صالح فضالة علي الفضالة

من ويكي خير | موسوعة العمل الإنساني
محسنون من بلدي
محسنون من بلدي

المولد والنشأة:

هو صالح فضالة علي الفضالة، المولود في منطقة الشرق بمدينة الكويت عام ١٢٧٢هـ الموافق عام ١٨٥٥م. ينتمي إلى أسرة كريمة ذات أصول عريقة هي أسرة الفضالة من النصر السليطي من قبيلة تميم في قطر.

التحق بالكتاب منذ صغره، فحفظ فيه ما شاء الله له أن يحفظ من القرآن الكريم، وتعلم القراءة والكتابة، ومبادئ الحساب.

صفاته وأخلاقه:

حرص المحسن صالح الفضالة على أن يتخلق بالأخلاق الحسنة والخصال الكريمة التي أوصى بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه عَنْ عَائِشَة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أكمل الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا والطفهم بأهله" أخرجه أحمد في مسنده.

وقد عمل - رحمه الله - في مجال الغوص على اللؤلؤ في سن مبكرة، فمن الله عليه برزق وفير من هذا العمل، وذاع صيته في هذه المهنة، وأصبح من النواخذة المعروفين في ذلك الوقت.

أوجه الإحسان في حياته:

الإحسان إلى الناس والإنفاق على الفقراء والمساكين خلق إسلامي كريم، وسلوك إنساني عظيم، بهما تسود الرحمة المجتمع، وينتشر الحب بين الناس جميعاً، ولهذا أمرنا الله تعالى بهما في كتابه الكريم فقال: "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يجب المحسنين" سورة البقرة، (١٩٥).

ولذلك حرص المحسن صالح الفضالة على العمل بهذا التوجيه الرباني، فكان يؤدي حق الله عليه في ماله الذي رزقه الله إياه من عمله في مجال الغوص على اللؤلؤ، حيث كان العمل في هذا المجال يدر رزقاً وفيراً آنذاك.

وقد تعددت أوجه الإحسان في حياته - رحمه الله - ونذكر منها مايلي:

عمارة المساجد:

كان المحسن صالح الفضالة - رحمه الله - مدركاً لأهمية المسجد البالغة، ورسالته السامية وبمدى حاجة الناس إليه، وكذلك كان طامحاً في ثواب بناء بيت لله.

ولما كانت منطقة المرقاب - المنطقة المأهولة بالسكان - الذين يأتون إليها لقضاء حوائجهم، سواء من أهل نجد أو من أهل البادية، تكاد تكون خالية من المساجد أنذالك، فقد سارع المرحوم صالح الفضالة إلى أن بيني بيتا لله تعالى بجوار منزله الكائن في هذه المنطقة، وقد أتم بناء هذا المسجد الجامع وتجهيزه في مدة وجيزة - عام ١٣١٧هـ (۱۸۹۹م) - فكان من أوائل المساجد التي بنيت في هذه المنطقة بعد مسجد العتيقي المشهور باسم مسجد المطران والذي تم انشاؤه عام ١٣١٠هـ (۱۸۹۲م)، وقد كانت تقام فيه صلاة الجمعة وصلاة العيد، حيث كان في حينه من أكبر المساجد في منطقة المرقاب.

وقد كان توفيقه في هذا العمل من عظيم من الله تعالى، وسعة عطائه للمحسن صالح الفضالة - رحمه الله - وقد تم تجديد بناء هذا المسجد الذي أشتهر باسم مسجد الفضالة في السابع من ذي الحجة عام ١٣٧٢هـ الموافق التاسع والعشرين من أغسطس عام ١٩٥٣م بمبلغ قدره ١٦٢٦٢٨ روبية.

الوقف الخيري:

الوقف عمل خيري دائم الثواب، وشجرة وارفة دائمة الإثمار يجري ثوابه على صاحبه طوال حياته وبعد مماته، لذلك فقد أوقف المحسن صالح الفضالة - رحمه الله - منزلاً وعدة دكاكين بجوار المسجد الذي أسسه بمنطقة المرقاب (مسجد الفضالة) وذلك الخدمة الإمام، والإنفاق على المسجد، حتى يظل مؤدياً دورة كمنارة هداية وموطن عبادة، ومحطاً لأفئدة المؤمنين المشتاقين للقاء رب العالمين.

كفالة الأيتام:

لكفالة اليتيم ثواب كبير عند الله عز وجل ألا وهو الجنة. وقد أكد ذلك الثواب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، ووعد كافل اليتيم بشرف جواره في الجنة حين قال: " أنا وكافل اليتيم في الجلة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى" رواه الترمذي. ومن هنا اهتم صالح الفضالة باليتامى، حتى أنه تكفل بتربية أحد الأيتام في منزله فعاش بين أولاده كواحد منهم.

رعاية الفقراء:

حض الإسلام على رعاية الفقراء والمحتاجين، وجعلهم من المستحقين للزكاة فقال سبحانه في كتابه العزيز : "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" سورة التوبة، (٦٠).

وقد كان المحسن صالح الفضالة قارئاً لكتاب الله العظيم وحافظ الكثير منه، فتعلم منه هذه المعاني السامية، فرق قلبه وفاضت مشاعره وأراد أن يطبق هذه الآيات، فتعهد بعض الفقراء بتحمل كافة نفقاتهم طوال حياته بل وأوصى أبناءه بذلك قبل وفاته.

بناء مساكن للفقراء:

كان المحسن صالح الفضالة يبحث عن أبواب الخير المختلفة كي يطرقها، ويتحرى طرقه ليسلكها، وكان يعلم أهمية السكن وضرورته لأي إنسان، لأنه من أسباب السعادة في الدنيا وخاصة البيت الواسع، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن نافع بن عبد الحارث - رضي الله عنه: "من سعادة المرء الْجَارُ الصَّالِح والمركب الهنيء والمسكن الواسع" رواه أحمد في المسند.

من أجل هذا حرص المحسن صالح الفضالة على أن يساهم في إسعاد الفقراء غير القادرين على شراء بيوت أو إيجار المسكن، وذلك بأن قام ببناء عدة مساكن في مدينة الكويت وتجهيزها لبعض الفقراء وخاصة الذين قاموا بخدمته أو خدمة أولاده وتربيتهم.

إطعام الطعام:

كم من غريب تتقطع به السبل فيشعر بالجوع ويبحث عن لقيمات يقمن صلبه، وكم من فقير أو مسكين ينفذ ماله ويجوع عياله، وقد يمد يده إلى الناس من أجل إطعامهم وتلبية حوائجهم.

ولهذا رقت قلوب المؤمنين الذين فتح الله عليهم بالأرزاق وحرصوا على إطعام الطعام الذي هو من أفضل الأعمال وأنقلها في ميزان المسلم، وكان من هؤلاء المحسن صالح الفضالة - رحمه الله - الذي حرص على أن يكون ديوانه مضافة مفتوحة للجميع، وخاصة الفقراء الذين كانوا يقصدون ديوانه العامر، فيطعمون ويشربون، بل كانوا يمكثون به عدة أيام أو أسابيع حتى يقضوا حوائجهم، وبعدها ينصرفون سعداء، داعين لهذا المحسن الكريم بالقبول وسعة الرزق.

كما لعب هذا الديوان دوراً اجتماعياً مهماً حيث اتخذه كثيراً من أهل المرقاب مقراً اجتماعياً تجتمع فيه الأسر الكويتية لعقد قران أبنائها وبناتها، ثم تنطلق منه مواكب الأعراس، حيث تقوم ثلة من أقرباء وأصدقاء العريس بمرافقته من مقر الزواج إلى بيت الزوجة، وتسمى هذه المرافقة باسم "الزفة".

الإصلاح بين الناس:

عُرف المحسن صالح الفضالة بجب الإصلاح بين الناس، فكان يسعى دائماً إلى جمع الشمل وتقوية الصف، وإزالة أسباب الشقاق بين المتخاصمين، وكثيراً ما كان يلجأ إليه أقاربه وأهل الحي الذي يقطنه، بل والأحياء الأخرى لحل منازعاتهم، وذلك لما اشتهر عنه - رحمه الله - من صلاح وتقوى فقد كان يدفع من ماله الخاص ما يرضي به المتخاصمين إذا تعثر الصلح بين بعضهم، فيخرجون من عنده راضين بحكمه وعدله، حتى أن بعض أعيان البلاد كانوا يرسلون إليه بعض المتخاصمين للإصلاح بينهم، وذلك لعظيم ثقتهم به، ولما يعرفونه عنه من عدل وتقوى.

وفاته:

بعد حياة امتدت حوالي خمسة وسبعين عاماً حرص خلالها المحسن صالح فضالة على الفضالة على فعل الخيرات قدر استطاعته، ما بين إعمار المساجد، وكفالة الأيتام، ورعاية الفقراء، وإطعام الطعام، والإصلاح بين الناس، لقي وجه ربه الكريم عام ١٣٤٩هـ (١٩٣٠م).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

محسنون من بلدي (سلسلة تشمل السير العطرة للمحسنين الكويتيين)، ج4. بيت الزكاة، 2002.

الموقع الإلكتروني:

https://www.zakathouse.org.kw/pdfencyclopedia/محسنون%20من%20بلدي%204.pdf