أحمد حمود الدبّوس

أحمد حمود الدبّوس
أحمد حمود الدبّوس

التربية الوالدية أساس محبة العمل الخيري:

يعتزّ الدبوس بحقيقة أن العمل الخيري أصبح معلمًا بارزًا من معالم الهوية الكويتية، ويقول معبِّرًا عن ذلك: «أصبح العمل الخيري سمةً من سمات العمل الكويتي، وأبرز سماته أنه من دون تكلُّف، فإنّ من توفيق الله أن يختار بعضَ عباده لخدمة دينه العظيم وأمته الكريمة».

ومنذ البداية يشدّد الدبوس على دور الوالديْن والتربية الوالدية في غرس معاني العمل الخيري في نفوس النشء: «كان الآباء والأمهات يعلِّموننا ويحثّوننا ويعطوننا ويشجِّعوننا ويربوننا على معالي الأمور، ومن بينها عمل الخير، وكانوا يقولون كما في المَثَل الشعبي الشائع: (اعمل الخير وانساه) أي: نسيان المنّة أو التكلُّم به وتزكية النفس بسببه».

يعتزّ الدبوس كثيرًا بدور والده في حياته، ويعزو إليه كلَّ خير وفضل اكتسبه. يقول عنه: «كان والدي مدرسةً رغم أنه أمّيٌّ لا يعرف القراءة والكتابة»، وعن مكانته لديه يقول: «اختارني نائبًا عنه مع وجود إخواني المباركين الأعزاء، وقد حملني ذلك مسئوليتين: مسؤولية تربية نفسي وشق طريقي واتخاذ قراري بنفسي، ومسؤولية إيفائي بمسؤولياتي تجاهه».

لقد اتخذ الوالد إجراءاتٍ تربوية لطيفةً للغاية لتربية أبنائه على محبة الخير. يحكي الدبوس موقفًا يجسّد ذلك المنحى، فيقول: «كانوا يشترون لنا قطعتيْن من الملابس، بما معناه أنّ قطعةً لك وقطعة للفقير، وينتظر منك أن تتبرع بالقطعة الثانية وإلّا أرشدك إلى ذلك بالقول!، فيقال لك: تبرع بالقطعة الثانية للمحتاج حتى يُبارَك لك فيما لبستَه!».

فهكذا مارس معه والده حمود الدبوس رحمه الله ما نسميه التربية بالموقف.

وكان لا يردّ السائلين، ولو بإعطائهم شيئًا يسيرًا يطيِّب خاطرَهم: «وكانت من كلماته الجميلة في هذا المجال: «قليل العطاء ولا كثير الاعتذار»، أي أن تعطي العدد الأكبر أفضل من الاعتذار للعدد الأكبر!».

ومن ثَمَّ فلا عجبَ أن يقول في وصفٍ شامل لأثر والدِه عليه في حياته عمومًا، وفي اتجاهه إلى العمل الخيري خصوصًا: «والحق إن والدي قد علمني كل شيء، وأنا مدين له بكل خير وبكل الشِّيم والصفات الحسنة التي اكتسبتها في حياتي، لقد علمنا حتى التجارة والرجولة والرماية والسباحة وركوب الخيل».

الطرق الثلاثة لخطة الوالد لتنشئة أبنائه على حب الخير:

يبيّن لنا الدبوس، في إثراء واضح لأثر التربية الوالدية على بدايته في العمل الخيري؛ الأساليب التي كان الوالد رحمه الله ينتهجها معه ومع إخوته، لتحبيبهم في العمل الخير، وفي المحتاجين، وذلك عبر خطة ثلاثية الإجراءات: «رحم الله والدي، فقد كانت لديه خطةٌ عجيبةٌ لغرس الخير فينا، عبر ثلاث طرق:

الطريقة الأولى: تربيتنا على معالي الأمور وقيم الأخلاق والتواضع، فكان يأمرنا أن نأكل مع العاملين معنا في البيت، وكان يُلزمنا بإكرامهم كأنهم ضيوفٌ نزلوا علينا، وقد ربّى فينا هذا سمةَ التواضع، وأن نعيش خُلُقَ الرحمة حياةً وممارسة. وكان يدعو أيضًا بعضَ الضيوف الفقراء، فيصنع مأدبة خاصة للمحتاجين يواسيهم بها، ويجمعنا بهم لنأكل معهم. لقد علمنا بذلك قاعدةً في العمل الخيري، هي: التواضع.

الطريقة الثانية: أنّه كان يكلِّفُنا بالعطايا، أن نذهب لنعطي لفلان أو فلان، وألّا نخبر أحدًا بذلك، وكان في هذا تشجيعٌ لنا وتدريب على ممارسة العمل الخيري، والتواصي بكتمانه.

الطريقة الثالثة: أنه كان يأمرني بالتنافس مع أخي فيمن يقدِّم أكثر من الآخر من وجباتِ إفطار الصائم، ويُعطي الفائز دينارًا، لدرجة أننا كنّا نتنافس على الشخص الواحد كي نفوز بالجائزة».

البداية مع العمل الخيري المؤسسي إلى مشروع «الشفيع»:

ليس من المستغرب بعد ما تقدّم ذكره من البيئة الخيرية التربوية التي نشأ فيها الدبوس أن يتعاطى تلقائيًّا مع العمل الخيري، عبر مراحل عمره المختلفة، وقد بدأت ذلك بصورة مؤسسية كما يحكي فيقول: «بدأتُ العملَ المؤسسي في «لجنة زكاة الفحيحيل»، وكنت مساعدًا للرئيس، وهو ابن عمي: عبد الله فايز الدبوس. ثم انتقلت إلى مشروع: «طالب العلم» في «لجنة الدعوة الإسلامية» التابعة لجمعية «الإصلاح الاجتماعي»، واستمررت معهم نحو عشر سنوات»، كما تناول بالحديث السعي لتأسيس «جمعية الشيخ أحمد الدبوس الخيرية»، والتي لا يزال العمل جاريًا للترخيص لها.

خاض الدبوس، وهو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة؛ غمارَ العمل التربوي التعليمي الشرعي، في «المعهد الديني» في الفححيل حيث درَّس التربية الإسلامية، واستمر هناك نحو إحدى عشرة سنة حتى عام (1995)، ثم انصرف إلى التقاعد، ولتأسيس مشروعه الخاص، الذي يحقِّق من خلاله رؤيته الذاتية.

وكان ذلك هو مشروع «الشفيع لخدمة القرآن الكريم فهمًا وتطبيقًا»، الذي يصفه بأنه «نهاية مشروعي مع الحياة، وهو: غرس مفهوم الشفيع فهمًا وتطبيقًا، وهو مشروعٌ موجود في إحدى عشرة دولة الآن ولله الحمد»، وينطلق المشروع من مفاهيم مبتكرة في تعليم القرآن والعمل به والدعوة إليه، عبر عشر رباعياتٍ يسميها المشروع رباعيات التميز، وهي: رباعية:

  • الديمومة.
  • الاستمرار.
  • تكوين المؤسسة.
  • تكوين الوقف، ثم التوريث.


فيالها من مسيرةٍ حافلةٍ في العمل الخيري المؤسسي، انطلقت بالأساس من بذرةٍ غرسها أبٌ حريصٌ على تربية أبنائه على أسمى القيم والأخلاق، وهي: العمل الخيري والإحسان إلى الناس.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

بداياتهم مع العمل الخيري. عبدالمحسن عبدالله الجارالله الخرافي، 2021.

الموقع الإلكتروني:

https://www.ajkharafi.com/files/5216/4658/0234/8a524ea063321d71414208eab11c58fe.pdf