د. عبد الرحمن حمود السميط

من ويكي خير

المولد والنشأة:

د. عبد الرحمن حمود السميط
د. عبد الرحمن حمود السميط

ولد عبد الرحمن حمود سليمان السميط في الكويت في العاشر من ذي الحجة عام ١٣٦٦هـ الموافق العاشر من أكتوبر عام ١٩٤٧م، في أسرة متدينة محبة للخير؛ فوالده رحمه الله كان رجلاً صالحاً ملازماً للمسجد، وحرص على تربية أولاده على ذلك. وقد ساهم تدين الأسرة وصلاحها في صقل شخصية الابن عبد الرحمن منذ صغره؛ فكان ملازماً للمسجد منذ مرحلة مبكرة من حياته؛ حتى كان يلقب بـه الملا» (لقب يطلق على المتدين. ومما يروى عنه في طفولته أنه كان هادئ الطبع، جادا في دراسته وتدينه لا يجامل في أمر الدين. وقد اشترك في فريق الكشافة لمدة سبع سنوات، وكان للأنشطة الكشفية أثر كبير في صقل شخصيته، وتركت بصمات واضحة في حياته من حيث التكوين الإسلامي، والصبر على تحمل المشاق والاعتماد على الذات، والعمل بروح الفريق وتحمل المسؤولية، واكتشاف مهارات القيادة، وغيرها من الصفات الحميدة التي يكتسبها الكشاف.

أوجه الإحسان في حياته

بدأت علاقته رحمه الله بالعمل الخيري في مرحلة مبكرة من حياته؛ حيث قام في المرحلة الثانوية مع بعض أصدقائه بشراء سيارة من مصروفهم، لنقل العمال البسطاء إلى بيوتهم أو أماكن عملهم دون مقابل. وفي أثناء دراسته العليا في الغرب كان يجمع من كل طالب مسلم عدة دولارات في الشهر، بالإضافة إلى ما يستقطعه هو من مصروفه، ثم يقوم بطباعة الكتيبات، وإرسالها إلى جنوب شرق آسيا وإفريقيا، وغير ذلك من أعمال التوعية بدين الله تعالى.

وقد تعددت وتنوعت أوجه الإحسان في حياة المحسن السميط، نذكر منها :

أولا : تبرعه بجائزة الملك فيصل العالمية للعمل الخيري

منح الدكتور السميط رحمه الله وسام رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي ووسام النيلين من الطبقة الأولى من جمهورية السودان؛ وذلك تقديراً لما تبذله لجنة مسلمي إفريقيا (جمعية العون المباشر تحت إشرافه من جهد إسلامي وإنساني نبيل، إضافة إلى جائزة الملك فيصل العالمية التي تبرع بمكافأتها المالية لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء إفريقيا والذي استفاد منه العديد من الطلاب. وقد منح الجائزة لجهوده العظيمة المتعددة المجالات في خدمة الإسلام والمسلمين ومن أبرز هذه الجهود

۱- مساهمته في تأسيس اللجنة الإغاثة الكويتية التي ساعدت في إنقاذ مئات الآلاف من الموت جوعاً في بلدان إفريقية متعددة.

٢- تأسيسه للجنة مسلمي إفريقيا، التي تولى أمانتها العامة منذ تأسيسها ۱۹۸۱م، ومباشرته ميدانيا لأعمالها الجليلة في المجالين الديني والاجتماعي. فكان من ثمرة ذلك بناء أكثر من ٤٧٠٠ مسجد وأكثر من ۱۱۰ من المراكز الإسلامية والمدارس ومراكز تدريب النساء والمستشفيات والمستوصفات والمخيمات الطبية، ودفع رواتب ومكافآت لآلاف من الدعاة وأئمة المساجد والمعلمين والطلاب، ورعاية قرابة ٢٠ ألفاً من الأيتام، وحفر ١٨ ألفاً من الآبار الارتوازية، وإقامة عدد من السدود والمشروعات الزراعية، ودعم المحتاجين بالأغذية والملابس والأدوية.

ثانيا : دوره في مجال العمل التطوعي

بذل الدكتور السميط رحمه الله منذ مطلع شبابه جهوداً عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين، فشارك في تأسيس ورئاسة جمعية الأطباء المسلمين في الولايات المتحدة وكندا، وفي تأسيس فروع جمعية الطلبة المسلمين في مونتريال بكندا، كما أسس لجنة الإغاثة الكويتية، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت، وهو عضو مؤسس في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وعضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية، وعضو في جمعية الهلال الأحمر الكويتي، وجمعية النجاة الخيرية، ومجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، ومجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورئيس مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الإفريقي على أن أبرز أعماله قيامه بتأسيس لجنة مسلمي إفريقيا (العون المباشر حالياً). التي تولى أمانتها العامة منذ تأسيسها، ومباشرته ميدانياً لأعمالها .

وكان من ثمرة ذلك بناء أكثر من ٤٧٠٠ مسجد، و ١٢٤ مستشفى ومستوصفاً. و ٢٠٤ مراكز إسلامية متكاملة ، و ٢١٤ مركزا لتدريب النساء، إضافة إلى تنظيم حوالي ۱۵۰۰ دورة تدريبية للمعلمين وأئمة المساجد، ودفع رواتب آلاف الدعاة والأئمة. كما أسست جمعيته ٨٦٠ مبنى مدرسيا و ٢٤٠ مدرسة متكاملة، وبني جامعات وحصل على ترخيص لجامعة رابعة في كينيا قبيل وفاته لتنشر نور العلم في ربوع ومجاهل إفريقيا، التي أمضى فيها قرابة ٣٠ عاماً كاملة حاملاً على كتفيه رسالة خيرية إنسانية، ودفعت الرسوم الدراسية عن ٩٥ طالباً إفريقيا فقيراً، وقدمت ۲۰۰ منحة دراسية للطلبة الأفارقة المواصلة الدراسات العليا في الطب والهندسة والتكنولوجيا في الجامعات الغربية.

ومن أجل مساعدة مسلمي إفريقيا على الحياة الكريمة قامت اللجنة بحفر آلاف الآبار الارتوازية، ومئات الآبار السطحية، وأقامت عدداً من السدود والمشروعات الزراعية خصوصاً في المناطق المتأثرة بالجفاف، كما كفلت قرابة عشرين ألف يتيم، ووزعت حوالي ١٦٠ ألف طن من الأغذية والأدوية والملابس، وأكثر من ٥٠ مليون نسخة من المصحف الشريف، وستمائة مليون كتيب إسلامي بمختلف اللغات الإفريقية.

وقد نشر الدكتور السميط أربعة كتب هي: لبيك إفريقيا) و(دمعة على إفريقيا) و(رسالة إلي ولدي)، و(العرب والمسلمون في مدغشقر)، بالإضافة إلى العديد من البحوث وأوراق العمل ومئات المقالات الصحفية.

الدعوة إلى دين الله تعالى:

هنيئا للدكتور السميط هذا التوفيق الإلهي الذي جعل الناس يقبلون على دين الله تعالى على يديه حتى أنه كان سبباً من أسباب إسلام ۱۱ مليون إنسان في المناطق التي تعمل فيها جمعية العون المباشر، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال : فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم متفق عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه) .. فما بالنا بمن أسلم على يديه هذا العدد الكبير الذي يحتاج إلى مؤسسات دعوية شاملة لتحقيقه وحسبك ما قاله المجلة «نون» (العدد الرابع - رمضان / شوال ١٤٢٦هـ): كيف القي عصا الترحال وهناك الملايين ممن يحتاجون الهداية، وأنا بحاجة إليهم يوم القيامة ليشهدوا لي لعلي أدخل الجنة بدعاء واحد منهم؟».

أسرته والعمل الخيري

كانت أسرة السميط رحمه الله تشاركه العمل الخيري، وكان يصطحب أبناءه معه في سفرياته إلى إفريقيا في إجازاتهم الصيفية ليشاركوه الرسالة العظيمة التي يؤديها، والتركة المباركة التي ورثها عن الرسول صلى الله عليه وسلم: « وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، (سنن أبي داود). وقد كان لأسرته رحمه الله حظ وافر في هذا الخير لا سيما زوجته الكريمة التي صاحبت زوجها في رحلاته الإغاثية، وساهمت في كثير من الأعمال الخيرية، مستمتعة بلذة العطاء للفقراء والمرضى والجوعي والتضحية من أجلهم، فيا لها من أسرة معطاءة كريمة، ويا لها من زوجة بارة رحيمة.

تكريم فارس الخير

حصل الدكتور السميط على عدة جوائز وشهادات تقديرية، منها وسام رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في مسقط عن العمل الخيري عام ١٩٨٦، وجائزة الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله لخدمة الإسلام والمسلمين عام ١٤١٦هـ (١٩٩٦م)، ووسام مجلس التعاون الخليجي لخدمة الحركة الكشفية عام ۱۹۹۹م، ووسام النيلين من الدرجة الأولى من السودان عام ١٩٩٩م. كما حصل على جائزة الشيخ راشد النعيمي حاكم إمارة عجمان عام ٢٠٠١م والدكتوراه الفخرية في مجال العمل الدعوي من جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان عام ۲۰۰٣ ، ووسام فارس من رئيس بنين عام ٢٠٠٤م، وجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والإنسانية بالإمارات عام ٢٠٠٦م. وجائزة الشارقة للعمل التطوعي والإنساني عام ٢٠٠٩م.

وحصل رحمه الله على وسام فارس العمل الخيري من إمارة الشارقة عام ۲۰۱۰م، وجائزة العمل الخيري من مؤسسة قطر دار الإنماء عام ٢٠١٠م، وشهادة تقديرية من مجلس المنظمات التطوعية في مصر، وجائزة العمل الخيري من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي للعمل الخيري والإنساني.

مرضه ووفاته

تعرض رحمه الله لمجموعة من الأمراض الخطيرة، كان أحدها كفيلاً بأن يودي بحياته، ولكن الله قدر بفضله أن يحوطه برعايته ليكمل رسالته النبيلة في الدعوة والعمل الخيري والإنساني حتى وافاه أجله.

وقد وجه صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه بنقل السميط رحمه الله إلى الخارج للعلاج، فأمضى ثمانية أشهر في المانيا. ولكن بعد عودته لم يكن يستطيع الحركة أو الإبصار.

ورغم ذلك كان كلما أفاق من غيبوبته كان يحرص على السؤال عن أحوال أبنائه في إفريقيا ومشروعات الخير هناك، واستبشر حينما أخبروه من كينيا بالموافقة على منح جمعية العون المباشر ترخيصا لأكبر جامعة إسلامية هناك.

وفي منتصف عمره أصيب بآلام في قدمه وظهره بسبب حادث تعرض له في العراق عام ۲۰۰۳م عندما ذهب لإغاثة المحتاجين وتوزيع مواد غذائية لهم، وعاني حالة صحية غير مستقرة، تطورت إلى توقف بعض وظائف الكلى، وخضع لعناية مركزة في مستشفى مبارك الكبير، وبقي على هذا الحال حتى وافته المنية.

ففي يوم الخميس 8 من شوال سنة ١٤٣٤هـ الموافق ١٥ من أغسطس سنة ٢٠١٣م توفي الدكتور عبد الرحمن السميط، ودفن جثمانه الطيب في مقبرة الصليبخات ظهر الجمعة 9 شوال سنة ١٤٣٤هـ الموافق ١٦ أغسطس سنة ۲۰۱۳م، وحضر جنازته جمع غفير من الناس والشخصيات البارزة والعامة بعد أن خط رحلة عطاء جديرة بأن تسطر بمداد من الذهب قبل أن يحط عصا الترحال التي كتبها الله تعالى على كل مخلوق.

وبموت المحسن عبد الرحمن السميط فقدت الكويت بل الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جميعا رائدًا من رواد العمل الخيري، وعلما من أعلام الدعوة الإسلامية. أوقف حياته لله، وتاجر مع الله تعالى، فربح البيع، وغنمت الصفقة !!

رحم الله السميط، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين والبشرية كلها خير الجزاء.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

سلسلة مُحسنون من بلدي. إصدار بيت الزكاة - الكويت، الجزء الحادي عشر، 2016م.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%2011.pdf