سور الفحيحيل

سور الفحيحيل
من أهم معالم منطقة الفحيحيل سور الفحيحيل ويسمى (سور الدَّبُوس) نسبة لعائلة الدبوس التي قامت بالبناء والإشراف على السور ، حيث تم بناؤه في سنة (1921م) بعد معركة الجهراء التي وقعت عام 1920م ، فقد تم بناء السور لحماية منطقة الفحيحيل من الهجمات التي كانت تهدد أمن الكويت ، حيث كان الهجوم على الكويت من جهة الجهراء في سنة (1920م) ، ثم كانت الأخبار تأتي بنية مهاجمة الكويت من جهة الجنوب ، فقام أمير الفحيحيل جاسم الدّبُوس ببناء سور يحيط بمنطقة الفحيحيل لحمايتها.
وأما عن كيفية بناء السور ، فقد قام أمير الفحيحيل جاسم (الثاني) بن عبدالله الدُّبُوس بالتبرع بجزء كبير من ماله، وأرسل ابنه سلطان إلى الكويت لمقابلة الشيخ سالم مبارك الصباح لطلب المساعدة ببناء السور، فقام الشيخ سالم بتزويدهم ببعض الأبواب والخشب والجندل وبعض مستلزمات البناء، والتي أرسلت إلى الفحيحيل عن طريق البحر بعد أيام، وقام سلطان الدبوس أيضًا بمقابلة مشاري الروضان (1875م-ت:1967م) ، وهم مع الدَّبْوس أبناء عمومه وتربطهم روابط قوية جدًا ، وأبلغه برغبة والده جاسم ببناء سور لحماية الفحيحيل، فقام مشاري الروضان وبمساعدة بعض أهالي الكويت بإتمام المبلغ المتعلق بتكلفة البناء، وبعد اكتمال المبلغ وبتكاتف جهود أهل الفحيحيل تم بناء السور .
ويقع سُور الفحيحيل ( الدّبُوس ) في الحي الجنوبي لقرية الفحيحيل، وكان شكله شبْه مربع، وكانت الجهة الشرقية قريبة ومطلة على البحر، وارتفاع أسواره تقريبًا أربعة أمتار، وسُمكه تقريبًا ذراع ونصف إلى ذراعين، وله بوابتان (دروازتان) شرقية جهة البحر والأخرى غربية، وكان به ستة أبراج، منها أربعة أبراج رئيسية عند زواياه الأربعة، والتي تسمى الواحدة منها ب: "الغوله"، وهذه الغُوَل (الغُولات) بها فتحات في أعلاها للمراقبة والرماية والدفاع، وهذه "الغولات" الأربع الرئيسية التي في الزوايا إحداها بالجهة الجنوبية الشرقية عند جهة سوق السمك القديم (حاليا مجمع الكوت القديم جهة البحر)، والغولة الثانية بالجهة الجنوبية الغربية (حاليًا جهة وسط شارع الدّبوس القديم)، والغولة الثالثة بالجهة الشمالية الغربية والتي تسمى بالغولة الجبلية لكونها في اتجاه القبلة، والتي تقع حاليا جهة مجمع أجيال بالفحيحيل، والغولة الرابعة بالجهة الشمالية الشرقية والتي تقع حاليا عند المدارس الباكستانية والفلبينية جهة البحر على الشارع الساحلي.
وقد استمر سور الفحيحيل (الدَّبُوس) بحماية منطقة الفحيحيل إلى أن تم هدمه تدريجيًّا نظرًا لاستقرار الكويت، وزوال خطر الأعداء، وكذا نظرًا للتوسع العمراني، وقد كانت بعض أجزاء السور باقية إلى أوائل خمسينيات القرن العشرين، وقد أدركها بعض كبار السنّ الحاليين.
ويذكر السيد فوزي بدر سلطان جاسم الدَّبُوس في إحدى مذكراته تحت عنوان (سور الدَّبُّوس -1921) فيقول:(بُنِي سُور الدَّبُوس حول منازل الحي الجنوبي من قرية الفحيحيل، وكان لجاسم عبدالله الدَّبُوس الدور الكبير في ذلك، وبالمشاركة مع بعض أسر الفحيحيل الأخرى، وقد بُني السور في عهد الشيخ سالم مبارك الصباح حيث إنه قام بتقديم ما يلزم من بوابات وجندل وبواري لبناء هذا السور، وكان الأستاذ والمُشْرِف على بناء السور هو : سعد الفالح الهاجري.
ولهذا السور بوابتان "دروازتان" واحدة في منتصف الواجهة الشرقية للسور ، والأخرى في منتصف الواجهة الغربية، وفيه عدد سِتْ غولات "أبراج مراقبة".
ومِنْ بعض الأسر التي كانت متواجدة داخل السور زمَن ابتداء بنائه: جاسم عبدالله الدَّبُوس، فايز عبد الله الدَّبُوس، محمد ودعيج أبناء خليفة عبدالله الدبّوس، فارس عبدالعزيز فارس الدّبوس، خزام محمد الخزام، حميدي القحطاني، رسَّام القحطاني، مبارك بن فايز العَجِيل، الشَّنُّوف، هذال العصفور الهاجري، حبيب المطيري، بن ثانيه العجمي، حسين بن ارشيد العميري، سعود العراده، مبارك الخضير، كريدي الدوسري، وغيرهم). ويقول السيد عبدالرزاق الرفاعي في كتابه "الفحيحيل مرتع صباي": (...كان في الشطر الجنوبي للفحيحيل سور كبير بنته عائلة الدَّبُوس الكرام بالتعاون مع أهل الفحيحيل بإيعاز من شيخ الكويت آنذاك المرحوم بإذن اللّٰه تعالى الشيخ سالم المبارك للاحتماء به والدفاع عن أنفسهم من شرور بعض القبائل التي كانت تُغير عليهم، وذلك حسب ما سمعته من كبار السن في الفحيحيل، ولو أنني لم أدرك ذلك السور ، فقد تهدم قبل وعيي وإدراكي، ولكنني أدركت بعضًا من غُوَلِه "أي بواباته"، وهي البوابة الشرقية والغربية منه، فقد كانت بوابتين ضخمتين تتسع الواحدة منهما لولوج الجمل فيها بما حمل، وفي أعلى تلك البوابة بُنيت غرفة لتكون مرقبا يطل منها المكلف بالمراقبة والحراسة، وكان شكل الغول يتسم بالجَمَال والذّوق الفني، وكنا نحن الصغار نلعب ونلهو تحتها، وليت الحظ أسعف عائلة الدَّبُوس الكرام بالاحتفاظ ولو بواحدة من تلك الدراويز "البوابات").
وذكر مؤلف كتاب "نقع الكويت ومراسيها .. بين الماضي والحاضر" -والكتاب من إصدارات مركز البحوث والدراسات الكويتية - فقال: (الفحيحيل كانت قديمًا مجرد قرية ساحلية صغيرة، وإحدى قرى الكويت المتناثرة، خارج سور الكويت، وإنْ عُدَّت أكبر قرى الكويت من ناحية الجنوب، وأول من سكن هذه القرية مجموعة من العوائل الكريمة مثل العجيل، وآل الدّبُوس، والعدواني، والهملان، وبزيع الخالدي، وغيرهم من الأسر الكريمة. ونظرًا لأهمية هذه القرية وبُعدها في الوقت نفسه عن مدينة الكويت القديمة فقد تم إحاطة الجزء الجنوبي منها بسور قديم عُرِف باسم سور الدّبُوس أو سور الفحيحيل، وهذا السور كان يُعد من أهم معالم الكويت آنذاك، حيث تم بناؤه بعد انتهاء معركة الجهراء حماية لأهل القرية من أي هجمات أو مخاطر مماثلة ، وبحسب أهالي الفحيحيل القدامى فإن هذا السور كان يُحيط بالبيوت التي كانت تقع في الجزء الجنوبي من القرية، والتي كانت يتمركز بها بيوت الدّبُوس والأسر المجاورة لهم ، وبحسب إفادة الباحث في التراث الكويتي المهندس أحمد العدوائي : ( كانت المساحة التي يحيط بهذا هذا السور تقدر بحوالي 10 آلاف متر مربع ، ومما يُذكر أيضًا أنه تم تشييد هذا السور من الطين وجذوع النخل والصخور البحرية، بارتفاع 4 أمتار تقريبًا، وعرض يتراوح بين الذراع والذراع والنصف. وقد كان لهذا السور مدخلان فقط؛ الأول من الجهة الشرقية على ساحل البحر، والثاني في الجهة الغربية ناحية البادية. وقد تم تزويد السور بستة أغول "أبراج" للدفاع عن السور في حالة تعرض القرية للهجوم، وهذا بحسب المخطط الذي قام بنشره الأستاذ فوزي الدّبُوس في كتابه عن سور الدَّبُّوس).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع :
كتاب تاريخ عائلة الدبوس وجزء من تاريخ شرق والفحيحيل قديماً ، تأليف أ.د. حمود نايف محمد جاسم الدبوس.