[[ملف:محسنون من بلدي.jpg|تصغير|كتاب محسنون من بلدي]]
=== '''<big>المولد والنشأة:</big>''' ===
بشر بن يوسف الرومي
[[ملف:محسنون من بلدي.jpg|تصغير|كتاب محسنون من بلدي]]<big>هو بشر بن يوسف بن أحمد بن محمد بن صالح بن بشر بن محمد الرومي، ولد في محلة (فريج) الرومي بمنطقة الشرق في الكويت عام 1257هـ الموافق عام 1841م.</big>
(1257–1347هـ) (1841–1909م)
<big>ينتمي إلى أسرة عريقة، ينتهي نسبها إلى بطن الشملان ثم السلقا ثم الجبل ثم العمارات ثم البشر من قبيلة عنزة، وقد ارتبطت هذه الأسرة ارتباطاً وثيقاً بالبحر، من خلال عملها في مهنة الغوص على اللؤلؤ الذي كان مصدر رزقها الرئيس.</big>
'''المولد والنشأة:'''
<big>وكانت أسرة الرومي قد نزحت مع أسرتي الصباح والخليفة، وأسر أخرى (فيما يسمى بالعتوب) من منطقة اليمامة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث كانوا يسكنون في "الهدار" من منطقة الأفلاج في نجد، وكبير أسرة آل رومي هو محمد الدراج، لأنه كان يسحب على مدرج بعد إصابته بقلة مدفع، وكان قاضي الجماعة، وقد هاجرت تلك الأسر لأسباب فُصلت في كتب التاريخ.</big>
هو بشر بن يوسف بن أحمد بن محمد بن صالح بن بشر بن محمد الرومي، ولد في محلة (فريج) الرومي بمنطقة الشرق في الكويت عام 1257هـ الموافق عام 1841م.
<big>ومن تلك المنطقة خرجت أسرة الرومي مهاجرة إلى قطر مع الأسر التي ذكرناها آنفاً، فاستقرت في مدينة الزبارة التي تقع على ساحل قطر الغربي قرب البحرين، وكانت قطر آنذاك تحت سيادة بني خالد ويحكمها من قِبلهِم آل مسلم.</big>
ينتمي إلى أسرة عريقة، ينتهي نسبها إلى بطن الشملان ثم السلقا ثم الجبل ثم العمارات ثم البشر من قبيلة عنزة<sup>([1])</sup>، وقد ارتبطت هذه الأسرة ارتباطاً وثيقاً بالبحر، من خلال عملها في مهنة الغوص على اللؤلؤ الذي كان مصدر رزقها الرئيس.
<big>وبعد مدة غير معروفة خرجت من قطر، واستقرت مع أسرة الصباح وآل خليفة وعدد من الأسر الأخرى في "الصبية" بالجهة الشمالية الشرقية من الكويت، ثم غادروها إلى جزيرة فيلكا التي استقروا فيها مدة من الزمن، ثم غادروها إلى أرض الكويت بعد الإذن من ابن عريعر، ويقال إنه وهبهم الكوت، وكانوا مجموعة من العشائر والأسر استقرت في ذلك الكوت (الكويت) واختارت فيما بعد صباح الأول أميراً لها ما بين سنة 1110 وسنة 1130هـ على وجه التقريب. </big>
وكانت أسرة الرومي قد نزحت مع أسرتي الصباح والخليفة، وأسر أخرى (فيما يسمى بالعتوب) من منطقة اليمامة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث كانوا يسكنون في "الهدار" من منطقة الأفلاج في نجد، وكبير أسرة آل رومي هو محمد الدراج، لأنه كان يسحب على مدرج بعد إصابته بقلة مدفع، وكان قاضي الجماعة، وقد هاجرت تلك الأسر لأسباب فُصلت في كتب التاريخ<sup>([2])</sup>.
=== '''<big>أوجه الإحسان في حياته:</big>''' ===
<big>كان لنشأة المحسن بشر الرومي – رحمه الله - في بيئة كريمة، لها أيادٍ بيضاء في وجوه الخير كافة، أكبر الأثر في تعدد أوجه الإحسان لديه، والتي منها:</big>
ومن تلك المنطقة خرجت أسرة الرومي مهاجرة إلى قطر مع الأسر التي ذكرناها آنفاً، فاستقرت في مدينة الزبارة التي تقع على ساحل قطر الغربي قرب البحرين، وكانت قطر آنذاك تحت سيادة بني خالد ويحكمها من قِبلهِم آل مسلم<sup>([3])</sup>.
=== '''<big>عمارة المساجد:</big>''' ===
<big>أراد المحسن بشر الرومي – رحمه الله - أن يبني بيتاً لله تعالى في الأرض، يكون ذخراً له عند الباري عز وجل، وسبيلاً إلى دخول جناته ونيل مرضاته في الآخرة، قال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ". (سورة التوبة، 18). وقد وفقه الله تعالى إلى نيل هذا الشرف العظيم، ليس ببناء مسجد واحد بل مسجدين:</big>
وبعد مدة غير معروفة خرجت من قطر، واستقرت مع أسرة الصباح وآل خليفة وعدد من الأسر الأخرى في "الصبية" بالجهة الشمالية الشرقية من الكويت، ثم غادروها إلى جزيرة فيلكا التي استقروا فيها مدة من الزمن، ثم غادروها إلى أرض الكويت بعد الإذن من ابن عريعر، ويقال إنه وهبهم الكوت<sup>([4])</sup>، وكانوا مجموعة من العشائر والأسر استقرت في ذلك الكوت (الكويت) واختارت فيما بعد صباح الأول أميراً لها ما بين سنة 1110 وسنة 1130هـ على وجه التقريب<sup>([5])</sup>.
=== '''<big>مسجد الرومي:</big>''' ===
<big>كان المحسن بشر الرومي - رحمه الله - يمتلك "ياخوراً" مع أسرته في محلة المطبة، وهو جزء من أرضهم - المقامة عليها الآن أبراج العوضي - في منطقة الشرق، ونظراً لحرص بشر على أداء الصلوات جماعة، شرع يفكر مع أسرته في تأسيس مسجد قريب من "ياخورهم" - حيث لم تكن هناك مساجد في تلك المنطقة آنذاك ولم يطل تفكيرهم، إذ سرعان ما خصصوا قطعة أرض من جهة الغرب من "الياخور" ليبنى عليها مسجد لله تعالى، متحملاً أيضاً نفقات البناء والتجهيز، مبتغياً من هذا العمل الثواب الذي وعدنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ أَوْسَعُ مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ". أخرجه أحمد في مسنده.</big>
'''أسرة الرومي .. مثال للبر والإحسان:'''
<big>وسرعان ما علا البناء وصدح صوت المؤذن بالنداء من فوق مئذنة مسجد الرومي الذي يقع في منطقة الشرق على شارع دسمان (شارع أحمد الجابر حالياً)، مقابل ياخور حسين بن علي بن سيف الرومي قريباً من أبراج العوضي وذلك في عام 1339 هـ (1920م)، وقد بُني المسجد في أول الأمر من الطين وكُسي بالجبس، وكانت مساحة الخلوة المصلى فيها صغيرة لا تسع سوى ثلاثة صفوف. وأما "الليوان" فكان يسع صفين آخرين.</big>
أسرة الرومي من الأسر الكويتية المعروفة، التي لها سابق أفضال حميدة وخصال مجيدة، فقد عاشت في الكويت وعاصرت جميع الأحداث التي مرت عليها منذ نشأتها، وتنوعت مجالات بذلها وعطائها فكان لها مواقف مشهودة في تاريخ البلاد، ومن ذلك:
<big>ويمتاز مسجد بشر الرومي بكثرة نوافذه وطولها مما يجعل الضوء والتهوية الصحية فيه متوافرين دائماً، وللمسجد بابان أحدهما يطل على شارع أحمد الجابر، والآخر على الناحية الشرقية.</big>
- شارك أبناؤها بأرواحهم وأموالهم في المواقع والأحداث التي شهدتها الكويت، وأبلوا في ذلك بلاءً حسناً، وأظهروا شجاعة نادرة وقدموا تضحيات مجيدة، بذلوا فيها أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن بلادهم وعزتها وكرامتها، وحظي بعضهم بوسام الشهادة الذي هو أرفع وسام.
<big>وقد قامت دائرة الأوقاف العامة بتجديده عام 1372هـ (1952)، كما قام المحسن الحاج عبدالله بن ناصر البناي بإنشاء منارته الحالية، والتي اقتبس منها مهندسو أبراج العوضي - القريبة من المسجد – شكل أقواس البناية فازدانت الأبراج بها.</big>
- قامت هذه الأسرة ببناء جزء من سور الكويت القريب من محلتهم، بأموالهم الخاصة، ولم يكتفوا بتحمل جهد البناء فحسب، بل تكفلوا بإطعام أهل المحلة الذين قاموا ببناء السور معهم.
<big>ومن فضل الله تعالى أن هناك أكثر من وقف على هذا المسجد، والمعروف منها حالياً اثنان فقط هما:</big>
- اتصفت أسرة الرومي بحسن الأخلاق، وطيب المعشر، وكانوا من أصحاب الدواوين الكويتية المعروفة، وخاصة دواوينهم بالشرق، سواء ديوان شملان الحالي أو ديوان بشر الرومي سابقاً.
<big>1- وقف خالد بن فايز الخميس: وهو عباره عن بيت للإمام في فريج حسين بن علي الرومي، مع بيت آخر بجواره للمؤذن.</big>
- عناية أسرة الرومي الخاصة بالعلم وأهله، ويشهد لهم بذلك تبرعهم للمدرسة المباركية، وإنشاؤهم مدرسة السعادة، وزيارات العلماء المتكررة لهم، وإقامتهم عندهم، ومنهم الشيخ عبدالعزيز العلجي، والشيخ عبدالرحمن (سلطان العلماء شيخ فارس)، وعبدالعزيز الثعالبي، ونجم الدين الهندي، والشيخ يوسف بن إبراهيم آل الشيخ مبارك.
<big>2- وقف آمنة بنت علي: وهو عباره عن بيت في محلة المطبة، أوقفته على مصالح المسجد، من بناء وحصر وزيت ودلو وغيرها، مما يحتاجه المسجد، بعد أن تقام مصالح البيت الموقوف من بناء وغيره، مما تستدام به غلته.</big>
==== رحلته مع العلم ====
=== <big>مسجد بالأحساء:</big> ===
كان الكُتَّاب هو المحطة الأولى التي تزود منها الشاب بشر الرومي بخير زاد، فتعلم بين أروقته تلاوة القرآن الكريم، وتلقى مبادئ القراءة والكتابة، وكان ذلك هو الحد الأدنى من التعليم آنذاك. وما كان هذا ليرضي طموح بشر الوثاب، وتعطشه لطلب العلم النافع ومجالسة العلماء، فاتصل ببعضهم واقترب منهم، وتزود مما عندهم من العلم.
<big>رغب المحسن بشر الرومي رحمه الله في الإستزادة من الخير والثواب، فأسس مسجداً آخراً في الصالحية بمنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، بعد أن أشار عليه بذلك صديقه الحميم الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي – من علماء الأحساء آنذاك – الذي سعى في بناء مسجد في تلك المنطقة، وطلب من آل الرومي التبرع لهذا المشروع الخيري النبيل، فكان بشر أول المساهمين فيه.</big>
=== '''<big>عطفه على الفقراء:</big>''' ===
<big>اعتنى الإسلام بالفقراء عناية بالغة، وأوصى بهم في مواضع عدة من القرآن الكريم، وجعلهم من مستحقي الزكاة في قوله تعالى: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" سورة التوبة.</big>
'''أوجه الإحسان في حياته:'''
<big>ولذلك كان – رحمه الله - عطوفاً على الفقراء والمساكين شفوقاً بهم، فكان ديوانه مفتوحاً لهم طول اليوم لتقديم الطعام والشراب، وكان يمتلئ بهؤلاء الفقراء والمساكين، حتى إن الكيس الكبير من الأرز لم يكن يكفي سوى يومين.</big>
كان لنشأة المحسن بشر الرومي – رحمه الله - في بيئة كريمة، لها أيادٍ بيضاء في وجوه الخير كافة، أكبر الأثر في تعدد أوجه الإحسان لديه، وليس من الإنصاف أن نشرع في الحديث عن أوجه الإحسان في حياة ابنهم المحسن بشر الرومي قبل أن نعرّج على جانب من سيرتهم العطرة، ومنهم:
<big>أما أهل بيته - الذين تعلموا منه حب الخير - فكانوا يعدون الطعام ويوزعونه على الفقراء في بيوتهم، عملاً بقول الحق جل وعلا "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا (9). سورة الإنسان.</big>
'''عبدالرحمن بن يوسف الرومي:'''
<big>وكان رحمه الله يحث أهله ويشجعهم على الإكثار من هذا العمل الطيب، فكانوا ينفقون الأموال ويقدمون الطعام ويفعلون الخير، ندية نفوسهم، راضية قلوبهم، مبسوطة أيديهم، بغير منٍّ ولا أذى ولا تفاخر،</big>
له إسهامات كبيرة في نجدة الدولة ونصرتها، حيث تكفل بتجهيز جزء من الجيش الكويتي من ماله الخاص، وكانت له أيادٍ بيضاء في مواسم الحج، بما كان يقدمه من ولائم لحجاج بيت الله الحرام الذين يصاحبونه في رحلة الحج إلى الديار المقدسة<sup>([6])</sup>.
=== <big>إكرامه لجيرانه:</big> ===
<big>ليس من المستغرب أن يحسن بشر الرومي معاملة جيرانه، وهو الذي قرأ كتاب الله صغيراً، وتشرب من تعاليمه، فكان يغمرهم بفيض بِره وكرمه، ويشملهم بحسن المعاملة وطيب المعشر وحلاوة اللسان، الذي هو من علامات الإيمان وطريق إلى حب الرحمن، متأسياً بوصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأبى ذر - رضي الله - عنه بقوله: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ" متفق عليه.</big>
'''النوخذة عبدالله بن أحمد بن يوسف الرومي:'''
<big>وقد انعكس ذلك على أخلاق المحسن بشر الرومي – رحمه الله - الذي شهد له كل من جاوره وعائلته بما سبق من صفات الجود والكرم، وحسن المعاملة وسمو الأخلاق،</big>
وعرف في زمانه بلقب "عبدالله باشا"، وكان له فضل كبير في إعادة البحارة الكويتيين الذين سافروا عام 1889م إلى جزيرة سيلان للغوص على اللؤلؤ وتقطعت بهم السبل بعد فشل رحلتهم، ولم يجدوا المال الكافي للعودة إلى وطنهم، فتحمل "عبدالله باشا" تكاليف عودتهم من ماله الخاص<sup>([7])</sup>.
=== '''<big>نظارة الوقف الخيري:</big>''' ===
<big>كان المحسن بشر الرومي محلاً لثقة الناس وحبهم، لتحليه بالأخلاق الأصيلة والصفات الحميدة، وقد تعددت صور هذه الثقة فيه، ومن ذلك أن الواقف السيد علي بن حسين بن علي السليمان اختاره وصياً على أراضيه التي أوقفها على الفقراء والمساكين، المسماة "بالحربية" والواقعة في محلة "بريهة" في منطقة العشار أحد مضافات البصرة، وقد ظل بشر وصياً عليها إلى وفاته.</big>
'''السيد صالح بن حمد الرومي:'''
<big>وقبل أن يلقى وجه ربه الكريم وَكَّلَ أبناءه أوصياء نيابة عنه، فظلوا أوصياء عليها من بعده إلى أن ذهبت هذه الأرض. يقول السيد عدنان بن سالم الرومي: "أن هذا العمل يدل على ثقة الناس به وحبهم له، وقد يكون بشر مساهماً مع الوصي ولكننا لا نملك دليلاً على ذلك".</big>
وقد اشتهر عن هذا الرجل أنه تبرع بأرضه التي كانت تقع في منطقة الشرق لبناء مقبرتين لدفن الموتى، بل كان يجهز لهم الكفن والطيب والكافور من ماله الخاص.
=== '''<big>وفاته:</big>''' ===
<big>بعد عمر طويل قارب التسعين سنة قمرية، قضاها المحسن الكريم بشر الرومي – رحمه الله - زاهداً في الدنيا، باذلاً الكثير من ماله في أوجه الخير والإحسان، انتقل إلى رحمة الله تعالى ورضوانه في غرة جمادى الأولى عام 1347هـ، الموافق 14/11/1928م، ودفن في الجهة الشمالية من مقبرة هلال المطيري بمنطقة الشرق.</big>
'''المحسن حسين بن علي آل سيف الرومي:'''
وهذا الرجل لا يزال ذكر كرمه وجوده يُتداول حتى وقتنا هذا بين أهل الكويت من بدو وحضر، وقد اشتهر بلقب "إمْعَشِّي العوسج"<sup>([8])</sup>مما يدل على جوده وكرمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
'''شملان بن علي آل سيف الرومي:'''
<big>'''المصدر:'''</big>
الذي ساهم في بناء المدرسة المباركة، وأنشأ مدرسة السعادة للأيتام، وشارك بمجهود وافر في إنشاء مسجد المطبة<sup>([9])</sup>. كما ساهم بثلث ولده "علي" - الذي استشهد في حرب الجهراء - في تأسيس مسجد علي الشملان، الواقع في دوار شارع عبدالله المبارك في المرقاب<sup>([10])</sup>.
<big>محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين) . بيت الزكاة، الجزء الخامس، الطبعة الأولى 1424هـ-2003م.</big>
وإلى جانب ذلك كله، فقد كان لأهل الإحسان من آل الرومي، حبس<sup>([11])</sup> على ساحل البحر يعرف بحبس الرومي، وهو عبارة عن مرساة من الحجارة تكون داخل البحر، يستعملها أهل المحلة في أعمالهم البحرية وغيرها<sup>([12])</sup>.
'''<big>الموقع الإلكتروني:</big>'''
في هذه البيئة الصالحة ووسط هؤلاء المحسنين الكرام رحمهم الله جميعاً، نشأ المحسن بشر الرومي، الذي تعددت أوجه إحسانه، وامتدت كشجرة مباركة، يتفيأ الكثيرون ظلها، ويطعمون من خيرها.
أراد المحسن بشر الرومي – رحمه الله - أن يبني بيتاً لله تعالى في الأرض، يكون ذخراً له عند الباري عز وجل، وسبيلاً إلى دخول جناته ونيل مرضاته في الآخرة، قال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ" (التوبة 18). وقد وفقه الله تعالى إلى نيل هذا الشرف العظيم، ليس ببناء مسجد واحد بل مسجدين:
'''مسجد الرومي:'''
كان المحسن بشر الرومي - رحمه الله - يمتلك "ياخوراً"<sup>([13])</sup> مع أسرته في محلة المطبة، وهو جزء من أرضهم - المقامة عليها الآن أبراج العوضي - في منطقة الشرق، ونظراً لحرص بشر على أداء الصلوات جماعة، شرع يفكر مع أسرته في تأسيس مسجد قريب من "ياخورهم" - حيث لم تكن هناك مساجد في تلك المنطقة آنذاك ولم يطل تفكيرهم، إذ سرعان ما خصصوا قطعة أرض من جهة الغرب من "الياخور" ليبنى عليها مسجد لله تعالى، متحملاً أيضاً نفقات البناء والتجهيز، مبتغياً من هذا العمل الثواب الذي وعدنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ أَوْسَعُ مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ" أخرجه أحمد في مسنده.
وسرعان ما علا البناء وصدح صوت المؤذن بالنداء من فوق مئذنة مسجد الرومي الذي يقع في منطقة الشرق على شارع دسمان (شارع أحمد الجابر حالياً)، مقابل ياخور حسين بن علي بن سيف الرومي قريباً من أبراج العوضي وذلك في عام 1339 هـ (1920م)،<sup>([14])</sup>وقد امتدح الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي صديقه بشر وأسرته لقيامهم بهذا العمل الجليل قائلاً:
إن هذا مسجد منشرح حيث بانـوه كرام صلحوا
فخذوا تاريخه غُرٌّ بداً (آل بشر بالتقى هم ربحوا)<sup>([15])</sup>
وقد بُني المسجد في أول الأمر من الطين وكُسي بالجبس، وكانت مساحة الخلوة المصلى فيها صغيرة لا تسع سوى ثلاثة صفوف. وأما "الليوان" فكان يسع صفين آخرين.
ويمتاز مسجد بشر الرومي بكثرة نوافذه وطولها مما يجعل الضوء والتهوية الصحية فيه متوافرين دائماً، وللمسجد بابان أحدهما يطل على شارع أحمد الجابر، والآخر على الناحية الشرقية.
وقد قامت دائرة الأوقاف العامة بتجديده عام 1372هـ (1952)<sup>([16])</sup>، كما قام المحسن الحاج عبدالله بن ناصر البناي بإنشاء منارته الحالية، والتي اقتبس منها مهندسو أبراج العوضي - القريبة من المسجد – شكل أقواس البناية فازدانت الأبراج بها<sup>([17])</sup>.
ومن فضل الله تعالى أن هناك أكثر من وقف على هذا المسجد، والمعروف منها حالياً اثنان فقط هما:
'''1-''' وقف خالد بن فايز الخميس: وهو عباره عن بيت للإمام في فريج حسين بن علي الرومي، مع بيت آخر بجواره للمؤذن.
'''2-''' وقف آمنة بنت علي: وهو عباره عن بيت في محلة المطبة، أوقفته على مصالح المسجد، من بناء وحصر وزيت ودلو وغيرها، مما يحتاجه المسجد، بعد أن تقام مصالح البيت الموقوف من بناء وغيره، مما تستدام به غلته.
'''المواصفات العامة للمسجد:'''
- المساحة الكلية للمسجد 700 متراً مربعاً.
- يتسع المسجد لعدد 400 مصلٍّ.
- ارتفاع المئذنة 18 متراً .
- بني المسجد على الطراز العادي القديم.
== مسجد بالأحساء: ==
رغب المحسن بشر الرومي رحمه الله في الإستزادة من الخير والثواب، فأسس مسجداً آخراً في الصالحية بمنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، بعد أن أشار عليه بذلك صديقه الحميم الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي – من علماء الأحساء آنذاك – الذي سعى في بناء مسجد في تلك المنطقة، وطلب من آل الرومي التبرع لهذا المشروع الخيري النبيل، فكان بشر أول المساهمين فيه.
'''عطفه على الفقراء:'''
اعتنى الإسلام بالفقراء عناية بالغة، وأوصى بهم في مواضع عدة من القرآن الكريم، وجعلهم من مستحقي الزكاة في قوله تعالى: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" سورة التوبة.
ولذلك كان – رحمه الله - عطوفاً على الفقراء والمساكين شفوقاً بهم، فكان ديوانه مفتوحاً لهم طول اليوم لتقديم الطعام والشراب، وكان يمتلئ بهؤلاء الفقراء والمساكين، حتى إن الكيس الكبير من الأرز لم يكن يكفي سوى يومين.
أما أهل بيته - الذين تعلموا منه حب الخير - فكانوا يعدون الطعام ويوزعونه على الفقراء في بيوتهم، عملاً بقول الحق جل وعلا "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا (9) سورة الإنسان.
وكان رحمه الله يحث أهله ويشجعهم على الإكثار من هذا العمل الطيب، فكانوا ينفقون الأموال ويقدمون الطعام ويفعلون الخير، ندية نفوسهم، راضية قلوبهم، مبسوطة أيديهم، بغير منٍّ ولا أذى ولا تفاخر، وقد سجل الشاعر صقر الشبيب ذلك العمل الجليل فقال:
فكـم من ضعـيف نلـته بمـعونة وأسعدته والمسعدون قليلُ
وكـم عاثر مـنا أقلــت عـثاره وقد عز ما بين الأنام مقيلُ
وكـم نال مـنا السائلـون رغائـباً على حين عز السائلين منيلُ
طبعت على حسن اصطناعك كل ما إلى خير نفع للضعيف يؤولُ
فكنت كثـير النفـع فـينا عميـمه إذا اختص بالنفع الخليل خليلُ<sup>([18])</sup>
= إكرامه لجيرانه: =
ليس من المستغرب أن يحسن بشر الرومي معاملة جيرانه، وهو الذي قرأ كتاب الله صغيراً، وتشرب من تعاليمه، فكان يغمرهم بفيض بِره وكرمه، ويشملهم بحسن المعاملة وطيب المعشر وحلاوة اللسان، الذي هو من علامات الإيمان وطريق إلى حب الرحمن، متأسياً بوصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأبى ذر - رضي الله - عنه بقوله: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ"<sup>([19])</sup> متفق عليه.
وقد انعكس ذلك على أخلاق المحسن بشر الرومي – رحمه الله - الذي شهد له كل من جاوره وعائلته بما سبق من صفات الجود والكرم، وحسن المعاملة وسمو الأخلاق، وقد عبر الشاعر صقر الشبيب عن هذا الإحساس قائلاً:
فكنتَ وحظُّ الجـارِ ممـا يحبُّـه لديك كما يقضي الجوارُ جزيلُ
وكنت على أمـنٍ لجَـارك دائمـاً من البادرات الموديات حصولُ
إذا ما استمال الجـار كيـد جـاره ففيك عن الكيدِ الذميمِ عـدولُ
وما كنَت - لو شئت المكيدةَ - عاجزاً ولا كان عنها في شباك فلول<sup>([20])</sup>
ولـكن أبـيت إلا الوفاءَ وحســنَه عليـك سـجايا كـلهن جميلُ<sup>([21])</sup>
=== الإصلاح وحسن المشورة: ===
كان المحسن بشر الرومي محباً للإصلاح بين الناس، باذلاً للنصيحة، عاملاً بالحديث الذي رواه أبو رقية تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" رواه مسلم.
وقد سجل رحمه الله مواقف مشرفة عديدة تدل على ترسخ هذه الصفة فيه، ولعل أبرزها دوره فى إنهاء أزمة هجرة تجار اللؤلؤ<sup>([22])</sup> وذلك عندما نصح الشيخ مبارك الصباح بأن يرسل ابنه (الشيخ سالم) برسالة فيها الأمان والعفو والصفح عما حدث، ليرجعوا إلى بلادهم سالمين مكرمين.
فاستجاب الشيخ مبارك لنصيحته المخلصة، وأرسل ابنه (الشيخ سالم) مع الوجيه فارس الوقيان، فأبلغهم الرسالة وتم الصلح بحمد الله تعالى.
ويدل هذا على ذكاء بشر وفطنته وقدرته على احتواء المشكلات قبل تفاقمها، قال تعالى: "يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269)" سورة البقرة.
وقد مدح الشاعر صقر الشبيب موقفه هذا في قوله مخاطباً بشر الرومي:
وكم لضعيف شهب حق أبنتها ولولاك لم يبرح بهن أفول<sup>([23])</sup>
'''نظارة الوقف الخيري:'''
كان المحسن بشر الرومي محلاً لثقة الناس وحبهم، لتحليه بالأخلاق الأصيلة والصفات الحميدة، وقد تعددت صور هذه الثقة فيه، ومن ذلك أن الواقف السيد علي بن حسين بن علي السليمان اختاره وصياً على أراضيه التي أوقفها على الفقراء والمساكين، المسماة "بالحربية" والواقعة في محلة "بريهة" في منطقة العشار أحد مضافات البصرة، وقد ظل بشر وصياً عليها إلى وفاته.
وقبل أن يلقى وجه ربه الكريم وَكَّلَ أبناءه أوصياء نيابة عنه، فظلوا أوصياء عليها من بعده إلى أن ذهبت هذه الأرض. يقول السيد عدنان بن سالم الرومي: "أن هذا العمل يدل على ثقة الناس به وحبهم له، وقد يكون بشر مساهماً مع الوصي ولكننا لا نملك دليلاً على ذلك".
'''وفاته:'''
بعد عمر طويل قارب التسعين سنة قمرية، قضاها المحسن الكريم بشر الرومي – رحمه الله - زاهداً في الدنيا، باذلاً الكثير من ماله في أوجه الخير والإحسان، انتقل إلى رحمة الله تعالى ورضوانه في غرة جمادى الأولى عام 1347هـ، الموافق 14/11/1928م، ودفن في الجهة الشمالية من مقبرة هلال المطيري بمنطقة الشرق.
رحمه الله رحمة واسعة، وجعل أعماله في ميزان حسناته، وأسكنه فسيح جناته.
'''قالوا عنه:'''
كان بشر الرومي - رحمه الله - حفياً كريماً بالكثير من أهل بلده وكان منهم الشاعر الضرير صقر الشبيب الذي نشأ بين عائلته، فأسبغ عليه من عطفه وكرمه، وسار على هذا النهج أولاده من بعده، لذلك جاء رثاء صقر الشبيب لبشر الرومي - رحمه الله - كرثاء الابن لأبيه، لا يوازيه في حرارته وفيض مشاعره إلا رثاؤه للشيخ العلامة عبدالله الخلف الدحيان.
يقول شاعر الكويت صقر الشبيب في مرثيته الرائعة للمرحوم بشر الرومي<sup>([24])</sup>:
رحم الله المحسن الكريم بشر الرومي، وجزاه عما فعل خير الجزاء، وأسكنه فسيح جناته.
'''المصادر والمراجع:'''
<nowiki>*</nowiki> مقابلة مع السيد عدنان سالم الرومي من أحفاد المحسن بشر بن يوسف الرومي.
- أحمد البشر الرومي - ديوان صقر الشبيب: شاعر الكويت – مكتبة الأمل - الكويت.
- د. أحمد مصطفى أبو حاكمة –تاريخ الكويت الحديث – الطبعة الأولى – دولة الكويت 1984م.
- الأمانة العامة للأوقاف – تاريخ دائرة الأوقاف العامة (1368هـ - 1377هـ) - الكويت 1995م.
- القبس - العدد 3593 - 14/5/1982.
- بيت الزكاة – سلسلة محسنون من بلدي – الجزء الأول والثاني - الكويت 1998م /2000م.
- سيف مرزوق الشملان – تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي – الجزءان الأول والثاني – مطبعة الحكومة – الكويت 1978م.
- سيف مرزوق الشملان – من تاريخ الكويت – الطبعة الثانية - ذات السلاسل – الكويت 1986م.
- شجرة نسب قبيلة عنزة - التي تم التصديق عليها من الشيخ عروة بن هذال عام 1893م.
- عبدالله محمد عبدالعزيز الجزاليني - تاريخ الأفلاج وحضارتها – الطبعة الأولى – الرياض 1413هـ (1992م).
- الشيخ عبدالعزيز الرشيد - تاريخ الكويت – الطبعة الثانية – دار مكتبة الحياة – بيروت 1971م.
- عدنان سالم الرومي – تاريخ مساجد الديرة القديمة – الطبعة الأولى – الكويت 1988م.
- عدنان سالم الرومي – تاريخ مساجد الكويت القديمة - الكويت 2003م.
- عدنان سالم الرومي - علماء الكويت وأعلامها– الطبعة الأولى - مكتبة المنار - الكويت 1999م.
- من رسالة الشيخ مبارك الصباح إلى المعتمد البريطاني – مذكرة حول النظام السياسي لدولة الكويت – من إعداد مركز البحوث والدراسات الكويتية.
- الشيخ يوسف بن عيسى القناعي - صفحات من تاريخ الكويت – الطبعة الخامسة – شركة ذات السلاسل - الكويت 1987م.
<nowiki>*</nowiki> وثق هذه المادة حفيده السيد عدنان سالم الرومي.
----([1]) شجرة نسب قبيلة عنزة، التي تم التصديق عليها من الشيخ عروة بن هذال عام 1893م.
([2]) من تاريخ الكويت - سيف مرزوق الشملان – الطبعة الثانية - ص 106.
([3]) المرجع السابق - ص 107.
(4) المرجع السابق – ص 108 – 109.
(5) صفحات من تاريخ الكويت – يوسف بن عيسى القناعي – الطبعة الخامسة – ص16.
([6]) المصدر: ابنه يوسف بن عبدالرحمن الرومي.
([7]) المصدر: سالم محمد الرومي.
([8]) لمعرفة المزيد من أوجه إحسانه وسبب إطلاق هذا اللقب عليه، انظر الجزء الثالث من سلسلة "محسنون من بلدي" ص23 وما بعدها.
([9]) لمعرفة المزيد من أوجه إحسانه، انظر الجزء الأول من سلسلة "محسنون من بلدي" – الجزء الأول – ص 47 وما بعدها.
([10]) تاريخ مساجد الكويت القديمة – عدنان سالم الرومي – الكويت 2003م.
([11]) الحِبْس (بكسر الحاء وتسكين الباء) هو ما يحبس، وهو هنا مخصص لاستعمال الناس بلا مقابل كمرسى لسفنهم سواء للصيانة الدورية، أو لانتظار رحلات جديدة.
([12]) تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج - الجزء الأول – ص 235- 236.
([13]) الياخور: هو المزرعة الكبيرة التي كانت تستخدم في القدم لتربية الخيول وحفظها، ثم تطور مفهوم استخدامها إلى تربية الأغنام والماشية والدواجن وشيء من الزراعة أحياناً.
([14]) تاريخ مساجد الكويت القديمة – عدنان سالم الرومي – الكويت 2002م.
(3) هذه طريقة العلماء القدامى في توثيق التواريخ بالتعبير عنها بكلمات أو أبيات يكون مجموع الأرقام المقابلة لحروفها هو التاريخ المطلوب، بالاستعانة بالترقيم الذي كان يستخدمه العلماء المسلمون والعرب مقابل الحروف الأبجدية.
([16]) القبس، العدد 3593، الصادر بتاريخ 14/5/1982.
([17]) في مقابلة سجلت معه على شريط كاسيت.
([18]) ديوان صقر (371).
(1) تعاهد جيرانك: أي أعطهم منها.
([20]) فلول: الثلمة في حد السيف.
([21]) من ديوان صقر (372).
(4) هجر الكويت كبار تجار اللؤلؤ ورجالهم وأتباعهم أمثال شملان بن علي آل سيف وإبراهيم المضف وهلال بن فجحان المطيري إلى البحرين وجزيرة (جنة) في (القطيف)، وذلك لسوء تفاهم مع الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك، ولمزيد من المعلومات انظر كتاب تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي - ج 2 – سيف مرزوق الشملان – ص 67.
([23]) ديوان صقر، 371.
([24]) نظراً لطول القصيدة فقد تجاوزنا عن الأبيات التي تم الاستشهاد بها آنفاً خلال السيرة الكريمة للمحسن بشر الرومي، وللاطلاع عليها كاملة يمكن الرجوع إلى ديوان الشاعر صقر الشبيب المشار إليه بالهامش رقم (2).
([25]) ديوان صقر الشبيب: شاعر الكويت – جمعه وقدم له الأستاذ أحمد البشر الرومي – ص 371 – مكتبة الأمل.
([26]) أذال الدمع: سكنه.
([27]) العفاة: طالبوا المعروف.
([28]) تحول: تتحول وتتنقل.
([29]) فضول: زيادة
([30]) المنون: الموت، والتليل: العنق.
<ref>محسنون من بلدي، د. عبد المحسن الخرافي، الجزء الخامس</ref>
<references />
[[تصنيف:ويكي خير]]
[[تصنيف:ويكي خير]]
[[تصنيف:أعلام العمل الخيري والإنساني]]
[[تصنيف:أعلام العمل الخيري والإنساني]]
[[تصنيف:رجال العمل الخيري]]
[[تصنيف:محسنون]]
المراجعة الحالية بتاريخ ١٤:٣٥، ١٠ مايو ٢٠٢٥
المولد والنشأة:
كتاب محسنون من بلدي
هو بشر بن يوسف بن أحمد بن محمد بن صالح بن بشر بن محمد الرومي، ولد في محلة (فريج) الرومي بمنطقة الشرق في الكويت عام 1257هـ الموافق عام 1841م.
ينتمي إلى أسرة عريقة، ينتهي نسبها إلى بطن الشملان ثم السلقا ثم الجبل ثم العمارات ثم البشر من قبيلة عنزة، وقد ارتبطت هذه الأسرة ارتباطاً وثيقاً بالبحر، من خلال عملها في مهنة الغوص على اللؤلؤ الذي كان مصدر رزقها الرئيس.
وكانت أسرة الرومي قد نزحت مع أسرتي الصباح والخليفة، وأسر أخرى (فيما يسمى بالعتوب) من منطقة اليمامة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث كانوا يسكنون في "الهدار" من منطقة الأفلاج في نجد، وكبير أسرة آل رومي هو محمد الدراج، لأنه كان يسحب على مدرج بعد إصابته بقلة مدفع، وكان قاضي الجماعة، وقد هاجرت تلك الأسر لأسباب فُصلت في كتب التاريخ.
ومن تلك المنطقة خرجت أسرة الرومي مهاجرة إلى قطر مع الأسر التي ذكرناها آنفاً، فاستقرت في مدينة الزبارة التي تقع على ساحل قطر الغربي قرب البحرين، وكانت قطر آنذاك تحت سيادة بني خالد ويحكمها من قِبلهِم آل مسلم.
وبعد مدة غير معروفة خرجت من قطر، واستقرت مع أسرة الصباح وآل خليفة وعدد من الأسر الأخرى في "الصبية" بالجهة الشمالية الشرقية من الكويت، ثم غادروها إلى جزيرة فيلكا التي استقروا فيها مدة من الزمن، ثم غادروها إلى أرض الكويت بعد الإذن من ابن عريعر، ويقال إنه وهبهم الكوت، وكانوا مجموعة من العشائر والأسر استقرت في ذلك الكوت (الكويت) واختارت فيما بعد صباح الأول أميراً لها ما بين سنة 1110 وسنة 1130هـ على وجه التقريب.
أوجه الإحسان في حياته:
كان لنشأة المحسن بشر الرومي – رحمه الله - في بيئة كريمة، لها أيادٍ بيضاء في وجوه الخير كافة، أكبر الأثر في تعدد أوجه الإحسان لديه، والتي منها:
عمارة المساجد:
أراد المحسن بشر الرومي – رحمه الله - أن يبني بيتاً لله تعالى في الأرض، يكون ذخراً له عند الباري عز وجل، وسبيلاً إلى دخول جناته ونيل مرضاته في الآخرة، قال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ". (سورة التوبة، 18). وقد وفقه الله تعالى إلى نيل هذا الشرف العظيم، ليس ببناء مسجد واحد بل مسجدين:
مسجد الرومي:
كان المحسن بشر الرومي - رحمه الله - يمتلك "ياخوراً" مع أسرته في محلة المطبة، وهو جزء من أرضهم - المقامة عليها الآن أبراج العوضي - في منطقة الشرق، ونظراً لحرص بشر على أداء الصلوات جماعة، شرع يفكر مع أسرته في تأسيس مسجد قريب من "ياخورهم" - حيث لم تكن هناك مساجد في تلك المنطقة آنذاك ولم يطل تفكيرهم، إذ سرعان ما خصصوا قطعة أرض من جهة الغرب من "الياخور" ليبنى عليها مسجد لله تعالى، متحملاً أيضاً نفقات البناء والتجهيز، مبتغياً من هذا العمل الثواب الذي وعدنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ أَوْسَعُ مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ". أخرجه أحمد في مسنده.
وسرعان ما علا البناء وصدح صوت المؤذن بالنداء من فوق مئذنة مسجد الرومي الذي يقع في منطقة الشرق على شارع دسمان (شارع أحمد الجابر حالياً)، مقابل ياخور حسين بن علي بن سيف الرومي قريباً من أبراج العوضي وذلك في عام 1339 هـ (1920م)، وقد بُني المسجد في أول الأمر من الطين وكُسي بالجبس، وكانت مساحة الخلوة المصلى فيها صغيرة لا تسع سوى ثلاثة صفوف. وأما "الليوان" فكان يسع صفين آخرين.
ويمتاز مسجد بشر الرومي بكثرة نوافذه وطولها مما يجعل الضوء والتهوية الصحية فيه متوافرين دائماً، وللمسجد بابان أحدهما يطل على شارع أحمد الجابر، والآخر على الناحية الشرقية.
وقد قامت دائرة الأوقاف العامة بتجديده عام 1372هـ (1952)، كما قام المحسن الحاج عبدالله بن ناصر البناي بإنشاء منارته الحالية، والتي اقتبس منها مهندسو أبراج العوضي - القريبة من المسجد – شكل أقواس البناية فازدانت الأبراج بها.
ومن فضل الله تعالى أن هناك أكثر من وقف على هذا المسجد، والمعروف منها حالياً اثنان فقط هما:
1- وقف خالد بن فايز الخميس: وهو عباره عن بيت للإمام في فريج حسين بن علي الرومي، مع بيت آخر بجواره للمؤذن.
2- وقف آمنة بنت علي: وهو عباره عن بيت في محلة المطبة، أوقفته على مصالح المسجد، من بناء وحصر وزيت ودلو وغيرها، مما يحتاجه المسجد، بعد أن تقام مصالح البيت الموقوف من بناء وغيره، مما تستدام به غلته.
مسجد بالأحساء:
رغب المحسن بشر الرومي رحمه الله في الإستزادة من الخير والثواب، فأسس مسجداً آخراً في الصالحية بمنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، بعد أن أشار عليه بذلك صديقه الحميم الشيخ عبدالعزيز بن صالح العلجي – من علماء الأحساء آنذاك – الذي سعى في بناء مسجد في تلك المنطقة، وطلب من آل الرومي التبرع لهذا المشروع الخيري النبيل، فكان بشر أول المساهمين فيه.
عطفه على الفقراء:
اعتنى الإسلام بالفقراء عناية بالغة، وأوصى بهم في مواضع عدة من القرآن الكريم، وجعلهم من مستحقي الزكاة في قوله تعالى: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" سورة التوبة.
ولذلك كان – رحمه الله - عطوفاً على الفقراء والمساكين شفوقاً بهم، فكان ديوانه مفتوحاً لهم طول اليوم لتقديم الطعام والشراب، وكان يمتلئ بهؤلاء الفقراء والمساكين، حتى إن الكيس الكبير من الأرز لم يكن يكفي سوى يومين.
أما أهل بيته - الذين تعلموا منه حب الخير - فكانوا يعدون الطعام ويوزعونه على الفقراء في بيوتهم، عملاً بقول الحق جل وعلا "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا(8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا (9). سورة الإنسان.
وكان رحمه الله يحث أهله ويشجعهم على الإكثار من هذا العمل الطيب، فكانوا ينفقون الأموال ويقدمون الطعام ويفعلون الخير، ندية نفوسهم، راضية قلوبهم، مبسوطة أيديهم، بغير منٍّ ولا أذى ولا تفاخر،
إكرامه لجيرانه:
ليس من المستغرب أن يحسن بشر الرومي معاملة جيرانه، وهو الذي قرأ كتاب الله صغيراً، وتشرب من تعاليمه، فكان يغمرهم بفيض بِره وكرمه، ويشملهم بحسن المعاملة وطيب المعشر وحلاوة اللسان، الذي هو من علامات الإيمان وطريق إلى حب الرحمن، متأسياً بوصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأبى ذر - رضي الله - عنه بقوله: "يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ" متفق عليه.
وقد انعكس ذلك على أخلاق المحسن بشر الرومي – رحمه الله - الذي شهد له كل من جاوره وعائلته بما سبق من صفات الجود والكرم، وحسن المعاملة وسمو الأخلاق،
نظارة الوقف الخيري:
كان المحسن بشر الرومي محلاً لثقة الناس وحبهم، لتحليه بالأخلاق الأصيلة والصفات الحميدة، وقد تعددت صور هذه الثقة فيه، ومن ذلك أن الواقف السيد علي بن حسين بن علي السليمان اختاره وصياً على أراضيه التي أوقفها على الفقراء والمساكين، المسماة "بالحربية" والواقعة في محلة "بريهة" في منطقة العشار أحد مضافات البصرة، وقد ظل بشر وصياً عليها إلى وفاته.
وقبل أن يلقى وجه ربه الكريم وَكَّلَ أبناءه أوصياء نيابة عنه، فظلوا أوصياء عليها من بعده إلى أن ذهبت هذه الأرض. يقول السيد عدنان بن سالم الرومي: "أن هذا العمل يدل على ثقة الناس به وحبهم له، وقد يكون بشر مساهماً مع الوصي ولكننا لا نملك دليلاً على ذلك".
وفاته:
بعد عمر طويل قارب التسعين سنة قمرية، قضاها المحسن الكريم بشر الرومي – رحمه الله - زاهداً في الدنيا، باذلاً الكثير من ماله في أوجه الخير والإحسان، انتقل إلى رحمة الله تعالى ورضوانه في غرة جمادى الأولى عام 1347هـ، الموافق 14/11/1928م، ودفن في الجهة الشمالية من مقبرة هلال المطيري بمنطقة الشرق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين) . بيت الزكاة، الجزء الخامس، الطبعة الأولى 1424هـ-2003م.