عبد الرحمن عبد المغني العبد المغني
المولد والنشأة
ولد عبد الرحمن عبد المغني العبد المغني عام ١٣٤١هـ الموافق لعام ١٩٢٣م في فريج الساير بمنطقة القبلة بمدينة الكويت في ظل ظروف فرضت على أهل الكويت التقارب والتلاحم إذ ولد في منطقة القبلة وبالتحديد في فريج (حي) الساير، وقد كان سكان الكويت في ذاك الوقت يتمركزون حول أربع مناطق هي القبلة والشرق والمرقاب والوسط، وهي مناطق متقاربة يمكن للمرء المشي بينها والتطوف حولها في يوم واحد، وهذا سبب آخر للتلاحم الاجتماعي المتين بين أهلها.
ولم يكن المحسن عبد الرحمن الابن الأكبر أو الوحيد لأبويه، فقد كان له إخوة وأخوات ولدوا جميعاً في الحي نفسه، ما ساهم في جعل تنشئته مشبعة بالدفء الاجتماعي الذي انعكس على شخصيته الاجتماعية وروحه المعطاءة اللتين أورثناه هذا العطاء في أعمال البر.
وينتمي المحسن عبد الرحمن العبد المغني إلى أسرة عريقة اتسمت بالعفة ومخافة الله سبحانه وتعالى، وعرفت بعمل الخير والتقوى، وهي عائلة العبد المغني التي تنتمي بالأصل إلى قبيلة تميم، واستوطنت العائلة قرية حرمة ، وقد ترك جده عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد المغني حرمة بسبب الظروف الاقتصادية وارتحل إلى الكويت عام ١٢٧١ هـ ( ١٨٥٠م)، بعدما باع بيت العائلة في حرمة إلى عائلة العتيقي، واستوطنت أسرته في منطقة القبلة بالكويت في فريج الساير بالقرب من بيت ساير الشحنان، وذلك في أواخر عهد الحاكم الثالث الشيخ جابر بن عبد الله بن صباح رحمه الله المعروف بجابر العيش.
أوجه الإحسان في حياته
عرف عن المحسن عبد الرحمن العبد المغني يرحمه الله ملامح الكرم والسخاء منذ صغره، حيث كان لا يترك باباً من أبواب الإنفاق في سبيل الله إلا طرقه لذا ساهم رحمه الله في دعم ومساندة مؤسسات خيرية كثيرة داخل الكويت وخارجها إيماناً منه بواجبه نحو أمته العربية والإسلامية، كما أنفق يرحمه الله الكثير من ماله في سبيل الله تعالى في وجوه الخير الإنسانية الأخرى غير بناء المساجد والمراكز الخيرية كما سنرى في الصفحات التالية.
تبرعاته لبيت الزكاة في الكويت
ساهم المحسن عبد الرحمن العبد المغني يرحمه الله بتبرعات سخية إلى بيت الزكاة في الكويت، استمرت منذ يونيو عام ١٩٨٣م إلى سبتمبر عام ٢٠٠٧م وهو العام نفسه الذي انتقل فيه إلى رحمة الله تعالى، وبلغ إجمالي هذه المدفوعات ٤٦٥٧١٢٩ دك أربعة ملايين وستمائة وسبعة وخمسين ألفا ومائة وتسعة وعشرين ديناراً كويتياً، وشملت هذه المبالغ زكاة ماله وصدقاته وتبرعاته، لتساهم في الإنفاق على الأسر المتعففة والمحتاجة داخل الكويت وخارجها، ومشروعات بيت الزكاة الأخرى مثل مشروع كسوة اليتيم وولائم الإفطار وذبح الأضاحي وعمارة المساجد وتأسيس دور الأيتام وغيرها.
عمارة المساجد
حرص المحسن عبد الرحمن العبد المغني يرحمه الله على أن يكون من المحسنين الذين اهتموا بعمارة بيوت الله تعالى في الأرض، واضعا نصب عينه ذلك البيت الذي سيبنيه الله عز وجل لكل واحد منهم في الجنة بفضله ومنه وكرمه وإذنه تبارك وتعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدا لله كمفحص قطاة أو أصغر بنى اللهُ لَهُ بَيْتًا في الجنة، رواه ابن ماجه في سننه. ومن هذه المساجد ما كان داخل الكويت ومنها ما كان خارجها.
- المساهمة في تأسيس مسجد العجيري (الغربللي)
وقد ساهم رحمه الله مع العم محمد صالح العجيري عام ١٣٦٢هـ ( ١٩٤٣م) في بناء مسجد العجيري ( الغربللي من خلال مد يد العون والمساعدة في البناء والمناولة وغيرهما، وذلك بشهادة العمد، صالح محمد العجيري، والتي يرويها لنا ابنه السيد خالد عبد الرحمن العبد المغني.
- مسجد عبد الرحمن العبد المغني في الكويت
وزيادة في الخير قام المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله ببناء مسجد الحاج عبد الرحمن عبد المغني العبد المغني في منطقة «الشرق» وبالتحديد في المنطقة التي كانت تسمى فريج بلوش، وهي محلة البلوش وتم الانتهاء من بناء هذا المسجد بفضل الله تعالى في عام ١٤١٩هـ (١٩٩٨م). وتبلغ مساحة المسجد ١٢٦٠م٢، ويتكون من طابق أرضي وميزانين، ويوجد به مصلى للنساء. - مسجد عبد الرحمن العبد المغني في النيجر في عام ۱۹۹۳م تبرع المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله ببناء مسجد في دولة النيجر.
- مسجد في محافظة سوهاج في صعيد مصر
تبرع المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله ببناء مسجد في قرية نجع الدير» بمحافظة سوهاج في صعيد مصر وذلك عام ١٩٩٥، عن طريق مكتب بيت الزكاة في القاهرة بتكلفة قدرها ۲۲۰۰۰ دك اثنان وعشرون ألف دينار كويتي).
- مسجد ومجمع خيري في محافظة الدقهلية بمصر
قام رحمه الله بإنشاء مجمع خيري كبير بقرية الضهرية بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية وذلك عام ۱۹۹۸، بتكلفة إجمالية قدرها ۱۰۷۲۲۰ د.ك (مائة وسبعة آلاف ومائتان وعشرون دينارا كويتيا)، وقد تولى تنفيذه المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية مكتب بيت الزكاة في القاهرة).
ويتكون هذا المجمع من عدة مرافق هي:
- مستوصف طبي خيري تأسس على مساحة ٣٠٠ متر مربع.
- مسجد على مساحة ٦٠٠ متر مربع بلغت تكلفته ۲۲ ألف دينار. - مصلى للسيدات.
- دار للمناسبات لإقامة مراسم العزاء أو حفلات الزواج
- معهد أزهري على مساحة ٥٠٠ متر مربع يحتوي على ٢٠ فصلاً دراسياً.
- مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم.
وتبلغ مساحة هذا المشروع الخيري أكثر من ١٥٠٠ متر مربع، وهي مساحة كبيرة جدا بالنسبة للمساحات المخصصة للهيئات والمؤسسات في تلك المنطقة بمصر، كما أنها تشير إلى ضخامة المبلغ الذي تكلفه هذا المشروع الخيري نظراً إلى ارتفاع سعر الأراضي.
مركز عبد الرحمن عبد المغني الصحي
للمحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله مساهمات خيرية متميزة في مجال دعم الخدمات الصحية بالكويت وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي وقد أسس يرحمه الله على نفقته الخاصة، مركز الفيحاء الصحي على أرض وطنه الكويت الذي تم افتتاحه في عام ٢٠٠٤م، وقد بلغت تكاليف تأسيسه وتجهيزه مبلغ ١٢٥٠٠٠٠ د.ك (مليون ومائتين وخمسين ألف دينار كويتي) أنفقها المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله رغبة فيما عند الله تعالى القائل في كتابه العزيز: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ البنت سَبْعَ سَنَابِل فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مَاشَهُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليم ) سورة البقرة، 261.
والمركز ما زال قائماً بد بدوره الحيوي في منطقة الفيحاء، ويتكون من عيادات عامة (رجال نساء أطفال عيادات أسنان عيادة السكر، قسم الرعاية الأمومة، قسم الرعاية الطفل السليم، ضمادات وإبر (تمريض)، صيدلية مختبر، بالإضافة إلى مكاتب الإدارة والخدمات، وقد تسلمت وزارة الصحة العامة هذا المشروع بشكله النهائي، لتشرف على خدماته الطبية بعد تزويده بالطواقم الطبية المناسبة لخدمة المواطنين والمقيمين على أكمل وجه.
مركز صحي في البحرين
أما في الخليج العربي فقد تبرع المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله ببناء مركز صحي كبير في منطقة البديع بالمنامة في البحرين، وتم افتتاحه في شهر أبريل من عام ۱۹۸۲م، ويضم المركز الأقسام التالية : رعاية الأمومة والطفولة، الصيدلية المختبر، عيادة الأسنان وقسم التثقيف الصحي.
ولائم الإفطار للصائمين
وقد حرص المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله على تقديم ولائم الإفطار في شهر رمضان المبارك من كل عام بمسجد عبد الرحمن العبد المغني بمنطقة الشرق في الكويت منذ تأسيس المسجد في رمضان ١٤١٩هـ (۱۹۹۸م)، سنويا بدون انقطاع وحتى وفاته عام ٢٠٠٧م، وقد بلغت المبالغ الإجمالية التي أنفقها رحمه الله خلال هذه السنوات العشر ٢٨٦١٦ د.ك (ثمانية وثلاثين ألفاً وستمائة وستة عشر ديناراً كويتياً)، أنفقها رحمه الله سخية بها نفسه راجيا بها رضا ربه في أجر إفطار الصائم عملاً بقول رسوله الكريم "من فطر صائما كان له مثل أجره غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ من أجر الصائم شيئًا" رواه الترمذي. ويشرف على هذه الولائم وينظمها بيت الزكاة في الكويت من خلال مشروع ولائم الإفطار.
حفر الآبار:
تبرع المحسن عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله بتكاليف بناء بئر في دولة النيجر عام ١٩٩٣م.
النفقة على طلبة العلم:
قام المحسن عبد الرحمن العبد المغني يرحمه الله بدعم ورعاية أبناء الأمة العربية والإسلامية في مجال التعليم لعلمه أن أحوج ما يحتاج إليه المسلمون في الدول الإسلامية هو هذا المجال، ولذلك فقد تحمل يرحمه الله تكاليف بناء ستة فصول دراسية في دولة النيجر عام ١٩٩٣م.
كما تبرع يرحمه الله ببناء وتجهيز فصل دراسي في مركز الكويت للتوحد بمنطقة غرب مشرف (ضاحية مبارك العبد الله).
رعاية الأيتام
العم عبد الرحمن العبد المغني رحمه الله له مساهمات خيرية في كثير من أنحاء العالم الإسلامي، وقد حرص رحمه الله على رعاية الأيتام عاملاً في ذلك بأمر الله تعالى في كتابه العزيز: ( فأمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا السَّابِلَ فلا تنهر ) سورة الضحى، 9. ولعلنا نذكر هنا أنه قام ببناء دار للأيتام في إحدى ضواحي جاكرتا، بإندونيسيا عام ۱۹۸۸م وهو يتسع لعدد كبير من الأيتام، ويضم مشغلاً خاصاً لتعليم الأيتام أعمال الخياطة وصناعة الملابس والمفروشات، وبذلك يحقق لهم دخلاً يعينهم على ظروف الحياة ويعمل على تأهيلهم حينما يكبرون ويعتمدون على أنفسهم في طلب الرزق.
وفاته:
وبعد رحلة كبيرة من العمل والعطاء والبذل في سبيل الله تعالى توفي المحسن عبد الرحمن عبد المغني إلى رحمة الله تعالى في يوم السبت 3 جمادى الأولى عام ١٤٣٨هـ الموافق ١٩ مايو ٢٠٠٧م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
بيت الزكاة. محســـــــــنون من بلـــــــدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج9، 2010.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%2011.pdf