خلف راشد سعد الحربي

المولد والنشأة:
ولد المحسن خلف راشد سعد الحربي في عام ۱۳۱۳ هـ الموافق لعام ١٨٩٦م، وهو من أسرة الحربي المعروفة من قبيلة حرب من مسروح من بني علي من الدهيم. ولد في القصيم بمنطقة الأسياح. وقدم إلى الكويت عام ۱۹۱۰ تقريباً، وكان في الخامسة عشرة من عمره. وأقام رحمه الله بمنطقة الفحيحيل، ثم انتقل إلى منطقة المنقف، واستقر بها
أوجه الإحسان في حياته:
كان عمل الخير متأصلاً وراسخاً في شخصية المحسن خلف راشد الحربي رحمه الله؛ فكان حريصا على مساعدة المحتاجين، باذلا من ماله للفقراء والمساكين وذوي القربى وأبناء السبيل حريصا على الطاعة. وكان أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه، يتفقد أهله وجيرانه الذين كان سندا وعونا لهم بعد الله تعالى. وقد تعددت صور إحسانه رحمه الله فشملت ما يلي:
أولا: عمارة المساجد:
إن بناء المساجد وعمارتها من أفضل الطاعات وأقرب القربات إلى الله تعالى القائل في كتابه العزيز: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَوَةَ وَعَالَى الزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أَوْلَيْكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) (سورة التوبة : (۱۸).
ومن شدة حبه رحمه الله لبيوت الله تعالى وإعمارها، ساهم - رحمه الله - في بناء العديد من المساجد، ومنها :
إعمار أول مسجد بمنطقة المنقف :
اشتهر صاحب هذه السيرة المباركة بين أهالي المنقف بأنه كان مؤذناً وإماماً متطوعاً للمصلين. وكان قد جعل جانباً من بيته مسجداً تقام فيه الفرائض وصلاة التراويح والقيام في رمضان لعدة سنوات، ملتمساً الأجر من الله تعالى ، فقد ذكر عدنان سالم الرومي في كتابه (تاريخ مساجد الكويت القديمة قصة أول مسجد بمنطقة المنقف قائلا: «كان أهل المنقف في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات يضعون داخل منزل السيد خلف راشد الحربي خطاً من طوب طيني على الأرض كمصلى لإقامة الصلاة عليه. وفي رمضان كانوا يؤدون صلاة التراويح والقيام في هذا المصلي، ثم بعد فترة انتقلوا إلى أرض بجوار منزل السيد حبيب قريني العازمي اتخذوها مصلى، وكان السيد خلف راشد الحربي هو الذي يؤذن للصلاة، ثم قاموا ببناء مسجد على قطعة أرض تبرع بها السيد سعيد محمد السعيد وحفروا بئراً بجواره، وفي فترة الستينيات بنت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الشيرة) كمصلى في قطعة (٤) فلما نزح الأهالي إلى المناطق الجديدة هدمت هذه الشبرة .
بناء مسجد خلف الحربي بالفنطاس:
تم بناء هذا المسجد في القطعة السادسة بمنطقة الفنطاس في دولة الكويت من أموال المحسن خلف راشد الحربي عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ» (رواه البخاري ومسلم من حديث عثمان رضي الله عنه).
وقد قام ابنه الأكبر راشد - إنفاذاً لوصية والده - ببناء وتأسيس هذا المسجد على نفقة والده بشهادة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، حيث قالت الوزارة في كتابها الموجه لإدارة البلدية بتاريخ ١٩٨٦/١٢/٢٠م. لإصدار ترخيص البناء: (يرجى الإحاطة بأنه قد تقدم للوزارة السيد راشد خلف الحربي، وذلك لبناء مسجد بالمنطقة المذكورة، على نفقة والده خلف الحربي، وحيث إن الوزارة لا مانع لديها يرجى التكرم للإيعاز لمن يلزم المنحه الترخيص اللازم).
وبعد استصدار التراخيص الرسمية، تم البناء بفضل الله تعالى عام ١٤٠٨هـ الموافق لعام ۱۹۸۸م، وبلغت تكاليف بناء وتأسيس وفرش هذا المسجد - الذي أطلق عليه اسم مسجد المرحوم خلف راشد الحربي ٢٥٠ ألف دينار، ويسع ثلاثة آلاف مصل، ويضم مكتبة ومركزاً لتحفيظ القرآن الكريم، وتقام فيه سنوياً مسابقات حفظ القرآن الكريم وغيرها من - الأنشطة والمناسبات الإسلامية.
ثانياً: الوقف الخيري
حرص المحسن خلف راشد الحربي رحمه الله على إحياء سنة الوقف في مرحلة متقدمة من حياته - لعلمه بأنها من أفضل القربات إلى الله تعالى، وأنها وسيلة لاستمرار نهر الخير وتضاعف حسناته - بفضل الله - إلى ما شاء الله، مصداقاً صداقاً للحديث الذي رواه أبوهريرة رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات العبد انقطع عَنْهُ عَمَلَهُ إِلَّا عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَ صَدَقَة جارية، أو علم ينتفع به، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". رَوَاهُ مسلم. وقوله (صلى الله عليه وسلم): صدقة جارية، يعني: بعد الموت تبقى له هذه الصدقة لمن يحبس أرضًا تُؤجر، وتُصرف أجرتها على الفقراء والمساكين، وفي تعمير المساجد، وغيرها .
لذا أوقف رحمه الله وقفاً خيرياً بتاريخ ١٩٧٠/٥/١٤م، مسجلاً تحت رقم (۱۲۷) بإدارة التوثيقات الشرعية. وقد استمر هذا الوقف حتى عام ١٩٨١م، عندما أراد رحمه الله تعظيم هذا الوقف وزيادة الفائدة والأجر، فألغى الوصية الأولى، وأوقف ثلث ماله لدى إدارة التوثيقات الشرعية بالمحكمة الكلية بدولة الكويت في ١٢ رجب عام ١٤٠١ الموافق ١٩٨١/٥/١م، وجعل ابنه الأكبر راشداً وصياً عليه ينفقه في وجوه الخيرات والمبرات وعمل الإحسان وكل فعل خيري يعود نفعه عليه بعد موته، وفي الأضاحي والحج للموصي ولوالديه. ومع مرور الزمن وزيادة أسعار الأراضي، أصبح هذا الوقف خيرا وبركة كبيرة لكثير من المسلمين فزاد الوقف ونما بفضل الله تعالى، ثم بفضل الأوصياء عليه والناظر المشارك في رعايته (الأمانة العامة للأوقاف).
وفاته:
بعد حياة حافلة بالعمل الجاد والإنفاق في سبيل الله، وفعل الخير وخدمة وطنه الحبيب، توفي المحسن خلف راشد سعد الحربي إلى رحمة الله تعالى في شهر ذي الحجة من عام ١٤٠١هـ، الموافق لشهر سبتمبر من عام ۱۹۸۱م، وكان صائماً،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج13. بيت الزكاة، 2021.
الموقع الإلكتروني: