مبارك عبدالعزيز صالح الحساوي
المولد والنشأة:
ولد المحسن مبارك عبدالعزيز صالح الدحيلان "الحساوي"، عام 1344هـ الموافق لعام 1925م، في فريج سعود بحي القبلة في دولة الكويت، ونشأ نشأة أطفال الكويت آنذاك، وتراكض معهم في طرقات ترابية تتلوى بين بيوت من الطين.
وتعد سيرته - رحمه الله - هي صورة لعصامي كويتي رسمت الأقدار خطوطها العامة، وبالعزيمة والإرادة رسم الإنسان تفاصيل خطوطها الدقيقة، هو المحسن مبارك الحساوي الذي بنى على أرض الواقع ما بناه الآخرون في الأحلام.
أوجه الإحسان في حياته:
إن أعمال الخير والبر كثيرة، يمتد أثرها بعد وفاة المرء لينفعه في آخرته كما تنفعه في دنياه، ويبدو جلياً للعيان أن المحسن مبارك - رحمه الله - لم يفته من ذلك شيء، كأنه تتبعها واحداً واحداً، حتى أداها كاملة لينال الرضا من الله سبحانه، فكانت أعماله الخيرية ينبوعاً لا ينضب، مستمداً من وحي إيمانه بعقيدته وحبه للإنسان وتفانيه في تقديم العون والخير لكل محتاج.
عمارة المساجد
قال تعالى: ] وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (سورة الجن، 18)، إن بناة بيوت الله في هذه الأرض صنف مميز من المؤمنين يجتهد في نيل الأجر والثواب.
وكان المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - حريصاً على بناء المساجد وعمارة بيوت الله تعالى، وهذه أمثلة من مساجد بناها - رحمه الله:
مسجد الحساوي:
وهو مسجد أسسه - المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله – عام 1395هـ الموافق لعام 1975م في منطقة جليب الشيوخ، ويتسع هذا المسجد لعدد 2000 مصلٍ، ويوجد فيه مصلى للنساء ، وسكن للمؤذن والإمام، بالإضافة إلى مكان خاص للوضوء.
ويؤم المسجد عدد كبير من المصلين، لوجوده في منطقة سكنية مزدحمة.
وتم تجديد هذا المسجد بالكامل ولا تزال شركة المركز العقاري (ورثته) تراعي احتياجات المسجد من فرش وكتب وبرادات مياه وغيرها، بالإضافة إلى صيانته الدائمة.
وتقام في هذا المسجد موائد الإفطار لأكثر من 500 صائم يومياً طوال شهر رمضان المبارك سنوياً.
مسجد حبيبة البناي:
وقد أسسه المحسن مبارك الحساوي – رحمه الله – باسم والدته في منطقة المسيلة على شارع الخليج العربي في دولة الكويت، وهدم هذا المسجد وأعيد بنائه وافتتح فعلياً منذ عام تقريباً، ويقع بجوار فندق المسيلة، وقصر المسيلة (بيوت الحساوي)، ويتميز المسجد بالطراز الحديث في البناء ومساحته الكبيرة ومئذنته العالية، وتقام فيه ولائم الإفطار خلال شهر رمضان المبارك من كل عام.
مسجد الإمام الشافعي في عجمان بالإمارات العربية المتحدة:
واسم هذا المسجد مستمد من اسم الامام الفقيه الشافعي – رحمه الله – فهو يبعث في نفس داخله استشعار حياة الشافعي وفقهه ومجالسه وما أداه من خدمة لهذا الدين العظيم.
وقد تم إنشاء هذا المسجد المبارك عام 1978م، على أرض ممنوحة من قبل حكومة عجمان، ويتسع لحوالي ألف وخمسمائة مصل رجالاً، وبه مصلى خاص للنساء. وتوجد به مكتبة تتوافر بها أمهات الكتب الإسلامية والمراجع الفقهية، ويقع المسجد على الشارع الرئيس عند مدخل إمارة عجمان.
وتمت توسعته وصيانته وترميمه بالكامل عام 2003م، على نفقة المحسن مبارك الحساوي – رحمه الله - كما ألحق به سكن خاص للإمام والمؤذن.
مسجد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في الشارقة:
كلما تعددت المساجد التي أنشأها المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - تعددت - إن شاء الله - بيوته في الجنة على قدر أعماله وحسناته، فقد أنشأ - رحمه الله – مسجد علي بن أبي طالب رضي الله عنه عام 1976م، على قطعة أرض ممنوحة من حكومة الشارقة، وهو يتسع لحوالي (400) أربعمائة مصل رجالاً ونساءً، ويقع على الشارع الرئيس في قلب إمارة الشارقة وسط المجمعات السكنية والتجارية.
ولم يترك - رحمه الله - هذا المسجد بعد بنائه بل حرص على العناية به والاهتمام بصيانته، فكان يتم تجديد أو صيانة مكائن التكييف المركزي كل ثلاث أو أربع سنوات، ويتم كذلك فرش المسجد بالكامل بالسجاد على نفقته - رحمه الله - من ماله الخاص، وزيادة في الفضل ورغبة في استمرار الصدقة الجارية على روحه بعد وفاته، فقد وَكَّلَ - رحمه الله - مسؤولي الشركات التي كان يملكها بالشارقة بالعناية بهذا المسجد بعد وفاته.
مسجد الرضوان في الشارقة:
وقد أسس - رحمه الله - هذا المسجد في منطقة القرائن بإمارة الشارقة، وهو يقع على الشارع العام بجانب مطار الشارقة، ويتسع لحوالي ألف مصل رجالاً ونساءً، وهذه المنطقة مأهولة بالسكان، مما يجعل المسجد عامراً بالمصلين بفضل الله تعالى في جميع الأوقات، وقد تم افتتاحه في شهر يوليو عام 2005م.
ويعتبر هذا المسجد تحفة معمارية رائعة بأقسامه المنظمة والمرتبة، ليظل مكاناً للعبادة والفقه والذكر، وليكون لبانيه نصيب من الأجر إن شاء الله تعالى.
وقد تم تجهيز المسجد بكل المستلزمات، وتوجد به مكتبة تحتوي على أمهات الكتب الدينية والفقهية، وجهزت بأثاثٍ فخم، ويضم المسجد سكن خاص لكل من الإمام والمؤذن، وكذلك للحارس الذي يرعى المسجد والحدائق التي حوله، وتم تأثيث هذا السكن على نفقته - رحمه الله – أيضاً. وهناك ساحات سيارات (مواقف) تكفي جميع المصلين، مع سهولة في الحركة لأنها منظمة بطريقة حديثة.
- الوقف الخيري لمسجد الرضوان:
وهذا جانب آخر للتجارة مع الله، فقد رأى المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - إقامة عدة محلات تجارية على واجهة الشارع العام، فأنشأ أربعة محلات تجارية، تم تأجيرها لبعض التجار، ويعود ريعها إلى دائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف في الشارقة، وينفق منه على مرتبات الإمام والمؤذن وعامل النظافة.
إعادة بناء جامع "المجيدية" في بيروت:
مسجد المجيدية مسجد تاريخي بناه السلطان العثماني عبدالمجيد - رحمه الله - ودمرته الحرب اللبنانية، وأتت على معظمه، حتى جاءت يد كويتية كريمة هي يد المحسن مبارك الحساوي – رحمه الله - فأعادته من جديد كما كان، وتم افتتاح هذا المسجد في 22/6/2002م، بحضور رئيس الحكومة آنذاك رفيق الحريري - رحمه الله - ومفتي الجمهورية اللبنانية رشيد قباني.
وقد أنفق ورثة المحسن مبارك الحساوي على ترميم هذا المسجد وتوسعته 1400000$ (مليون وأربعمائة ألف دولار أمريكي)، دفعت بيد سخية لصالح مديرية الأوقاف الإسلامية بلبنان، كي يكون أحد بيوت الله المباركة التي قال عنها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (سورة النور، 37)}.
وإن الكلمة التي قالها المحسن الكريم مبارك الحساوي - رحمه الله - في افتتاح هذا المسجد لتدل بصدق على حبه للخير، ومنها: "..إن هذا اليوم (يوم افتتاح المسجد) هو أسعد يوم في حياتي لأنني افتتح جامعاً تاريخياً وهو جامع المجيدية". وقال مفتي لبنان وقتها: "طالما أن هناك يداً تبذل ويداً تعمر فلن يهدم مسجد ولن تسقط لنا راية..".
مساجد في المناطق الصناعية في دولة الإمارات العربية المتحدة:
تفوت الكثيرين صلاة الجماعة أثناء عملهم لعدم وجود مساجد قريبة، مع حرصهم على صلاة الجماعة في أوقاتها، قال الشيخ الشعراوي يرحمه الله: "إن العمل عبادة في غير أوقات العبادة"، وكان هذا المعنى حاضراً في عقل وقلب أبي عبدالعزيز - رحمه الله، فحرص على بناء مساجد في المناطق الصناعية وسط سكن الموظفين، ومنها مسجد بالمنطقة الصناعية السادسة، وآخر بالمنطقة الصناعية الثالثة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
مساجد داخل حرم الفنادق ومركز المبارك التجاري السكني:
حرص - رحمه الله - على تأسيس مساجد صغيرة لنزلاء الفنادق، فأسس في كل فندق من الفنادق التي أقامها مصلى حسب المساحة المتوافرة لديه، وتم فرش هذه المساجد الصغيرة بالكامل بأفضل الأجهزة الصوتية والسمعية والفرش.
كما خصص - رحمه الله - مسجداً في الطابق الأول في مركز التسوق بمساحة 1200 قدم مربع تقريباً، وجهزه بكل المستلزمات، والأجهزة الصوتية والسمعية والفرش، ويتسع المسجد لحوالي ثمانين مصلياً، ويوجد مصلى خاص للنساء يتسع لحوالي عشرين مصلية.
مساهمته في تأسيس منظمة الأسرة العربية:
التكافل الاجتماعي أمر حتمي في الإسلام يوجب تعهد الذين فقدوا آباءهم، وغيرهم من الفقراء والمساكين والمحتاجين، ليكونوا لبنات قوية في المجتمع، قال صلى الله عليه وسلم: ﴿الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ﴾.
ولهذا تأسست منظمة الأسرة العربية عام 1975م، وبدأت عملها عام 1979م، فمدت يدها إلى أيدٍ بحاجة للمساعدة، ومن أهدافها:
- مساعدة الأسرة العربية بكافة الوسائل لتستطيع القيام بدورها في عملية التنمية.
- حصر المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية المتعلقة بالأسرة العربية وتقديم الاقتراحات اللازمة لحلها.
- العمل بكل الوسائل على محو الأمية بين كافة أفراد الأسرة العربية.
- إقامة مشاريع متنوعة تعود على الأسرة العربية بكافة أفرادها بالخير والنفع.
- وضع الخطط والأساليب والبرامج التي تحقيق سلامة تنشئة الطفل العربي من الوجهة الثقافية والنفسية والاجتماعية والصحية والدينية.
- توجيه العناية لفئات المعوقين وكبار السن وما شابهها.
وقد تم ذلك كله بفضل رجال آمنوا بعمل هذه المنظمة، ووقفوا معها يساندونها، بل جعلوا منها وسيلة لإسعاد الأسرة العربية.
ومن هؤلاء المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - الذي ساهم في تأسيس هذا المشروع، من خلال تمويل بناء وتشغيل وإعداد الوحدة الأولى في مدينة الشارقة، التي افتتحت عام 1981م، بمنطقة اليرموك بالشارقة، وقد شاركه في تمويل هذا الصرح السيد جواد أحمد بوخمسين، والسيد صلاح أحمد الأيوب، وشركة الصناعات الخليجية، واستحق – رحمه الله – أن ينال بجدارة عضوية الشرف في المنظمة بعد هذا الجهد والإنفاق في سبيل الخير.
جناح الحساوي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية:
ساهم المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - في وضع لبنة في بناء هيكل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عام 1979م، حيث تبرع بمبلغ 1000000 درهم (مليون درهم إماراتي) مساهمة في بناء هذا الصرح الإنساني التطوعي، وتقديراً لدوره - رحمه الله - أطلق اسمه على أحد أجنحة هذه المدينة.
وتشمل هذه المدينة عدة لتقديم الخدمات الإنسانية، ومنها مركز ضعاف العقول، ومركز تأهيل الصم والبكم والمكفوفين والمصابين بعاهات حركية أو شلل أطفال، ودار للطفولة وأخرى لرعاية المسنين، ومركز للبحوث والاستشارات الأسرية، ومركز لتنمية القوى البشرية.
تبرع سنوي دائم:
ولم يترك المحسن مبارك الحساوي نصيبه من الصدقة الجارية في هذه المدينة الإنسانية، فأعطى - رحمه الله - تعليماته لإحدى شركاته بالالتزام بدفع مبلغ مائة ألف درهم سنوياً لصالح مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، مشاركة منه في مسيرتهم ومساعدتهم لتحقيق أهدافهم.
واستمر هذا الدعم منذ تأسيس المدينة وحتى الآن، ويوثق ذلك كتاب الشكر المرسل من إدارة المدينة في 17 يناير 2005م، إلى المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - في احتفالية الوفاء والعرفان بمرور خمسة وعشرين عاماً على تأسيس المدينة.
وقدم كذلك صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم إمارة الشارقة وتوابعها شهادة شكر وعرفان من القائمين على هذا المشروع للمحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - على مساهمة الكبيرة ودعمه الدائم للمشروع، وذلك في 30 يناير 2005م.
صدقاته وتبرعاته:
لم يتوان المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - في تقديم أيادي العون والمساعدة لكل محتاج، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ).
فقد كان - رحمه الله - يلبي نداء المستغيث أينما كان، وأعطى بسخاء للفقراء ولأسر الشهداء والجمعيات الخيرية والعائلات المستورة والنوادي الرياضية ومراكز الخدمات الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم..
مركز السلمة لتحفيظ القرآن في أم القيوين:
لقد رفع الإسلام قدر حفظة كتاب الله تعالى وأعلى مكانتهم، إذ إن قلوبهم عامرة بذكر الله، وهم أصحاب منزلة رفيعة في الدنيا والآخرة، إن هم عملوا بما علموا، قال صلى الله عليه وسلم: ﴿إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين﴾.
وكثيراً ما يلزم هؤلاء الحفظة من يهيئ لهم الأسباب الميسرة لحفظ كتاب الله تعالى، من خلال إقامة المراكز العلمية المتخصصة في ذلك، ليشاركهم الأجر – إن شاء الله – وينال ثواب قراءة وحفظ كتاب الله العزيز.
ولذلك حرص المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - على بناء مركز السلمة لتحفيظ القرآن الكريم في إمارة القيوين، بعدما وهبته حكومتها هذه الأرض هبة، وصمم البناء على شكل مدرسة، تشمل غرفاً انفرادية ومكتبة دينية واسعة ومكاتب إدارية.
وقد شمل تصميم المركز جميع الخدمات النافعة، ومنها: مسجد للصلاة، وصالات رياضية، ومسارح وقاعات للاحتفالات، وقاعات للدروس، ليكون بإذن الله منارة للعلم ومركزاً لتحفيظ القرآن الكريم، ومنبراً للعلم والثقافة على مر العصور.
قاعة المباركية للأفراح في عجمان:
كما أنشئت على نفقته – رحمة الله – قاعة المباركية للأفراح، وتقع عند مدخل إمارة عجمان في شارع الشيخ راشد بن حميد النعيمي، وتأسست على أرض هبة من حكومة عجمان، وتتسع لحوالي ثلاثة آلاف شخص، وتم إنشاؤها وتجهيزها بكامل الأثاث والمفروشات والمعلقات الكهربائية على نفقة المحسن مبارك الحساوي أيضاً، وتقوم على إدارتها وتشغيلها جمعية أم المؤمنين النسائية الخيرية في عجمان، بهدف تخفيف بعض العبء عن كاهل المتزوجين حديثاً.
موائد الإفطار:
مع نسائم رمضان الطيبة وفضله العميم كان المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - يسارع في إقامة موائد الإفطار للصائمين لينال شرف الأجر وليحظى ببركة حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً﴾.
وكان - رحمه الله - يقيم موائد الإفطار في جميع المساجد التي بناها والتي ذكرناها آنفاً، ومن أهمها الموائد التي تقدم مسجد مبارك الحساوي في منطقة جليب الشيوخ لكونها منطقة مكتظة بالناس، إذ يتم توفير أكثر من خمسمائة وجبة إفطار يومياً طوال شهر رمضان المبارك من كل عام، وذلك بالتنسيق مع إحدى شركات التجهيزات الغذائية، وتمول وصيته حالياً هذا المشروع من خلال شركة المركز العقاري، واستحق - رحمه الله – دعاء جميع الصائمين والعاملين في شركاته، الذين يرفعون أيديهم لله بالمغفرة والرحمة له.
تبرعه لمساعدة الشعب العراقي:
يعز على الجار المخلص أن يرى جاره في حاجة وفاقة، وهو يرفل في نعم الله تبارك وتعالى، والشعب العراقي جار للشعب الكويتي، وقد أتت الحرب العراقية الإيرانية على كل خيراته، فأذهبت معالم التنمية فيه، حتى أصاب العراقيين من ذلك خطب عظيم، وأدرك ذلك المحسن مبارك الحساوي، فلم يتأخر عن التبرع للأشقاء العراقيين، فبادر بالمساهمة بمبلغ 100000 د.ك (مائة ألف دينار كويتي)، وذلك في القائمة التي نشرتها اللجنة الشعبية لجمع التبرعات يوم 20ديسمبر 1982م، ودفع المبلغ من خلال إحدى شركاته (المركز العقاري)، عملاً بقول رسوله صلى الله عليه وسلم : ﴿من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره﴾.
تبرعه لدعم المجهود الحربي الكويتي:
لما نالت يد الغدر والخيانة أرض الكويت المعطاءة وامتدت إليها بالسوء عام 1990م، على يد النظام العراقي البائد، حزن الكويتيون كثيراً وصُدموا، لأنهم كانوا يعتبرون العراقيين إخوة لهم، حتى يسر الله التحرير في فبراير 1991م، وظلت التهديدات مستمرة واستفحل أمرها عام 1994م، بحشد النظام البائد جيوشه على الحدود، فهب أبناء الكويت للتبرع لنصرة بلدهم ونجدتها ودعم المجهود الحربي، وكان من أوائل المتبرعين المحسن مبارك الحساوي - رحمه الله - الذي تبرع بمبلغ 60000 د.ك (ستين ألف دينار كويتي)، وذلك في مارس عام 1994م، ليكون من المجاهدين بأموالهم في سبيل الله تعالى ونصرة وطنه العزيز، عملاً بقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (سورة الحجرات، 15)} .
تبرعات أخرى:
ومن أعماله الخيرية - رحمه الله - أيضاً ما يلي:
- تبرعه لمعهد ناصر للعلاج والبحوث بمصر عام 1971م.
- بناء خزانات للمياه، وتوفير براد كبير لفظ المواد الغذائية في إحدى المدارس، في قرى جنوب إيران.
وفاته:
بعد عمر حافل بالعطاء، والعمل، والإنفاق في سبيل الله، آن للغريب أن يرى حماه بالقرب من مولاه، مصداقاً لقول الحق سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ (سورة آل عمران، 185)}.
وقد توفي أبو عبدالعزيز – رحمه الله - مساء الأحد 9 صفر عام 1426هـ الموافق 20 مارس عام 2005م، تاركاً أعماله تشهد بمآثره، وتدعو الأجيال للسير على دربه.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خيراً على صالح أعماله.
الكلمات الدالة:
محسنون من الكويت - عمارة المساجد - الأعمال الخيرية والإنسانية - الأثلاث والأوقاف الخيرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج7، 2003.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%207.pdf