الجمعية الخيرية

تأسيس الجمعية :
أسس فرحان فرحان الخالد مع ثُلّة من أبناء الكويت الجمعية الخيرية في شهر ربيع الأول الموافق فبراير عام 1913 وقيل في شهر ربيع الثاني الموافق مارس 1913م .
مؤسس ورئيس الجمعية :
أسّس الشاب فرحان فهد الخالد أول جمعية خيرية في دولة الكويت عام 1913م، وهي الجمعية الخيرية، وبذل فيها وقته وجهده وأمواله، وحث أبناء الكويت للمشاركة معه في إدارتها، كما دعا أهل الخير للتبرع لها، وقد قدمت الجمعية الكثير من المساعدات، ونفذّت العديد من الأنشطة والمشاريع الخيرية رغم قصر مدة استمرارها .
ولد فرحان فهد الخالد عام ١٨٧٨ م ، وعُرف عنه المثابرة والنشاط والخلق الكريم والعطاء والإحسان .
تعرّف فرحان فهد الخالد على العديد من العلماء والمصلحين من العالم العربي خلال زياراته المتعددة لدول العالم العربي للتجارة والحج والدراسة في الأزهر الشريف، وسنحت له الفرصة في تلك الزيارات بالإطلاع على الجمعيات الخيرية في العالم العربي ومسؤوليها، مما شجعه على إنشاء جمعية خيرية في الكويت في عام 1913م .
وبعد تسعة أشهر من إنشاء الجمعية سافر فرحان إلى الهند للعلاج، لكنه لم ينجح في ذلك؛ مما اضطره للرجوع إلى الكويت، وفي طريق عودته في الباخرة تُوفي فأنزله ركاب الباخرة في ميناء بندر عباس ( الإيراني ) وتم دفنه فيه، وكان قد بلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً، قضاها في أعمال البر والخير والإحسان، وقد بلغ أهل الكويت خبر وفاته فحزنوا عليه حزناً شديداً، ورثاه القاضي عبدالمحسن البابطين بقصيدة يبين فيها مآثره، يقول في مطلعها :
إلى كم بنا تجري نوائب ذا الدهر
ثم يمدح فرحان قائلاً :
تقيٌ له وجه مُنير من التقى
يفوق على الشمس المنيرة والبدر
لقد بكت الدنيا عليه وإنها
يحق لها تبكي على ذلك الحُرَ
فلو كان يُفدّى في النفوس فديته
ولكنها لا بد من ذلك الأمر
ستبكيك يا عون الضعيف أرامل
فككتهم بالمال من أَسرةِ الفقر
ستبكيك يا فخر الزمان مدارس
بلغت بها أعلى السعادة والفخر
سبب تأسيس الجمعية :
تأثر فرحان الخالد بما رآه من جمعيات خيرية في العالم العربي والإسلامي، فقد كانت له زيارات متعددة لتلك الدول اطلع فيها على جهود العلماء والمصلحين ورواد الخير، كما اطلع على تلك الجمعيات وجهودها، وكان لزيارة العالم المصلح محمد رشيد رضا إلى الكويت عام 1912م الدور البارز في تشجيع أبناء الكويت على إتمام ذلك الأمر، لا سيما وأنه قد أسس جمعية الدعوة والإرشاد في مصر في نفس العام الذي زار فيه الكويت عام 1912م، كما كان لإنشاء الإرسالية الأمريكية في الكويت ( المستشفى الأمريكاني ) عام 1910، والذي كان يقوم بدور التنصير والدعوة إلى الديانة النصرانية الدور الكبير في تحفيز أبناء الكويت لصد تلك الدعوات والمحاولات .
أهداف الجمعية :
وزّعت الجمعية منشوراً يوضح أهداف الجمعية، كما أرسلته إلى المجلات العربية في العراق ومصر والشام، وكانت أهداف الجمعية :
إرسال طلاب العلم إلى الجامعات الإسلامية في البلاد العربية .
جلب محدّث فاضل يعظ الناس .
جلب طبيب وصيدلاني من المسلمين لمداواة الفقراء والمساكين وإعطائهم العلاجات المفترضة لذلك مجاناً .
توزيع الماء . تجهيز موتى المسلمين الفقراء والغرباء .
حفل افتتاح الجمعية :
تم افتتاح الجمعية في حفل كبير أقيم لتلك المناسبة ، وأُلقيت فيه خُطب من فضلاء الكويت، وكان من بينهم علاّمة الكويت وفقيهها الشيخ عبدالله الخلف الدّحيان وقد ألقى فيها قصيدة يُشيد بالجمعية ومؤسسيها، كما ألقى الشيخ ناصر المبارك الصباح خطبة قصيرة وأعقبها بتبرع كريم للجمعية؛ ثم خطب مؤسس الجمعية الشاب فرحان فهد الخالد بكلمة جميلة، وكان مما قال فيها :
ولا يخفى عليكم أن أسلافكم رحمهم الله - مع عدم امتدادهم - عمّروا المساجد وأوقفوا الأوقاف، وأنتم خلف من سَلف، فلا تكونوا أدنى منهم، والله لا يضيع أجر المحسنين ... وقال : « عليكم أيها الإخوان بالتعاون على البر والتقوى، واعلموا أن هذه أول جمعية أُسست في بلدنا لمساعدة إخواننا الفقراء والمساكين والأيتام » .
مقر الجمعية :
تبرع فرحان الخالد وإخوانه ( أحمد وعلي ) ببيت وقفاً، ليكون مقراً للجمعية والمستوصف والمكتبة وقاعة المحاضرات والتعليم . وجاء في نص وثيقة الوقف ما ينص على الاستفادة من المقر للجمعية، وإذا حدث شيء للجمعية يتحول الوقف الخيري إلى مقر للتعليم، ثم بعد ذلك يكون لفقراء الكويت . وهو ما حدث فعلياً، فقد أصبح الوقف فيما بعد مقراً للمدرسة الأحمدية التي تأسست في الكويت عام 1921م .
أعضاء مجلس إدارة الجمعية :
1- فرحان فهد الخالد - رئيس الجمعية
2- أحمد فهد الخالد - نائب الرئيس
3- علي بن شملان آل سيف الرومي - عضو
4- محمد بن شملان آل سيف الرومي - عضو
5 - علي إبراهيم الكليب - عضو
6- مشاري عبدالعزيز الكليب - سكرتير الجمعية
أنشطة الجمعية ومشاريعها :
انطلاقاً من أهداف الجمعية المُعلَنة في المنشور الذي تم توزيعه، انطلق فرحان وأعضاء الجمعية في جمع التبرعات للمشاريع المتنوعة، واستطاع فرحان الخالد أن يُقنع التجار وحكام الكويت بأهمية المشاريع المُعلنة، وقد جمعت الجمعية مبالغ كبيرة، ولا سيما بعد طفرة الأرباح التي حققّها تجار الكويت في الأعوام 1910، 1911، 1912م .
ومن أهم مشاريع الجمعية التي تم تنفيذها :
1- المستوصف الخيري :
افتتحت الجمعية مستوصفاً خيرياً وأحضرت له طبيبا تركيا من العراق اسمه د . أسعد أفندي، وأحضرت معه ممرضا، وتم شراء أدوية ومعدات طبية للمستوصف، أحضرتها الجمعية من مدينة بومبي في الهند بقيمة 5000 روبية .
2- المكتبة العامة :
تم شراء العديد من الكتب كما تبرع عدد من أهل الكويت بكتب لتكون في المكتبة التي تم افتتاحها داخل مقر الجمعية .
3- فصول تعليم الأميين :
افتتحت الجمعية فصولاً لتعليم الأُميّين القراءة والكتابة .
4 - واعظ الجمعية :
طلبت الجمعية من الشيخ محمد الشنقيطي - مدير مدارس النجاة في الزبير في العراق - الحضور للكويت والتفرغ للوعظ والإرشاد وإلقاء محاضرات داخل الجمعية وفي مساجد الكويت .
5 - سقاية الماء :
وفرّت الجمعية سفينة خشبية ( بوم ) لإحضار الماء العذب من شط العرب لتوزيعه مجاناً في الكويت .
6- رعاية المساجد :
قامت الجمعية بترميم المساجد، وتوفير احتياجاتها، وجهّزت ( سرير ) نعش لمساجد الكويت، وتغسيل الموتى من الغرباء والفقراء ودفنهم، وذلك على نفقة الجمعية .
7- التعريف بالإسلام :
أسلم عدد من غير المسلمين الوافدين للعمل في الكويت على يد أعضاء الجمعية، وقامت الجمعية بتعليمهم ورعايتهم ومساعدتهم .
8- التطوع للجمعية :
فتحت الجمعية باب التطوع، فتطوع عدد من أعضاء الجمعية وأبناء الكويت للعمل مع طبيب وممرض المستوصف الخيري، وتقديم المساعدة لهما في تسيير أعمال المستوصف، منهم مساعد الكليب وعبدالحميد الصانع .
توقف نشاط الجمعية :
استمرت الجمعية منذ تأسيسها في مطلع عام 1913 بالعمل بنشاط كبير وبمشاريع خيرية متعددة، واضطر مؤسس الجمعية ورئيسها بعد تسعة أشهر من تأسيسها للسفر إلى الهند للعلاج، وأناب عنه أخاه أحمد فهد الخالد، وبعد وفاته اضطرت الجمعية للتوقف لعدة أسباب، منها :
كان فرحان الخالد المحرك والداعم الرئيس للجمعية، وبعد سفره قلّ نشاط الجمعية .
- مرور الكويت بظروف سياسية أثناء حرب بريطانيا مع الدولة العثمانية، فقد كان لوجود الطبيب التركي والشيخ محمد الشنقيطي الداعمين للدولة العثمانية في المساجد والدواوين والمنتديات داخل الكويت دور في غضب المسؤولين البريطانيين في الكويت، وكانت الكويت آنذاك تحت الحماية البريطانية التي وقّعتها مع بريطانيا منذ عام 1899م، مما اضطر الحكومة الكويتية إلى طلب مغادرة الطبيب التركي والشيخ الشنقيطي من الكويت .
- عدم استشارة الشباب من أعضاء الجمعية لكبار السن وبعض الوجهاء في الكويت لإنشاء الجمعية وكان ذلك سبباً في عدم رضى البعض عن هؤلاء، وكان سبباً في عدم دعمهم وتشجيعهم لاستمرار عمل الجمعية .
- حداثة العمل المؤسسي التطوعي والخيري في الكويت كان مدعاة لمحاربة البعض لتلك الأفكار والمبادرات الجديدة التي لم يعتد الناس عليها، ولا سيما ممن يحبون الاستمرار في الأصالة والتقليد ولا يشجعون التطوير والتجديد .
- هذه بعض الأسباب التي أدّت إلى إغلاق الجمعية بعض مُضي سنة تقريباً على تأسيسها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:
كتاب «من أوائل المؤسسات التطوعية والخيرية في دولة الكويت» تأليف د. خالد يوسف الشطي، 2019.
الموقع الإلكتروني: