عبد اللطيف عبد الله المحري
المولد والنشأة
في عام ١٣٥٠هـ الموافق لعام ۱۹۳۱م، شهدت منطقة القبلة بالكويت مولد عبد اللطيف عبد الله المحري، وشقت صرخات الوليد سكون البيت الذي هرع أهله إلى حيث الغلام الوديع فرحين بقدومه السعيد . وكانت أسرة عبد اللطيف عبد الله المحري قد قدمت إلى الكويت من نجد واتخذت منطقة القبلة سكنا لها ومستقرا ومقاما، ويعود نسب هذه الأسرة إلى آل سيف بن عبد الله من آل ويبار من عبده من شمر، وكان جده الأكبر عبدالله بن سيف الشمري أمير منطقة المجمعة. أما والدته فهي شريفة ابنة عبد العزيز عبدالله المحري، وكان له رحمه الله ثلاثة إخوة هم: أحمد وخالد وسليمان رحمهم الله، وأخت واحدة هي عائشة - أطال الله عمرها وحسن عملها، ومن رفاقه من أفراد عائلته جاسم عثمان المحري وعبد العزيز عثمان المحري وعبد العزيز عبدالله المحري وأحمد عبد الله المحرى وفيصل عبد الله المحري وطلال عبد الله المحري وجاسم محمد المحري وفيصل محمد المحري وعبد الله محمد المحري.
أوجه الإحسان في حياته
كان المحسن عبد اللطيف المحري يدرك أن الدنيا دار فانية ونعيم زائل، وأن الآخرة هي الدار الباقية والنعيم الدائم، "وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ الله". سورة آل عمران، 185. لذا لم يعش رحمه الله لنفسه وأسرته فحسب، بل قدم العديد من التبرعات السخية والمبادرات النبيلة التي جسدت معاني حب البذل والعطاء والرغبة فيما عند الله من ناحية، كما جسدت معاني الوطنية والانتماء والتكافل الاجتماعي والوطنية الصادقة من ناحية أخرى، لذا أسس يرحمه الله ما يلي:
مركز عبد اللطيف المحري لطب الأسنان
إن نفس المحسن عبد اللطيف المحري.. التواقة إلى الفردوس الأعلى... المتطلعة إلى جنات الخلود ورضا الرحمن، لم تكتف بالمركز الضخم الذي أنشأه المحسن الكريم، بل حثته على إنشاء مركز للأسنان. ومن ثم تبرع يرحمه الله بمبلغ ۵۰۰۰۰۰۰ د.ك (خمسة ملايين دينار كويتي لإنشاء مركز عبد اللطيف المحري للأسنان، وهو من أكبر المراكز في الشرق الأوسط، حيث سيضم أكثر من ٨٠ عيادة تخصصية مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية ومستلزمات المراكز المتخصصة في طب الأسنان، ويقع في منطقة الشرق خلف المستشفى الأميري بجوار المبنى القديم الحالي.
دعم التعليم في الكويت
لقد أدرك المحسن عبد اللطيف المحري أهمية التعليم ودوره الرائد في بناء الأمم ونهضة الدول وتربية النشء من أجل هذا كله وغيره تبرع رحمه الله بمبلغ ۲۰۰۰۰۰۰ د.ك (مليوني دينار كويتي لصالح وزارة التربية في الكويت كما ذكر لنا ابن خاله موثق هذه السيرة السيد أحمد المحري بهدف ترميم المدارس وصيانتها وغيرها من أوجه النهضة بالمجال التعليمي في الكويت وقد شملت هذه العملية العديد من المدارس في الكويت ومنها على سبيل المثال مدرسة معن بن زائدة في ضاحية عبد الله السالم ومدرسة أحمد البشر الرومي في منطقة الدعية.
عمارة المساجد
لم يفت المحسن عبد اللطيف المحري رحمه الله أن يضرب بسهم في مجال يعد هو القاسم المشترك لكل محسني الكويت، رجالا ونساء، بل لكل محسني المسلمين في كل زمان ومكان، لما ورد من نصوص كثيرة تعد بالثواب الجزيل والخير العميم والفضل العظيم لمن بنى لله بيتا ولو كمفحص قطاة، إذ ثوابه أن يبني الله له بيتا في الجنة: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قطاة لبيضها بنى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"، (رواه أحمد في المسند).
إن الجزاء من جنس العمل، فما بالكم إذا كان المجازي والمكافئ والمثيب هو الله الغني الحميد، من أجل هذا تبرع المحسن عبد اللطيف المحري رحمه الله بجزء من ماله للمساهمة في بناء المساجد داخل الكويت وخارجها من خلال بيت الزكاة في دولة الكويت. وسيتبين ذلك من خلال ثمرة تبرعه المشروع الصدقة الجارية في بيت الزكاة.
الصدقة الجارية من خلال بيت الزكاة
كان المحسن عبد اللطيف المحري رحمه الله يدرك الرسالة السامية والدور العظيم الذي يؤديه بيت الزكاة داخليا وخارجيا، وكيف أنه صرح للخير شامخ ونهر للبر جار ومنهل للعطاء عذب، يفيض ماؤه جودا ورياً، ويفيض عطاؤه ثمرا جنيا . ولهذا قرر رحمه الله التبرع لبيت الزكاة في الكويت بمبلغ ۱۰۰۰۰۰۰ د.ك (مليون دينار كويتي) كصدقة جارية ينفق من ريعها في وجوه الخير المختلفة ومنها المشروعات الخيرية في بيت الزكاة وغيرها، وقد حرص رحمه الله على وقف هذه الصدقة الجارية قبيل وفاته لأنها شجرة للخير لا يتوقف عطاؤها ولا تنقطع ثمارها بإذن الله تعالى مصداقاً لقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
وقدم ورثته هذا المبلغ إلى بيت الزكاة بتاريخ ١٨ أغسطس ۲۰۰۸م، باسم المحسن عبد اللطيف المحري وإخوانه.
نماذج مضيئة من ريع مساهماته في مشروع الصدقة الجارية
أدرك بيت الزكاة حرص المحسنين الكويتيين على أن يظل نهر عطائهم ممتدا خلال حياتهم وبعد الوفاة فأنشأ مشروع الصدقة الجارية الذي يقوم على تنمية تبرعات المحسنين عبر وسائل الاستثمار الشرعي المأمون، ثم يقوم بالإنفاق من عوائدها المحققة فعلياً على المشاريع الخيرية المختلفة، ليبقى رأس المال الذي تم التبرع به قائما ومستمراً في النماء بشكل دائم ما شاء الله تعالى.
وقد استطاع بيت الزكاة بفضل الله تعالى من خلال دعم المحسنين لمشروع الصدقة الجارية طوال سنوات عطائه أن يحقق وينجز الكثير من المشاريع داخل الكويت وخارجها، ويقوم بيت الزكاة بتقديم تقارير دورية مفصلة ومدعومة بالصور لهذه المشاريع إلى ذوي المحسنين، ومن واقع التقرير المقدم لذوي المحسن عبد اللطيف المحري فإن مشاريع الصدقة الجارية التي تم تنفيذها من ربع تبرعه رحمه الله قد بلغت ٢٦١٣٣ ذلك خلال عام ٢٠٠٩ فقط ومنها ما يلي:
أولا : مشاريع داخل الكويت
وقد تم تنفيذ عدة مشاريع داخل دولة الكويت من فيض تبرعاته رحمه الله ومنها ما يلي:
1- المساهمة في دعم الأسر المحتاجة.
2- المساهمة في مشروع الأضاحي.
ثانيا : مشاريع خارج دولة الكويت:
وقد تمت المساهمة في تنفيذ عدة مشاريع خارج دولة الكويت من فيض تبرعاته رحمه الله ومنها ما يلي:
- دعم مشروع بناء مسجد في تغركسيا في جمهورية بنغلاديش
- دعم مشروع بناء دار الرعاية وتأهيل الأيتام في اليمن دعم مشروع ولائم الإفطار خارج الكويت
وسوف يستمر هذا العطاء وينمو بإذن الله تعالى خلال السنوات القادمة من خلال ربع الصدقة الجارية التي تبرع بها المحسن عبد اللطيف المحري رحمه الله.
وفاته:
وبعد حياة ثرية مليئة بالعمل والجد والعطاء، والبر والسخاء، أصيب المحسن الكريم عبد اللطيف عبد الله المحري بهبوط حاد بالدورة الدموية نقل على إثره إلى المستشفى الأميري، ولكن كان قد نزل القضاء الذي لا مفر منه، ووافي الأجل الذي لا مزيد فيه، وتوفي المحسن الكريم عبد اللطيف عبدالله المحري إلى رحمة الله تعالى يوم ٢٠٠٨/٢/٢٠م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
بيت الزكاة. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج9، 2010.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%209.pdf