣٠/٦/٢٥هـ الموافق ٢٠٠٩/٦/١٩م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
الكويت. بيت الزكاة. سلسلة محســـــــــنون من بلـــــــدي ، ج10، 2013.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%2010.pdf