عبدالله بن راشد الزير

المولد والنشأة:
هو عبد الله بن راشد بن حمد بن سعد بن عبد الله الزير المولود في منطقة ( القبلة ) بمدينة الكويت عام ۱۳۲٥ هـ الموافق لعام ۱۹۰۷م، وينتمي إلى عشيرة الزيرة.
تربى عبد الله الزير تربية إسلامية في بيت كرم وسخاء على يد والده المرحوم راشد الزير الذي علمه المحافظة على الصلاة في المسجد وحب القرآن الكريم، ثم تلقى - رحمه الله - تعليمه في مدرسة المباركية التي أنشئت عام ۱۹۱۰م، وهي أول مدرسة نظامية في الكويت.
أوجه الإحسان في حياته:
أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالإحسان والجود وإيتاء ذي القربي، لذلك فقد تعددت أوجه الإحسان في حياة عبدالله بن راشد الزير، فكان لا يرد محتاجاً ولا فقيراً أبداً، لدرجة أنه كان يوصي زوجته بأن تعطي السائل الفقير قبل أولادها من الأموال والملابس والطعام، ولو كان هذا الطعام هو الوجبة الرئيسية في البيت ولذلك لم يردوا سائلاً أبدأ في وجوده أو غيابه، في حياته أو بعد وفاته.
كما حرص عبدالله الزير - رحمه الله - على البر بوالديه فأكرمهما وقام على رعايتهما إلى أن توفاهما الله تعالى فأحسن إلى أقاربهما وأصدقائهما وجيرانهما وتلمس حوائجهم وسعى في قضائها وحرص على سنة ذبح الأضاحي كل عام عنه وعن والديه - رحمهما الله - قربة إلى الله تعالى وإشاعة للرحمة بين الفقراء والمساكين.
إنظار المعسرين:
غرف المحسن عبدالله الزير في الأسواق التجارية بكرمه وسخائه؛ حيث كان يقرض المعسرين من التجار، وينظرهم إلى حين ميسرة إذا تأخروا في السداد، كما أنه كان يبيع بالأجل للمعسرين والفقراء من الأهالي وينتظر عليهم فترات طويلة، دون فائدة أو من أو أذى.
كرمه في رمضان:
كان المحسن عبد الله الزير أجود ما يكون في رمضان، فحرص على بالنقرة طول الشهر المهنا إطعام الطعام وإقامة ولائم الإفطار في مسجد
الكريم . وقد بلغ - رحمه الله - درجة كبيرة من السخاء حتى إنه كان يكلف الشهر كاملة كل عام على بيوت الفقراء في "ماجلة " خادمه بتوزيع "الفريج" الحي الذي يعيش فيه. وحرصا منه على اكتمال الخير، وتزكية نفسه، وتطهير ماله، ونمائه كان رحمه الله - حريصاً على إخراج زكاة ماله في شهر شعبان من كل عام، حتى يستفيد منها الفقراء والمحتاجون لاستقبال ذلك الشهر الكريم.
سقي الماء:
اهتم المحسن عبد الله الزير بتوفير الماء البارد لعابري السبيل ولجميع أهل بلده. فبادر - رحمه الله - إلى وضع سبيل ماء في كل موقع يراه بحاجة إلى ذلك ليس هذا فحسب، وإنما حرص على متابعة هذه الأسبلة بين الحين والآخر؛ ليطمئن بنفسه على بقاء الماء متوفراً وبارداً للشاربين، لإدراكه لأهمية الماء في حفظ الحياة وإرواء ظمأ العطشى.
دعم المشروعات واللجان الخيرية:
اعتنى المحسن عبد الله الزير - رحمه الله - باللجان والمؤسسات الخيرية فكان يتبرع لها بصفة دائمة، ويدعم أي مشروع خيري يعرض عليه، وقد بدأت تبرعاته للجان الخيرية تتوالى منذ أواخر الخمسينيات، وكانت أول لجنة خيرية تبرع لها هي لجنة زكاة العلبان، ثم توالت بعد ذلك مساهماته الفعالة مع عدد أكبر من اللجان الخيرية ومنها لجنة زكاة العثمان وجمعية الإصلاح الاجتماعي .. وغيرهما من اللجان والجمعيات الخيرية
كما غني - رحمه الله - بدعم الأنشطة الشبابية الإسلامية مع بداية الصحوة، فكان يمدهم بالأموال ويساهم بمبالغ نقدية كبيرة في تنظيم رحلات العمرة لهم، وذلك رغبة منه في تنشئة الشباب المسلم على الالتزام بأوامر الله وهدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
عمارة المساجد:
المساجد بيوت الله تعالى في الأرض، يلتقي فيها المؤمنون بأرواحهم وأجسادهم لتوحيد الله تعالى وعبادته، فتزول عن نفوسهم الهموم، وتغتسل أفئدتهم بالإيمان، ولما كان المحسن عبدالله الزير - رحمه الله - مدركا لعظمة المساجد ودورها الجليل في الإسلام، بذل قصارى جهده في إعمار بيوت الله في الأرض داخل الكويت وخارجها كما يلي:
أولاً : داخل الكويت:
كان - رحمه الله - يبحث عن الأماكن التي تفتقر إلى المساجد، واستعان في ذلك بالثقاة، والمخلصين من العاملين في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومن هؤلاء المرحوم عبد الله ناصر البناي مسؤول صيانة مساجد الأوقاف. وقد وفقه الله تعالى إلى بناء أربعة مساجد نوردها فيما يلي:
مسجد في منطقة الروضة:
الذي بدأ البناء فيه عام ۱۳۹١ (۱۹۷۱) م، وافتتح عام ۱۳٩٢ هـ ( ۱۹۷۲م)
مسجد في منطقة العمرية:
وقد بدأ البناء فيه عام ١٣٩١هـ ( ۱۹۷۱ ) أيضاً وافتتح للصلاة عام ١٣٩٢ هـ (۱۹۷۲م)
مسجد الرحمن في منطقة حولي:
بدأ البناء فيه ۱۳۹۹ هـ ( ۱۹۷۸م) ، وقد باشر المحسن عبدالله الزير بنفسه هو وأبناؤه الإشراف على عملية البناء والتجهيز، وتابع ذلك العمل المبارك متابعة دقيقة، حتى إنه انشغل به دون سواه فيسر الله له الأسباب وتم افتتاح المسجد في عام ١٤٠٠هـ (١٩٧٩م).
مسجد في منطقة السالمية:
في عام ١٤٠٢ هـ الموافق لعام ۱۹۸۱ م وجد موقعاً في منطقة السالمية الاستثمارية بحاجة إلى مسجد، فباشر من فوره البناء والإعمار والتجهيز حتى أتم الله له ذلك، وافتتح المسجد - يحمد الله - في عام ٥١٤٠٣ (١٩٨٢)
ولم يكتف المحسن عبدالله راشد الزير بعملية البناء فحسب، وإنما حرص على متابعة هذه المساجد بعناية واهتمام المعرفة ما ينقصها وتوجيه أبنائه لاستكماله. كما حرص على اختيار الأئمة والخطباء المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والجدية لتكون هذه المساجد منارات علم ونور وهدى، وما زالت هذه المساجد شامخة وعامرة بفضل الله تعالى تؤدي رسالتها على أكمل وجه، ويؤمها المصلون من كل مكان، داعين الله تعالى لمؤسسها أن تكون له قصوراً في الجنة.
ثانياً : خارج الكويت:
لم يقتصر اهتمام المحسن عبدالله الزير في بناء المساجد على دولته فحسب، وإنما امتد إلى دول أخرى في شتى بقاع الأرض، متبعاً نهجه السابق وهو البحث عن الأماكن التي تحتاج إلى هذه المساجد، لذلك فقد بدأ - رحمه الله - رحلة بناء المساجد خارج الكويت في الوقت ذاته، الذي كان يبني فيه داخل الكويت فساهم - رحمه الله - في بناء عدد من المساجد بمصر وسوريا استجابة لرغبة إخوانه المسلمين هناك، كما وفقه الله تعالى إلى إعمار عدد من المساجد الأخرى وهي :
مسجد "ايست لانسنغ":
عندما حضر إلى الكويت وقد اتحاد الطلبة المسلمين الدارسين في الولايات المتحدة الأمريكية من ولاية ميتشجن يطلب المساعدة لبناء مسجد في مدينة إيست لانسنغ صحبهم الشيخ طايس الجميلي إلى المرحوم عبدالله راشد الزير، واقترحوا عليه التبرع للمركز الإسلامي في ايست لانسنغ لمساعدتهم في إعمار هذا المسجد، فأجابهم - رحمه الله برغبته الشديدة في التبرع بكامل نفقات بناء هذا المسجد، وقد أتم الله له ذلك واكتمل البناء والتجهيز عام (١٤٠١هـ (۱۹۸۰) م (وكلفه ٤٠ ألف دينار كويتي)
مسجد الإيمان في دولة البحرين:
بعد انتهاء المحسن عبدالله الزير - رحمه الله - من بناء مسجد السالمية، التقى بالعم يوسف جاسم الحجي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق، وطلب مساعدته في البحث عن مكان آخر بالكويت يكون في حاجة إلى مسجد للعمل على بنائه فورا، لكن العم يوسف الحجي أشار عليه ببناء ذلك المسجد في دولة البحرين الشقيق ففيها أماكن هي أحوج للمساجد من ديرتنا الكويت، فوافق رحمه الله -على هذا الاقتراح الخير، وتم الترتيب مع وزارة الأوقاف وجمعية الإصلاح في دولة البحرين الشقيقة عام ۱۹۸۰ م على اختيار منطقة لبناء مسجد الإيمان فيها بإشراف الشيخ عبد الرحمن الجودر المحرق رحمه الله - ومتابعة العم يوسف الحجي إلى أن تم البناء والتجهيز، وافتتح للصلاة عام ١٤٠٣هـ ١٩٨٢م .
ثلاثة مساجد في كينيا:
زاد اهتمام المحسن عبد الله الزير - رحمه الله - بإعمار بيوت الله تعالى، لدرجة أنه قبل وفاته بعام واحد أسس ثلاثة مساجد دفعة واحدة في كينيا؛ بالرغم من أنه كان قد جاوز الثمانين من عمره وقد تم بناء هذه المساجد بالتنسيق مع لجنة مسلمي أفريقيا لجنة العون المباشر حاليا واكتمل بناؤها في عام ١٤١٠ هـ (١٩٨٩م).
وفاته:
بعد حياة حافلة بالعمل في سبيل الله تعالى والبذل والعطاء والبناء وصل فيها المحسن راشد الزير خير عقباه بخير دنياه، توفي رحمه الله وعلى لسانه تجري حروف القرآن الكريم في مساء الرابع عشر من شهر يونيو عام 1990م الموافق لعام 1410هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج3. بيت الزكاة، 2001.
الموقع الإلكتروني:
https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%203.pdf