مهنا عبد الرحمن مهنا المهنا

المولد والنشأة:

 
محسنون من بلدي

هو مهنا بن عبدالرحمن بن مهنا المهنا، المولود في مدينة الكويت عام 1320 هـ الموافق لعام 1900م. وقد نشأ ­ رحمه الله ­ في أسرة طيبة متدينة جاءت من نجد بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث تمتد أصولها إلى قبيلة العجمي في قرية تدعى "حزماء" بالقرب من مدينة الرياض.

أوجه الإحسان في حياته

الإحسان سمة من سمات المسلمين المخلصين، وخصلة من خصال المؤمنين الصادقين، والبخل والشح مذمومين في الإسلام وقد بين لنا القرآن الكريم أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه، وقد حض الله المؤمنين على الإنفاق، وذكره بعد الإيمان بالله ورسوله، وبين أنهم ليسوا الذين يملكون هذا المال، إنما هم مستخلفون عليه فحسب، فالمال مال الله تعالى القائل في كتابه العزيز:

{وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} سورة الحديد.

ولذلك فقد تعددت أوجه الإحسان في حياة المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا ­ رحمه الله ­ حرصاً منه على أن ينال رضى الله تعالى في الدنيا والآخرة، وفيما يلي ما عرفناه عن أوجه إحسانه – رحمه الله – وقدم له بكلمة مهمة في هذا السياق.

عمارة المساجد :

بناء المساجد عمل خيري عظيم القدر، جليل الشأن، كثير الثواب، دائم الأجر، يحرص عليه أهل الخير والإحسان في كل زمان ومكان. والمساجد محاضن الرجال، ومصانع الإيمان، ومعامل التقوى والزهد والورع .. فيها يلتقي مسلمون شتى من بقاع شتى بلغات شتى وألوان شتى، يعبدون رباً واحداً ويقرؤون كتاباً واحداً ويتبعون رسولاً واحداً، ويتجهون إلى قبلة واحدة، قال تعالى:

"وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)" سورة البينة.

ولذلك كله قام المحسن الكريم مهنا المهنا ­ رحمه الله ­ ببناء ثلاثة مساجد في الكويت، ما بين عام 1959م عام 1987م، وقد جرى إنشاؤها جميعاً من ماله ومن ثلث أخيه المرحوم عبدالله المهنا، وهي كما يلي:

مسجد المهنا بمنطقة النقرة:

أتم المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا إنشاء هذا المسجد المبارك في وقت مبكر، ولعله كان من أوائل المساجد التي بنيت في منطقة النقرة بمحافظة حولي في دولة الكويت، وذلك في النصف الثاني من القرن الماضي، وقد شاركه في الإنفاق على هذا المسجد أخوه عبدالله المهنا.

وبحمد الله رفُعت قواعد هذا البيت ووُضع أساسه في عام 1378هـ (1958م)، ولما اكتمل البناء، توجهت إليه أفئدة المؤمنين، وتوجهت صوبه أنظار العابدين، وسارت إليه أقدام الراكعين الساجدين بالتقوى والإخلاص لله تعالى رب العالمين، القائل في كتابه المبين:

{وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)} سورة الأعراف.

مسجد المهنا بمنطقة مشرف:

أهل الخير يسعون دائماً إلى الزيادة في العطاء، طمعاً فيما وعدهم الله به من خير الثواب، ولهذا لم يكتف المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا ­ رحمه الله ­ بأن يبني بيتاً واحداً لله تعالى، ولم يقنع ببيت واحد في الجنة، وهذا هو شأن ذوي الهمة العالية والإرادة السامية، الذين خاطبهم الشاعر بقوله:

إذا ما كنت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم

وعندما علم المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا ­ رحمه الله ­ بحاجة منطقة مشرف إلى مسجد يذكر فيه اسم الله تعالى، وقع اختياره على القطعة الخامسة، التي أقام بها مسجداً ­ لا يزال يحمل اسمه إلى الآن - هو مسجد المهنا، الذي قام ­ رحمه الله ­  بتأسيسه عام 1400هـ (1979م).

مسجد المهنا على الطريق الدائري الرابع (قرب المسلخ):

كان المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا حريصا على أن يضع بذرة الخير في كل تربة صالحة، وكان أشد حرصا على أن يتعهدها بالسقاية والرعاية، حتى تمتد جذورها وتظهر ثمارها، ويعم خيرها أكبر قدر من المسلمين في كل مكان إن شاء الله.

وقد لاحظ أن المنطقة المقابلة للمشاتل (منطقة الشويخ الصناعية) في محاذاة الطريق الدائري الرابع في حاجة إلى مسجد، لا سيما وأنها منطقة صناعية والعمال والموظفون بها يتوقون إلى بيت لله تعالى تسكن إليه نفوسهم ويؤدون فيه الصلوات ويأوون فيه إلى ظل الرحمن المنان سبحانه وتعالى.

وقد لاقت أمنيتهم هذه استجابة من الله تعالى، فجعل المحسن مهنا المهنا سبباً لهذا البناء، فبادر ­ رحمه الله ­ عام 1408هـ (1987م) إلى المسارعة بتحمل نفقات بناء هذا المسجد، وفاز ­ إن شاء الله ­ بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ" رواه مسلم في صحيحه.

موائد الإفطار:

رمضان شهر البر والخيرات، والبذل والصدقات، وهو فرصة يحرص كل مسلم على اغتنامها في فعل الخيرات، سواء في العبادات وقراءة القرآن الكريم أو منح الصدقات والعطايا في سبيل الله تعالى، وغيرها من أوجه الخير، ومن أهم ما أوصى به النبي  صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الكريم إفطار الصائمين: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِمْ  مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا" أخرجه ابن ماجه.

ولذلك كان المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا ­ رحمه الله ­ حريصاً على تجهيز موائد الإفطار في مساجده الثلاثة في شهر رمضان الكريم، وكان يسعد برؤية إخوانه الصائمين من جنسيات شتى وأماكن عدة، وهم يتناولون الإفطار على مائدة الرحمن التي يعدها لهم على نفته الخاصة، التي هي من فيض المنان وعطاء الكريم الجواد، متوجهاً له بالشكر والثناء على سابغ عطائه وعظيم فضله، ذاكراً قوله تعالى:

"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ(7)" سورة إبراهيم.

وفاته :

الموت نهاية محتومة لكل حي، لا مفر منها ولا مهرب، والفناء مصير كل ما يدب على هذه الأرض أو يطير في السماء أو يسبح في الماء. قال تعالى:

" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان(26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان (28)" سورة الرحمنِ

وبعد حياة حافلة بالجود والعطاء والكرم والسخاء، امتدت نحو 91 عاماً، لقي المحسن مهنا عبدالرحمن المهنا وجه ربه الكريم، في الرابع عشر من شهر رمضان المبارك عام 1411هـ، الموافق للتاسع والعشرين من شهر مارس عام 1991م.

الكلمات الدالة:

عمارة المساجد - مُحسنون من الكويت - أعمال الخير.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

بيت الزكاة. إدارة العلاقات العامة والإعلام. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة  للمحسنين الكويتيين)، ج5، 2003.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%205.pdf